ردةُ فعلٍ غيرُ مُتوقَعة: زيارةُ نوا!

49 9 4
                                    

في اليومِ التالي علمتُ أنَّ نوا وأمَّهُ آتيانِ إلى منزلنا، أظنُّ أن ماريا قد علمت من فيرا ما حلَّ بي، فقد قالت أنَّها ستأتي للاطمئنانِ عليّ، وقالت لأمِّي أيضاً أنَّها تعرفُ جرّاح تجميلٍ ما، ستعرفها عليه لعلّهُ قادراً على إصلاحِ وجهي وما حلَّ به، هذا ما سمعته من أمِّي وهي تكلمها، ربما قد تتساءل كيف سمعت؟ بصراحة أمّي تفعّلُ مكبر الصوتِ عندما تكلمُ أحدهم فلهذا أنا قادرٌ على سماعِ كلِّ المجريات، هذا كلُّ ما في الأمر.

حسناً تجهزتُ ولبست، واعتكفتُ في غرفتي منتظراً مجيئهما، غالباً نوا يأتي لغرفتي للعب عندما يزورونا، لكن هذه المرة الزيارةُ مختلفة، إنّها كعندما تزورُ مريضاً في مشفى ما ولكن الفرقُ هنا؛ أنهم يزورون المريضَ نفسه في بيته، وبالفعل رُنَّ جرسُ البيت، فتحت أمّي الباب واستقبلت نوا ووالدته، والدةُ نوا بعكسِ فيرا، إنها لطيفةٌ جداً وتحبّني، تعاملني كما أنني ابنها بالضبط، جلستِ المرأتان تتحادثان، وبدأت والدتي مقطوعةَ الصِّياحِ والنُّواح، لا تنفكُ تلك المرأة عن البكاءِ أبداً، وماريا لم يكن بيدها حيلة سوى مواساتها والتخفيفِ عنها، هذهِ سُنَّةُ الحياة.

بعد ساعةٍ كاملة من التنفيسِ عن المشاعرِ السلبية، طلبت ماريا رؤيةَ وجهي لمعاينته، فهي طبيبةُ أطفال وزوجها أيضاً؛ طبيبٌ في مجالٍ ما لا أذكره، صاحت لي والدتي، وركضتُ إليها بعكسِ المرةِ السابقة، ركضتُ لها واثقاً ولم أخبئ وجههي، نظرت ماريا لوجي بأسى، باتت تتلمسه وترى إن كان الجرّاحُ سيستطيعُ معالجتي ولو قليلاً، أبعدت بعضَ الضمادات، ولكننا جميعنا صعقنا عندما سمعنا ما قاله نوا: ما هذه السخافة، لقد قلتِ أنّكِ طبيبةُ أطفال أمِّي.

-وماذا في ذلك؟ بعدمِ فهم

-لم تقولي أنّكِ تداوينَ أكياس القمامة أو قواريرَ البلاستيك الذائبة. بامتعاض.

-نوا! هذا الكلامُ إهانةٌ بحقي وحقِ كاندل صديقك!

-لم يعد صديقي، أنا لا أصادقُ البشعين أمثاله! كنتُ أسايره فحسب بما أنّهُ وسيم.

-اعتذرِ الآن نوا! عادت لتنظرَ إليّ ، ثمَّ بدأت بالاعتذارِ بالنيابةِ عن ابنها.

لم يشغل بالي أنَّ ابنها أهانني للتو، وقفتُ مصدوماً مما قاله، كان يسايرني لأنني وسيم؟ ما معنى؟ أيقصدُ أنَّهُ استغلني فحسب ليكوِّنَ صداقاتٍ في المدرسة؟ أثرت كلماته فيّ، وبدونِ أن أشعر، استهلت دموعي على وجنتيّ، بدونِ أن أعرف سببها حتى.

-هذا يكفي!صاحت أمِّي، ثمَّ تابعت بنبرةٍ أخف: ماريا أشكرُ أنّكِ جئتِ لمواساتي والاعتناءِ بابني، ولكنني لا أقبلُ أن يُهان أمامي، لذا قبلَ أن أفقدَ أعصابي؛ اخرجي أنتِ وابنكِ من منزلي.

-هل تطرديني؟ أنا من جاءَ لمساعدتكِ رغم أشغالي!

-لم أطلب مساعدتك، أليسَ كذلك؟ ثمَّ لم تُؤدبي ابنكِ على إهاناتِه المتكررة لولدي، لقد راعيتُ أنها صديقان، لكن ما قاله في النهاية أنّهُ يستغلُ ابني هذا لن أسمح به، لذلك فلتتفضلي وتخرجي من منزلي لو سمحتِ، وخذي ابنكِ معك، إلا إن أحببتِ أن أربيه لك، هذا شيءٌ آخر.

رجلُ الكيسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن