٢٢. في الديار!

146 23 2
                                    

امتلأ ذلك الكوكب بكوادر لا تحصى من الشرطة وفرق الجيش وكأنهم على وشك غزو الكوكب. أخرجوا السكان أولا وقد كان معهم أجهزة يفحصونهم بها، وقد اصطف سكان الكوكب ومنهم قرية الممسوخين بعد أن تم احتواء الدخان فور وصولهم على الصف، في حين حبس آخرون وقد كانوا المجرمين.

ثم بعدها تم استخراج الجثث التي تم صفها وتغطيتها. كان أنسيل جالسا بجوار جثة ليكسس المغطاة في صمت، وعيناه تنظران إلى الفراغ، لم يكن أحد يعلم من هو لذلك تم التعامل معه كبقية الجثث.

بعدها وصلت سفينة كبيرة حجبت شمس السماء وجعلتهم يغرقون في الظلال لبعض الوقت قبل أن تهبط السفينة الزرقاء العملاقة، ويفتح بابها، وينزل منها جنود اصطفوا على طول البوابة لحماية الخارجين من السفينة.

"حاكم مملكة أستينيا الكبرى، أنيليو"

وقف أنسيل ما إن سمع الرجل، وأمامه جثة ليكسس ناظرا إلى ذلك العجوز ذي الهيبة الوقورة، وخلفه الوزراء، وبجانبه رجل عجوز يبدو في مثل سنه رغم بنيته القوية.

علم أنسيل من النظرة الباحثة التي يبحث بها حوله هو والرجل الذي معه أنهما يبحثان عن ليكسس، فصاح أنسيل قائلا "ليكسس هنا" مما جعل انتباههما يصبح ناحية أنسيل.

"أليس هذا ابن إنخاها؟" قال أحد الوزراء من الخلف، وأجابه آخر "يال وقاحته، بعد ما فعله أبوه!"

"كفى!" أوقفهم أنيليو متابعا "لا ذنب لإبن بأفعال والده" ثم تركهم ومشى هو وساندير ناحية أنسيل وحدقا إلى جثة ليكسس المغطاة.

أخذ نفسا عميقا وأمر أنيليو ساندير "أزل الغطاء" أزال الغطاء من على جثة ليكسس التي كانت الثقوب تملئها.

فأتى أحد الوزراء من الخلف، وقد كان نحيلا للغاية لدرجة أن عظام وجهه الطويل قد كان بارزا للغاية، فقال واضعا أحد يديه الرفيعتين والطويلتين على شفاهه النحيلة الصغيرة 

"يا إلهي ولي العهد المسكين"

لم يجبه أحد، وغطى ساندير الجثة "لندفنه دفنا لائقا" قال أنيليو.

"أريد حضور جنازته" قالها أنسيل بنبرة جادة، وملامح حزينة عابسة.

"يا لجرأتك!"

"كفى نيسر، أخبرتك لا ذنب لإبن بأفعال أبيه"

ثم التفت إلى أنسيل وقال "يمكنك الذهاب معنا يا بني، شاهدت مواقفك مع ليكسس، هناك صداقة نشأت بينكما أثناء اللعبة"

وهو ذاهب معه سائر بجانب أنيليو، أوقفه أحد الرجال وقال "عن إذنك أيها الحاكم،  فقط أريد سؤال السيد أنسيل، أخبرنا نيدلا أنك نجوت من الغاز؛ لأنك لست من قبيلة إنخاها، وهو ليس والدك، إذا لم يكن أباك فمن يكون لنضعه في سجلك"

فابتسم أنسيل، وقال "يتيم التقطه من الحرب"

كفت الإجابة الرجل، لكنها سمحت بالتساؤلات لمن معه، فالتفت ساندير إلى أنيليو وقال هامسا "ليس ابنه!"

"هذا يفسر لما كانت لديه قوة جسدية هائلة في ذلك النزال، قبيلة إنخاها لا يتمتعون بأي قوى"

سارت السفينة إلى أن وصلت إلى العاصمة وتوقفت في مهبط معد أمام مبنى الطبيعة ذاك التابع للحكومة، نظر أنسيل حوله بانبهار وإعجاب كبيرين، ودخل المبنى الذي كان لا يقل جمالا وفخامة عن الخارج، إذ يبدو وكأن كل ما فيه نسجته الطبيعة الخلابة.

أُدْخِلَ أنسيل إلى غرفة احتلت أغصان الأشجار جدرانها، وكانت تطل نافذتها الواسعة على مباني المدينة، في حين احتل فراش وسيع وثير الغرفة، وأمامه باب يفضي إلى حمام يوجد به الدش والبانيو والمغسلة، وكلها كانت من الزجاج العجيب اللامع الملون.

وقف أنسيل أمام النافذة محدقا في المدينة "لن أنعم أبدا بالراحة وأنا أعلم أنني أستطيع المساعدة، لن أنعم بالراحة إذا ما هربت الآن" ليكسس مات، لكن مع ذلك أنسيل يستطيع إيقاف كل هذه المهزلة!

فتح عينيه بعد أن أخذ نفسا عميقا، ليس هو من الأشخاص الذين يجلسون ويبدأون بالندم بادئين بجملة "لو لم" هو فقط سيبدأ بالعمل قائلا "بدأت العملية"

حين انتهت الجنازة وتم دفن جثة ليكسس اقترب أنيليو من أنسيل وقال له "هل تريد العودة إلى ديارك؟"

فابتسم "أنا في الديار، بالإضافة، هناك أعمال عليّ إنجازها "

"وهل معك ما يكفي من المال؟"

"ترك لي أبي ثروته" ثم أخرج بطاقة ذهبية لامعة من حقيبته التي استرجعها أثناء انتظارهم وصول الشرطة بعد إمساكهم الملك "معظم ثروة والدي هنا، دائما ما أحملها معي في حقيبتي"

"ظننت أن جميع حسابات إنخاها أغلقت، لكن الذي أعلمه أن عقاراته لم تمس، لكنها أصبحت مهجورة "

"أعلم، لقد كان لديه حساب باسم مستعار"

صافحه أنيليو قائلا "إذا هذا هو الوداع، إلى هنا انتهت القصة"

لم يعقب أنسيل بشيء سوى بابتسامة، وغادر.

سار في المدينة الكبيرة، وشوارعها العجيبة، المليئة بشتى أنواع وأحجام وأشكال المخلوقات، واستقل حافلاتها الطائرة باحثا عن عنوان، وسائلا من يقابله، إلى أن وصل إلى بوابة قصر كبير مهجور، تسلق السياج وسار في حديقة القصر الكبيرة إلى أن وصل إلى باب القصر، دخل القصر وأخذ نظرة سريعة فاحصة حول المكان الذي كان جميع أثاثه مغطى.

أخذ السلالم حتى وصل إلى الدور الثالث الذي كانت به غرفة واحدة في نهاية الممر، دخل الغرفة التي كانت فارغة تماما،  ولا يوجد بها أي نوافذ، وكانت مظلمة، فأشعل المصباح الذي في يده، وقف أمام أحد جدران الغرفة التي كان يوجد بها مربع فارغ.

أخرج من حقيبته شيئا مربعا وغطى به المكان الفارغ لتفتح البوابة التي كانت تفضي إلى ظلام قبل أن تنير الغرفة الغرفة بالتدريج ويظهر أمامه الكثير من الشاشات وحولها الكثير من الأوراق والمجلدات.

فابتسم في مكر قائلا "من قال أن القصة قد انتهت؟ لقد بدأت للتو"

آكسيري هابراما - لعبة الموت (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن