العاشر

507 30 3
                                    

الأربعاء, الحادي عشر من أيلول, دير كنيسة ميونغ دونغ, الثامنة و الرّبع مساءً:

ما كان مسموعاً بين طيات الدجى هو صراخ تايهيونغ, نحيبه كان يطرق بقلب جيمين فيودع فيه ندماً لا يستحق أن يهدس به, لكن من منا يقدر طعنات الآخر و يعزو إليه عذراً في أن الحياة أرته وجهها الشنيع؟ في كل عسرة يرى الإنسان غرزة السيف في صدره, ولا يمانع غرزات الغير, فتايهيونغ وعى كم بذل من دمه, علم أنه أفلس من السرور, لكنه ما ارتأى كم أراقت الدنيا على جيمين من نذالتها, و أجبرته أن يكون وجهةً لها, وكم من حكم تأسّينا به, و اتضح لنا بأنه ظلم بحق المحكوم, تايهيونغ يصر على إدانة جيمين بجريمة خون الصداقة, و فيما بعد سيكون على دراية بأن الآخر لم يكن سوى خادم للمبتغى, نادل للرغبات, باستثناء رغبته.

الرجلان اللذان أمسكا تايهيونغ, صموا أسماعهم عن نواحه, هتاف قلبه كان الأضعف في ساحة المنافسة, فاشتداد الرمق بين الأخ داي هيون و جيمين أضحى جامحاً في المقتتل, عكس قلبه الذي لم يتمرس ليحارب أبداً, فبات درعاً للمحاربين, و ركيكاً لصاحبه.

يزمجر قلب جيمين بخوف يشوبه الغضب, لعلعت الرعود في وشائج نفسه فكيفما هرب من أقداره تعود لتلقاه, و لمَ عليه أن يقابل الرجل هذا قبل أن يحين موعد اللقاء؟ و متى ستفرقع روحه فرحاً بتحررها من مآسي الكون؟ مشى نحوه بعد أن تلاشى صوت تايهيونغ في الأجواء الخريفية, و أُدخل إلى مكان ما في أعلى الدير الفسيح, ثأر الأخ داي هيون لم يكن يتربع بين يدي جيمين, لكنه كان ينتظر منه إتمام وعده, و تسهيل مجرى الثأر إلى أن يضمحل من رغبته الكبيرة, دخل جيمين إلى الدير ليبصره كثباً, كان الباب خشبياً, أبحر جيمين في تفاصيل المكان و حناياه اللانهائية, كانت الشموع الحمراء تشيح عن المكان عتمته, جدرانه حجريّة قديمة الإعمار, الضوء مهمل في إنارة الدير, و القمر وحده منارته و الشموع, اقترب جيمين من صورة عملاقة تشغل نصف الحائط, لشبيه مطابق تماماً للأخ داي هيون في المحيا, غاصت به الظنون بأنها صورة للأخ داي هيون ذاته, لاحظ الأخ داي هيون شدة انجذابه للصورة فقدم يشاركه الإمعان ووقف بجانبه.

"هذا أخي جي هون, لا أظنه غريب عن مألفك فكنت شريكاً في حادثة ذبحه, ثم أنك هنا, في مقر أخوية مين الرئيسيّ" قال لينظر إليه جيمين بعتاب و تأسف, يظن الأخ داي هيون أن جيمين يتستر على جونغكوك في الجريمة السابقة, لكن جيمين كان طاهراً من الحادثة, كان عفيفاً من أي رجس قتل.

"أنا أعلم, كم من المرارة هاجمت قلبك لفقدانك هذا العزيز, ولكني لو جردت من كافة أسلحتي, ما قتلت من لم يمسسني بأذى, الحادثة ما مدت يدي بأي تلطخ, و كان جونغكوك من أقدم على شنق حياة أخاك لأن القتيل أذى والداته, أرجوك صدقني فأنا لن أدنس لساني بالأكاذيب" شرح جيمين برفق, يحاول تبرئة نفسه من البلية التي شملته في العد, يكفيه من الوصب ما تجرعه من السموم, ليس عليه أن يتجرع سم المذنبين, كثير لنستوعبه من الألم, كثير لنتقبله من العيش, الكثير و الأكبر من تخيلاتنا, فمن شاء العيش اختار المجازفة, و من شاء الموت اختار الهزيمة, هكذا قام الرهان.

الشّيطَان TK ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن