تَدَفُّقْ

By HagerPink

79.9K 7.8K 2.9K

يمر الجميع بتجارب جديدة، تكون أحياناً قاسية أكثر مما نتصور، نمر بالفقد ويزورنا الآلم، نشعر بالضغط وأحياناً أخ... More

Part 1..(تَبايُن)
Part 2..(ألــم)
Part 3.. (تَلاشـي)
Part 4..(حُطامُ مَاضـيٍ)
Part 5..(تَخبُط)
Part 6..(دَوَائر)
Part 7..(2 دَوائـر)
Part8..(هُدوء ما قبل العاصفه)
Part 9..(هُدوء ما قبل العاصفه 2)
Part 10..(إنتِشالٌ غَيرُ مُتَوَقَعْ)
Part 11..(المَوجَةٌ التى غَيَرَت السكون)
(Part 12) {3}هدوء ما قبل العاصفه
Part 13..(العـاصـفه)
part 14..(ْصَرخة نُكران )
Part 15..(غُصَةٌ صَامِتَه)
Part 16.. (مُشَوَشْ)
Part 17..( تَــائِــه )
معلومات هامة
Part 18.. (عَودةٌ غيرُ مَحمودَه)
Part 19.. (مُلَـغَمْ)
Part 20..(نَوعٌ أخر مِن الخُذلانْ )
Part 21.. (إنهيـار)
Part 22(عــودة)
part 24..(استغاثة)

Part 23...(أغــرَق)

905 105 103
By HagerPink

"حتى قَبرَتْ ألآمي آهاتي فأثرتُ الصمت فلا جدوى من التأوه ،فأنا أغـرقُ بالفعل....أختنقُ بصمت "

____________________
أدريان:

صوت منبه السادسة هو أكثر الأشياء وفاء منذ قدومي لهذا المنزل فهو لم يفوت إزعاجي ليوم واحد منذ أعوام ،حتى صوت نعيق الغراب أقل إزعاجاً ،لكن لا أخفي عنكم بأنني انا من قرر إنهاء هذه الإجازة بملئ إرادتي.

لقد مر أسبوعان منذ قيامي بتلك العملية السخيفة والتي على مايبدو قد صدمت إيڤان كثيراً حتى يأتي السيد چون بنفسه لزيارتي فور سفر السيدة ليزا والسيد ويليام لألمانيا وهو يوم قيامي بالعملية ذاته، كما أنه قد أعطاني شهر كامل كإجازة وكفترة نقاهة وهذا أمر لا يشبهه كان حديثه مغلف بصيغة أمرة لا نقاش فيها وهنا نأتي للجزء الذي يشبهه من القصة.

أما عن إيڤان فقد عرفت فيما بأنه بالكاد كان راضياً عن هذة المدة والتي هي قصيرة في نظره لكنه وكعادته يبالغ في كل شئ فأنا أشعر بتحسن كبير الأن ،بل أن عدم فعل أي شيء لأسبوعان كاد أن يخلف جثة قتلها الملل ،تكاد عضلاتي تسبُني لعدم التحرك من السرير لساعات طويلة أو ولنقل طوال اليوم .

الأمر بحد ذاته مريب لم أعتد على كل هذه الراحة أكاد أموت بجرعة زائدة، كما أنني لم أفوت تماريني الرياضية من قبل وهذا مزعج سيكون العودة لمستوى لياقتي السابق مزعجاً.

ذلك الإيڤان هو السبب، لا يسمح لي بمغادرة الغرفة مطلقاً ويوبخني عند ترك السرير، تشه يعاملني كالرضيع ذلك القصير الوغد المتعجرف، زفر يفرغ شحنه غضبه ثم ولج إلى حمامه للحصول على حمامه الصباحي المنعش والذي اشتاق إليه بسبب ذلك الإيڤان.

مهلاً لحظة لما لا أستطيع اخراج ذلك المدلل المزعج من رأسي حتى وأنا أستحم...هذا ليس عدلاً!!!.

لكن لنكن واقعيين هو قلق...قلق وبشدة.

تنهد ببطئ مر أسبوعان على رحيل السيدة ليزا المحزن والذي خلف فجوة كبيرة بحياه إيڤان من جديد بعدما كانت تشغل بتصرفاتها المجنونة معظم وقته، وبرحيل السيد ويليام وعودته لألمانيا انتهت إجازة السيد چون المؤقته وعاد للعمل بجنون من جديد
_فقط لما هذه العائلة مريبة ؟!_

وهكذا وبكل أسف انتهت فترة إهتمام الوالد بولده والتي كانت _مريبة _ لكنها كانت كالحلم القصير الجميل لإيڤان والان رحلت عمته وعاد وحيداً من جديد، حتى زياراته اللطيفه لجده قد انقطعت بوجود تلك الأفعى الشمطاء تتجول في القصر بكامل الحرية وتبث سمومها في وجهه بلا خجل كلما قابلته.

تنهد أدريان بضيق وهو يغلق صنبور الماء ويضع المنشفة فوق رأسه ،لما يحدث ذلك دائماً مع إيڤان، يستمر كل شئ بالزحف نحوه بسرعة ليعيده نحو الزاوية البعيدة...
نحو قوقعتة القديمة الباردة التي عاني أدريان الأمرين ليرخرجه منها حيث هو وسوداويته وفقط.

خرج يجفف شعره بخفه وأعد لنفسه كوباً من الأعشاب الغريبة التي أحضرها له إيڤان بغرض تقويه المناعة وتسريع الشفاء
_إيڤان له جانب غريب يدهشه أحيانًا كالجدات الحريصات_
اضاف بعض العسل الأبيض لمشروبه ثم توجه للمكان الوحيد القادر على شغل تفكيره
...مكتبه.

أخذ يقلب بكتبه حتى وقعت يده على كتاب الرياضيات ،هو دائماً يشغل نفسه بحل بعض المسائل عندما يكون مزاجه معكراً أو عندما يحتاج لتصفيه ذهنه.

شرع مباشرة بحل أحد المسائل العشوائية والتي كانت من النوع الذي يتطلب حلاً طويلاً بعض الشئ، بدأ ينتقل من خطوة لأخرى بسلاله إلى أن توقف وهيهااات لن يستطيع التركيز بوجود إيڤان في رأسه أبداً.

دفع بجسده للخلف ليتحرك كرسيه ذي العجلات لبعض أمتار للخلف ورفع برأسه يحدق بالسقف، هو قلق واللعنة على إيڤان.

أسبوعان لم يحضر له وجبة طعام واحدة
أسبوعان لم يقله إلى المدرسة
لم ينظف غرفته
لم يوبخه لينهي طعامه
لم يوبخه على السهر
لم يوبخه لجلوسه على حواسيبه كالمجنون
وكذلك لم يقم بإيقاظه صباحًا ليذهب لمدرسته .
مهلاً لما هناك الكثير من التوبيخ المتراكم ؟!
_أبدو الان كمربيه مزعجة _

تنهد بضجر ترى هل يأكل جيداً، هل يأكل من الأساس
هل سينزل لتناول الطعام معهم بالأسفل بعد شجاره مع أليكس بذلك اليوم، أعرفه جيداً لن يسمح لنفسه بطلب الطعام لغرفته من أي خادمه، إذاً أيعتمد على الوجبات السريعة أم يجبره والده على تناول الطعام مع الجميع مكرهاً خصوصاً بوجود الشمطاء والقزم أليكس على المائدة.

رفع كوبه ليقذف بما تبقى به إلى بلعومه محاولاً ألا تلامس تلك التعويذة العشبية ذات المرارة الشنيعة لسانه ونهض عن كرسيه فجأه فقد حسم أمره لن يضره شئ إذا تجول في الجناح هنا وهناك لبعض الوقت بما أنه وأخيراً قد تم تسريحه من المشفى مؤخراً فقط سيتفقد حال إيڤان سريعًا ويعود
هو ليس مهتماً بتاتًا بالطبع أنتم تعلمون، هو فقط سيشبع فضوله ويعود .

طرق الباب طرقاته الثلاث بذات النغمة المعهودة لكن ما من مجيب فأدار المقبض وهم بالدخول وليته لم يفعل .

قابله سكون مريب او ولنقل مريع في حالة قلقة هذه
الغرفة في اعصار نفايات والسرير رأساً على عقب والستائر مغلقة والغرفة تغرق في الظلام تقريباً .

بأخر الغرفة وكما توقع وجد أحدهم متقوقزاً بين شاشات حاسوبه الثلاث وهي مصدر الإضاءه الوحيد بين ظلام الغرفة تقدم منه قليلاً ليلاحظ مكب النفايات الذي يحيط به .
والمعادلة بسيطة:
فوضى إيڤان اليومية × أسبوعين = مكب نفايات

تنهد قليلاً مركزاً نظره على ذلك المحدق بشاشته بتركيز مخيف مع تقضيبه كبيرة بين حاجبيه وأصوات ضغط الأزرار تتلاحق كرصاص الرشاش الآلي في سرعة رهيبة بينما تتصاعد أسطر الرموز والعلامات الغريبة على الشاشة بسرعة الضوء هو فقط لا يهتم لأمور البرمجة تلك.

لمجرد تركيزه بالشاشة للحظة تؤلمه عيناه فكيف بالجالس لساعات وفي هذا الظلام الحالك تنهد مجدداً باحباط ثم ذهب باتجاه النافذة الكبيرة وأزاح عنها الستائر بقوة لتصدر صوتاً عالياً مع دخول ضوء النهار فجأة لينير كامل الحجرة وهو ما أفزع ذلك الجالس تماماً لدرجة سقوطه من على كرسيه بهلع .

فحالة تركيز كحالته كان الخروج منها ليحتاج انفجاراً نووياً وهذا تماماً ما خيله له عقله بتلك اللحظة وطبعاً ...
احم لم يكن يلاحظ دخول أدريان للغرفة من الأساس .

أحتاج الأمر منه لحظات ليضبط تنفسه بعد هذا الانفجار بعقله وتحولت ملامحه من الدهشة إلى التفاجؤ في لحظة ....
أي أن عقله عاد للواقع بعد فاصل غير إعلاني بالمرة ليبادر بهدوء مرتاح وشبه ابتسامة :
" أدريان ...أنت بخير ؟
متى استيقظت ؟
كيف تشعر ؟
لا تقف هكذا أجلس !
سأجلب بعض الماء "

ولكن ما كان هذا بحق السماء ؟!
أين اندفاع إيڤان الأخرق وتصرفاته الطفولية المزعجة ؟!
رغم هدوء نبرته الذي لا يدل على ما هو جيد بالمرة ويدعو للقلق لكن يبقى تلقي الإهتمام من إيڤان يجعله يشعر بالغيظ الشديد لسبب ما.

لحظة هل يتخيل ام أن عظام وجه إيفان بدت أكثر بروزاً هل خسر بعض الوزن ذلك المهمل المنعزل، تنهد بضيق يدلك جبينه فحال الأصغر لا يبشر بخير وهدوءه هذا يعرفه أدريان جيدًا و يصيبه بالمرض هذا ما كان ينقصه يخرج من الصورة لأسبوعين ليعود ويجد إيڤان في حالة من الإكتئاب.

أفسح له إيڤان مكانه سريعاً عن كرسيه طالباً من أدريان ان يجلس ويستريح ولا يرهق نفسه بالوقوف فاومئ أدريان بهدوء يتابع تصرفات القابع أمامه في صمت يفحصه كما يفحص جهاز المسح بيانات المنتجات بالسوبر ماركت وعلى محياه انزعاج طفيف، لا يريد أن يصدر عنه أي تصرف يعرف منه المعني بأنه قلق على حالته النفسية حتى لا يشكل أي ضغط عليه.

تنهد بخفه واقفاً وأرتدى أكثر ابتساماته تفاؤلاً واضعاً كفه الكبير فوق رأس الأصغر يفرك شعره بخفه وقد عانقت مقلتيه عينا إيڤان بدفئ كبير :
"إشتقتُ إليك كثيراً أيها القصير"

أمسك إيڤان رأسه وقد برزت عروق صدغه منزعجاً من ما حدث بشعره المسكين وطبعاً من لقب القصير فزمجر كجرو غاضب:
"لم أشتق إليك ولو للحظة أيها المزعج صاحب سيقان الزرافه
" ولكن من يخدع، لا ينكر أن القلق والملل قد تكاثرا عليه في غياب الأكبر، لم يلاحظ أنه بينما يفكر في ذلك كانت ابتسامة سعيدة في طريقها لشق وجهه جعلت من أدريان ينفجر ضحكاً حتى آلمه جرحه فانحنى ليجلس مجدداً:
"أنت كاذب كبير يا عزيزي لن أجادلك"

أبعد إيڤان وجهه بعبوس محرج من ملامحه التي تفضح أمره كل مرة لكنه ابتسم مجدداً براحه فإيڤان قد عاد وهو يضحك أيضاً ما كان ليطلب أكثر من ذلك:
"مرحباً بعودتك أدريان"

كنت أتمنى لو كانت نهاية الحوار هنا ولااااكن

وضع أدريان كفه على كتف إيڤان وابتسامة بريئة تعلو وجهه ثم شد عليه بقوة يكاد يقتلع كتفه وقد أحاطت هالة القتل المكان وطارت الفراشات والزهور من النافذة :
"إنني أتسائل
كيف لشخص واحد ...شخص وااااحد فقط مع معدة أصغر من معدة النملة المريضة أن يجعل غرفته العملاقة اللعينة بهذة الفوضى
فقط كيف واللعنة
إنها فقط أسبوعااان"

اراد إيڤان أن يختفي من الوجود فنظرات أدريان تكاد تلتهمه :
"اللعنة عاد أدريان المخيف سريعاً...لا تقتلني رجاء أكاد أنتهي من العمل على برنامج إختراق جديد "

صمت أدريان للحظات زادت من خوف إيڤان قبل أن تدوي زمجرة أدريان في المنزل كاملاً :
"أهذا كل ما يهمك "

________________________

في المساء وبعد ساعات من مشاركة إيڤان في تنظيف مكب نفاياته أقصد غرفته قصد أدريان مكتب السيد چون طرق الباب منتظراً إذناً بالدخول قبل ان يدلف للداخل .

أنزل چون أوراقه وقد استدعى دخول أدريان انتباهه فقد تفاجئ قليلاً :
"أدريان
كيف حالك الأن ....هل من خطب ما ؟"
ابتسم ادريان بامتنان لقلق الأكبر نافياً برأسه:
"كل شئ بخير سيدي شكراً لسؤالك
أردت إعلامك بأنني سأعود للعمل من الغد لابد أن كثيراً من الأعمال المتراكمة تنتظرني بالشركة"

_"هل أنت متأكد من قرارك ؟!
قال الطبيب أن جرحك يحتاج شهراً على الأقل حتى يلتئم تماماً، وقد خرجت من المشفى قبل ايام فقط، هل أنت بخير مع هذا؟"

_"ممتن لمراعاتك سيدي، ولكنني بخير حقاً الضماد محكم ويمكنني من التحرك بحرية، الجرح لا يعيقني أثناء العمل"

تنهد چون باستسلام فالفتى عنيد كولده، ابتسم بمجرد تذكره لإيڤان لكنه محاها سريعاً ولكن رادار أدريان قد التقطها بنجاح :
"لك ذلك أدريان
يمكنك العودة منذ الغد، لا أريدك أن تقلق بأمر الشركة فهناك من يعتني بمهامك في غيابك، يكفيك الاعتناء بايڤان، اعتني بنفسك جيداً وإن احتجت للراحة يمكنك إخباري "

هذا مريب، مريب للغاية، مريب بطريقة مريبة
لما السيد چون مراعٍ لهذة الدرجة
هل أصبت رأسي أم أنه لطيف أكثر من اللازم، أشعر بالقشعريرة، هل كان يستطيع الابتسام هكذا منذ البداية ؟!

_"أشكرك سيدي، الان أستأذنك"
التفت للمغادرة لكن استوقفه سؤال الذي ظل يصارع نفسه حتى أفرج عن سؤاله:
"كيف هو إيڤان اليوم أدريان؟
أنت قضيت وقتاً معه أليس كذلك"

عاد أدريان ملتفتاً لصاحب السؤال وقد التمس نبرة التردد في صوته لما يخجل أفراد هذة الأسرة من إبداء إهتمامهم؟!
_"هو بخير سيدي، كان يهمل طعامه في الفترة الماضية لكنني حرصت على جعله يتناول طعاماً منزلياً اليوم، هذة إجابه سؤالك لكن كلانا يعرف بأنه سيكون أسعد إن سألته عن حاله بنفسك، عمت مساء سيد چون "

ألقى بكلماته المعاتبة منصرفاً وقد ألهب دواخل الأكبر وأرق ضميره الأبوي، لا يحتمل أدريان فكرة تلقي الاهتمام كبديل عن شخصٍ أخر ولو كان بكلمات كالتي سمعها منذ لحظات "كـإعتني بنفسك" أو "أنت بخير؟ "أو "لا أريدك أن تقلق"
كلمات كهذة لا يفترض أن تكون من نصيبه هو
بل يفترض أن تكون من نصيب إيڤان، أليس ولده ؟!
أليس ولده أحق بكلمات كهذه من خادمه ؟!
لا يحتمل أن يأخذ ما ليس من حقه .

انتبه من شروده وهو في طريقه لغرفته على قدوم السيدة زوجة السيد ويليام وإبنها ماكس وقد عادا لتوهما من الخارج مرا من أمامه بنظراتهم الكريهه ثم التفتت المشعوذة فجأة أقصد السيدة فجأة وقد رفعت حاجبها باستصغار للأصغر :
"أيها الخادم أحضر الحقائب لغرفتي ...إنها بالخارج "
أشارت بيديها باستعلاء وانصرفت دون سماع إجابه من المعني بكل غرور هي تعلن عداوتها للأصغر بكل اللغات هي تكره الفتى لأسباب غير موجودة هي فقط لا تطيق كل من يلتصق بإيڤان فهو في نظرها لا يسحتق الشفقة والاهتمام هو فقط نكره يجب ألا يأخذ أكبر من حجمه.

بقي أدريان يحدق في اتجاهها بصدمة حتى اختفت من أمامه ، هذة المرأة تفقده أعصابه حقاً، لا يستغرب كره إيڤان لها وبشدة، هذا البيت حقاً تم استعماره من قبل مشعوذة شمطاء وغرابها المزعج القصير سيعيثون في البيت خراباً .

___________________

صباحاً في الشركة اقتحم أرثر مكتب چون بدرامية كعادته متذمراً بعد أن أحضرت له مساعدة چون كومة كبيرة من الملفات بطلب من چون ليعمل عليها :
"تباً لملفاتك چون أهكذا يقول الناس صباح الخير؟!
ما كل هذا في الصباح الباكر "

كعادته لم يرفع عينيه عن أوراقه في وجود الأحمق المتذمر لأنه إهدار للوقت والجهد في نظره :
"ألم تكن تطلب مني إعطاء أدريان إجازة، إذاً قم بانجاز أعماله المتراكمة في صمت "

_"أدريان عزيزي المسكين كيف يحتمل برودك وأعمالك وملفاتك طوال الوقت ألا يكفيه ابنك المبجل ودراسته، أدريان أتمنى أن ترقد في سلام"

_"إن كنت قد انتهيت من تقديم العزاء فانصرف فأنا لا أملك وقتاً لانتحابك الغير مبرر"

تأمل أرثر وجه چون العاكف على ملفاته بتركيز يجاهد في بقاءه، هل يتخيل أم أن چون يبدو مرهقاً وكأنه لم ينم منذ فترة .

نزع رداء بلاهته مرتدياً رداء الجدية فجأة بينما يجلس إلى الأريكة ومازال يصوب نظراته المتفحصة نحو رفيقه :
"أكل شئ بخير معك چون؟"

لم يجبه چون للحظات حتى أطلق تنهيده طويلة متعبة وهو يمدد ظهره للخلف في كرسيه وقد فشل بالابقاء على تركيزه تماماً، على من يكذب ؟!
هو مشتت وقلق ومتعب حد الإرهاق :
"لا أعتقد أن أي شئ بخير أرثر، كل الأمور تستمر في الإنحدار إلى الأسوء، أعتقد بأنني أفقد السيطرة على كل شئ دفعة واحدة "

_"أنت تقصد المنظمة اللعينة ومن ناحية أخري علاقتك بإيڤان صحيح "

ألقى أرثر كلماته في تهكمٍ واضح ليبتسم چون وسط خيبتة، أرثر هو الوحيد القادر على ترجمة طلاسمة وصياغتها بهذة الدقة، هو يستطيع لملمة شتاته والغوض في غمار فوضاه والإنسلال منها بكل سلاسة :
"أنت تعرف كيف تجعل كل شئ يبدو بسيطاً حقاً"

_"وأنت تعرف رأيي بشأن المنظمة بالفعل لذا لن أخوض في هذا، أما بالنسبة لإيڤان فأعتقد أن كلاكما تحتاجان لإجازة سوية، قضاء بعض الوقت الجيد ربما الذهاب برحلة، تعرف ....
تلك الأمور التي يقوم بها الأباء مع أبنائهم "

فكر چون للحظة ثم أخرج ظرفاً من أحد الأدراج:
"أرسلت لي مدرسته منذ أسبوع بأن المدرسة ستنظم رحلة تخييم في الجبال لخمس أيام، كنت أنتظره أن يطلب مني إذناً بالذهاب لكنه لم يفعل، لم يعد يرغب بالمشاركة بأي أنشطة مطلقاً وإنعزاله يسوء كثيراً أنا حائرٌ من أمره بالفعل "

لوقيت كلمات چون بالصمت من قبل أرثر الذي كان يفكر على ما يبدو:
"تملك العائلة كوخاً للعطلات في الجبال صحيح ؟"
همهم چون بنعم بهدوء وهو يحاول معرفة علاقة ذلك بايڤان وانعزاله.

_"إذاً ما رأيك بجعل الأمر مزدوج، رحلة عائلية مدرسية، ألا يبدو هذا ممتعاً؟
تحصل أنت على إجازه من العمل لخمس أيام تستريح من ضغط العمل وتحظى برحلة لطيفة في الجبال مع عائلتك أليس هذا لطيفاً، كذلك سيكون إيڤان مع أصدقائه وزملائه ومعلميه في المدرسة وسيمارس أنشطة الرحلة مع الجميع، أليس هذا مثالياً، أدريان أيضاً سيقضي وقتاً جيداً "

انتهى من اقتراحه مع ابتسامة متحمسة تبتلع وجهه وهو ما جعل شبح ابتسامة متعبة يزور شفتي چون:
"قدرتك على جعل مشاكلي تبدو تافهه ترعبني"

_"رائع لا أصدق أنك وافقت بهذة السرعة"

قهقه چون بخفة قبل أن يشرد قليلاً :
"بالمناسبة أرثر ما أخبار عملية البحث هل هناك أي أخبار عن الطفلين"

باغته چون بسؤاله ذاك بالفعل، يبدو أن صديقه يشغله الكثير ويثقل كاهله:
"ليس بعد، لكنني متأكد بأننا سنجدهما لا تقلق"

همهم عابساً بخفة قبل أن يدلك ما بين حاجبيه بارهاق يأملُ ذلك حقاً
أغلق الملف أمامه واقفاً عن كرسيه :
"إن الموعد المحدد للرحلة المدرسة في صباح الغد وبما أنها أصبحت رحلة عائلية الأن فصديق العائلة مدعو أيضاً لذا استعد لأننا سننطلق فجراً، أخبر مساعدتي أن تلغي مواعيدي لليوم أنا حقاً مرهق كثيراً سأعود للمنزل، أما أنت فلن تغادر قبل انجاز ما طلبته منك"

كان يحتفل بضخب سعيداً بالاخبار التي تكاد تكون إعجازية إلى أن قسمت الجملة الأخيرة ظهره فعاد ينتحب متذمراً، ابتسم چون على صخب الأخر لديه حقاً طاقة لا تنفذ .

التفت چون قبل أن يهم بفتح باب مكتبه مغادراً :
"أرثر ....شكراً لك
على كل شئ "
لم ينتظر رد الأخر فقط أغلق الباب خلفه وانصرف ليعم المكتب هدوء مريب أما ذلك الأرثر وصخبه فقط انطفأ فهو الان يقف كالفزاعة يحدق بالباب يحلل ما سمع ورأي بعينيه قبل لحظات، هو حالياً قلق
قلقٌ من تقلبات چون فهي فقط مريبة
تصيبه بقشعريره على طول عموده الفقري، أهي نهاية العالم يا ترى ؟!.

لكن چون أب في النهاية، يحتاج لارتداء أقنعة جادة معظم الوقت بحكم شخصيته وعمله لكن أسفل تلك الأقنعة لابد من إظهار بعض الاهتمام من وقت لأخر، إظهار بعض الامتنان لأولائك الأشخاص المهمين بالنسبة إلينا من وقت لأخر هو أمر مهم كثيراً، هو أدرك ذلك بالفعل، لكن ربما يكون قد تأخر قليلاً، بعد خوض بعض الخسارات المؤذية .

__________________
صباح اليوم التالي

أدريان

تتسلل أشعة الشمس بين أهدابه المسدلة لتزعج النائم في هدوء وراحة لتهلل منتصرة عندما استسلم المعني وفتح عيناه بانزعاج فقد سحب للتو من نعيمه قصراً.

بقي يحدق في السقف لثوانٍ قبل أن يهم جالساً بفزع يحاول التعرف على مكانه وقد باغته آلم خاصرته بقوة لتحركه المفاجئ لتقفز أحداث هذا الصباح في رأسه ليهسهس تحت أنفاسه بخفة من الآلم، كاد يصاب بنوبة قلبيه من الفزع فهو ليس معتاداً على المفاجأت حقاً.

دحرج عيناه عن سريره يتفحص الغرفة من حولة بهدوء، جدران خشبية مع مدفأة حطب صغيرة وسرير إضافي وطاولة صغيرة بين السريرين مع خزانة متوسطة تتربع فوقها مكتبة أنيقة، مكان هادئ بسيط ومريح للحواس، مكان مثالي لقضاء عطلة ما.

قام عن سريره متوجهاً لتلك الكومة من الحقائب الملقاه باهمال باحد الزوايا، تنهد بانزعاج ذلك الإيڤان حقاً شئ ما.

بدأ باخراج محتويات الحقائب في الخزانة وهو يتذكر أحداث هذا الصباح والتي أقل ما يقال عنها جنونية.

كان قد استيقظ على صوت جلبة بعض الخدم بالأسفل وهو بالتأكيد أمر غير اعتيادي بالمرة، وإذا بهم ينقلون بعض الحقائب للسيارة تحت إشراف العجوز ڤيكتور كبير الخدم، والجد والسيد چون يجلسان يحتسيان بعض الشاي معاً في انتظار جهاز السيارات، ولكن ما الذي يحدث هنا ؟!

الشاي ؟
الان؟!
الشمس لم تشرق بعد .... هل بالصدفة العائلة تهرب من جريمة ما قبل مداهمة الشرطة مثلا ؟!

رأسي يكاد ينفجر بالفعل، ليس من صالحهم ترك مخيلتي تخمن ما يجري.

أثناء شروده ومحاولة تحليل الموقف لاحظ چون وقوفه من الأسفل ليبتسم مشيراً إليه بالنزول إليهم، ماذا ؟!
أنا؟!
الان؟
بملابس النوم !!!

أسرع نحو غرفته كالمجنون لارتداء شئ مناسب ولغسل وجهه الناعس وكان يقف أمام چون بعد لحظات، أنحنى للجد باحترام كبير ملقياً تحية الصباح وقد ردها الأكبر ببشاشة ثم التفت الأصغر لسيده يترقب افراجه عن سبب نداءه له بلهفة.

ابتسم چون مبعداً الجريدة من بين يديه مبتسماً، يبدو أن أحدهم مزاجه جيد هذا الصباح :
"صباح الخير أدريان كيف تشعر اليوم، من الجيد أنك استيقظت، كنت سأرسل ڤيكتور لإيقاظك، أمامك ساعة لتوقظ إيڤان و تكونا جاهزين ستذهب العائلة في رحلة، إنها مفاجأة"

مهلاً لحظة، لحظة واحدة
رحلة ؟! ....أي رحلة
كانت مدرسة إيڤان تخطط لرحلة اليوم لكن الأحمق لم يكن ليذهب، لم يخبر والده بذلك حتى، أقال العائلة، إذاً ما شأني أنا بهذا
مهلاً ساعة ؟!
أقال سااااعة، أتخبرني أن أقوم بتحضير الحقائب وأوقظ تلك الجثة النائمة بسلام في الأعلى خلال ساااعة
وأيضاً مفاجأة ؟!
أتخبرني الأن بأنه لا يعلم وبأنني أنا من سيزُف إليه الخبر !!!

رأسه يدور منذ الان بالفعل، أدريان يا لك من تعيس حظ، إلهي ألهمني الصبر على هذة العائلة.

قهقه الجد وشاركه چون بقوة على منظر الأصغر الذي ثغر فاهه وقد ألجمته الصدمة، أخرجته قهقهتم من شروده فانحنى والتفت لينصرف محاولاً التماسك قبل أن يصرخ أمامهم، وقف الجد ووضع كفه على كتف الأصغر مشجعاً وانحنى ليهمس باذن الأصغر مبتسماً :
"أخبر ذلك الأحمق النائم بأن المشعوذة ليست بذاهبة معنا، وأخبره أيضاً بأنه إن لم يستيقظ بسرعة فسأصعد بنفسي لإيقاظه"

قهقه الجد نهاية حديثه وقد غمز لأدريان مما جعله يبتسم بامتنان وينحني مستأذناً قبل أن ينصرف من أمامهم سريعاً، حرك چون بصره ناحية أبيه ساخراً :
" يبدو أن أحدهم أسعد من الأطفال بهذة الرحلة، تكاد تقفز من فرط حماسك"
قهقه الجد بقوة على تعليق ولده، هو لم ينكر حتى .

أما بالنسبة لإيڤان فهو لا يذكر تفاصيل ما حدث منذ قليل فقد كان نصف نائم لكن ها هو يقف يترنح بوقفته كالأحمق بعيون نصف مغلقة أمام بوابة المنزل ينتظر انتهاء المهزلة التي تحدث أمام ناظريه سريعاً، فقد وقف الجميع أمام السيارات يحاولون توزيع أماكن الجلوس على السيارتين منذ نصف ساعة ويكاد يقسم ايفان بأنه سيتركهم ويعود لنومه بالأعلى، فقط ما لعنتهم منذ الصباح الباكر .

ظهر فجأة أرثر بسيارته الرياضية في المشهد لينقذ الموقف، مهلاً لحظة ما هذة الكومة من الحقائب فوق السيارة هل ينوي ألا يعود من هناك أبداً ؟
أهذة ألواح تزلج بالأعلى؟ حسناً هذا يشبهه فعلاً

تنهد جون ماسحاً وجهه بقلة حيلة :
"تأخرت، وأيضاً ما بال جبل الحقائب فوق سيارتك تعرف انها فقط خمسة أيام
كما أن كل ما سنحتاج إليه سنجده هناك، يشمل ذلك أدوات التزلج"

لم تخفف كلمات جون من حماس أرثر بقدر ذرة لذلك عاد جون لمسح وجهه بانزعاج :
فقط أخبرني أين ستركب لننهي هذا الأمر وننطلق فقد تأخرنا بالفعل "
_"أتريدني أن أركب معك أنت وعمي لتحولا الطريق إلى اجتماع لأعمال الشركة، هو هو هو لن يحدث يا عزيزي فأنا سأقود بالأطفال و بسيارتي الحبيبة، هيا جميعاً يا أطفال"

تحرك أليكس وايفان على مضض ليركبوا سيارة أرثر الحمراء الحديثة والتي تحكي عن جنون صاحبها قليلاً بينما وقف أدريان كالصخرة في المنتصف بحيرة هل كان يقصده عندما قال "أطفال" قبل قليل :
"هيا أدريان ماذا تنتظر عندك؟"
يب، كان يقصده تماماً
وهكذا وجد أدريان نفسه يجلس في المقعد الخلفي لسيارة رياضية حمراء صاخبة تسير بسرعة الصوت يتشبث بالمقعد كما تتشبث القطط بمخالبها بأي شئ عند الفزع، فقط ما خطب هذا الصباح بحق السماء، أما ايفان فكان عابس كقط عجوزٍ مستاء لأنه خطط للنوم طوال الطريق والأن ذلك الأرثر يشغل موسيقى الراب بصوت عالٍ، أليكس كان يحدق بالفراغ يتسائل : لماااااذا نحن هنااا
سؤاااال صعبُ

أمزح أمزح XD

وهكذا وبعد أن استيقظ الجميع بشكل كامل بفعل الهواء القوي الذي يضرب وجوههم بدأو بالاستمتاع بالاجواء الصاخبة وكشف أرثر عن حقيبة المسليات العملاقة التي كان يبقيها لمنتصف الطريق كي لا يمل الصغار والان وبعد أن حولو سيارته لمكب نفايات بفعل الأكياس الفارغة، ها نحن نشهد منافسة حمقاء بين ايفان وأليكس في غناء الراب والفائز سيحصل على أخر علبة بطاطس برينجلز، وأدريان في المنتصف يتسائل : لمااااذا نحن هنا XD أمزح +(سب الكاتبة ممنوع)

أما أدريان في المنتصف يتابع نزالهم الصاخب وقد تسلل الشك في نفسه هل تخونه ذاكرته ؟
ألم يكونا عدوين لدودين بالأمس فقط؟
أوقفهما أرثر:
"يا أولاد لا عليكما سأشتري مثلجات للجميع عندما نصل"
مهلا ماذا ؟!
مثلجات في الجبال الجليدية ؟ أيمزح ذلك الأرثر؟!

صاح أليكس وايفان بحماس "أنت الأفضل عم أرثر"
قهقه أرثر بانتصار وهو يتخيل جون والجد يجلسان في سيارتهم بينما يقومون بمباراه شطرنج ما أو ربما يناقشون أخر صفقات الشركة من يدري ما قد يفعله عجوزان لتمضيه الوقت.
السيارة تقطع الطريق كما يقطع المقص الشريط الأحمر و ضحكات أرثر الصاخبة في الخلفية تكاد تتسبب لهم بحادث، أدريان حقاً يصلي بالخلف لينجو.

_______________

كانت خطة ارثر لهذة الرحلة يقتضي بأن يمضي إيفان اليوم برفقه زملاءه في مخيم المدرسة تحت اشراف معلميه وأن يستمتع بنشاطات الرحلة والتخييم مع الجميع ثم يعود لكوخ العائلة وقت النوم أي بالعاشرة مساء

ولأن أحدهم والذي نعلم من هو جميعاً بالصدفة لم يكن يرغب بهذه الرحلة الغبية في المقام الأول فهو يعيش الجحيم منذ الصباح الباكر بالفعل، بداية كان عليه أن يستيقاظ فجراً على المفاجأة الغير سارة وأن يجبر على الجلوس في مقعد السيارة لساعتين حتى تشنجت مؤخرته، حسناً كان يحتفل ويأكل المسليات طوال الطريق كالمجنون واستمتع كثيراً لكنه منزعجُ الان وكبرياؤه لا يسمح له بالاعتراف بذلك.

أما الان فعليه العمل مع زميلين من زملاءه في الفصل كفريق وكان عليهم توزيع المهام و نصب الخيمة وجمع الاخشاب واشعال النار والمشاركة في الطبخ والتنظيف وسخافات اخرى لا يود ذكرها، تقتله فكرة عدم وجود مدفأة فالجو متجمد وكذلك الماء بارد كاللعنه، لما لا يخيمون في الصيف كبقية البشر، ما اللعنة مع هذة المدرسة .

أما عند أدريان فقد كان ينعم بغيبوبة أقصد قيلولة للمرة الثانية ربما لهذا اليوم، فالأجواء هادئة للغاية الجميع نائم معظم اليوم منذ الصباح، أو يكتفون بقراءة كتاب ما، أرثر يخوض حرباً كل عشر دقائق ليمنع جون من فتح حاسوبه والعمل عن بعد، تنهد بكسل يتأمل المدفأة التي تعمل طوال اليوم لان الثلج يتساقط في الخارج والكوخ صغير ودافئ، يتخدر جسده من مجرد التفكير بانه في عطله حقيقية وليس عليه فعل أي شئ، هذا حقاً يزيد من جاذبية السرير.

تقلب مستلقياً على ظهره محدقاً في السقف يفكر كيف يبلي ايفان الان، حسناً تخيل ذلك مضحك قليلا، أعني متي قام بنصب خيمة من قبل، أو كيف سيواجه حقيقة أنه ما من وقت للقيلولة في جدول التخييم فقط أعمال وتحضيرات وتدريب أيضاً، سيعود ذلك الكسول القصير باكياً حتماً.

همهمة ناعسة هي ما خرجت منه عندما استشعرت مستشعرات رأسه وجود حركة في الجوار ليستيقظ متفقدا الوضع حوله بكسل، أوه لقد عاد إيفان مهلاً هل كان نائماً للتو؟
مجدداً؟......حقاً ما الذي يجري معه؟
تفاجأ إيفان من استيقاظ أدريان فور دخوله للغرفة، نومه الخفيف ليس بمزحة حقاً.

راقب أدريان تحركات الداخل للحظات بنعاس، يبدو إيفان مستاء حقاً وكأنه سينفجر بأي لحظة، هل يخاطر ويسأله كيف كان يومه:
"إذاً كيف كان الأمر؟"
ألقى إيفان نفسه على السرير كمن يقفز قفزاً حراً من طائرة ما محتضناً الوسادة بوجهه في صمت للحظات ويبدو أن الأمر أسوء مما كان يتوقع :
"كان مريعاً .......لم أحزر مطلقاً"
إضافته الأخيرة فجرت قهقهات أدريان بقوة حتى آلمه جرحه ليعلو صوت نحيب الأصغر:
"اللعنة على هذا لا تضحك على معاناتي أدريان، تباً لك"

دفن وجهه في وسادته ليخفي عبوسه إلى أن تذكر ورقته الرابحة فأخرج تلك الورقة التي نسيها في جيبه وألقاها في وجه أدريان بعبوس غاضب وعاد لدفن وجهه بالوسادة.

تفقد أدريان ما بيده بفضول إلى أن اتسعت عيناه بصدمة:
"أنت تمزح صحيح؟"
أخرج إيفان رأسه من أسفل الوسادة وابتسامة الجوكر المختلة على وجهه :
"لم تحزر أنت هذة المرة، مرحباً بك في جحيمي فأنا لن أخوض بهذا وحدي لأربع أيام أخرى يا عزيزي، أراك فجراً"
قهقه بشر وعاد للنوم بابتسامة ملائكية كالأطفال ليس وكأنه ورط أحدهم ورطة كبيرة منذ لحظات

انتشله أدريان من نعيمة بعنف من كتفه منتحباً:
"ليس قبل أن تشرح لعنتك معي"
_"فقط حصلت لك على إذن من الأستاذ المشرف لتشاركنا التخييم، ما الخطأ في هذا؟"
"نعم أستطيع فهم ذلك أستطيع القراءه، أنا أسألك لما فعلت ذلك؟"
اعتدل إيفان جالساً بغضب :
"لأنني إن كنت مجبراً على مشاركة أحدهم في فريق فأفضل أن يكون أنت، كما أنه يزعجني وجود القزم أليكس حولي وأنت لا هذا غير منصف، وأيضاً...
لما أنت متحمس لقضاء طيلة اليوم تفعل اللا شئ في كوخ مليئ بالعجائز على أي حال؟"

صمت ايفان قليلاً قبل أن يضيف:
"لا بأس إن لم يعجبك الأمر لن أجبرك، أتفهم أن جرح العملية لم يلتئم بعد وأنك بحاجة للراحة"

تنهد أدريان بخفة هو ليس معترضاً تماماً هو فقط متفاجأ، يريد لإيفان أن ينخرط في التعامل مع زملاءه قليلاً بحرية وأن يكتسب بعض الصداقات ربما، فقط لما هو عنيد ويتشبث به كطفل.

رفع بصره للأصغر ليجده كان يحدق به يدرس تعابير وجهه بتركيز وعبوس، يبدو وكأنه يريد ذلك بشدة، ربما هو فقط يفكر أكثر من اللازم، ما الضرر الذي سيحدث إن رافقه بأي حال أليست مرافقته هي مهمته بهذة العائلة؟

ليس وكأنه لديه مخططات أخرى من الأساس، يبدو أن عيون الجراء لها مفعول كالسحر.
ابتسم للقصير مومئاً ليقفز القصير عن السرير بسعادة ثم يعود ليتكور على سريره مستعداً لليلة هانئة.

راقب أدريان احتفاله السخيف بابتسامة مرتاحة هو سيفعل أي شئ لإيفان ليجعله سعيداً، أي شيئ حقاً.

"لحظة لحظة أيها القصير، لا نوم بدون عشاء"
_"لقد تناولت عشائي في المخيم بالفعل"
"تكذب فجدول المخيم العشاء به مفتوح منذ السادسة وحتى العاشرة، وأنا متأكد بأنك لن تحضر شيئ لنفسك، قم أمامي الان"
_"تباً لما تعرف شيئاً كجدول المخيم بأي حال، ها أنت تعود لتفعيل وضع الأم مجدداً، اعتقني من نظام تشغيلك هذا أريد النووووووم"
"هل تواقحت معي وصرخت في وجهي للتو أيها الطفل، سأريك ماذا سأفعل بك"
وطبعاً تم حذف المشهد التالي حفظاً لماء وجه ايفان ^^

_________________

في ساحة المخيم الساعة الثالثة عصراً
يلهث ايفان محاولاُ التقاط أنفاسه بعناء، يفترض بهذة أن تكون رحلة ترفيهية للجبال
إذاً لما واللعنة على الجميع القيام بتمارين رياضية كل يوم وسط الثلوج ؟
هل هذا وبالصدفة مخيم عسكري ؟!

سقط على مؤخرته بعد أن شعر بركبتيه كالهلام من شدة التعب بينما رئتيه تصرخان بآلم فالجو بارد جداً، سمع ضجيجاً فتوجه بنظراته نحوه ليجد كومة من الطلاب تجمعوا حول أدريان الذي يستعرض مهاراته الان غير آبه بايفان الذي يحتضر.

أعني هو يتشقلب في الهواء للخلف فيهبط واقفاً على يد واحدة وقدميه لأعلى لا أعلم إن لم يكن هذا استعراضاً فماذا يكون ؟!
مهلاً كيف يفعل ذلك دون أن ينفتح جرحه ؟!
نفخ أحد المشرفين في صفارته معلناً انتهاء جحيمه أعني فترة اللياقة البدنية والان حسب الجدول تبدأ تحضيرات العشاء .

يتم توزيع الأعمال على الأشخاص حسب تطوعاتهم أما من لم يتطوع لأي شيئ يحصلون على الأعمال المتبقية والتي تكون غالباً مملة وفي حالة ايفان ومع حظٍ كحظه فعليه جمع الأخشاب في الساعة القادمة ثم التوجه إلى النهر أسفل الوادي مع زميل له لإحضار الماء، مع العلم أن النهر يبعد حوالي كيلومترين نزولاً نحو سفح الجبل ، كيلومترين من الأشجار المتشابكة والنباتات المغطاه بالثلوج في كل مكان والخطوات المتعثرة والأرض الزلقة وعلى فيلم المغامرة والاستكشاف هذا أن ينتهي قبل الخامسة.

شعر أنه بحاجة للجلوس قليلاً بعد سماع ذلك وقد بدأت مخيلته الخصبة بالعمل بدون إذن، سحب نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء فقط اللللعنة على هذة الرحلة وعلى المخيم وعلى نفسه .

نفث نيران غضبه كالتنانين وقد التقط بصره هيئة أدريان يقف مع فريق إعداد الطعام يشمر عن ساعديه القويين وأمامه جبل من البصل والخضراوات تنظره ليقطعها، ابتسم ايفان متشفياً في أدريان فقط من يريد أن يقطع جبلاً من البصل حتى تتورم يداه وعيناه معاً.

لكن زاويتا شفتاه بدأت في الانخفاض بصدمة وغيظ عندما بدأ أدريان يقطع كل شيئ بسرعة البرق في مهارة كبيرة، كان للحظة قد نسي أن أدريان هو المسؤول عن الطبخ له لسنوات
تباً لذلك الطويل الوسيم صاحب العضلات الذي يبرع في كل شيئ ألا يوجد شيئ لا يجيده؟!
لحظة لما يقوم بمدحه وهو ساخطُ عليه؟!!

_____________________

وبدأت مهمة إيڤان أو لنقل ورطة إيڤان فهو فعلياً قد تورط ليس وكأن كان بامكانه الاعتراض مثلاً.

كان يسير ببطئ والملل يقتله وسط هذة الغابة الهادئة البيضاء المملة، واللون الابيض يغطي كل شئ ولا وجود لسناجب او أي كائنات لطيفة، هذا حقاً ممل، والأدهي من ذلك رفيقه الملل براون الصامت، كما انه يتوجب عليه جر هذة الحاوية البلاستيكية الخرقاء خلفه هل يجب عليه ذلك طوال الطريق؟!
حسناً نعم لانه ذاهب لتعبئتها بالماء يال الذكاء هل سيضع الماء في حجره ويعود به مثلاً؟!

نظر لبراون الذي يقطع طريقه بصمت تام يجر حاويته خلفه منتظراً أن يقول ذلك البراون أي شئ لكن ...لا شئ فقط تأمل صامت للطريق

اااااه يال الملل.

مرت ساعتين منذ انطلق ايڤان وزميله لاحضار الماء من النهر عند سفح الجبل لكنهما لم يعودا بعد، وفي هذة الأثناء عند مخيم المدرسة تلقى مشرفوا الرحلة أي المعلمين انذاراً من دوريات حراس الغابة بقدوم عاصفة ثلجية ستضرب الغابة بعد قليل وبدأت الخطط بالتغير بسرعة.

الجميع متأهب ويقف في صفوف ومجموعات منظمة للتأكد من سلامة الجميع يستعدون لمغادرة المخيم، حجزت إدارة المدرسة لطلاب المخيم في أقرب فندق من موقع تخييمهم كتدبير حماية مؤقت إلى حين انتهاء العاصفة وبدأو في تكوين فرقة بحث للبحث عن المفقودين من الطلاب والذين لم يكونوا سوى إيڤان وزميلة .

____________________

توقفت قدماه التي لم يعد يشعر بهما، الوضع سيئ بالفعل، أنفاسه التي تشكل سحباً بيضاء كثيفة أمام وجهه بفعل الجو المتجمد، انحنى يمسك بصدره في آلم، الجو متجمد ويشعر بالهواء يمزق رئتيه دخولاً وخروجاً، أنفه محمر كثيراً ووجنتاه، ربنا حصل على حروق صقيع على وجهه بالفعل فجلده يحرقه كاللعنة رغم تجمد الجو، هذا سئ.

تلفت حوله في ضياع وكل ما يراه هو الأبيض وحسب، المشي صعب للغاية مع كل هذا الثلج الكثيف على الارض، يقوم بحركات بهلوانية حمقاء تستنذف طاقته المحدودة بالفعل ليتمكن من اخراج قدميه من الثلج مع كل خطوة، هذا حقاً مؤلم، عضلاته تؤلمه كثيراً.

هجم عليه تيار هواء أقوى من سابقه بكثير ليعتم ما بقي من رؤيته ويحيلها بياض تام، أصوات الرياح القوية المتسللة من بين الاشجار حوله مرعبة وغاضبة للغاية وكأنها تصرخ به وتوبخه لقدومه إلى هنا، لا يعلم كم هو الوقت الان، لا يمكنه حتى التنبؤ بذلك فالعاصفة تحجب ضوء الشمس.

المكان حوله شبه مظلم بفعل العاصفة والهلع بدأ يتسرب إلى نفسه حقاً، لا يعلم كيف انتهى به الأمر لهذا الوضع المخيف، تائهاً ووحيداً في غابة على قمة جبل ثلجي وسط عاصفة، ترى هل زميله براون بخير؟
يتمنى ذلك، لم يدري متى افترقا بسبب العاصفة لكنه الان وحيد تماماً ولا يسمع حوله سوى زمجرة الغابة الهادرة كما زمجرة التنانين .

ضاقت أنفاسه هلعاً وآلماً وقد لعبت بعض التساؤلات المخيفة برأسه، ربما لن يتمكنوا من العثور عليه في الوقت المناسب، ربما قد تكون هذة الغابة قبره، ولن يعثر عليه أحد تحت طبقات ثلوجها العميقة حتى حلول الربيع.

هو فقط قرفص جالساً مستنداً على جذع شجرة ما وأطلق العنان لدموعة، صفحة وجهه محتقنة من بكاءه ومن البرد، صدره يؤلمه كاللعنة وأطرافه مخدرة كثيراً هو لا يقدر على مواصلة السير، صعوبة التنفس وحدها كفيلة بجعله بلا طاقة ويشعر بالدوار
تمتم بخوف وسط دموعه:
"أدريان....معلمي أين أنتم
أبـي......أبـي أنقذني"

بكى لفترة حتى ضاق صدره من شدة الآلم فشهقاته كانت كالطعنات تذبح رئتيه، سكت شارداً يفكر بموقفه وقد تسلل بعض الهدوء لنفسه بعد بكاءه.

هاتفه معه لكن لا توجد أي اشاره مطلقاً وسط هذة العاصفة، حاول أخذ نفس عميق والتفكير بأفضل ما يمكنه فعله في الوضع الراهن، بداية وقبل كل شئ لا يجب أن يسمح لجسده بالخمول في هذا البرد وإلا سيموت، عليه مواصلة التحرك.

________________

عند أدريان كان قلبه ينبض بين أضلاعه بهلع كبير بالكاد يسيطر عليه كما استطاع المعلمون بالكاد منعه من التهور والانطلاق بين غابات الجبال هائماً على وجهه كالأحمق وسط العاصفة بنية البحث عن إيڤان، كان ليهلك وحده بين الثلوج لولا سيطرتهم على الوضع.

شعر بقلبه يعتصر بين أضلاعه، صدره يضيق يكاد يختنق بأنفاسه، كيف حدث هذا؟
كيف سمح لشئ فظيع كهذا أن يحدث لإيڤان وهو معه؟
كيف كان مهملاً لهذا الحد ؟
لما لم يستطع منع حدوث ذلك؟ لما لم يكن معه؟
لما إيڤان خارجاً الان وسط العاصفة يعاني من البرد و وشوك الشمس على المغيب خائفاً بينما هو هنا في الفندق يعامل كالطلاب الأثرياء المدللون وينعم بالدفئ والأمان؟
الهي احفظه من أي مكروه، الهي لا تجعل مكروهاً يصيبه أرجوك.

هو يلوم نفسه ويحملها ذنب ما يواجهه إيڤان الان، هو يتمنى لو كان مكانه فقط، هو قد يحتمل لكن إيڤان لن يفعل، هو عنيد لكنه طفل ضعيف وحسب.

كان المشرفون قد تأكدوا من أعداد الطلاب ومن سلامه الجميع في الفندق، تم طلب المساعدة من حراس المنطقة وابلاغهم بأمر الطالبين المفقودين وستنطلق وحدات منهم على شكل فرق بحث بتطوع عدد من المشرفين على الرحلة وكذلك وبعد عناء وجدال وافقو على انضمام أدريان.

يرتدون معاطف كبيرة منفوخة صنعت من مواد خاصة لحفظ حرارة الجسد لها ألوانٌ صارخة لتكون مميزة بين الثلوج البيضاء ويسهل رؤية مرتديها، وقفازات محكمة تمنع تسرب البلل وأحذية تمنع الانزلاق، إيڤان أنا قادم كن بخير أرجوك، تمتم يدعوا ألا يكون قد تأخر أو أصاب إيڤان أي مكروه.

____________________

كان إيڤان يسير بلا هدى منذ وقت طويل ولهاثه هو كل ما يسمع بين هذة الاشجار الكثيفة ذات السيقان النحيلة خلاف صوت الرياح العاتية بالتأكيد.

كل ما يخالط لهاثه المتعب هو آناته المتألمة المتفرقة كل حين، يشعر بعضلات فخذيه تؤلمه بشدة لانه يضطر لرفع قدميه عالياً كل خطوة حتى يتمكن من الخروج من الثلج الذي تنغرس فيه قدماه عميقاً ويصل حتى ركبتيه، هو فقط مرهق حد اللعنة، يسير بلا هدى منذ ساعات وفكرة أن الظلام سيحل قريباً ترسل رعشة على طول عموده الفقري بالفعل.

لمح على بعد مسافة ليست ببعيده منه خط مستقيم من الأعشاب الطويلة و نهاية الاشجار التي تحيطه ثم أرض بيضاء فارغة وواسعة أمامة، تقدم نحوها بخطواته المتعثرة والبطيئة حتى تبين له بأنها بحيرة متجمدة تماماً.

حدق بها للحظات وشعر بأن السير عليها سيكون أفضل من أن تنغرس قدمه في الثلج حتى ركبتيه، وطأ بقدمه سطحها الصلب الذي تغطيه ثلوج خفيفة لكن أرضيته صلبة وبدا له من الآمن السير عليها، شعر حتماً بأن تيارات الهواء صارت أقوى لانه ما عادت تحيطه الاشجار تحجب عنه الرياح لكنه أكمل رحلته ناظراً نحو السماء مفكراً بأن سيره على البحيرة المتجمدة يزيد ربما من فرص العثور عليه لأن السماء فوقه مكشوفه ولا تغطيه أي أشجار في حال استعانوا في بحثهم بالمروحيات.

لكن ليس وكأن المروحيات تستطيع التحليق في جو كهذا .

حقاً قدماه تستسلمان، قدماه ترتعشان كما ترتعد أوصاله برداً، صارت الرؤيا أفضل قليلاً الان لكن الرياح ما تزال تسفعه حتى بات يشعر بأضلاع قفصه الصدري تتعانق داخل صدره إنكماشاً من البرد، والخمول يتغمده كما تغشى تلك الغمامه عيناه بعض الشيء، انتبهت حواسه على صوت خرير ماء خفيف على بعد مسافة منه.

تقدم نحو الصوت ليرى بأن البحيرة تنتهي بعد مسافة قصيرة ويتغير شكلها ليصير نهراً رفيعاً بطريقة ما وشبه متجمد فبعض المياة تتحرك في منتصفه بفعل التيار، وقف للحظات شارداً بالمنظر يفكر إلى أين يسلك الان، إلى أن لاحظ شيئاً داكناً قرب النهر بدا أغرب من أن يكون صخرة بهذا اللون الداكن.

هل يتخيل أم الكتلة الداكنة تتحرك قليلاً؟
مهلا لحظة ما هذا الذي يتطاير ويتحرك مع الرياح، أهذا ...أهذا فراء ؟!
مستحيل ...هل يعقل بأن هذا دب هناك ؟

لم تخيب الطبيعة ظنه وتترك سؤاله معلقاً بلا اجابة لتتحرك تلك الكرة الداكنة من الفراء فجأة واقفة على قدميها، هذا دب بني بلا شك.
ما الذي يفعله دب بني خارج كهفه في هذا الوقت من السنة، أليست الدببة في بيات شتوي الأن، أهذا وقت الوجبات الخفيف؟!

كان مولياً ظهره لإيڤان منغمساً بما يفعله ثم بدأ في إصدار أصوات متفاوتة بدت بنظر المتجمد في مكانه فزعاً مرعبة للغاية، أما الدب فكان يلتهم السمكة التي وقف ينتظر اصطيادها لوقت طويل بكل وحشية وبلا رحمة مصدراً أصواتاً أكثر رعباً.

هو هلع كاللعنة، صدره يصعد ويهبط ككيس بلاستيكي مصدراً صفيراً لشدة هلعه، لم يستطع منع شقهته التي شقت الصمت عندما لمح الدب يلتفت للخلف ببطئ، للخلف أي نحوه تماماً تنظر عينيه البلورية اللامعة شديدة السواد في عيني إيڤان التي اتسعت بهلع كبير حتى آلمتها لفحات الهواء البارد، الدب يتفحصه بنظراته بفضول، لكن كل ما يراه إيڤان هو أنه يفكر في الطريقة الأنسب لالتهامه ربما.

عاد الدب للوقوف على قدميه منتصباً بعد أن كان منحنياً لأكل سمكته وهنا كاد قلب إيڤان أن يتوقف، ومع أول زمجرة صغيرة أطلقها الدب دون حتى أن يبرح مكانه كان إيڤان قد أطلق ساقيه للرياح غير آبه لقدميه المرتعشتان والنابضتان بآلم ولا برئتيه اللتان تكادان تحترقان من فرط ركضه، ولا بالهواء المتجمد الذي يضرب وجهه بقوة بفعل سرعته في الركض.

هو سيموت على سريره وليس بين أنياب دب تفوح رائحة ضحاياه من السمك من بين أنيابه المتعفنه، ربما لا يقتصر أمر ضحاياه على السمك، من يدري ما يمكن أن تفعله كل تلك المخالب والأنياب بجسده.

ظل يركض بكل قوته حتى ظن أنه سمع لوهلة ما هو أكثر رعباً من صوت الدب فتوقفت أقدامه بصدمة وكأنه قد تجمد تماماً.

لكنه كان محقاً للأسف، لقد سمع صوت تصدع الجليد من أسفله وشعر وكأن الزمن قد توقف، تماماً كشعوره  وكأن عضلة قلبه توقفت فجأة عندما وبلمح البصر تشقق الجليد حول البقعة التي يقف عليها وانهار من تحته في لحظة، لتنتابه صعقة كهربائية قوية شعر بها مؤلمة حد الموت خاصة في قلبه وعقله عندما غمرته تلك البرودة المتجمدة فجأة في جزء من الثانية لتغشى بصره وتنعدم رؤيته وتتشنج عضلاته من الآلم بشدة .

كان كمن يكبت صرخة قوية بصعوبة، حاول فتح عيناه ليتمكن من رؤية الحفرة التي سقط فيها لكنه كلما فعل لا يراها، لا يجدها فالتيار يستمر بسحبه بعيداً عنها، انه محبوس أسفل الماء وبينه وبين الهواء طبقة سميكة من الجليد، طبقة أسمك من أن يستطيع كسرها ليخرج، لكنها أضعف من أن تحتمل ثقله فوقها.

أنفاسه تختفي وسط فزعه وهلعه كلما فتح عينيه يقابله الظلام المتجمد، تخدرت أطرافه بفعل البرودة و بدأ يختنق بالفعل كما تخنقه عبراته وصوت فقاعات انفاسه عندما تضرب أذنيه التي يسدها الماء هو كل ما يسمعه مما يزيد ذلك الفزع في صدره.

صدره الذي ضاق وبات  يؤلمه حد الموت في هذة اللحظة.

الموت ؟!
أهذا ما ينتظره الان...الموت

يا لها من نهاية إيڤان ....يا لها من نهاية

ظلام هو كل ما يقابله، وآلم ينخر رأسه وصدره، وبرد ينشر عظامه.

"أبي أدريان... أرجوكما
الهي ساعدني"

#يتبع ________________  
6000 Words

النجمة بالأسفل وهي تحب أن تضغطوا عليها⭐
لترسلوا للكاتبة بعض الفراشات 🦋
نجمتي تراقبني وأنا أكتب وتعلم كم أنتظر منكم إرسال النجوم 🌠
دمتم بخير 💙

Continue Reading

You'll Also Like

448K 17.1K 32
هو بارد يكون قائد اقوه قطعان المستذئبين عرف عنه الجبروت و القوه ليس متساهل قلبه كا الثلج بروده ينافس قطبي الجنوبي و الشمالي طباع حاده كل المخلوقات تض...
3.6K 181 9
"اليالي تجمعنا يا نجد لو فارس الليل غايب"
4.2M 142K 20
طفله متعرف شنو الحياه ضامتلها. وتوكع بناس حاقدين وبعدين تصفا الكلوب ويبلش الحب تعالو نتعرف عليهم ونشوف قصتهم. كامله
29.6K 1K 48
بدأت 2023/5/29 انتهت:غير معلوم حبايبي انتبهوا عالتاريخ مشان ما وحده تسرق الرواية وتكول انو هي كتبتها