الفصل الأول

39.7K 825 43
                                    

رواية ~ المعلِم ~
الفصل الأول ..
_________________________________________________

تقف أمام نافذتها وشعور الحماس يتغلغل داخلها لما تنتظره، بزوغ الفجر مع تلك البرودة يزيد من لهفتها، تشعر بنبضات قلبها التي تتسارع داخلها لإفتقادها إليهم، فلقد طالت مدة الغياب ولم تراهم لأربعة عشر يوماً وثلاث ساعات وبضعة دقائق لأداء مناسك الحج التي تؤديها والدتها لأول مرة بعد أن أعتنقت الإسلام حديثاً، لم يسبق لهم وأن تركوها بمفردها طيلة تلك المدة التي مرت عليها وكأنها أعوام وليست فقط عدة أيام.

استنشقت عبير الهواء البارد الذي تسلل عبر فتحات النافذة وارتطم بوجهها، أبتسمت بسعادة وهي تصور بعض المشاهد الحميمية لهما عند عودتهما.

طالت فترة عودتهما وتأخر الوقت كثيراً عما اعتقدت، سحبت هاتفها وضغطت علي زر الإتصال في قلق قد تملكها، ارتخت ملامح وجهها بطمأنينة  عندما أجابها بصوته العذب الذي يلمس قلبها ويبث فيه الأمان:
_ عنود حبيبتي

سحبت نفساً عميق محاولة تهدئة روعها لكن لم تخلو نبرتها من القلق:
_ أنتوا فين يا بابا قلقت عليكم، المفروض توصلوا من نص ساعة

زفر أنفاسه بضيق وهو يجوب بأنظاره الحافلة المُعطله ثم رد عليها بهدوء لكي لا يُشعِرها بالقلق عليهما:
_ إحنا واقفين في الطريق، الأتوبيس اتعطل والسواق بيحاول يصلحه متقلقيش علينا

تنهدت يضيق ولعنت تلك الحافلة التي أخرت رؤيتهما، فلقد فاق اشتياقها كل الحواجز، لم تختبر فراقهما طيلة تلك المدة الماضية، فهم ثُلاثي دائم التنقل سوياً ولم يسبق وأن افترقا قط، ولكن تلك المرة اختلفت فلولا اعتناق والدتها الإسلام وضرورة أداؤها لمناسك الحج لما وافقت علي الإبتعاد عنهم طيلة الفترة الماضية.

أجابت والدها برقة كما اعتادت في الحديث معه دوماً:
_ توصلوا بالسلامة يا حبيبي see you soon ( أراك قريباً )

_ أغلقت الهاتف وزفرت أنفاسها مستاءة، فهي لم تعد تحتمل أكثر من ذلك الوقت التي أمضته قيد انتظارهما، ولجت  غرفتها حيث خزانتها الصغيرة التي تحتوي علي بعض الثياب الفضفاضة ذات الألوان المبهجة التي تناسب عُمرها الذي لم يتعدي التاسع عشر بعد. 

( عنود سيف الدين فتاة رقيقة، تمتلك بشرة حليبية وشعر غجري أسود داكن، تمتلك عيون واسعة تختبئ بين أهدابها الكثيفة، تتميز بتورد وجنتيها وشفاها الدائمتين، ذات عود ممتلئ بعض الشيء لكنه ممشوق وله انحناءات أنثوية مثيرة رغم  صِغرها، أنهت هذا العام آخر صفوفها الثانوية، تقطن في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، تعشق شيئان في الحياة وهما والداها، لا تمتلك أشقاء لمرض والدتها بعد ولادتها  مباشرةً وخضعت لإستئصال  رحِمِها، كانت بمثابة الحياة ومافيها لوالديها والعكس صحيح.

والدها من أصل مصري الجنسية لكن والدتها أمريكية الجنسية حيث تَقابل كِلاهما في عملٍ واحد وقد أحبَ بعضهما البعض كثيراً، وقد قابلا صعوبات عديدة من قِبل عائلته التي رفضت زيجته من تلك الفتاة المتحررة ذات الديانة المسيحية، لم يصغي إليهم وأعلن زواجه منها بعد فترة قصيرة من رفض عائلته ولم يكترث لهم تحت مُسمي رفضهم لهراءات سخيفة.

المعلِمWhere stories live. Discover now