الموجة الثالثة

Start from the beginning
                                    

ولكن قبل أن تتمادى في خيالاتها وتفكيرها بكيفية إمكانها القفز من السفينة للبحر فتكون وجبة عشاء دسمة لقرش جائع أفضل من مُغتصَبه !! سمعت صوت هذا المعتدي يقول هامسا بلغته الإنجليزية كالعادة " شششش أنه أنا .. آدم يا ماسة "

لحظة واحدة هي كل ما احتاجته لتفسر كلماته لعقلها الغائب متخبطا في حالة من الهلع والرعب يبحث عن طريق مفتوح للفرار .. ثم .. سَكنت .. لا تعرف لمَ .. لكنها هدأت رغم ضربات قلبها التي لم تتوقف عن الضرب في قفصها الصدري وكأنه سباق من ستنطلق أولا .. لكن جسدها سكن بأمر غريب أصدره عقلها ما أن وصلته كلمات ذلك المعتدي .. المعتدي الأمين !!..

و لم تفهمه .. لا يعني كونه آدم أنه لن يفعل لها ما هو سيء .. فهو رجل غريب حتى وإن أنقذها من قرش .. فليس منطقيا شعور الأمان الذي اكتنفها هذا .. أليس كذلك !!

 

لكن همسه وصلها مكملا ليتحالف مع أوامر عقلها ليهدئها أكثر " لقد حملتك لوضعك في السرير بدلا من وضعك الغير مريح في الأعلى .. ولكن .. لم أرى في الظلام وسقطت بكِ " ثم زفر أنفاسا ساخنة حانقة داعبت وجهها ليكمل بتوتر " أنا سأرفع يدي وأنهض أهدئي فقط .. لا تجزعي هكذا "

 

أومأت له بنفس العينين المتسعتين اللتين لا تريانه جيدا في الظلام ولكنهما تستطيعان تخيله ورسمه بعيني ذاكرتها ربما !

رفع يده ببطء وكأنه غير واثق من رد فعلها ثم انتفض عنها بسرعة كالملسوع وهو يتذكر هذا الوضع الذي هو فيه !!

لو دخل أحد عليهما بهذا الوضع المشبوه لضاعت هيبته كقبطان إن ظنوا أنه يحاول فعلا التحرش بها مستغلا نومها

 

ظل واقفا متخصرا متنفسا بسرعة يجز على أسنانه وهو يصرخ في داخله ناهرا نفسه " ماذا يحدث لك يا آدم .. اللعنة عليك "

بعد لحظات كان قد لملم شتات نفسه ببراعة مقتربا من الحائط لينير إنارة السقف فيعم النور في الغرفة المظلمة .. التفت إليها ليجدها وقد اعتدلت جالسة على السرير تنزل ساقيها إلى الأرض وتضم ذراعيها لصدرها كطفلة مطيعة ووجهها مخضبا بحمرة خجل لذيذ لم يره من قبل على وجه فتاة بينما نظراتها مطرقة بارتباك وحرج .. فقال بخشونة عابسا مخفيا ما يشعر به من اضطراب لم يعتده يوما تسبب به الموقف وهو يحك مؤخرة عنقه " لا تنامي في الأعلى هكذا .. فنحن أحيانا نقابل عواصف قد تمرضك أو تحرك السفينة بسرعة قد يسقطك أرضا وتتأذين .. أنت ستنامين هنا "

رفعت نظراتها له وهي ترد عليه بخفوت متسائلة ببراءة " وأنت أين ستنام ؟ "

قلب بلا مرسى ، بقلم آلاء منيرWhere stories live. Discover now