الفصل الأول

Começar do início
                                    

‎بعد أن انتهى من صلاة الفجر طلب من أبنائه المغادرة دون أن ينتظروه جلس يحدق في الأرضية بتفكير متسلط على عقله.. ليقف دون تردد بعد أن أقدم على قراره متوجهاً إلى ذلك الإمام الذي يحمل بين يديه القرآن الكريم. قال بصوت واضح: تقبل الله منا ومنك يا شيخ
‎ليردف الأخر بتقدير بالغ: اللهم آمين... وقف بتسرع مرحباً بحراره: وشلونك يابو سعود وشلون الأهل إن شاء الله كلكم بخير
‎هز رأسه: نحمده ونشكره كلنا بخير. التفت سلمان ( ابو سعود) في الأرجاء بتشتت وذهول ثم أعاد تركيزه في الأمام الذي يجلس أمامه معلقاً: يا شيخ ابيك تفسر لي حلم حلمته من قبل أسبوعين
‎الإمام بتركيز: قول يابو سعود اسمعك
-حلمت ولد أخوي الله يرحمهم كان جالس في مجلس بيتهم القديم ووجهه ضاحك ومستبشر وقال لي عندي ضيف ابي اعرفك عليه وبعدها دق الباب وقام... إلا شوي يدخل ومعاه قاتله أنا عصبت وما قدرت أمسك نفسي... وقمت اسبسب والعن... وولد أخوي يحاول يهديني بس أنا ابعدته من قدامي وامسكت القاتل من رقبته واحاول اخنقه وبعد ما حسيت بأن قوته انهدت وارتمى قدامي على الأرض... التفتت على ولد أخوي إلا واشوف وجهه غير يا شيخ... كان معصب ووجهه عابس... توقف للحظة ثم تابع: وش تشوف يا شيخ اليوم جايين أهل القاتل وأنا والله ما ابي دم ولد أخوي اللي ما عنده غيره ينهدر بدون ما نأخذ بحقه. هز رأسه بأسى بعد أن أستمع إلى حلم سلمان الرجل العجوز بأذن منصته: الله يرحمهم ويرحم موتانا وموتى المسلمين... شوف يابو سعود تفسير حلمك واضح وضوح الشمس ولد أخوك يطلب منك عتق رقبة قاتله... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ.... ليقاطعه الآخر باعتراض: بس يا شيخ اخواته البنات وش بيقولن عني والله لو سامحت في دمه مالي وجهاً اناظر حتى في زولهن.
‎رد الإمام بلطف: اسمعني ياخوك هذا تفسير رؤياك... يابو سعود أعتبرها
وصيه ووصية الميت واجب العمل بها.
‎رفع سلمان حاجبيه وأخذ يتمتم وهو يبدو محيراً: لا حول ولا قوة إلا بالله... الله يرحمك يا محمد لا اذيت أحد وأنت عايش وحتى في موتك تبي السماح


‎انفتحت أبواب حرم القصر متزامنةً مع دخول السيارة ذات اللون الأسود الصارخ فهي تشبه بحد كبير شموخ راعيها، فقد أعتاد المجيء عند بزوغ الشمس لم يكن الصباح يعنيه شيء فهو أصبح كائناً ليلياَ بسبب وظيفته الحساسة. سار بعد أن رمق مجموعة من الأشخاص المتواجدين في حرم القصر يبدو أن الكل جاهز للتوجه إلى منزل (آل ثنيان) من أجل طلب العفو. أوقف سيارته في موقفها الخاص بجانب مواكب السيارات الأخرى. نظر إلى ساعة معصمه بتمعن فقد كانت تشير إلى العاشرة والنصف. أخذ الصعداء وهو يكتم غضبه مما حصل فقد قام بالانفعال على موظفيه بسبب استعادة الملفات التي تُدين (آل فياض) مع فقدان ملفات المجهول الملقب بـ
‎(رشاش) ترجل وهو يخلع النظارة الشمسية. استوقفه في مكانه حين رأى تركي وعبدالإله قادمان باتجاهُ كانا يرتديان اللباس التقليدي ( الثوب الأبيض والشماغ) وقد بدآ متجهزان للذهاب.. تركي بصوت مرحب: يالله حيه... وشوله داومت واضح مجهد
‎رد بتأني: الله يحيك... خلصت بعض اللوازم والحين راح الحقكم... قضب هدب عينه بتساؤل: إلا وين بو بندر؟
‎عبدالإله وهو يعدل نسفة شماغه: بو بندر سبقنا للديوانية يجمع الرجال
هز مشعل رأسه: أجل استأذنكم بطلع ببدل ثمن اشوفكم في الديوانية..
‎تركي وهو يقوم بتصفح وجه أخاه الذي بات الإرهاق واضحاً على محياه: خلاص عبدالإله روح مع سياف أنا راح انتظر مشعل
‎مشعل: ما عندك مشكله تركي روحوا وأنا الحقكم
‎رد بتصميم: والله منت رايح إلا معي... بدل وأفطر وعين من الله خير.. وأنا انتظرك في الموتر. هز مشعل رأسه بالموافقة ثم أسرع الخطى داخلاً الشق الخاص به.... كان المكان خالي تماماً و هادئ للحد الغريب فلم يعتاد على دخول المنزل دون صخب الفتيات فلقد كان أكثر الأقسام التي تضخ بالحياة، علم بديهياً بأن الجميع متوجه لزوجة أبيه الرابعة من أجل مؤاساتها في حال أبنها. سار متوجه إلى المصعد بتثاقل لينفتح بخروج فتاتان سقطت عينيه في ذات العيون الناعسة الواسعة فهو لم يعلم بوجودها ازاح بصره لأسفل بتهذيب فهي ليست سواء خطيبه.. بدورها قامت بتغطية شعرها بالحجاب الذي كان حول عنقها.. وتضرج وجهها بحياء.. ونطقت بتسرع لم تعلم كيف تلبستها الجرأة فجأة: السلام عليكم. هز رأسه متحدثاً بنبرة أكثر هدوءً وصرامة: وعليكم السلام... شلونك أمجاد؟
‎وألجم لسانها بإرتباك، ووجب قلبها، وداخلها من الذعر ما شل حركتها وكبل إرادتها. ثم رفعت إليه طرفها، وهي تقوم بالضغط على يدها بتوتر: الحمدالله
زينه.
‎.لترد الأخرى القاطنة بجانبها بنبرة ظريفة: صبحك بالخير
‎هز رأسه دون أن يردف بكلمة أو ينظر نحوهن.. فقد دخل المصعد متحامل
على نفسه من كاهل عمله. رفعت زين حاجبيها باستنكار: افا الحين يسلم
عليك وأنا ما لقاني وجه!
‎وطغى عليها على حين غرة شعورٌ عجيبٌ من الإعجاب والسرور والزهو. بضحكة ثرية: يا ليل الغيرانين تراني خطيبته وأكيد راح يسفهك لأنه متعود
على خشتك بس أنا مشتاق لي حيل مثل ما أنا مشتاقه له.
‎أمالت فمها بتملل: أقول أخلصي علينا خل نروح عند عمتي.... قاطعها رنين هاتفها معلن عن وصول رسالة: (سويلي قهوة) تكلمت بينما تقوم بإغلاق
هاتفها: رجلك يبي قهوة.. سويها له يالمشتاقه.
‎نظرت أمجاد بتعجرف وهي تسير باتجاه المطبخ: عز الطلب بو خالد ما ينرد
‎!قالت بشهقة متفاجئة: الله وأكبر وش ذا اللقب الجديد
‎تكلمت الأخرى بينما تقوم بتجهيز القهوة العربية: ايه ان شاء الله ليه لا! وقامت برفع درجة حرارة النار أسفل الدلة. كان المطبخ الفسيح الذي يعبر عن فخامة المكان, بارداً وغير مستغل وكأنه صورة للماضي. انتهت من أعداد القهوة وتجهيز بعض من صينيات الحلويات: خلاص خلصت خذيها وقولي له حبيبة قلبك سوتها
‎!زين بنبرة التحدي: ترى بقوله صدق
‎بينما تحرك خصلات شعرها بثقه: ايه عادي قولي له
-ابشري من عيني هذي قبل هذي. حملت الصينية وهي تبتسم بتلاعب وإصرار على إيصال الرسالة على أنها تخجل نقل كلمات أمجاد ولكنها أكثر اندفاعاً لرؤية ردة فعله.
‎صعدت إلى جناحه ثم قامت بطرق الباب لم تسمع أي ستجابه لتطرق مره أخرى ولكن بصوت أعلى, سمعت صوته ذو البحة العميقة: ادخل. حين اقبلت كان متشاغل بهواتفه ولا يزال بلباس عمله (اللباس العسكري) وضعت الصينية فوق الطاولة التي أمامه... قالت بتسرع دون أن تنظر إليه متشاغله في سكب القهوة. وكأنها تقوم بتسميع ما حفظته: أمجاد هي اللي سوت القهوة
وتقول خذيها لحبيب القلب!
‎نظر إلها بتعجب فلقد كان استنكاره مهذباً ولكنه لم يكن خافياً... خرجت بسرعة والابتسامة تزين سماتها.. بعد أن رأت عيناه الحادة تتعلق بناظريها، وصلت إلى الأسفل ناقلة انظارها في الأرجاء فلم تجدها، توجهت مباشرةً بعد ان قامت بتغطية ذراعيها بالسترة الصوفية جيداً بسبب انخفاض درجة الحرارة وشدة الرياح العاتية. سارت نحو ذلك القسم الأخير من القصر كان الجميع يلبس ملابس الحداد كما لو كان قد صدر قرار ببتر رقبته... صوت بكائها وانينها يشع في المكان فكل مرة يذهب الشيخ (خالد آل مسفر) لطلب العفو من قبيلة آل ثنيان تبدأ زوجته العنود بالنياح والصياح فكيف لا تبكي وهو ولدها الوحيد وأصغر اخوته. قالت العمة نورة ممسكه بذراع الباكية بمواساة: خلاص يأم مهند أن شاء الله خير... حرام اللي تسوينه في نفسك
ادعي له والله المجيب!
‎العنود بأنين متعب: يا رب أني اسالك باسمك الاعظم الذي اذا سئلت به
اجبت.. يا رب أنك ترد لي ولدي وحيدي مالي غيره.
‎كانت شيخة (الزوجة الأولى) وهي تقوم بمسح دموعها بطرف طرحتها, التي فاضت عند رؤية حال العنود، بنبرة حزينة لتلك الفتاة التي ترتدي لباس الحداد الخفيف وحزاماً مزيناً بالورد كان مظهرها انيق حتى في هذا الموقف:
ليان يا بنتي روحي خلي الخدم يجيبون مويا ل أمك.
‎هزت ليان رأسها بصرامة: إن شاء الله. وقبل أن تنهض أوقفتها شذى التي نهضت بتسرع وهي تقول بلطف: اجلسي ليان أنا رايحه اجيب لعمتي.
‎خرجت شذى من غرفة الصالون وقد بدأت تشعر بالدوار توقفت عن اكمال سيرها للحظات مغمضة عينيها ببطء حتى قطع عليها صوت الأميرة: علامك شوشو وش فيك؟
‎امسكت شذى جبينها بألم: مدري أحس بصداع... المهم الأميرة روحي جيبي لعمة العنود مويا وشي حلو أخاف ينخفض عندها السكر... وأنا بطلع اشيك
على تميم اليوم ما شفته.
‎أماءت الأميرة رأسها بإيجاب: ابشري يا قلبي... سياف راح؟
‎.ردت شذى بينما تنقر على زر المصعد: ايه راح من زمان

لا تحملني خطا ما هو خطاي..لو أنا المخطي كان والله اعتذرتOnde histórias criam vida. Descubra agora