لقد كانت جملة صغيرة... بسيطة... واضحة وكارثية في الوقت ذاته وهي كالتالي:
"ده تليفون بابا." وقعت الجملة كوقع الصاعقة على أذن ريتال، برودة سرت في أطرافها فجاءة بالرغم من دفء المكان، شعرت بغصة في حلقها وقد توقف عقلها عن الإستيعاب ببرهة بينما شعرت بأن المكان يدور من حولها...
ساد الصمت لبرهة من الوقت بينما يصيح ذلك الطفل أو تلك الطفلة من الجانب الآخر قائلًا/ة:
"ألو؟ أنتِ روحتي فين؟"
لم تكن ريتال تستمع لم يقال فلقد شعرت بأن روحها غادرت جسدها لثانية قبل أن يأتيها صوت امرأة من الجانب الآخر من الهاتف وهي تعتذر قائلة:
"ألو... أنا بعتذر جدًا ابني الصغير كان بيلعب في تليفون باباه واتصل بالغلط..."
برودة لم تعرف مصدرها اجتحات جسدها الهزيل بينما لم تستطع المسكينة سماع حرفٍ آخر بعد تلك الجملة حيث أنهت المكالمة سريعًا وهي تضع يدها على ثغرها المفتوح من هول ما سمعته بينما أعتلت الصدمة قسمات وجهها، طبقة بلورية شفافة تكونت على عيناها وشعرت بحرقة شديدة داخل صدرها...
إن والدها يخون والدتها... ياله من أمر شنيعٍ بحق!
لكن مهلًا... الكارثة لا تكمن هنا فحسب بل الكارثة الحقيقة هي أن والدها قد أنجب طفلًا من تلك المرأة!مجرد التفكير في تلك الفكرة جعلتها تشعر بالإشمئزاز تجاه والدها، الإحتقار، الغضب والأهم... الخذلان.
هطلت دموعها بقوة على وجنتيها كما ينهمر المطر شتاءًا و هذه المرة حاولت جاهدة ألا تصدر أي صوت لكي لا يصل صوت شهقاتها إلى والدتها النائمة لكنها في النهاية فشلت في ذلك حيث رج صوت نحيبها أرجاء الحجرة من حولها...
في تلك الأثناء شعرت بمعدتها تتقلص بشكل فجائي ورهيب حتى أنها لم تدري ماذا تفعل سوى الهرولة نحو دورة المياه وبمجرد أن فعلت أخذت تتقيء كل الطعام الذي تناولته، مرت ثوانٍ قليلة قبل أن تجد والدتها قد أقتحمت المكان وهي تهرول نحوها بفزع وبأعين نصف مغلقة دلالة على أنها استيقظت للتو من نومٍ عميق وهي تسألها بإضطراب:
"مالك يا ريتال؟ حصل أيه؟" كانت والدتها تسأل دون انتظار إجابة بالطبع لكنها فعلت ذلك كردة فعل طبيعة من القلق.
بعد مرور بضعة دقائق حاولت زينة أن تساعدها على النهوض ولحسن الحظ استطاع النجاح في ذلك ولكن بصعوبة، قامت زينة بغسل يد ووجه ريتال وحاولت أن تساعدها على السير نحو الخارج لكن الأخيرة لم تكن تملك ذرة من القوة لتحريك جسدها ولقد ازداد ثِقل جسدها لينزلق ذراعها من بين يدي والدتها لتسقط ريتال على الأرضية الباردة وهي تنتحب من شدة الآلم الجسدي والنفسي كذلك.
YOU ARE READING
وصال مقطوع
Romanceترى هل أنتَ من الذهب الخالص وأصلك ثمين أم مُجرد نحاس مطلي بطبقة صفراء لامعة؟ هل هناك فارق كبير؟ أعتقد لا... فكلاهما يبدو ذهبي اللون، لن يستطع أن يميز ذلك سوى شخصًا لا يهتم بالمظهر بل بالجوهر الداخلي... تُرى كم عدد المهتمين بالجوهر الداخلي؟ واحد...