١٢. صراع داخلي

166 28 2
                                    

النسيم العليل يداعب بشرته، وأصوات الرياح التي تميل الأوراق بنعومة تشعره بالسلام، فتح عينيه ليجد نفسه قد عاد إلى أجمل الأماكن التي قضى عمره فيها: بيت طفولته.

هناك وسط تلك السكينة المحببة، يقع ذلك المنزل المتواضع المكون من طابق واحد، وأمامه كانت هي!

أمه، أمه التي فقدها طفلا صغيرا في حريق نشب بالمنزل، أمه الحنونة الطيبة التي عاش معها أيام من الهدوء بعيدا عن صراعات الحياة التي عصفت به بعد موتها.

بغير تصديق اقترب منها حذرا؛ خائفا من أنها قد تتحول إلى سراب "أماه!"

اقتربت هي منه، كانت جميع ملامحه منها وذلك واضح، اقتربت منه ومسدت على رأسه كما كانت تفعل دائما، وقالت "ابني الحبيب، لقد كبرت"

بكى واحتضنها غير مصدق، ربتت على ظهره برفق وقالت "اهدأ يا بني"

تركها وقال "لكن كيف؟"

ابتسمت "أنا هنا لكي آخذك معي"

"إلى أين؟"

"إلى مكان جميل، تنسى فيه كل شيء"

أراد الذهاب معها، امساك يدها التي تمدها له والانطلاق، لكنه تذكر حياته الحقيقية كيف أصبحت، تذكر واقعه، تذكر المسؤولية التي أصبحت على عاتقه أثناء صراعه مع الحياة، تذكر كل ذلك ونظر إليها مترددا، سألته "ما بك ترددت؟ ألم تكن دائما تود المجيء معي؟"

"لكنكِ قلتِ لي أن أساعد الناس، وأن لا أترك أحدهم أبدا وهو في حاجتي، هم يحتاجونني هناك"

تبدلت ملامحها غضبا وقالت بنبرة فيها استهجان "أتظن أن أحدهم يحتاجك؟ أنت حيثما تمشي هناك أرواح تموت بسببك"

صُدِم من كلامها في حين اقتربت منه وقالت "كم شخصا مات في هذه اللعبة بسببك؟ بسبب أن أحدهم أراد قتل مقامك"

ثم أردفت مبتعدة عنه "الناس تتساقط بسببك، بسبب جشعك وأنانيتك، تعال معي لتحفظ كل تلك الأرواح"

لم ينبس بشيء، لم يستطع، أخرسه كلامها، وبدأت الدموع تنهمر من عينيه "هيا الآن يا بني"

اهتزت الأرض من حوله، والمكان حوله، ليجد نفسه على أرض الواقع، والدموع تنهمر من عينيه، أفاقه صوت أنسيل الذي كان قد سمع جميع المحادثة كونها كلها تجري على لسان ليكسس، حدق إليه بنظرات مصدومة باكية، حينها قال له أنسيل بنبرة جدية ملقيا عليه

"ما حدث لهم كان قدرا، ما حدث لهم، لم يكن لك ذنب فيه بتاتا، كن قويا وإياك أن تنهار، لا الموت ولا الحياة بيدك، لا شيء كنت ستفعله كان سينقذهم من شيء قد كتب لهم. لكنك تستطيع حماية ملايين الأحياء من عيش حياتهم كالأموات، عليك أن تصبح الحاكم، وتنقذ شعبك من أولئك الذين يريدون أن ينهبوهم."

ثم عانقه قائلا "لا تقلق، أنا هنا معك سأساعدك، سأخرجك من هنا، وبعدها ستجعلهم يندمون على ما فعلوه بك، وبالمملكة. هل تسمعني؟"

تحفز ليكسس من كلامه وأومأ برأسه في ابتسامة قائلا "نعم" مد أنسيل يده له قائلا "إذا هيا قم لننه هذه اللعبة"

"وكيف؟ وهم يريدونني ميتا؟"

أراد أن يجيبه لكن تلك العين التي فتحت تحت أقدامهم أفزعتهم، تحرك الوحش الذي كان على هيئة غابة واختفى الضباب مع حركته "اركض!"

ركضا وأثناء ركضهما لمحا البقية الذين كانوا متوترين ومفزوعين من الزلزال الحي، أمروهم بالركض ليركضوا جميعا إلى أن قفزوا من التلة بسرعة مستمرين في الركض إلى أن وقفوا على هضبة وأمامهم مدينة حضارية يبدو التطور عليها من ناطحات السحاب العالية وأضواء المدينة النيون التي بين الأزرق والبنفسجي مما جعل منظرها مهيبا في ذلك المساء.

"لا أصدق أننا مكثنا يوما في تلك الغابة"

"ما هذه المدينة؟" بانبهار قال سيرور، وحدقتا عينيه متسعتان.

"مدينة سبيردا، الجولة التي سنعرف بها طريق الخروج من هنا"

آكسيري هابراما - لعبة الموت (مكتملة)Where stories live. Discover now