الفصل الحادي والاربعون

Start from the beginning
                                    

....

كانت تصعد السلالم بتسرع وهي ممسكة بلوح شوكولا، يرفرف شعرها الكستنائي المبلل من المطر الودق، زاد على رجف جسدها البارد شعور الخوف الذي تملكها بعد أن كانت تسير في طريق مغلق الانوار، حين قام مشعل بإغلاقها حتى لا يعلم أحد بمكانه... افلجت باب السطح بكلتا يديها الصغيرة، فحين دخلت التفت الجميع إليها.. لتقول بتسرع بينما تلعق شفتيها المحمرة ككرزة: مشعل.. عمي خالد يبيك.
كان يتأملها بكل شغف لا تعلم بأنه كان يقصدها، يعترف بإحساسه في أعماق قلبه وأضلاع صدره. 
-وش يبي؟
رفعت كتفيها بعدم دراية: مدري. التفتت الى صوت سياف: شوشو تعالي.. وش تاكلين؟
رفعت يدها بلوح الشوكولا، ليرد وهو يشير بيده: طيب تعالي.
سارت الى مكانهما وهي ترفع شعرها الساقط على عينيها.. ناولته الشوكولا، بينما تقول: خذه ما ابيه.
تركي بابتسامة مهذبه: اجلسي معنا.
هزت رأسها نافيه: عمة نورة تقول لا تجلسين مع الأولاد.
تركي: شاطرة شذاوي.
مشعل بينما يتناول قطعة من العلكة حتى يخفي رائحة التبغ الملتصقة به: يالله سلام.. سار باتجاه الباب، التفت حين سمع صوتها الخافض الهادئ: لحظة بنزل معك.
قال حين لمح ملامح الخوف تكسو ملامحها وهم يهبطون السلالم: وش فيك يالشوش.. وش منه خايفة؟
-عبود يخوفنا بالقطوه اللي معاه. صمتت وهي تنزل درجة.. درجة بكل حذر، لديها فوبيا من الأماكن المرتفعة والمظلمة.. قالت بينما تنظر الى خطواتها بحذر: مشعل.. عادي امسك يدك؟
شد على كفها وهو يخلل أصابعه بأصابع يدها الصغيرة: تدرين يا يالشوش وش يقول عبده عنك؟
تبسمت بطفولية وهي تنظر الى ملامحه الغير واضحة لها: وش يقول؟
أردف بها بطريقة نثرية بنبرته المهيبة المميزة: يا شذا نبت الخزامى في وطاه..  قلت زاهي بوجنتك زهر النبات قالت إن الرمش يجرح لي صفاها.. تجرح الظلما عيون ناعسات.
قهقهت بخفه على استحياء.. ليكمل: اسمك حلو شذى.
-شكراً.
-ما فيه أنت كمان!.. ثم أكمل بسخرية: اسمي شين صح؟
ابتسمت بخفه وقد بدأت تظهر لها انوار ممر الغرف: ما يعجبني اسمك.
-افا.. اجل وش الأسماء اللي تعجبك؟
ثواني حتى اردفت وكأنها تتذكر: فهد.. ثم صمتت وقالتها بنبرة خجل لم ينتبه عليها مشعل: سياف بعد حلو.
نظر اليها بازدراء: طلع ذوقك مخيس.. أجل سياف حلو.. الحمدلله اسمي مشعل.
أبعدت يدها عن كفه لتقول وهي تتوجه الى غرفة نوم العمة نورة: رايحة اتسبح.
قال بينما يكمل سيره: نعيماً مقدماً.. وقبل أن يصل الغرفة المتواجد بها والده.. أخذ زجاجة من زجاجات العطر المرصوصة على المدخل.. نشر رذاذه بتوزيع ليخفي رائحة السجائر.. حطّت أقدامه الغرفة ليجد خالد يقرأ ورده من القرآن وبمعيّته بندر ذو التاسعة وعشرون عامًا يتلاعب بمسبحته فنظر إليه حين دخل.. اقبل على والده منخفضًا يقبّل رأسه.. ليتوقف خالد عن القراءة بتربص لرائحة التبغ التي وصلته.. رفع رأسه باستنتاج قفز ذهنه وكاد أن ينفعل بالحديث إلا أنه تراجع لما رأى مشعل أمامه.. فاخفى غضبه وتحولت تعابيره إلى الاعتيادية.. قال بنبرة هادئة: وراك ما جهزت؟ ما بقى شيء ويوصلون أبو سفيان وأبو بجاد.. الصلاة في مسجد المزرعة.. وينهم باقي أخوانك؟ تركي وسياف جهزوا؟
أشار إلى بندر بالسلام دون أن يصافحه.. كي لا يكتشف عادته بالتدخين والتي لا يعلمها سوى تركي وسياف للتو.. أجاب والده بلا اهتمام: كله ثوب وشماغ وخلصنا.. ابشر الحين بنلبس.. تبي شيء ثاني؟
هز رأسه برضا: سلامتك وبارك الله فيك.. بلّغ أخوانك وتعالوا المجلس الكبير بنستقبل عيال عمي هناك.
حين خرج مشعل.. التفت بندر الذي قدم اليوم إلى المزرعة حيث أنه كان في سفرة خارج البلاد برفقة عروسه الجديدة.. قال بتساؤل: ما شميت ريحته؟ مشعل يدخن!
رد بلا معرفة مفتعلة أثناء وقوفه: يتهيأ لك ونا أبوك..
قاطعه بندر بيقين: بلى متأكد.. ريحته وصلتني شلون أنت وهو يحب راسك! معقولة ما شميته ولا مزكم يالشيخ؟ قالها بنبرة هازئة متعمدًا إحراج والده الذي دائما ما يتغاضى عن عثرات مشعل.
رمقه بنظرة أسكتته متجهًا صوب الباب: ايه مزكم ما اشم زين.. أقول قم معي.. الله يذكرها بالخير اللي كانت تصفقك ومهجدة لسانك.

لا تحملني خطا ما هو خطاي..لو أنا المخطي كان والله اعتذرتWhere stories live. Discover now