الفصل التاسع عشر

17.8K 506 15
                                    

#عُرف_صعيدي
الفصل التاسع عشر
( وعد الحر دين عليه )
______________________________________

_ أوشكت الشمس في الغروب، أجواء ساكنة للغاية، تعلوا تغريدات العصافير على الأشجار القريبة، لم يصدر أي نقاش بينهم منذ عودتها، تعابيرها مشدودة فانتبهت لها السيدة ''سنية'' وسألتها مهتمة لأمرها:-
مالك يا ست نادرة كانك مهمومة، خرجي اللي في جوفك يمكن ترتاحي هبابة

_ انتبهت "نادرة" من سؤالها المفاجئ فشعرت "سنية" بخطئها الذي اقترفته من خلف نظراتها وأردفت معتذرة:-
مجصدش أدخل اني كنت..

_ قاطعتها "نادرة" ببكائها الذي انسدل كالشلال على مقلتيها دون توقف، شهقت "سنية" بذعر من تحول حالتها المبهمة، اقتربت منها دون تردد وربتت على ظهرها محاولة تهدئة روعها:-
استهدي بالله يا ست نادرة إيه اللي حوصل فجاءة أكده لا حول ولا قوه الا بالله؟

_ مسحت "نادرة" عبراتها بأناملها وبنبرة موجوعة وقلب يعتصر حزناً أردفت من بين بكائها:-
جلبي عيتمزع على ولدي اللي هملني، من يوم موته مدوجتش طعم الراحة، مخابراش كيف يعني أكل وهو يا حبة جلبي مياكلش، كيف أدوج الفرح وهو في جبره مردوم بالتراب، تعرفي يا ست سنية اني مش أول مرة أجول الحديت ديه أني مموافجاش على جوازة مصطفى من ورد!

_ تفاجئت "سنية" بتصريحها بعدم رضاها لزيجة ولدها من ورد، استشفت "نادرة" ما يدور في عقلها فأدلت موضحة أسبابها:-
بس اللي محدش يعرفه إن جلبي مراضيش إن حد ياخد مكان ولدي ، حتى لو كان ولدي التاني، عجلي ممتجبلش أن هلال يروح وغيره ياخد حاجة كانت تخصه، ورد مرت هلال عجلي واجف على أكده، جلبي هيوجعني كل ما أتخيل أن ولدي مات واندفن وحجه راح لغيره، يمكن تشوفيني بحب هلال أكتر من مصطفى بس لاه ربنا يعلم أن معزتهم عندي واحدة، بس هو ضميري اللي مبينمنيش يا تري ولدي موافج على حوصل؟ يا تري راضي؟ ولا حزنان على مرته اللي ملحجش يفرحوا بيها

_ أوصدت السيدة "نادرة" عينيها هاتفة 'بـأااه' مكلومة من شدة حزنها المتبدد داخل قلبها، عادت لتواصل حديثها بنبرة متحشرجة أشد ألماً:-
نار جايدة في صدري مبتنطفيش واصل، مرضياش عن اللي بعمله في مصطفى وورد من جيهة ومن جيهة تانية صورة هلال وهو يا حبة عيني عريس مبتفارجش عيوني التنين، أني عايشة في مرار محدش شايفه ولا حاسه، شايفين نادرة الجوية وجحود جلبها، ميعرفوش إني بعمل أكده من جهرتي وجلة حيلتي، ميعرفوش إن نار جلبي مبتبردش واصل واللي يزيد ويغطي إن حج ولدي راح هدر واللي جاتله عايش إبيتهني ولا على باله وولدي مرمي تحت التراب عياكله الدود!

_ كلماتها كانت بمثابة خنجر تغرزه في قلبها كلما تعمقت في حديثها ووصفت مآساتها التي تعيشها بسبب إنسان بلا رحمة لم يفكر في قلبها ولا الحزن الذي سيتدد داخلها بفعلته الدنيئة، شعرت بمشاركته في القتل بعدم الإبلاغ عنه وتسليمه إلى رجال الشرطة

عُرف صعيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن