الموجة الثانية

ابدأ من البداية
                                    

رد عليها الجميع بتفاوت بنظرات متمعنة أحرجتها أكثر " مرحبا "

ظلت تبحث عن وجه ذلك الآدم بين هذا الجمع الذي يتراوح عدده بين عشرين لثلاثين شخصا ولكنها لم تجده .. وقبل أن تفتح فمها مرة أخرى وجدته يخرج من غرفة القيادة ويتجه للجالسين وهو يقول بأمر دون النظر لها بنفس وجهه الجامد " تقدمي " ..

لم تعرف هل يتحدث معها أم مع من .. فظلت واقفة في مكانها تنظر إليه وهو يجلس بينهم وقد جلسوا بشكل مستطيلي والطعام في المنتصف أمام كل شخص منهم ..

رفع نظراته لها وهو يقول بفظاظة " هل ستظلين كتمثال مكانك .. أم ترغبين لو آتي وأحملك بنفسي لتتقدمي " ..

امتقع وجهها بين حرج وغيظ منه لكنها ابتلعت فظاظته وتقدمت منهم لا تعلم أين تجلس وقد جلسوا متقاربين هكذا ..

وجدته يربت على الأرض الخشبية بجانبه قائلا دون النظر إليها مرة أخرى بشيء من الأمر ونفاذ الصبر "هنا " ..

أرادت أن تعاند وتجلس بجوار أي شخص آخر مخبرة إياه أن يذهب بنفاذ صبره للجحيم .. لكنها زمت شفتيها وكأنها تمنع نفسها من سبه و منعت نفسها أيضا من الجلوس بجوار أحد لا تعرفه .. على الأقل تعرف هذا الآدم الغير مبتسم دائما والغير لطيف على الإطلاق .. والذي لا ينظر لها وكم تتمنى لو تمسك بواحد من الأطباق تقذفها في وجهه العبوس هذا ..

 

لكنها ابتلعت كذلك أمنيتها التي قد تتسبب في إلقائها للماء مجددا وجلست بعد أن أفسح لها مكانا وهي تتمتم دون أن تستطيع منع نفسها " بغل "

 

نظر لها يزم شفتيه فابتسمت بسماجة مدعية اللا شئ فاستدار لطعامه مجددا وبدأ الجميع في الأكل وهي تنظر لهم بخجل وبؤس عابسة تحقد عليهم .. وقد مد كل منهم يده يضع لنفسه الطعام ويتسامرون فيما بينهم ببساطة ..

عضت على شفتيها وهي تنظر للطعام بحرمان وبطن تصرخ .. لقد كانت أسماك كلها بأنواع لا تعرفها حتى .. ويوجد السلطات أيضا وبعض الأشياء التي لم تتعرف عليها والعديد من المقبلات .. كان طعاما لإشباع رجال جائعين بحق ..

 

ظلت تتابعهم وهي تتساءل فجأة .. هل يطبخون أيضا في سفن الشحن .. بالطبع سيطبخون فبعض الرحلات تأخذ أوقات طويلة تصل لشهور عدة .. ومؤكد يجهزون السفينة ببعض المؤن و يوجد هنا ثلاجة أيضا لحفظ الطعام على ما تعتقد .. وإلا سيموتون جوعا .. لكن هل يأكلون دوما السمك .. ألا يأخذون بعض الدجاج مثلا ويقومون بطبخه للتجديد .. !!

قلب بلا مرسى ، بقلم آلاء منيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن