الفصل الأول

109 2 2
                                    

لطالما اعتاد الناس العيش دون أب أو أم و استمرت حياتهم رغم ذلك بشكل جيد و ربما نسوا ذلك الألم بدخول أشخاص آخرين إلى حياتهم و منهم من ولد و لم يرى أباه أو أمه فقدهم قبل أن يأتي إلى هذه الحياة البائسة .. و لكن ما شعور الناس لو كانت حياتهم مثلي ؟ دائما ما أتسائل حول ذلك !
شخصٌ ما يقتل أبي و أمي و أعيش معه ! كما و أنني أقوم بحمايته أيضاً و أقتل من أجله ! لماذا ؟ لطالما كانت الإجابة الوحيدة التي أجدها هي لأنني فتى ضعيف ! نعم .. هذا أنا الفتى الضعيف يوموتو كوتسي ، فقدت والداي قبل ست سنوات عندما كنتُ في الحادية عشر من عمري كان أبي مدمناً ، يتعاطى كل ليلة ، يضرب أمي ليلاً نهاراً ، يبصق لنا في وجبات طعامنا ثم يجبرنا على أكلها !
نعم .. كانت حياتنا معه مريرة ، و لكنه يبقى أبي دائما ما أقول هل موتهما كان جيد بالنسبة لهما !؟ ربما ارتاحت أمي من عذابه عندما ماتت و ربما ارتاح هو من عذاب الادمان عندما مات ! و لكن ما ذنبي أنا ! لم أعش طفولتي معهما ! كنت بشدة احتاج إلى حنان أمي ، لماذا تم حرمي من هذا ! ما هو السبب ! هل لأن أبي مدمن ؟
و لكن هل تعلمون ؟ سأشارككم شيئاً ، لطالما ظننت أن أسوء أيام حياتي هو يوم أن فقدتهم ! نعم ذلك اليوم .. حين كنا نجلس لتناول العشاء و كما كان يفعل أبي معنا كل ليلة يبصق في طعامنا و يقهقه بأعلى صوته و يتنمر علينا و أمي تبكي كلما فعل ذلك أتمنى لو أنها لم تبكي من الأفعال الصغيرة التي كان يفعلها أبي فقد كان بكاءها الأخير حين اقتحم شخصان بيتنا كانا يرتديان الزي الأسود و يضعان قناع على وجههما ، سمعنا صوت الباب و أن أحد ما يحاول كسره فقامت أمي راكضة نحو الباب ترى ما الذي يحدث ، و ما أن سمعنا صوت رصاصتين لتسقط أمي جثة هامدة و تتناثر دماءها على الأرض فهربتُ مسرعاً اختبئ في الغرفة المجاورة بينما خرج أبي مهلوعاً إلى ممر المنزل ليرى ماذا حدث ليذعر بعد أن ازال أحد المقتحمين القناع عن وجهه لتظهر أنها فتاة ! نعم .. فتاة قتلت أبي أمام عينيّ ، ظننتُ بأن الرجال لا يخافون النساء اطلاقاً عندما كنت أرى معاملة أبي لأمي و لكن كانت تلك المرة الأولى التي أرى أبي بها خائفاً كما كانت المرة الأولى أيضاً التي أراها بها في وعيه رغم أنه كان قد شرب الكثير ، ربما لأنها ساعة الموت !
بدأ يتراجع للخلف شيئاً فشيئاً بينما كانت الفتاة تتقدم نحوه و هو يتوسل إليها .. " كايو .. توقفي أرجوك ، كاايوو ! "
لتدخل مسدسها في فمه و تطلق النار ليملئ الدم وجهه بينما كان القاتل الآخر يتفقد البيت لحين وصوله الغرفة التي اختبئت بها و وجدني و أنا اذرف دموعي بصمت أضع يداي على فمي كي لا أصدر صوتاً .. وجه مسدسه نحو رأسي يقول : " لدينا فأر صغير هنا أيضاً . "
لقد خفتُ بشدة و أزلتُ يداي عن فمي دون إرادتي و بدأت أبكي بصوتٕ عالٕ لا أعلم لماذا ربما ظننت بأنه ستركني و شأني عندما يسمع صوت بكائي و ما كانت إلا ثوانٕ لتدخل الفتاة الغرفة و تنظر إلي نظرة لا أعلم إن كانت شفقة أو ربما أحبت طفل مثلي فقد منعت صديقها من قتلي و أمرته بأخذي معهم قالت له بأنها ستراعني لوهلة فرحتُ عند سماع ذلك حيث أنني لن أكون مشرداً و لكن حدث عكس ما كنت أظنه ، ظننتُ بأنني سأحظى برعاية حقاً أما الحقيقة كانت هي بدايتي لحياة جديدة و مختلفة تماماً و قاسية أكثر من الحياة التي عشتها مع أبي ، فقد كانت كايو قاسية معي أجبرتني على حمل السلاح و تدريبي على القتل و دائماً ما كانت تصفعني و تجبرني على الناس ، " يبتسم " و لكن منذ أن بلغت الخامسة عشر من عمري و أصبحت أفعل كل ما تريده كايو و كأنها حقاً نجحت في تربيتي كما تريد تغيرت معاملتها معي تماماً في غضون عامين جعلتني أحبها و أخاف عليها كايو الفتاة الحنونة ، سأكون كاذباً إن قلتُ لكم بأنني نسيت السنوات التي عذبتني بها و لكنني أقول بصدق أنني لا أفكر بتلك السنوات بعد أن رأيت حنانها ، لعل حنانها الآن عوضاً عن كل السنوات العجاف التي مررتُ بها ..
" يبدأ بالبكاء " و لكن .. و لكن ، أتعلمون حقاً ! أسوء أيام حياتي هو يوم أقوم بقتل الناس من أجل الآخرين إنه لأسوء من يوم فقدان والداي . " يبكي بشدة " لا أريد ذلك ، أريد أن أفعل ما تقتنع به نفسي و ليس ما يرضي الآخرين !
ها نحن ذا نسير على شاطئ طوكيو ، كايو في المقدمة بينما روكي على يمينها و أنا على يسارها و البقية خلفنا نسير باسم شركة غولدن كوسمتيك نقوم بتجارة الأسلحة بطريقة غير مشروعة و عمليات التهريب أيضاً ، أصبحنا نقوم بهذا العمل منذ ثلاث سنوات فقط و أصبحت كايو هي المسيطرة به لعلي نسيت أن أخبركم ماضي كايو الذي جعلها شخصاً كهذا يقتل و يسفك الدماء ..
حين كانت تدرس في إحدى الجامعات الأمريكية تعرضت لمحاولة تحرش من إحدى الطلاب الأغنياء قامت بضربه بجهاز الحاسوب المحمول الخاص بها مما فقد الوعي و تم طردها من الجامعة حيث لم يكن هناك أدلة تثبت صحة كلامها و لكن الطالب كان أحد أبناء زعماء المافيا في نيويورك و قد بدؤوا بملاحقتها لقتلها حيث أن الفتى أصيب بارتجاج في عقله انذاك و كان روكي مساعدها الأول الآن جندياً في الجيش الأمريكي انذاك و قد تقابل معها حين وجد ثلاثة من رجال المافيا امسكوا بها في إحدى الأزقة و كانوا سيطلقون النار لقتلها إلا أن روكي قام برشقهم برشاشه و قتلهم و أنقذ كايو من الموت ..
لم تنتهي قصتهم إلى هنا ، فقد جاء المزيد من رجال المافيا و بدؤوا بإطلاق النار عليهما أصيب روكي بظهره بطلقتين و سقط داخل السيارة بينما كانوا يصعدونها للهروب ، و قد أصابته إعاقة لم تكن دائمة و أخذت كايو عهداً على نفسها أن تبقى بجانبه حتى يُشفى و منذ أن علم الجيش بأنه أصبح معاقاً قاموا بإنهاء خدمته و طرده إلا أنه و بعد فترة تماثل بالشفاء بفضل كايو و اعتبر بأن فضل كايو عليه أكبر من فضله عليها و لهذا قرر البقاء معها و كان هو أول شخص في الفرقة و هذا يعني أنه هو من كان معها أثناء مداهمة منزلنا و قتله لأمي ..
كم أكرهه ، هذا القذر أتمنى موته .. فهو سيء الصفات لا يعرف الأخلاق و الآداب ..
فقد كان يريد قتل جايون كما أراد أن يفعل معي ، حين شهدت جايون على جريمة قتل ارتكبها روكي و كايو حيث لاحظها روكي و ركض خلفها لتصفيتها و تبعته كايو و ما إن وصلت و كان روكي قد استطاع امساك جايون و يتأهب لقتلها و لكن كايو منعته من ذلك شريطة أن تصبح جايون تعمل لدى كايو و تقتل من أجلها .. كم هذا مضحك ! كنت أشاهد كل هذا عبر المنظار بعد أن امرتني كايو بمراقبة المكان ، كأنه مشهد من إحدى افلام هوليود ! و لكن تعرضت لعقاب و ضرب من كايو وقتها لأنني لم أبلغهم عن جايون انذاك .. و أخيراً روبن و ليفاي بعد انضمامهما لنا أسست كايو شركتها و كان هذا فريقها الذي لا يقهر خاصة بانضمام ليفاي المحترف في اختراق الحواسيب و الهواتف المحمولة أما روبن فهو شاب ألماني تتشابه قصته كثيراً مع قصة كايو و لكن الفرق الوحيد أنه تورط مع فتاة و أنقذته فتاة .. كلٌ منهم لهم ماضٕ جعلهم يسلكون طريق القتل و العنف ...
و اليوم سيشهد أول صفقة أسلحة مُصنعة جديدة لشركتنا التي تحمل اسم غولد كوسميتك حيث أننا نضع مستلزمات تجميلية و طبية في أول حاويتان و الحاويات الأخرى تكون محملة بالأسلحة ستباع لأحد زعماء الياكوزا ، دائما ما يتوكل أمر حماية الشحنات روكي و روبن بينما أنا تبقيني كايو دائما بجانبها بقول أنها لا تجد أفضل مني في حمايتها ..
و ها هو الليل قد جاء و حل الظلام و ذهب كلٌ من روبن و روكي لإتمام الصفقة بينما دخلتُ أنا و كايو إلى غرفة ليفاي لنتابع الصفقة عبر جهاز الحاسوب الخاص به فهو يستطيع مراقبة كل شيء عبر اختراق الأقمار الصناعية و كاميرات المراقبة التي تتواجد في كل مكان فهو هاكر محترف في عمله .. وصل أخيراً كلاً من روبن و روكي مكان التسليم مع الشاحنة التي بها الأسلحة ، و وصل أحد زعماء مافيا الياكوزا و تقدم روكي نحوه و قام بمصافحته ثم أشار له بيده على الشاحنة و بدأ يتحدث معه و عند بدئه للحديث لاحظتُ شيئاً على قميص روكي ضوء أحمر اللون و يبدو أن روكي قد لاحظه أيضاً فمسك زعيم الياكوزا من عنقه و جعل منه درعاً لتنهمر عليهم الرصاصات كزخات المطر و قد أصيب زعيم الياكوزا بعدة طلقات أردته قتيلاً و بدأت المعركة تشتد و رجال الياكوزا يسقطون واحداً تلو الآخر بينما روكي و روبن اختبئا خلف إحدى الحاويات و بدآ بتبادل اطلاق النار في حين بدأت كايو بالغضب الشديد و على ملامحها الخوف على أفراد عصابتها و ضربت المكتب بيدها بقوة مما جعلت القهوة تتناثر من الكوب و كل ما على الطاولة اهتز بشدة تقول بصوت غاضبة : " من ذاك العاهر الذي أفسد صفقتي ! "
ليبدأ رجال القوة الخاصة من الشرطة الظهور بساحة المعركة ينتشرون في جميع الأنحاء و هم يطلقون النار و يقتلون من الياكوزا و يبحثون عن روكي و روبن ، من الصعب التصديق و لكن يبدو أن هناك ثغرة لدينا جعلت رجال القوة الخاصة تتعقب شحنتنا فمن المستحيل أن يكونوا قد تعقبوا رجال الياكوزا !
فهي أكبر العصابات في اليابان و الشرطة ليست نداً لها ! و ما أن سمعت صوت صراخ غضب و كانت كايو قد فقدت أعصابها ، في الحقيقة .. أزعجني هذا ، لا أحب رؤية كايو غاضبة و لا أحب رؤيتها حزينة .. فكلما يحدث هذا تفرغ غضبها بالقتل " بيأس و حزن . " و عند متابعتها للمعركة بانتباه لفت انتباهها أحد رجال القوة الخاصة حيث كان يبدو و أنه قائد القوة حيث كان يشير بأصابعه لبقية أفراد القوة بالتمركز في المواقع التي يشير لها و أمرت ليفاي بتقريب الكاميرا لرؤية الرجل بوضوح ..
كبقية أفراد فرقته يرتدي الزي الأزرق و الجعبة السوداء فوقه و بها جهازين لاسلكي و قناع على وجهه و خوذة مضادة للرصاص ، اقتربت كايو نحو الحاسوب تدقق في الرجل و طلبت من ليفاي تقريب الصورة نحو جهازي اللاسلكي لترى كلمة على كل جهاز .. " يوكوشيما تونجي " كان هذا يدل على اسم شخص و اسم عائلته ، لا أعلم إن كان هذا نظام جديد لدى القوات الخاصة أم له معنى آخر لدى هذا الرجل كتبت كايو الاسم على ورقة و طلبت مني الذهاب و التحري عنه و ما إن أخذتُ الورقة لنرى روكي يُصاب بذراعه و يسقط بجانب روبن و هنا قد ظهر جنون روبن حيث أنه يصاب بنوبة جنونية عندما يرى أصدقائه يتأذون و بدأ باطلاق النار برشاشه ' steyr AUG ' بكثافة و بضربات طائشة لا يعلم من يصوب أردى ثلاثة من رجال القوة الخاصة أرضاً و أسقط خمسة من رجال الياكوزا جثثاً هامدة و يصرخ : " اللعنة ، اللعنة عليكم ، موتوا يا أولاد العاهرة ! "
و حمل روكي على كتفه و ركض نحو السيارة منسحباً من أرض المعركة ، خسرنا الشحنة و أصبحت بيد رجال الشرطة و خسرنا الصفقة و النقود و هنا ازداد غضب كايو و قد بدأت عيناها تميل للاحمرار من شدة الغضب ، كالعادة و من هنا كنت أفهم أنها قررت قتل من يفسد عملها و تفرغ غضبها به .. سنقتل ضابط بالقوات الخاصة !!
إنها المرة الأولى التي أشهد بها مثل هذه العملية إن هذا لمرعب ، التعدي على رجال الشرطة خطيئة كبيرة ! أظن بأننا سنلقى حتفنا إن قمنا بقتله !
و بعد ما يقارب العشرون دقيقة وصل كلاً من روبن و روكي و قمنا بمساعدة روبن لنجلس روكي و نحاول إخراج تلك الرصاصة منه و هو يقول : " لا تقلقوا ، لقد أصبح جسدي مضاداً لهذا الرصاص الرديء . "
و من ثم انطلقت لأقوم بالمهمة التي كلفتني بها كايو و ذهبتُ لدى موظفة عمومية أرى إن كان ذاك الاسم موجوداً و ما هي عمله ، عندما سمعتُ النتيجة لعلي فرحتُ بعض الشيء لأنه لن تسفك الدماء و لن تقتل كايو .. يوكوشيما تونجي هو اسم عبارة عن اسم شخصين قد ماتا قبل سنوات ، الأول كان ضابطاً في البحرية اليابانية مات في نهاية الحرب العالمية الثانية و الآخر كان موظف لدى مكتب التحقيقات اليابانية مات قبل ثلاث سنوات في ظروف غامضة
نعم .. لقد عدتُ إلى كايو بهذه المعلومات ، كنتُ سعيداً بداخلي بأنني لم أحظى على معلومات تدلل على ضابط القوة الخاصة لأنني لا أريد موت أحد و لا أود رؤية الدماء ، لكن .. لم أتوقع للحظة أن تلك المعلومات كانت كافية بالنسبة لكايو لمعرفة هوية الضابط فقد ابتسمت ابتسامتها المتعطشة للدماء المتلذذة بالقتل قائلة : " تونجي ، هه هه .. الضابط الذي سعى وراء جريمة قتل تانسو و قمنا بتصفيته معاً روك ، نعم أباه كان يوكوشيما ضابط بحرية قُتل على يد السوفتيين في الحرب العالمية الثانية .. إذن هذا الابن الوحيد المتبقي يوروا ، تحرى عن هذا الاسم يوموتو و اعلم ما هي وظيفته . "
كنتُ اتمنى لو بقيت تلك السعادة بداخلي لدقائق أخرى و لكن يبدو هذا مستحيلاً فقد عدتُ ادراجي إلى تلك الموظفة مرة أخرى لأتحرى عن يوروا و أكثر ما أحزنني أن توقعات كايو كانت صحيحة ..
و عندما عدت أخبرتها بنتيجة توقعها و قد أصدرت فرمان تصفيته و قفز روبن يتكفل أمر قتله انتقاماً للفخ الذي وقعوا به و لكن كايو رفضت ذلك و قالت بأنه يجب أن يبقى بجانب روكي و يحمي المكان و قد كلفتني بتلك المهمة .. مهمة أقوم بها أنا و كايو معاً ، إنها المرة الأولى منذ عامين تخرج بها كايو بنفسها لتقوم بمهمة قتل و كما أنها المرة الأولى لي التي أخرج بها مع كايو في مهمة ..
و لكني لا أريد ذلك ! لا أريد أن اقتل و أسفك الدماء ! لا أريد أن احرم الأطفال من والدهم كما حُرمت ! " بحرقة و يأس " لقد اشتقت لحياتي السابقة المريرة مع أبي ! لا أريد أن احظى بحياة مريرة أكثر من تلك ! هل عليّ أن اتوقف الى هنا ؟ و ارفض رغبات كايو ! هل انفصل عن تلك المجموعة ؟
ذهني مشتت لا اعلم ماذا افعل ! لا أريد أن اقتل و في نفس الوقت لا أريد الابتعاد عن كايو ! رغم قساوتها أشعر بالأمان معها !
دائما ما تقول لي بأن الفساد هو ما يجعل طوكيو بلداً حزيناً و أن أقوى عقار لهذا الداء هو القتل !

يتبع ...

الرواية مكتملة مكونة من 10 فصول

الخطيئة العاشرة || مكتملةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora