قلب بلا مرسى ، بقلم آلاء منير

( بداية الموج )

*********************

يسير بين العمال متابعا سير العمل على السفينة الضخمة التي تحمل بضائع تنقلها من افريقيا إلى أوربا ثم تتجه بعد ذلك عن طريق المضيق إلى المحيط .. قاصدة إحدى الدول المطلة عليه ثم العودة مجددا لأوربا في رحلة تستغرق وقتا طويلا كالعادة ..

لقد غادر افريقيا منذ عدة أيام بعد أن قضى بعض الوقت في بلاده الأم .. على الرغم من جنسيته الأوربية إلا إنه يعتز بأصوله الغير أوربية ..

وها هي السفينة قد قاربت على الوصول إلى أولى المرافئ ..

هو كقبطان عمله صعب جدا .. بل هو من أصعب الأعمال .. لكنه يحب عمله فيجد فيه متعته الوحيدة ..

على الأقل سابقا عندما اختار مجاله بإرادته ..

قبل كل شيء !

و على الرغم من غيابه الطويل في رحلاته البحرية وابتعاده عن عائلته وأصدقائه لمعظم الوقت .. إلا إنه لا يستطيع التوقف عن العمل كقبطان أبدا ..

ببساطة هو لا يجد نفسه إلا على السفن .. لطالما كانت متعته الوحيدة في اجتياز الصعوبات التي تقابله دائما في عرض المحيط بذكاء وشجاعة وسيطرة يليقون به ..

يقابل العواصف والمخاطر ولكنه مؤمن بقدره .. ومؤمن أن لكل عمل مخاطر في النهاية ..

يتذكر عندما توقعوا أهله ومعارفه أنه سيدرس الهندسة ويصبح مهندسا كأبيه ويعمل في شركة العائلة الكبيرة مديرا الأعمال معهم .. لكنه فاجئهم برغبته بأن يصبح قبطانا فجأة .. !!

اعترضوا في البداية ولكنهم رضخوا في النهاية .. فهذا اختياره وحياته ولم يكونوا ليقفوا في وجه أحلام ابنهم الغالي حتى لو كرهوا تلك الأحلام !

ألقى بعض التعليمات للشخص المسئول عن القيادة ومساعديه وبعض التعليمات للعمال المتخصصين بالاهتمام بالبضاعة ثم تحرك ليصعد على أعلى نقطة في السفينة كعادته التي يحبها ناظرا للبحر الهادئ الممتد أمامه إلى مالا نهاية .. ويغرق في أفكاره الخاصة بالعمل ومعه بعض الخرائط التي يطلع عليها بوجه جامد عملي ..