Part 8 لقاء العملة

ابدأ من البداية
                                    

" تصالح مع النفس و ليس الحياة...لأنها أهم قيمة..."

مجددا بدا كأنه يضرب الوتر الحساس و يعبث بالوتر الجريح لكمان فقد صوته حين فقد وتره...لهذا لم يرد ترك فراغ صمت بعد ما قاله حتى لا يتدخل التفكير العميق في محادثة كهذه يفضلها هو عفوية كعفوية إندفاع الأفكار مع اللسان...

و بالتالي استرسل بعد آخر كلمة قالها و هو يتقدم بكرسيه نحو الطاولة أكثر أين خصلاته العسلية تتمرد دوما فوق نظاراته :

" يمكنك حسدي على هذا و سأحسدك أنا على طموحك..إنه ثروة لا يمكنني سوى الاعتراف أنها مميزة..."

مهما حاولت ميلينوي كبح ابتسامتها بعد هذا ..إلا أنها فشلت و تسللت إبتسامة بعد حديثه...إبتسامة أظهرت غمازة سطحية في وجنتها حاولت إخفاءها من خلال الإحتساء من القهوة...لكن فات الأوان هو لاحظها بالفعل...

و بالتالي ابتسم كذلك بخفة و حمل كوب قهوته مرة أخرى مدركا أن سبب ابتسامتها كان لأنه مدحها...فهو لا يبدو كشخص يمدح الأشخاص..لكن ذلك خاطئ...ما هو صواب يظل صوابا و على المرء الإعتراف...

يتمنى فقط لو تدرك هي يوما أنه قلة من الأشخاص يملكون طموحا في حياتهم كطموح مندفع ذلك الذي تملكه و تحاول قمعه...بات الناس و خاصة الشباب في عصرنا يعيشون كأرواح ضائعة في عالم لا ينتمي لهم و لا ينتمون له لأن شعلة الطموح داخلهم منطفئة...

الطموح كان أشبه بنجم كوني...يلمع دوما في حياتك لكن له فترة إنفجار كذلك..و حياتك بعد الإنفجار هي انعكاس لما فعلته أنت بوجود ذلك النجم...هل رقصت على ضوءه و امتلكت موسيقاه ؟..أم أغمضت أعينك عن ضوءه الذي سبب تلاشي ظلامك ؟...كان هذا الطموح..ذروته الشباب...هذا السن كان وقوده الطموح...أن تستيقظ كل يوم ركضا خلف طموحك أو بحثا عنه...و زحفا إن تطلب المرء...عليك أن تحرص على الرقص على ضوء النجوم و ليس الهرب منها...حتى إذا ما انفجر نجمك أورثك نوره فلا تعيش منطفئ العزيمة ....

المشكلة في أيامنا هذه أن الناس يعاملون الطموح و الأحلام كما يعاملون الدين...لا يلجئون له سوى في الأزمات أين يتراكضون للكتب المقدسة و للكنائس و المعابد...و بالتالي حين تخذلهم خياراتهم في الحياة يقررون إيجاد حلمهم الذي سينقذهم...يعتقدون أن الطموح خالد...الحلم هو الخالد في أحلامنا و ليس زمن الطموح...يمكننا الحلم في أي وقت..في الطفولة و الشيخوخة...لكن الركض خلفه يكون بأقدام شابة...اركض خلفه دوما و احلم به للأخير...عامله بقدسية و عامله كأنه نجم لأنه ضوء حياتك...

ميلينوي كينغز ستدرك ذلك يوما..و أنها هي من تملك زمام الأمور على نفسها...يتساءل أي انفجارات ستحدثها حينها؟..

" من أي شخصيات تعتقد أنك صنعت نفسك سالفاري ؟.."

سؤال ميلينوي كان ما أخرجه من أفكاره و من تحديقه الصامت بها و الأمر كان سريع الفهم من ناحيته...فسؤالها كان مواكبا لنظرية معاصرة يتم طرحها حاليا و هو أن شخصية المرء تتأثر بالعالم حوله...قد تتأثر بشخصيات من رواية أو كتاب فتكسب بعضا من صفاتهم دون وعي أو بوعي تام ..قد تشاهد فيلما و يعجبك أبطاله فتميل لتقليدهم...قد تصادف  أحد المارة في الشارع و يعجبك اختياره للأغاني فتأخذ ذلك منه و يصبح أيضا أسلوبك...كانت نظرية جميلة في الحقيقة تدفع المرء لرفع وعيه حيال ما هو حوله من العالم...

نظارات و وشومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن