البارت السابع

155 4 0
                                    



البارت السابع
.......
اوقف سيارته امام العمارة التى يقيم فيها والدة وظل فى السيارة
يكرة هذا المكان فى الماضى كان يعشق هذا المكان بسبب والدتها ولكن بعد موت والدته وزواج ابيه ترك البيت وعاش مع جدة
ومنذ ذلك اليوم وهو لا ياتى هنا الا نادرا جدااا
ازاح شعرة المتساقط على جبهته بحركه اعتياديه وخرج من السيارة واتجه الى المصعد ليضغط علية ولكن ....انفتح باب وخرج اخر شخص يتوقع رؤيته قال بصوت هامس لا يكاد يسمع: انفاس..
كانت واضعه راسها على كتف والدها ومغلقة عينها ويظهر على
وجهها المرض سمع والدها يقول : نونا حببتى يلا
فتحت عينيها بارهاق والتقت عينيها المتعبتين بتلك العينين الساخرة ...ابتعد قليلا ليسمح لهم بالخروج من المصعد ولكن عينيه كانت متعلقه بتلك العينين كان يريد ان يشيح بعينيه بعيداً عنها ولكن لم يستطيع ...
سمع والدها يقول :روح بابا ثوانى ارد على التليفون
وماان ابعد والدها يده الملتفه حولها ليخرج الهاتف من جيبه وسبقها مبتعدا بخطوتين ..حتى شعرت بدوار شديد واغمضت عيناها بألم ولم تستطع ان تحافظ على توازنها وتهاوت من شدة ضعفها ....فى تلك اللحظه كانت عينى احمد مسلطة عليها وما ان تركها والدها حتى رآها تتهاوى امامه ...اندفع احمد بدون تفكير ممسكاً بها واحاطها بذراع واحده وكان راسها مستندا على صدره ....شعر احمد بالخوف الشديد على هذه المخلوقه التى بين ذراعيه تخللت رائحتها الرقيقه الى انفه فأغمض عينيه بدون ان يشعر آخذا نفساً عميقا ..اضطربت مشاعر احمد وشعر باختلاج فى قلبه وهو يستنشق انفاسها المعطرة ويراقب ملامحها الرقيقة من هذا القرب المفزع اراد ان يمد يده ليلمس وجنتها وقد نسى تماما وجود والدها فضم قبضته على اخر لحظه مبعدا يده عنها رغما عنه ..شعرت بأنفاس متلاحقه دافئه تلامس وجهها وتلك الرائحه عادت للظهور مرة اخرى ....
فتحت عينيها بتعب والتقت عينيها بتلك العينين التى كانت تنظر اليها بهلع شديد وشعرت بدوار شديد وبدأ كل شى حولها يدخل فى الظلام تشبثت به وهمست بتعب والم :متسبنيش
واغلقت عينيها ....ودخلت فى عالم آخر
رد احمد بدون ان يشعر بصوت يكاد يسمع :مش ممكن اسيبك
قى هذه اللحظه سمع احمد صرخه مرتاعه من والدها :انفاس حبيبتى ....انفاس مالك يابابا ....كان احمد لا يزال ضاما انفاس لكى يمنعها من السقوط ...رد احمد بصوت حاول ان يجعله هادئا بعكس ما يعتمل داخله لكى يطمئن والدها :ما تقلقلش يا عمى هى يظهر اغمى عليها من التعب
امسك الاب بابنته بخوف ليسندها على صدره هو واخذ يربت على خدها : نونا حببتى ردى عليا ..نونا
رد احمد بلهفة : فى دكتور فى العمارة بسرعة تعالى نطلعها....
قاطعه الاب :انا كنت عنده وقال لنا لازم نطلع على المستشفى عشان تركب محلول
قال الاب لاحمد وهو يخرج مفتاح سيارته: معلش ياابنى بس ممكن تقرب لى عربيتى على مدخل العمارة انا راكنها على اول ناصية الشارع العربيه اسكودا فضى
هز احمد راسه بدون ان ينطق بكلمه واخذ المفتاح واسرع راكضاً للخارج يبحث عن السيارة الى ان وجدها واستقل السيارة واوقفها حيث يقف والد انفاس وخرج من السيارة مسرعا والتف الى الجهه الاخرى من السيارة وشرع بفتح الباب الخلفى والباب الذى بجوارالسائق
حملها والدها ووضعها فى المقعد الخلفى
احمد:اركب ياعمى انا هسوق ةانت خد بالك منها وهاوصلكم اسرع
الاب با حراج:لا يا ابنى شكرا تعبتك معايا
احمد باعتراض :لا تعب ولا حاجه ...وابتسم واكمل انا مش غريب انا اخو فيفى صحبه الدكتورة
الاب :انت اخو فيفى اهلا يابنى ..بس انا مش عايز اتعبك وااخرك عن شغلك
تحرك احمد بالسيارة وقال بهدوء :مفيش تعب اهم حاجه دلوقتى نطمئن على الدكتورة
الاب بقلق :يارب يطمنى عليها
.................................
كان احمد جالسا بقلق مطرقا براسه خارج قسم الطواريء بالمستشفى
اعتدل احمد فى جلسته لكى ينفض عنه هذا الشعور الذى يعتريه ولا يدرى له سبب ظل يراقب من حوله لكى يلهى نفسه عن التفكير فيها وفى الموقف الذى حدث والذى جعله ينسى ميعاده مع والده فى هذه الاثناء لفت نظره شاب نحيل جالس يمسك يده المجبرة وسارح اقتربت سيدة فى اواخر الاربعينات وجلست بجواره ثم ربتت على كتفه بحنان رفع اليها الشاب راسه ونظر اليها واحمر وجهه واغرورقت عينياه بالدموع وقال بصوت مختنق :انا مش فاشل ياماما ......مش فاشل..... مش عشان سقطت ابقى فاشل
.
.
.
فاشل ............انت فااااااااشل .....الى زيك نجحوا ودخلوا كليات وانت بتعيد الثانويه العامه للمرة الثانيه يا حيلة امك
مرت تلك الكلمات على ذاكرة احمد ..........
تذكر ذلك اليوم من اثنا عشر عام عندما علم بنتيجته فى الثانويه العامه وقد رسب مرة اخرى .....ذهب الى البيت وهو يجر قدميه جراً آملاً الا يصل خشية منه من رد فعل ابيه وطوال الطريق كان يتمنى الايجده فى البيت وضغط الجرس وهو يتمنى ان تنشق الارض تبلعه وما ان فتح الباب حتى حدث ما كان يخشاه فقد وجد اباه امامه
دخل وقال بقلق :السلام عليكم
الاب بصوت مرتفع :وعليكم السلام يافاشل .........ورفع صوته الهادر منادياً امه قائلا:تعالى يامدام شوفى ابنك الفاشل شرف
اقترب من ابنه ونظر اليه بقرف شديد : سقطت يا حيلتها للمرة التانيه يا خاااايب ياللى مش فالح فى حاجه تصدق انا كنت عارف انك هتسقط لانك غبى وفاشل انا مش عارف انت طالع غبى لمين؟؟ وتلفت حوله بضيق ونظر لزوجته واكمل بسخريه : اااه .....انا عرفت انت طالع غبى لمين
احمد وهو يرتجف ناظراً الى والده باستعطاف :يابابا انت عارف سبب سقوطى السنه دى
الاب بسخريه: وايه سبب سقوطك بقى ...غبائك وخيبتك الشديده
نظر احمد الى والدته مستنجداً واشارت له ان يصمت خفض راسه وصمت وهو يحاول ان يحبس دموعه
سمع والده :قول يلا ايه سبب سقوطك يافاشل ؟؟؟..حتى الكلام مش عارف تبرر ولوبررت هتقول ايه؟؟؟؟ ظلمونى فى التصحيح
وازاحه من امامه بقرف شديد : غووووووور انا قرفان منك ربنا ياخدك ويريحنى منك ......خسارة المصاريف الى بصرفها عليك انا لو ربيت كلب هيكون احسن منك بس اعمل ايه نصيبى اتجوز وحدة زى امك علشان تخلف واحد فاشل زيك...
وتركه واتجه لغرفته ...
اقتربت منه والدته ونظر اليها :سامحينى يا ماما والله حاولت بس انتى عارفة هو كان بيعمل ايه مش عايزنى اقعد فى البيت وطول الوقت ينزلنى اقف فى محل عمى رغم انى عمى عنده عمال وغير كدة عنده اولاد وانا مقدرش اعترض او اقول لأ لانك عارفة وقتها بيعمل فيا ايه.
احتضنته وقالت:انا عارفه كل الى بتقوله وعارفه انك حاولت وعملت الى عليك ومش زعلانه منك
رفع راسه ونظر اليها بلهفه :بجد يا ماما مش زعلانه منى؟
ابتسمت بالم :مقدرش ازعل منك لانك روحى واغلى حاجه فى دنيتى
احتضنها بشدة:وانتى دنيتى كلها انتى يا امى الى مصبرانى على كل الى بيجرى لى وقبل راسها
اوعدك ياماما انى هانجح وادخل كليه الفنون الجميله
نظرت الام الى باب الغرفه المغلقه التى دخل اليها زوجها وهى تضع اصابعها على شفتيها:وطى صوتك احسن يسمع ويجى يقلب الدنيا
احمد بسخريه:ما هو فى كل الاحوال بيقلب الدنيا وبيكرهنى ايه الجديد؟
الام بااعتراض :متقولش كدة يا احمد هو بيحبك بس مش بيعرف يعبر
هز راسه بالم :ايوة بدليل بيسبنى اكل لوحدى زى الكلب وما اقعدش معاه على سفرة واحده انا مش عارف السبب ليه بآكل لوحدى؟
صمت قليلا وقال بتردد: ماما...هو..انا...
الام بحنان :انت ايه يا احمد
احمد :هو انا طريقة اكلى وحشه او مقرفه جاوبينى بصراحه مش هازعل والله لو قلتى ايوة على العكس هاغير من طريقه اكلى عادى
امتلأت عينيها بالدموع وقالت فى نفسها منك لله ياحسين حسبى الله ونعم الوكيل فيك عقدت ابنى الوحيد
الام :قولى يا حبيبى انت لما بتروح تاكل عند جدك او مع اصحابك حد فيهم بيقولك طريقة اكلك مقرفه
هز راسه بلا :لا محدش
الام :يبقى خلاص ..احمد يا بنى اوعى تخلى حد يهز ثقتك فى نفسك مهما كان الشخص ده لازم تكون واثق فى نفسك انت مش فاشل ولا مقرف ولا مهزوز الشخصيه انت احمد الرسام الموهوب الى موهبتك ناس كتير يتمنو نصها وانت ابنى الى هينجح ويحقق حلمه وهيدخل الكليه الى بيتمناها .... وبعد مايخلص هيفتح مكتب ديكوركبير وناجح ويكون مشهور فى مجاله والناس تتمنى تعمل شغل عنده
ابتسم وقال بغير تصديق :معقوله يا ماما انا ممكن اكون كدة
هزت راسها بثقة شديدة :ايوة هتكون كدة ان شاء الله عارف ليه لانى واثقة فى ربنا وواثقه فى ابنى الموهوب
خرج الاب من الغرفة ونظر اليهم نظرة قرف وقال:ايوة يا ختى اقعدى طبطبى عليه لحد ما يقعدلك جنبك زى خيبتها .....انا طالع اتغدى برا مش طايق اقعد فى البيت المقرف ده جتكوا القرف
واتجه الى الباب وخرج
اطلقت الام زفره ارتياح وقالت وهى تبتسم :قولى تحب تتغدا ايه
ابتسم :اى حاجه من ايديك بس ناكل مع بعض
افاق من شروده على صوت يقول :احمد..انت بتعمل ايه هنا
نظر الى صديقه عبد الله رد عليه بارهاق :جيت مع واحد اعرفه بنته تعبانه قولى يا دكترة خلصت شغلك ؟
عبدالله: مالك يااحمد انت تعبان
هز راسه ومسح عينيه :شويه
عبدالله باهتمام :تعالى معايه اكشف عليك واقيس ضغطك شكلك تعبان
هزراسه :لا مش ضرورى .....شويه ارهاق مش اكتر ...... هاسيبك لشغلك
امسكه صديقه من ذراعه :انا بقى مش هاسيبك ....استنى دقيقه وهاروح معاك ......... اياك تتحرك سامعنى ...
هز احمد راسه باستسلام :حاضر
...................
بعد فترة
فتحت عينيها بتعب ونظرت الى ذلك السقف الابيض واغمضت عينيها مرة اخرى
سمعت صوت والدها يقول :نونا انتى صحيتى
قالت بتعب وهى تنظر لوالدها:انا فين يا بابا ؟؟؟؟؟
الاب بلهفه :انتى فى المستشفى ...اغمى عليكى وجبتك المستشفى
طمنينى انت كويسه
عضت شفتها السفليه :اه يا بابا الحمد لله
نظرت الى المحلول المتصل بيدها :بابا نادى الممرضه تشيله عشان نمشى
الاب :استنى شويه اول ما يخلص نمشى
هزت راسها واغمضت عينيها بتعب
............................
امسك هاتفه وكتب رساله واغلقه وقام واتجه الى تلك الغرفه التى نادراً مايدخلها مؤخرا لانشغاله
امسك لوحه ووضعها على الحامل وشمر عن اكمامه واخذ الوان وتناول الريشه.وبدأ يرسم ليخرج ما بداخله غير آبه لما يرسم لانه اعتاد ان يرسم كلما كان فى حاله نفسيه مضطربه لكى يخرج من هذا الشعور
...........................
نظر الى ساعته بقلق لقد تاخر الوقت ولم ياتى قام واتجه الى هاتفه لكى يحدثه وجد رساله منه فتحها "جدو انا فى المكتب ورايا شغل كثير متقلقش عليا "
قال الجد بقلق :ازاى مقلقش عليك وانا عارف انك رايح للمجنون ده
وضع يده المرتعشه على جبهته وتذكر بعد موت ابنته باسبوعين جاءه اتصال من حسين زوج ابنته يطلب منه ان يقابله وذهب اليه
وقال :شوف يا حاج عمر زى من شايف انا بقيت عايش لوحدى
قلت باندهاش :لوحدك ازاى!!!!!! معاك احمد ربنا يحفظه لك
قال :احمد هيجيله يوم ويتجوز ويسبنى وعشان كدة انا قررت اتجوز الصراحه انا محتاج الى يخدمنى ويشوف طلباتى
الجد باندهاش :تتجوز ودلوقتى ومراتك مكملتش حتى شهر
نظر حسين اليه بوقاحه: وفيها ايه والله لا هو عيب ولا حرام ده شرع ربنا
الجد وبسخريه :آآه شرع ربنا !!!!! والمطلوب منى ايه بقى ادور لك على عروسه؟؟
حسين بقسوة:المطلوب انك تاخد ابنك
الجد باستفهام :ابنى مين
حسين :احمد
فتح عينيه بذهول:انت تقصد ايه؟؟؟
حسين :اقصد ان ابنكم خلاص كبر ومعدش ليه مكان هنا لما مراتى الجديده تيجى البيت
الجد بذهول :دة ابنك الوحيد بتتخلى عنه ؟
حسين بضيق :عرفنا انه ابنى الوحيد بس خلاص جه الوقت الى اعيش حياتى .....ثم اضاف بمنتهى الوقاحه : وبصراحه لو اتجوزت مقدرش اسيبه مع مراتى مضمنهوش
الجد بعصبيه :اخرس ياكلب قطع لسانك حد يقول كده على ابنه؟؟؟؟
حسين بغضب :انت بتشتمنى فى بيتى!!!!!!
قاطعه الجد بحده : اشتمك واضربك كمان ....انا صبرت عليك كتير والى كانت مصبرانى ماتت خلاص ومفيش حاجه دلوقتى هتمنعنى منك
وامسكه من قميصه
سمع احمد صوت جده المرتفع فخرج من غرفته ففوجىء بالمشاده بين ابيه وجده اسرع اليهما
وقال بفزع شديد :جدو فيه ايه ؟؟؟
حسين بغضب :خد الرجل ده واطلع برا
قال احمد باستعطاف :بابا انت بتقول ايه ده جدو هدى اعصابك ارجوك يا بابا
دفعه الاب بقسوه فى صدره قائلاً:اسمعنى كويس يا واد انت ...انا قررت اتجوز ولقيت وحدة مناسبه والخميس الجاى كتب الكتاب والدخله يعنى النهاردة تلم هدومك وتتفضل برا البيت ومش عايزك فى بيتى
احمد بذهول:تتجوز يا بابا ....دى ماما ماكملتش شه ......
قاطعه الاب بمنتهى القسوة قائلاً :ايوة اتجوز ...ايه عندك اعتراض ؟؟؟؟؟وامسكه من ذراعه بقسوة وهزه بعنف شديد
ازاح الجد يده بعنف ونظر اليه بغضب شديد :اياك تقرب له فاهم
والتفت الجد لحفيده وقال :احمد يابنى لم حاجتك وتعال معايا مبقاش لنا فى البيت ده حاجه
..........
اخذ احمد يضرب ضربات سريعه بالفرشاه ..................وبعد مرور ساعة رجع للخلف ليرى النتيجه النهائيه لعمله فتح احمد عينيه وفغر فاه وهز راسه غير مصدق الرسم الذى انهاه للتو

انتظرونى البارت القادم

أنفاس أحمد لكاتبة سمراء النيلWhere stories live. Discover now