الفصل العاشر

17.2K 578 21
                                    

رواية المعلِم
الفصل العاشر ..
_________________________________________________

تعالت قهقهته التي أثارت انتباه الجميع، توقف عن الضحك ونظر إلى زوجته قائلاً بسعادة لقدره الذي جاء أكثر مما تمنى:
_ شوفتي أنا كان نفسي في إيه يقوم ربنا عامل إيه، عشان البت تكون بعدت بالثُلث عن إبنك، حكمتك يارب

لم تجيبه فهي غاضبة وحزينة وخائفة، فما حدث ليس بهين ناهيك عن تلك المواجهة التي تخشاها، كيف ستخبر ولدها بزيجة ابنة عمه بريان رب عمله وقدوته الذي دائماً ما يتحدث عنه ويتمنى أن يكون مثله في يوم من الأيام، كم يزداد شعور الندم بداخلها، حتما ستخسر ياسر إلى الأبد.

أغمضت عينيها تستنشق أنفاسها بصعوبة، خرجت من شرودها على صوته الحاد:
_ أنتِ عاملة في نفسك كده ليه، خلصنا من البت خلاص مش ده اللي كنتي عايزاه؟

توقفت عن السير ثم رمقته بنظرات مشتعلة وصاحت به:
_ بس هنخسر إبنك، يارتني ما قولتلك الحقني، كان يتقطع لساني قبل ما أقولك أي حاجة أنا اتأكدت بـ اللي عملناه ده إننا خسرنا ابننا الوحيد، أنا خايفة يا منصور من اللي جاي خايفة أوي ومش هستحمل أي حاجة تحصل أنا ممكن أطُب في الأرض ساكتة

عقد منصور حاجبيه وأجابها بصوت مرتفع آثار أنظار الجميع عليهم:
_ اللي حصل حصل إبنك هيزعله يومين تلاتة أسبوع إن شالله شهر وهيعرف إن ملوش غير أهله وهيرجع لنا تاني وأنتِ فكي بوزك ده مش ناقصة عكننة أنا مزاجي عالي يلا اطلعي يختي دتك القرف، ولا أقولك أنا رايح على القهوة

غادر من أمامها تحت أنظارها المُسلطة عليه، خفق قلبها بتوجس، لقد تركها تواجهه بمفردها، كيف ستواجه نظراته المتخاذلة وحدها، هل ستصمد أمام حزنه التي ستراه في عيناه أم هل ستتحمل هجومه عليها، مجبرة على التحمل والصمود فهي من بدأت في تلك اللعبة الدنيئة وعليها تحمل نتائجها.

صعدت الأدراج بخطى هزيلة متعرقلة وهي تجر قدميها بثقل إلى أن وصلت إلي الطابق الكائنة به، قرعت الجرس وولجت إلى المنزل بعد أن فتحت لها صغيرتها أماني.

لم تنبس بكلمة وتوجهت مباشرة إلى غرفة ياسر، سمعت نبرة صوته المبحبوح حتماً لم يتوقف عن الصراخ، أدارت مقبض الباب بعد أن فتحته بالمفتاح، نهض ياسر سريعاً ما إن فُتح الباب ورمقها بنظرات تحمل اللوم قدراً ثم دفعها بعيداً وتابع ركضه للخارج.

" استني يا ياسر، بنت عمك اتجوزت"
هتفت بهم سعاد لكنه لم يصغي لكلمة مما قالته فلقد اختفى من أمامها متجهاً إلى منزل ريان.

_________________________________________________

يقف أمام شقته يطالع عُماله وهم يحملون غرفة النوم الذي أمرهم بإحضاره، وضعوها في إحدى الغرف الخالية وقاموا ببنائها ثم غادروا بعدما أنهوا عملهم، تنهد بحرارة ثم ولج بخطاه المنزل وترك الباب مفتوحاً ورمقها سريعاً ثم هرب بأنظاره في الفراغ الذي أمامه.

المعلِمWhere stories live. Discover now