الخامس عشر

383 25 4
                                    

الجمعة, الثالث عشر من أيلول, كنيسة ميونغ دونغ, الخامسة عصراً:

السكوت عن الحق لم يكن من شيم الأخ داي هيون, لقد دست في دمائه عكارة الانتقام فأقصت عنه بهيج أيامه و أنسته طعم العبير, طال سكوته, ماطل في استرجاع ثمن جثمان أخيه المهيب, أصبح ضريحه رماداً غير مسقي, كتم داي هيون آهاته و بهتت جميعها فلام نفسه عشرات المرات لسجنها و تخلد فيه الندم لأشهر انتظر فيها لقيا المجرم بلا خطة تدرز له النجاح في انتقامه, لم يفلح انتظاره شيئاً سوى هدر العمر الذي لا يتكرر مرتين والذي لا يحرس سوى الذكريات عن الرحيل, خطة الرب في الحياة كانت تكرس لنا في العقل ذكرى تديمنا عامرين دون انكفاء أو تفتت من الكآبة..

دير الكنيسة هو أكثر مأوى عند الأخ داي هيون التزاماً, كان يجلس على ذات الكرسي الخشبيّ ليناظر الصورة نفسها ليحادثها كل يوم عن سجاياه المدمرة, و عن سرايا الخسائر التي يحظى بها ثواباً, أو كثرة اللكمات التي يجنيها كجزاء ضعفه أمام فاجعة موت خليل روحه, كان سارح الأفكار منغمساً بطيات أخاه اللادنيوية والتي كانت تجلب له نوعاً من الانشراح النادر, كان سنده الوحيد المخلص, كان قرينه في ضلاله و رشاده, حرمه جونغكوك من الشعور به مجدداً, حرمه من قرين عمره, و رماه بالجمر و النبال الحادة, اشترى من أنفاس جي هون عمراً لا يستحقه, لأجل والدته المعنّفة.

"سيدي أعتذر, هناك فتى يرغب رؤيتك يدعى جيمين" قال أحد الرجال الأخوة الحراس, أرشد الأخ داي هيون له قبوله عبر إيماءة صغيرة, رحل الرجل و أعقب رحيله دخول جيمين الذي ذرف من ندمه ما يكفي لغمر البلاد آثاماً, أرهقه التأنيب و عاسره الخذلان حتى ابتغى أن يرجم نفسه بكبار الخناجر و أن يعزي أنفاسه و يقدمها مجاناً لتايهيونغ بعدما رآه داخل الزنزانة من صور إباحية تعنيفية لصديقه الضحية, ناضل لأربعة أشهر في قوقعة دامسة من العذاب المكتوم..

عينا جيمين تتآكل حرقة لكثرة بكائه على تايهيونغ و على نفسه بعد إقحامها في وسط يحرم فيها ابتهاج أحد عن النمو فكان يقطع شتلة سرور تايهيونغ من تربتها الجرداء ليرميها في وحل مسموم..

"تفضل جيمين" رحب الأخ داي هيون به, أشار له بالجلوس على كرسٍ يشاركه نفس الطاولة العريضة في المنتصف.

"أنا لن أجلس, أريد رؤية تايهيونغ!" قال مع ارتفاع صوته بهرج, لم يأبه إن أصاب بكلامه أسهماً في قلب الآخر الذي ربما تحجر بعد أن تذوق مرارة الممات, لكن تعالي صوت ضحكة الأخ داي هيون و ملأها المكان كان آخر ما توقعه جيمين ليحدث, حين قهقه بهذا العلو انخفض يقين جيمين بأنه سيلاقي تايهيونغ.

"ليس هنا, لا تتعجب جيمين, إن قراراتي دائماً تنتهي بعتبة توقعني إلى أن أتفتت" و رغماً عن كمية الوجع المختزنة في الأحرف التي نطقها, إلا أن الألم لامس أعمق بقاعه حتى غدا له الابتسام معقول الحدوث بينما يسرد آلامه..

الشّيطَان TK ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن