تمرد

983 63 5
                                    


 
روسيا متقدمة بساعة عن إسبانيا

|إسبانيا - إشبيلية| الساعة العاشرة ليلا|

كانت ليلة هادئة و مظلمة جعلت من سماء إسبانيا الصافية تتزين بالنجوم ، رغم برودة الجو... كانت شرفة الطابق الثالث في منزل بورسيلا مفتوحة، و في وسط ظلمة الليل و الشرفة تجلس  جايدا على كرسي هزاز من الخشب و جل تفكيرها في أخر محادثة لها مع أرندا التي لم تمر عليها ساعة.

كان إشتياقها لإبنتها يزداد يوما بعد يوم و الوحدة تقتلها ثانية بعد الأخرى، و لم يكن بيدها فعل أي شيئ سوى الجلوس و التفكير فيها.

لم تكن جايدا ضد قرار أرندا في الخطوبة بل و أيدت قرارها في الأخير و لكنها تخاف أن يفعل لها والدها شيئا و تخسر صغيرتها التي عانت و ضحت من أجلها، و لكن رغم ذلك هي فرحت لصغيرتها عندما سمعت أنها تحب أندروس، و أخيرا وجدت أرندا الشخص الذي يستحقها و تعيش معه طعم السعادة.

قطع خلوة جايدا دخول قوي لغرفتها يليه خطوات صاخبة على الأرض، لم تلتفت جايدا بل ظلت على نفس جلستها كونها علمت من هو  ، و بعد ثواني شعرت بجسد يقف خلفها و أتاها صوت ألمادو الهادئ لكن يتخلله الغضب:" فل تقولي لإبنتك أن تتراجع عن قرارها" تنهدت جايدا بقوة ثم أجابته وهي على نفس الوضعية :" لا أستطيع، إتخذت قرارها و هذا الأمر راجع لها" رد عليها ألمادو بغضب مكبوت قائلا :" حقا، و متى صارت تلك الضعيفة تتخذ قراراتها لوحدها؟ ألا تعلم أن كلمتي هي الأولى و الأخيرة في هذا المنزل!"

وقفت جايدا من مكانها ثم قابلت وجهه الذي تسلط عليه بعض الضوء من الخارج لتظهر ملامحه الإسبانية و شعره الأسود الذي تتخلله بعض من الشعيرات البيضاء،ثم  أجابته ببرود عكس الخوف الذي يتلبسها في هذه اللحظة لكنها قررت أن تتحلي بالقوة من أجل أرندا:"صحيح أن كلمتك هي التي تمر في هذا المنزل، لكنك نسيت أن أرندا ليست هنا، لذلك هي حرة في إتخاذ أي قرار مهما كان لقد كبرت و أصبح لها الحق أن تسير حياتها حسب رغبتها" ضحك الواقف أمامها بضحكة لا تمت بصلة للمرح ثم تقدم نحوها ليغلق المسافة التي بينهما، رفع أصابعه الخشنة و قبض بخفة على شعر جايدا من الأسفل و قال بهدوء عكس غضبه:" يبدو أن الأم و إبنتها قررا التمرد"

أصبحت قبضته على شعرها تصبح أقوى ثم أكمل :" لقد طال لسانك و يجب أن أقصه لك" لم تستطيع جايدا أن تتمالك نفسها ، و بدون وعي منها أزاحت يده بقوة عن شعرها وقالت بصوت مرتفع:" لقد سئمت منك... سئمت من العيش معك.... ومن معاملتك لي، هل تظن أنني لا أعلم بخيانتك لي؟ أعلم بكل تفاصيل يومك القذر، ماذا تفعل و أين تذهب و في آخر اليوم تأتي تعاتبني أنا التي ظللت طيلة اليوم في المنزل بدل أن تعاتب نفسك على تسكعك مع عشيقاتك المتعددات... لم أعد أحتمل وجودك امامي، و لا أطيق النظر إلى وجهك القذر، أصبحت كاللعنة في حياتي...أندم على اليوم الذي تعرفت عليك فيه و على الساعة التي أحببتك فيها و على زواجي منك، لو كنت أعلم أنني سأعيش هذه الحياة اللعينة لكنت قتلت نفسي على أن ألتقي بك... و أيضا إياك و التدخل في حياة أرندا مجددا فما عاشته معك كان كافي و زيادة لها ، لذلك فلتبتعد عنها و لتجعلها خارج نطاق عملك"

أَرَنْدَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن