أحتاجك بجانبي

575 42 12
                                    

| روسيا | موسكو | الساعة العاشرة و ربع قبل منتصف الليل |

أرندا:

بدأت ببطئ أشعر أنني أستفيق من نومي الذي طال كثيرا حسب الصداع الذي داهم رأسي بمجرد أن بدأت خلايا جسمي في العمل مجددا، و بقوة خائرة حاولت فتح عيناي الثقيلتان اللتان قاومتا رغبتي في ذلك، و لكن في الأخير إستطعت أن أفعل ذلك ببطئ، و كنت كلما فتحتهما اكثر داهم الضوء الأبيض الساطع عيناي الضعيفتان، و قابلني مباشرة سقف بطلاء أبيض، و لتشوش نظري كثيرا لم استطيع ان أميز محيطي جيدا، و لكن جذب سمعي على الجهة اليمني صوت جهاز يرْوى ضربات قلبٍ لشخص ما.... و لم أعلم ان ذلك الشخص هي أنا حتى أملت رأسي لجهة الصوت، و بسرعة فائقة تزاحمت نظراتي حول الآلات التي تحيطني و التي ايضا كانت جل خيوطها تابعة لجسمي النائم على سرير ما.

في بادئ الأمر لم يستوعب عقلي سبب وجودي هنا في هذا المكان الغريب ، و لكن بعد ومضات من ذاكرتي التي إستعادة نشاطها، تراكمت بعدها أحداث صباح اليوم، و علمت انني قد أكون في المستشفى على ما أعتقد، و أنني رأيت الموت بأمِ عيني ثم حييت مجددا، و قد تلقيت كل ذلك على شكل صدمة جعلتني أشرد في السقف الاملس لمدة لا أعلم مقدارها ، علمت انني في هذا الوضع لأنني كنت على حافت الموت... ذلك لأنني صارعت الموت بأنفاسي التي سُلبت منى بقوة، إنني هنا نائمة بفضل والدي الذي كان يحلم بموتي كحلمه ببيعي يوما ، أبي الذي لف أصابعه على رقبتي يقدمنى للموت بقلبٍ لا يحمل الرحمة.... كدت أموت صباحا ثم أمسيت نائمة هنا لانني خالفت رأي والدي، لانني دافعت عن نفسي و لأنني أردت حريتي منه، كان شيئ بسيط و لكن كدت بسببه ان اخسر حياتي التي لم أحظى فيها بسعادة غير سعادتي مع أندرو، و رغم قِلتها اراد أن يحرمني منها و من اندرو نهائيا...

كانت كل هذه الحقائق قد جعلت الدموع تتجمع في عيني، فبعدما تذكرت ما جرى بيني و بين والدي إحتل قلبي وجعا لا وجود لمقدارٍ لوصفهِ، و كأنني تلقيت طعنة في وسطه بخنجر مسموم من أعز الناس إلي، و لكن في الحقيقة كنت تلقيت خيبة أمل و صدمة من أكره الناس إلي، و لكنني لا اعلم لما أشعر بكل هذا الالم الذي داهم قلبي و إحتل أطرافي، و جعلني ارتعش من شدته!!.... صحيح أنني كنت اكره والدي و لا زلت كذلك، و لكن بالعودة إلى الأصل أكون إبنته التي أنجبها، و هذا ما يجعلني أتألم بهذه الشدة فلو تلقيت كل هذا من غريب لما كنت في هذه الحالة من الوجع.... إنه لا يستحق ان أتألم من اجله كل هذا و لكن لا استطيع أن أمنع قلبي من ذلك، و لكنني أستطيع أن أجعل قلبي يزيد من رصيد كرهي لوالدي كرها على كره في كل وجع أشعر به بسببه الأن.

و في ختام القول أعلنت من الأن أنني 'أرندا دوستوكيفسي' أتبرأ من والدي و أصرح بإفتخار أنني يتيمة الأب و جردت قلبي من كل محبة متبقية له فيه.

أَرَنْدَاWhere stories live. Discover now