الفصل الخامس عشر: رِسَالَة اعْتِذَارٌ

6K 568 290
                                    

عادت ريتال إلى المنزل بعد انتهاء دوامها المدرسي وكم كانت تتمنى أن تمضي ما تبقى من يومها هناك بدلًا من العودة إلى المنزل إن كان هذا منزلها من الأساس... توجهت ريتال مباشرة إلى جدتها لترحب بها ترحيب لم تشهده ريتال من قبل وبالرغم من أن ذلك جعلها تشعر بالسعادة لوهلة إلا أنها أدركت أنه سيتم معاملتها معاملة خاصة بسبب الظرف الذي وضعت فيه قسًرا كما يحدث مع نانسي...

لم يروق ذلك لريتال بتاتًا فهي ليست بحاجة إلى الشفقة كما أنها لا تريد أن توضع في خانة واحدة مع نانسي، لقد أعتقدت ريتال على الدوام أن البشر الذين يتشاركون الجرح نفسه ينشأ بينهم نوعًا من الأولفة والتفاهم لأنهم مروا بتجربة مشابهة وآلم مشابه لكن ذلك لم ينطبق عليها هي ونانسي مطلقًا.

"حبيبة تيته أنا حضرتلك حاجة خفيفة كده تاكليها على ما الغداء يستوي."

"شكرًا يا تيته تسلم إيدك." تمتمت ريتال بقليل من الحرج وهي تتناول الصحن من يد جدتها، بالطبع لم تنفك جدتها على التأكيد على أن تُنهي ما وُضع في صحنها لأن جدتها لاحظت أن معدل تناولها للطعام يقل مع مرور الوقت.

"تيته أنا هطلع بقى علشان أغير هدومي وأرتاح شوية."

"طيب أيه رأيك تغيري وتنزلي تنامي في أوضتي يعني بدل ما تقعدي مع مرات أبوكي فوق."

"أنا هقفل باب أوضتي عليا يا تيته متقلقيش." أومئت جدة ريتال بإستسلام لتمنحها ريتال ابتسامة صغيرة منكسرة قبل أن تصعد نحو الأعلى وهي تدعو بداخلها ألا تصطدم بتلك المرأة.

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته." ألقت ريتال التحية فور أن خطت خطوتها الأولى نحو الداخل، لم تنتظر رد زوجة والدها بل خلعت حذائها واتجهت نحو حجرتها مباشرة.

"بقولك أيه خدي هنا."

"أفندم."

"هو مش أنتِ المفروض راجعة بقالك فوق الساعة من المدرسة؟ كنتِ فين يا صايعة أنتِ؟" سألتها سالي بنبرة أشبه بالتحقيق وهي تُطالعها بنظرات غير مفهومة، اقتضب وجه ريتال على الفور وهي تدافع عن نفسها بحنق مُردفة:

"كنت عند تيته وبعدين أنتِ ملكيش تسأليني أنا فين وبعمل أيه اللي ليه يسأل هو بابا وبس."

"طب بصي بقى يا ريتال علشان نبقى على نور، أنا هنا الكل في الكل وكلمتي هي اللي بتمشي ولما اسأل سؤال تجاوبي عليا عدل علشان متزعليش."

"أنا محدش يقدر يزعلني!"

"أنتِ شايفة كده يعني؟" سألت بإستهزاء قبل أن تجذب ريتال بقوة من وشاح رأسها بينما تتحدث من بين أسنانها قائلة:

"بصي بقى يا بنت زينة من هنا ورايح يا تتعاملي معايا كويس يا هوريكي النجوم في عز الضهر أنتِ سامعاني؟" أومئت ريتال بذعر بينما انهمرت دموعها دون إرادة منها، للمرة الأولى شعرت بهذا الكم الكبير من الإهانة والإنكسار في وقتٍ واحد، تركتها زوجة أبيها لتركض نحو غرفتها بكل ما أوتيت من قوة وتوصد الباب من خلفها.

وصال مقطوعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن