في محراب العشق

By malkrohi89

510K 10.9K 358

احمل قلبي في حقيبة وأرحل . . أقف في مفترق طرق . . البحر من امامي . . وهاوية حب لا قرار لها من ورائي . . خيارا... More

المقدمة
الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون والاخير

الفصل العاشر

14.4K 371 6
By malkrohi89

قال أسلان :- هلا توقفت قليلا عن القلق ... لقد وعدتك بأن أعيدك إلى بيتك في الوقت المناسب ..
كانت الساعة قد أتمت الخامسة مساءا عندما أوقف أسلان سيارته الضخمة .. الرباعية الدفع أمام مطعم يقع خارج المدينة .. لم يكن فخما أو مترف الديكور من الخارج .. بل كان يبدو وكأنه بيت بسيط عادي محاط بسور خشبي ريفي .. لولا اللافتة التي حملت اسم المطعم لما صدقت أسيل زعم أسلان قطع كل هذه المسافة فقط لإطعامها في مكان يفضله عن غيره .. ولا يرتاده الكثيرون ممن يحبون تناقل أخبار الأثرياء مثله هنا وهناك ..
نظر إليها وقد انعكست أضواء النهار الساطعة على شعرها الجميل .. وقد ارتسم على وجهها قلق أزعجه .. واثار عطفه في الوقت نفسه .. قال برقة :- ألم تقض نهارا جميلا برفقتي كما وعدتك ؟
قالت بصدق :- بلى
في الواقع ... مازالت عاجزة عن تصديق السعادة التي مازالت تخدر حواسها وعقلها بعد ساعات قضتها برفقة أسلان على يخته .. وحيدة معه .. كان أفضل رفيق قد تحظى به فتاة بحيويتها .. كان مرحا .. مشاغبا .. خبيثا بمداعباته المبطنة .. دون أن يحاول تجاوز أي خطوط جسدية معها .. كان يكتفي بالاستماع إلى حكاياتها التي لا تنتهي عن حياتها في الوطن .. يطلق التعليقات الماكرة ... يتجاوب مع رنين ضحكها الموسيقي .. يرمقها رغما عنه بين الحين والآخر بنظرات كانت تختصر كل المسافات بينهما .. وتوحد روحيهما للحظات من الصمت سرعان ما كان يقطعها أحدهما بدعابة ما .. أو موضوع جديد للحديث ..
ما الذي تفعله هنا معه ؟؟؟ فكرت تعسة بالسؤال مدركة بأنها حتى الآن لم تجد عذرا مناسبا لقضائها ساعات برفقته .. واستمتاعها بها .. وماذا بعد ؟ ... ما الذي ينتظرها من رجل مثله ؟ متزوج .. لعوب .. زير نساء رغم الاحترام الغريب الذي عاملها به والذي ناقض بشدة ما سمعته عنه .. والذي تشك بأنه سيستمر طويلا .. خاصة إن تمكن من التلاعب بمشاعرها .. وإغراقها بحبه كما تخشى أن تفعل ..
أبدا لم تشعر أسيل في حياتها بأنها مهددة عاطفيا كما في هذه اللحظة .. بأنها على وشك أن تخسر عقلها وقلبها وروحها لأجل رجل .. أبدا لم تصادف رجلا يذهلها بابتسامته .. بضحكته .. بصوته حين يتحدث .. يؤلمها فقط بمجرد تفكيرها بفراقه .. يا الله .. إنها تشتاق إليه بالفعل قبل حتى ان تفارقه ..
قال بلطف :- هيا بنا .. سيعجبك الطعام .. يمتلك المكان صديق لي .. يقدم أشهى مشاوي في المدينة ..
ترجلت من السيارة وهي ما تزال ترمق المكان بريبة .. ابتسم وهو يلمس ظهرها بخفة موجها إياها نحومدخل المطعم حيث تعالت الألحان الجميلة للموسيقى التركية التقليدية .. عندما دخلت برفقته إلى الصالة الكبيرة اتسعت عيناها .. وأنطلقت منها شهقة ذهول لا إرادية اتسعت لها ابتسامة أسلان وهو يراقب مستمتعا ردة فعلها على رؤية الديكورات الشرقية المتقنة والحميمة للمكان .. السقف المنخفض .. كان مصنوعا بالكامل من الخشب المنحوت بدقة برسومات شرقية مثلت بجدارة الفن الإسلامي في العهد لعثماني ..
الأثاث من موائد ومقاعد ضخمة كان مصنوعا من الأرابيسك القديم المحلى بالصدف .. بينما تناثرت السجادات الشرقية المبهرة الألوان فوق الأرضية اللامعة لتكمل مع الرائحة النفاذة لعطر الصندل .. صورة خيالية ظنت لوهلة أنها غير حقيقية أبدا .. قالت باضطراب :- ماهذا المكان بالضبط ؟
ضحك أسلان .. في الوقت الذي اندفع فيه رجل ضخم الجثة .. يبدو في مثل عمره لتحيتهما .. احتضنه بجلافة رجولية قبل أن يربت على كتفه بما يشبه الصفعة .. وهو يبادله المداعبات المرحة حول غيابه الطويل .. وانقطاع أخباره .. قال باسما :- أسيل .. أقدم لك صديقي ( حمدي ) .. صداقتنا تعود إلى ايام الجامعة
صافحها حمدي محييا إياها بتهذيب دون أن ينجح في إخفاء الفضول في عينيه وهو يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها .. مما أحرجها ودفع بعشرات الأفكار المؤذية إلى عقلها المتشكك .. عرض عليهما حمدي قائمة الطعام فور جلوسهما في الزاوية إلى جوار نافذة ضخمة مطلة على الحديقة الكثيفة الأزهار.. بعيدا بما يكفي عن باقي الزبائن القلائل .. ثم تركهما ليحضر لهما شرابا منعشا قبل أن يختارا عشائهما ..
قال أسلان باسما :- هل أعجبك المكان ؟
قالت بتوتر :- كثيرا .. هذا المكان يجب ألا يكون خافيا عن الأنظار في مكان نائي كهذا .. وإلا لن يحصل على ما يستحقه من نجاح ..
قال مسترخيا على مقعده بارتياح :- يلقى المكان نجاحا كافيا بالنسبة لحمدي .. زبائنه مختارون .. وممن يستطيعون تحمل الأسعار المرتفعة لأطباقه المميزة .. هو إنسان مخلص وصادق ولا يغره المال أو المجد .. يهمه فقط أن يقوم بعمل متقن وأن يلقى التقدير ممن يهمه أمرهم ..
نظرت إليه بفضول بينما كان يتحدث باحترام ومودة عن صديقه .. وتساءلت عما جمع بين شخصيتين متباينتين كأسلان وحمدي .. الذي بدا واضحا انتمائه إلى بيئة عادية لا تضاهي ثراء بيئة أسلان وعائلته ..
اقترب حمدي مجددا بكوبين من العصير البارد .. وأحد موظفيه يتبعه ليقوم بترتيب المائدة وتجهيزها لشخصين .. لم تتوقف نظرات حمدي المختلسة نحوها حتى وهو يتلقى من أسلان اختياراته للأطباق ويسجلها في دفتره الصغير .. بعد أن ابتعد .. لاحظ أسلان انزعاجها فسألها :- ما الأمر ؟؟؟ ما الذي أزعجك ؟؟
كادت تكذب مختلقة سبب ما .. كضيق حذائها أو إصابتها بالصداع .. إلا أنها وجدت نفسها تقول بجفاف :- ينظر إلي صديقك بطريقة غريبة .. يبدو أنني لا أشبه رفيقاتك المعتادات .. هل أنا أقل أناقة منهن .. أم أقصر قامة ؟؟؟ أم أنه يقارنني فقط بزوجتك .. كما يفعل مع كل امرأة تأتي بها إلى هنا
لم يظهر عليه الغضب لسخريتها ووقاحتها .. بل تفحصها بهدوء قائلا :- لا مبرر لغيرتك أسيل .. سبب نظرات حمدي الغريبة إليك هي أنك أول امرأة آتي بها إلى هذا المكان ..
زمت فمها وقد ظهر عدم التصديق جليا على وجهها .. فقال ساخرا :- هل أنت سطحية بما يكفي لتصدقي كل ما تقوله الصحافة عني ؟
قالت ببرود :- لا دخان من دون نار ... فلا تحاول إقناعي بأنك قديس .. لقد سمعتك تتحدث يوم أحضرتني من المطار إلى إحدى صديقاتك ..
قال بجفاف :- أنا لا أدعي القدسية .. نعم أرافق النساء بين الحين والآخر .. لكن ليس بالطريقة التي يصورها الإعلام .. أوكما يحكي عني الناس من حولي .. ما انا إلا مجرد رجل ..
قالت كارهة :- رجل متزوج ..
لوى فمه بسخرية قاسية وهو يقول:- هل تدافعين عن زوجتي الآن يا أسيل ؟؟؟ منذ متى تعملين كمحامية عن الزوجات المخدوعات ؟
قالت بتوتر :- عندما تكن مغرمات بأزواجهن كما تفعل دنيا .. لا أصدق بأنك تجرحها بهذا الشكل .. لا أصدق حتى أنني قد قبلت بمرافقتك لنهار كامل وأنا أعرف إلى أي حد تحبك زوجتك ..
برقت عيناه بغضب أخيرا وهو يميل إلى الأمام قائلا بصوت منخفض إنما بارد :- تبدين واثقة تماما من مشاعر زوجتي .. هل لي أن أعرف بمصدر معلوماتك ؟
أطبقت فمها بقوة وهي تنظر إلى وجهه الوسيم القاسي .. مدركة بأن الوجه الآخر للرجل الرائع ذي الرفقة الممتعة الذي قضت برفقته ساعات كانت من أجمل ساعات حياتها .. قد تجسد لتوه أمامها .. لم تستطع أن تجيبه .. فإن فعلت لكذبت .. وإن كذبت لكشفت نفسها بسبب قلة براعتها بالكذب .. إلا أنه لم يكن بحاجة لسماع الإجابة منها ليعرفها .. قال بصوت بدا أشبه بالزئير :- هل تحدثت إليك دنيا ؟
قالت بتوتر :- لقد .. لقد تناولنا الغداء معا منذ يومين ..
لمحت أصابع يده الكبيرة تنقبض بشدة فوق الطاولة حتى ابيضت سلامياتها .. شيء وحشي ومض في عينيه الزرقاوين وهو يقول بابتسامة جمدت أوصالها :- وأنت لم تفكري طبعا بالتحدث إلي حول غدائك هذا مع زوجتي .. صحيح ؟
قالت بصلابة رغم ارتعادها توترا :- ولماذا أفعل ؟؟؟ لست مجبرة على إخبارك بأي شيء .. هي زوجتك لا أنا ..
هل أخطأت في القول ؟؟؟ انكمشت في مقعدها عندما هبت نحوها ذبذبات غضب أعمى فاحت منه وكادت ترميها عن مقعدها وهو يميل نحوها أكثر .. وقسوة ابتسامته جعلت المكان يختفي من حولها فماعادت قادرة حتى على تمييز الموسيقى الجميلة التي صدحت من مكبرات الصوت الخفية ..أو صوت زكي موران وهو يتغنى بصوته الرخيم المخنث عن هجران حبيبته له .. قال بنعومة :- وما الذي قالته لك زوجتي بالإضافة إلى وصفها الشيق لمشاعرها الجياشة نحوي ؟؟ ولعلاقاتي المتعددة .. أنا .. زير النساء الفاسق عديم الحياء ..
احمر وجهها وهي تتحاشى النظر إليه .. متساءلة عن المعجزة التي تحتاج إليها كي تغادر هذا المكان وتختفي عن انظاره .. تابع حديثه قائلا :- هل حكت لك مثلا .. بما أنكما قد صرتما صديقتين .. وبت أنت بئرا لأسرارها .. عن الطريقة التي خدعتني بها وأوقعتني في فخ الزواج منها ؟
حدقت به مذهولة هذه المرة .. عاجزة عن تصديق ما قاله للتو .. فابتسم بسخرية وهو يتراجع ليسند ظهره إلى مقعده قائلا :- لا ..لا أظن أنها قد فعلت
مررت يدها على صفحة وجهها الساخنة وهي تقول باضطراب :- لقد .. لقد أخبرتني بأن زواجكما كان ترتيبا بين والديكما لإسكات الفضيحة التي افتعلتها أرزو .. وأيضا تتويجا للعديد من شراكات العمل بين العائلتين .. لقد ظننت .. لم أحسب أبدا ..
كانت ضائعة .. وغاضبة جدا من ضياعها هذا .. أحست برغبة شديدة في البكاء كراهية لنفسها .. للتبرير الذي أرادت سماعه منه حول طبيعة علاقته بدنيا
نظر إليها بهدوء وقد اختفى غضبه .. وكأنه قد أدرك بأنه يصب غضبه على الشخص الخطأ .. وكأنه قد أحس بالصراع الذي بدأ يدور داخلها .. قال برزانة :- لقد كانت دنيا صادقة في شيء واحد على الأقل .. في الضغوط التي مارسها والدي علي كي أتزوج بدنيا .. وأنا عجزت عن الاعتراض ليقيني بمسؤوليتي عما حدث مع أرزو .. لقد كانت مجرد طفلة .. وأنا لم افكر أبدا بأنها قد تنظر إلى اهتمامي بها بطريقة رومانسية .. لقد كانت هشة ويافعة جدا .. وعندما انهارت في مكتبي ذلك النهار معترفة بمشاعرها نحوي أحسست وكأنها توجه إلي صفعة قوية أربكت كل كياني .. عرفت بأنها لن تنسى الأمر أبدا إلا إن وجدتني مرتبط بأخرى .. وهذا كان أساس خطوبتي بدنيا .. التي أوهمتني بأنها مرغمة هي الأخرى على القبول بالخطوبة إرضاءا لوالدها .. ظننت بأننا سنتمكن من التوصل إلى تسوية ما قبل أن يتطور الأمر إلى تخطيط للزفاف .. أن تختلق خلافا ما ..أو شجارا ما يفرقنا ..
أغمضت عينيها للحظات مانعة دموعها من تجاوز عينيها .. دموع غضب من نفسها لاهتمامها .. لارتياحها .. للهفتها إلى معرفة الحقيقة .. لتبرئته من كل التهم التي لم يتوقف الجميع عن رميه بها منذ وطأت قدمها أرض استانبول .. تابع قوله بشيء من الغضب :- تمكنت من خداعي يوما عندما تحدثت عما سيقوله الناس إن فسخنا الخطوبة باكرا .. سيخمن الجميع بأنني انا من رفضها .. لن يصدق أحد بأن القرار كان مشتركا ..
لا أعرف كيف أقنعتني بأن أحدا من عائلتينا لن يتوقف عن الإصلاح بيننا ومحاولة إعادة ارتباطنا .. بأن الوسيلة الوحيدة التي قد تقنع الجميع بأن لا أمل في عودة كل منا إلى الآخر ... هي أن تهجرني دنيا ليلة الزفاف .. قبل عقد القران مباشرة
همست أسيل وهي تتنفس بعنف :- إلا أنها لم تفعل
لوى فمه بسخرية مريرة وهو يقول :- لا .. لم تفعل .. وكما توقعت .. كنت انا أجبن من أن أحرجها وأحرج والدها وهو رجل أحترمه وأقدره بشدة أمام المئات من المدعويين ..أن أسبب لوالدتي وهي سيدة رقيقة ومرهفة الإحساس الصدمة والخجل امام أصدقائها .. لقد أتممت الزواج .. إلا أنني لم أسامح دنيا قط على فعلتها ..
أخفت أسيل وجهها بيديها وهي تهمس بتعب :- يا إلهي
بماذا تورط نفسها ؟ .. عاد حمدي لحسن الحظ بالطعام .. أحس بالجو المتوتر بينهما .. إلا أنه تجاهله بمهنية .. رص الأطباق التي تعالت منها رائحة الأبخرة الشهية .. ثم ابتعد بعد أن أكد له أسلان رضاهما وعدم حاجتهما إلى أي شيء آخر .. مد أسلان يديه من فوق الأطباق ليمسك بيديها ... ويجبرها على النظر إليه
قائلا بحزم :- لم أكن مخلصا لها يوما يا اسيل .. لأنني لم أعتبرها يوما زوجتي .. وكل حقوق لها علي اكتسبتها بالخداع .. لا تساوي عندي شيئا .. أتفهمين ؟
قالت بعجز :- أنت ما تزال متزوجا بها .. ومنذ خمس سنوات ..
قال بابتسامة قاسية :- نعم .. مازلت متزوجا بها .. هل تظنين بأنها تستحق خروجا لائقا من هذا الزواج ؟؟؟ لقد اقسمت لها ليلة زفافنا فور أن أصبحنا وحيدين بأنها ستتمنى الموت قبل أن تتوسل إلي فسخ الزواج .. ومنذ ذلك الحين وهي تعاني نتيجة إجباري على الزواج بها .. لا .. لا تجزعي .. أنا لا أسيء معاملتها على الإطلاق .. أنا فقط أنفي وجودها في حياتي .. أمام الناس .. أنا متزوج .. في المنزل الكبير الذي أهداه لنا أبي بمناسبة الزواج .. يعيش كل منا حياته الخاصة بعيدا عن الآخر ..
ضحك بمرارة قائلا :- المذهل أنها لم تطلب الطلاق مرة خلال سنوات زواجنا الخمسة .. حتى وقصة زواجنا الفاشل تجري على كل لسان .. حتى وصوري برفقة نساء أخريات تملأ الصحف ..
تمتمت أسيل بمرارة :- لأنها ما تزال مغرمة بك .. المسكينة ..
دوى صوت تهشم جعلها تنتفض قافزة من مكانها .. حدقت مذهولة بالكأس الزجاجية التي تحولت إلى شظايا متناثرة فوق الأرض الرخامية للمطعم
سمعت أسلان يقول بغضب شديد :- لا أصدق .. أنا لا أصدق بأنك ستتخذين جانبها أنت الأخرى
حدقت به مذعورة عندما انتفض هو الآخر واقفا .. كان باقي الزبائن قد توقفوا عن الأكل .. وحدقوا فيهما بخوف ممزوج بالفضول والإثارة ... العاملين أيضا وضمنهم حمدي توقفوا عن الحركة وأخذوا يراقبون أسلان بقلق .. قال بجمود :- سأخرج قليلا لاستنشاق الهواء الطلق

راقبته يخرج بخطوات سريعة .. واستغرقت لحظات لتفيق من ذهولها .. لتستوعب القصة التي أخبرها بها جيدا .. بقدر ما تعذره .. بقدر ما ترفض طريقته في تعذيب دنيا .. زوجته الرقيقة المغرمة به بيأس .. نظرت إلى حمدي باعتذار عندما بدأ أحد العاملين تنظيف الزجاج المكسور .. ونهضت للحاق بأسلان إلى الحديقة
كان واقفا بين شجيرات الورد القصيرة .. يدس يديه في جيبي سرواله الجينز .. يدير لها ظهره العريض وقد بدا متوترا للغاية بوقفته هذه .. تمتمت هامسة :- أنا آسفة
ظنت بأنه لم يسمع همستها عندما لم يظهر أي استجابة فورية .. بعد دقيقة كاملة من وقفتهما هناك .. ولون السماء يبدأ في التحول مع مغيب الشمس .. والهواء العليل يسري بينهما بلطف ونعومة مناقضين تماما لمشاعر كل منهما .. قال أخيرا :- أنالا ألومك .. فأنا أشعر في كثير من الأحيان بالشفقة نحوها .. وأتمنى أحيانا لو أنني أحبها بما يكفي على الأقل لأتوقف عن تعذيبها .. حتى أنني بدأت بضعة مرات في إجراءات الطلاق .. علها تتمكن من بناء حياتها بعيدا عني .. لتعرف أخيرا بأن ما تشعر به نحوي لم يكن حبا قط .. في كل مرة كانت تفقد عقلها فور أن تعرف .. كانت تنهار باكية متوسلة إلي ألا أذلها أكثر أمام الناس بالطلاق .. كانت ترسل إلي كل من أعرف تقريبا ليتحدث إلي .. والدها .. والدي .. والدتي .. .... والدتي المريضة .. هل تعرفين بأن والدتي مريضة ؟؟ لا يغرنك مظهرها الأنيق والمترفع .. لديها مشكلة في القلب .. حصلت على إثر نكسة صحية أصابتها بعد إنجابها لنورا على الفور .. المشكلة أنها تحب دنيا كثيرا .. كما يفعل أبي .. لقد نجحت في جعلهما كالخاتمين في إصبعها بثمثيلها الناجح لدور الزوجة المسكينة ... لذلك أجد نفسي عاجزا عن الاستمرار في كل مرة تتوسل إلي أمي فيها أن ألغي الطلاق .. وألا أجرح كنتها المسكينة .. أو يهددني أبي ويتوعد إن أنا سببت أي مشاكل بينه وبين أهم شركائه ....
استدار نحو أسيل .. ونظر إليها بعينيه اللامعتين وقال :- لم أكن مهتما حقا بالطلاق ... فزواجي لم يمنعني من أن أعيش حياتي بالطول والعرض .. في الواقع لم يكن لدي سبب حقيقي يدفعني لإنهائه قط .. قبل الآن
ارتعشت وهي تخشى فهم ما يقول .. فالتزمت الصمت .. أحاطت نفسها بذراعيها .. وهي تتحاشى النظر إليه .. أحست به يقترب منها ببطء .. قال بهدوء :- أمازلت تجدينني الشرير في الحكاية ؟؟
لا .... ونعم .... بقدر ما هي غاضبة لأجله .. بقدر ما تشفق على دنيا .. التي كان ذنبها الكبير حبها لأسلان .. كما كان ذنب أرزو أيضا .. التي مازالت حتى الآن تدفع ضريبة حبها المجنون له في سنوات مراهقتها .. أهذا هو تأثيره المعتاد على النساء .. أن يفقدن عقولهن بسببه .. ولأجله .. ؟؟ أهذا ما يحاول أن يفعله بها .. أن يضمها إلى قطيع النساء المجنونات بحبه ؟
قال مجيبا عن سؤالها الصامت :- أنا حتى لم أنظر إلى امرأة أخرى منذ وقع بصري عليك الشهر الماضي في صالة الانتظار في المطار ..
قالت باضطراب :- لقد كنت ... الاتصال .. أنت ..
قاطع سيل الكلمات غير المفهومة قائلا بحزم :- التقيتها في اليوم نفسه وقطعت علاقتي بها .. ولم أرها بعد ذلك قط
أخفضت رأسها فقط لتخفي مشاعرها المتخبطة عن عينيه .. كانت كل ذرة في كيانها ترتعش اضطرابا وخوفا مما تواجهه الآن .. لقد عرفت بطريقة ما بأن ما يحدث الآن .. بأن هذه المرحلة من حياتها .. شيء مقدر له منذ الأزل .. شيء لا مهرب لها منه ..
تمتمت :- لماذا أنا ؟؟؟ أنت لا تعرفني .. لم تكن تعرف حتى بأنني موجودة قبل شهر واحد .. ما الذي يجعلني مميزة
قال بهدوء :- أنت مخطئة .. فأنا كنت أعرف عنك الكثير ومنذ سنوات
رفعت رأسها .. فرأته على بعد مترين منها .. يحني رأسه جانبا .. ينظر إليها بابتسامة صغيرة .. جعلت نوبة الغضب المخيفة التي حدثت قبل دقائق تبدو وكأنها لم تحدث إلا في خيالها ..
قال بنفس الهدوء :- دعيني أحكي لك قصة .. قصة شاب يافع في الرابعة والعشرين من عمره .. امتلك كل شيء منذ الصغر .. المال .. النفوذ .. رفقة النساء .. ما شعر يوما بالنقص في حياته .. أو بالحاجة إلى أي شيء حتى قدر له أن يقوم بزيارة طارئة لأحد موظفي والده .. لقد تذمر يومها من اضطراره لتغيير خططه مع رفاقه .. وإلغاء موعد مع فتاة جميلة تعرف إليها قبل يومين فقط ليوصل رسالة من والده إلى ذلك الرجل .. والده على فكرة .. فقط لمجرد الذكر .. كان ديكتاتوريا لا ضمير لديه .. وبقدر ما كان مغرورا وفخورا بكل ما يخصه .. بقدر ما كان عاجزاعن ترك فرصة تمر دون أن يشعر ابنه الوحيد بأنه عاق وعاجز .. إنسان فاشل .. مخيب للآمال .. عالة عليه وعلى المجتمع
قالها بضحكة عابثة جعلتها تضحك مرتعشة وهي تقول مدركة بأن بطل القصة وأسلان هما شخص واحد :- يا للفتى المسكين ..
اطلق ضحكة قصيرة عالية وهو يقول :- لم يكن مسكينا في الحقيقة .. فهو لم يترك طريقة كي يثبت لوالده بأنه أبدا لن يكون أحد مقتنياته .. بأن له إرادة منفصلة وقدرة على تحديد مصيره بعيدا عنه وعن أمواله .. حسنا .. لقد كاد ينجح .. لولا مرض والدته ..
اختفت ضحكته عند هذه النقطة .. وبدا واجما وكئيبا فقالت برقة :- ما الذي حدث له أثناء تلك المهمة التي أوكلها إليه والده ؟
ابتسم مجددا .. وقال :- آه .. لقد ذهب إلى منزل الموظف الوقور بالفعل .. وهناك .. تركه ذلك الرجل في المكتب .. وخرج يرد على اتصال هاتفي .. وغاب لأكثر من نصف ساعة .. هل تتخيلين شعور الشاب أثناء انتظاره بين جدران تلك الغرفة المعتمة .. بينما الدنيا كلها تنتظره خارجا ؟
قالت باسمة .. وغرفة مكتب خالها فريد .. المعتمة بالفعل بطلائها الكئيب .. وستائرها الثقيلة ترتسم في خيالها :- أحاول أن أفعل..
ظهر امتنان في عينيه لتجاوبها مع حكايته .. قال :- أثناء انتظاره .. سمع صوتا ما .. غناءا رقيقا قادما من الحديقة .. عبر باب الشرفة الزجاجي .. لم يكن ناعما أوحالما .. بل مرحا مغناجا بصوت امتزجت طفولته بالأنوثة .. كانت أغنية قديمة لأمل سايين يتذكرها جيدا .. كانت أمه تحب الاستماع إليها عندما يكون مزاجها مرحا .. شعر بالفضول .. فتجاوز باب الشرفة .. وخرج إلى الحديقة .. ليجدها هناك
تسارعت خفقات قلب أسيل وهي تراه يأخذ نفسا عميقا .. ويغمض عينيه مستعيدا تلك اللحظة .. أحست بوجنتيها تشتعلان وهي تحس بأن القصة باتت مألوفة الآن .. فارتفعت كفاها المرتعشتان إلى وجهها .. بينما أكمل حديثه قائلا :- كانت هناك فتاة صغيرة .. بالكاد تجاوزت الخامسة عشرة .. ترتدي سروالا قصيرا من الجينز .. وقميصا رقيقا أحمر اللون بلا أكمام .. أعرف أن الأمر يبدو منحرفا نسبة لعمرها اليافع .. إلا أنه لم يستطع نزع عينيه عن ساقيها الرقيقتين وهما تتحركان برشاقة .. أو عن شعرها الأشقر المائل للإحمرار المنسدل حول وجهها الجميل وخلف ظهرها .. كانت ترقص بميوعة ساخرة .. بينما قريبتها ذات الشعر الأحمر الجالسة على الأرجوحة الكبيرة الصدئة .. تصفق لها ضاحكة ..
همست أسيل بحرج :- يا إلهي .. لا أصدق هذا .. هل كنت هناك ؟
نظر إليها .. بابتسامة رقيقة .. وقال :- لم ترياني .. فقد كنت مختبئا في زاوية غير منظورة لكما .. إلا أنني تسمرت مكاني أراقبك ذاهلا .. ولم أتحرك حتى نادى صوت أنثوي طالبا منكما الدخول .. عرفت اسمك في تلك اللحظة .. لأنني كنت قد قابلت أرزو عدة مرات من قبل .. وكنت أعرفها جيدا .. أما أنت .. أسيل .. فقد كان علي أن أقوم بالكثير من التحريات لأعرف من تكونين ..
همست :- هل ... هل سألت عني ؟
:- نعم .. ولم يكن سارا أن أعرف بأنك مجرد زائرة عابرة .. لقد سافرت بعد يومين من رؤيتي لك .. ولم تعودي بعدها مجددا ..
تمتمت :- لقد توفيت جدتي بعد أشهر قليلة .. فكان صعبا على والدتي أن تعود إلى منزل عائلتها دون أن تراها هناك .. خالي فريد كان يزورنا بين الحين والآخر .. يرجوها أن تعود ولو لزيارة عابرة .. إلا أنها كانت ترفض .. وأبي لم يبذل أي جهد في إقناعها بالسفر .. إذ كان يكره الفترة التي كنا نقضيها هناك كل صيف بدونه ..
أومأ برأسه متابعا كلامها .. ثم قال :- لم أتوقف يوما عن التفكير بك .. بين فترة وأخرى كانت صورة المرأة الطفلة ذات الشعر النحاسي اللامع تحت ضوء الشمس .. تغني وترقص بغنج في حديقة مزروعة بالورود .. تغزو أحلامي وتعذبني بلا رحمة .. توقظني لاهثا وغاضبا .. لأنني عاجز عن التفكير بأي امرأة أخرى بسبب خيال طفلة ذهبت ولن تعود .. بل هي لم تكن حتى جزءا من حياتي يوما .. لقد أردت فعلا أن أنزعك من عقلي .. لولا أن أرزو كانت تتردد مرارا في تلك الفترة على والدها ي الشركة .. كنت أراها فأتذكرك .. أكرهها لهذا .. إلا أنني ألتصق بها فور أن أراها مرحبا كمدمن يعرف مدى الأذى الذي يسببه مخدره .. عاجز عن التوقف عنه ..
همست برعب :- يا إلهي ...
لهذا رفض أن تتحمل أرزو المسولية كاملة .. لقد تسبب هو دون قصد بتعلق الفتاة المراهقة به .. والتي لم تحسب أبدا بأن اهتمامه بها لا يتعدى كونه وسيلة للوصول إلى فتاة أخرى .. إلى ابنة عمتها
تمتمت مجددا :- يا إلهي .. اتراها عرفت يوما ؟
قال بهدوء :- أرزو تعرف يا أسيل .. لقد كنت أسألها عنك بين الحين والآخر خلال تلك الفترة .. ربما لم تفطن للأمر في حينها .. إلا أنها ليست غبية .. لقد لاحظت نظراتي نحوك ليلة الحفلة .. وعرفت ..
لم ترغب أسيل في معرفة ردة فعل أرزو إن عرفت بأنها في هذه للحظة .. ترافق أسلان .. الرجل الذي كان له دور كبير في حياتها دون أن يدري .. الرجل الذي كانت وما زالت تهتم لأمره بطريقة أو بأخرى .. الرجل الذي نبذها .. معجبا بأخرى .. بها هي ..
لم يسمح لها بالتمادي في أفكارها .. قال بهدوء :- بعد المشكلة التي حدثت قبل خمس سنوات .. أجبرت نفسي على نسيانك .. لم أفكر بك مطلقا بعد ذلك .. إلا طبعا عندما كنت تتسللين خلسة إلى أحلامي بين الحين والآخر .. وهو أمر خارج عن إرادتي كما تعلمين .. غير هذا .. لقد ظنت حقا بأنني قد أخرجتك من رأسي حتى سمعت خالك يتحدث مع والدي عن اضطراره للذهاب إلى المطار كي يحضر ابنة أخته الصغيرة ..
أحست أسيل بساقيها ترتعشان مجددا .. وبرغبة في الجلوس كي لا تنهار جالسة على الأرض .. لحسن حظها كان هناك مقعد خشبي عريض على بعد خطوات منها .. سارت إليه متعثرة .. وجلست باضطراب .. بينما كان هو يراقبها قائلا :- ما الذي تتوقعينه قد حدث بي .. لقد صفعني الخبر .. أيقظني من سبات دفنت نفسي فيه لسنوات .. لقد صدمتني اللهفة لرؤيتك مجددا .. كنت واثقا كل الثقة بأن السحر .. والوهم سيختفي فور أن أراك .. ستعودين مجددا مجرد فتاة عادية لا أهمية لها .. ستتوقفين عن كونك رمزا لكل ما هو بريء ورقيق .. كل ماهو ناعم وأنثوي .. فوجدت نفسي أعرض على خالك أن أذهب لأخذك بنفسي ... كان يجب أن تري وجهه وهو عاجز عن الرفض أمام والدي .. الذي تحمس كثيرا للفكرة بسبب حاجته لفريد وقتها في أمر مهم
اقترب .. ووقف أمامها .. بينما رفعت رأسها تنظر إليه بطريقة جعلت قلبه يذوب عطفا .. لقد كانت خائفة .. مصدومة بالقصة التي هبطت على رأسها كالصاعقة .. هل كان عليه أن يتريث قبل أن يخيفها بالحقيقة ؟
:- عندما رأيتك ..
صمت .. عاجزا للحظات عن التعبير .. ثم تنهد قائلا :- لا تحتاجين حقا لأن أحكي لك ما حدث .. لقد كنت هناك
:- لقد ... لقد وصفتني بالبدينة .. بالغبية
أطلق ضحكة خافتة وهو يجلس إلى جانبها .. قائلا :- هذا صحيح ..وقد أخبرتك بالسبب
نظرت إلى عينيه وارتعدت من العاطفة الجياشة التي أطلت منهما .. قال بصوت أجش :- لقد كدت آخذك بين ذراعي .. صدقا لقد كدت أضمك امام الجمع الغفير المحيط بنا في صالة الانتظار الكبيرة .. لأن ما توقعته .. ما أملت أن يحدث فور أن أراك .. لم يحدث .. لأنني أدركت لحظة التقت عينانا بأنني عشت ثلاثين سنة من عمري .. أنتظرك
همست مرتعدة :- أسلان
تجاهل توسلها الخافت .. وتحرك بخفة ليجثو على الأرض أمامها بسرعة فاجئتها .. وقد حطت يداه إلى جانبيها على المقعد الخشبي .. بينما يبتعد وجهه عن وجهها سنتيمترات قليلة كانت كافية لتجعل رائحة عطره الرجولية المميزة تدوخها .. قال بخشونة :- داخل السيارة .. ونحن معا في ذلك المكان الضيق .. رائحتك العطرة تغمرني ... ودفئك يعذبني ..بينما تنظرين إلي بعينين واسعتين فضوليتين .. كنت أرتعد كمراهق يقابل لأول مرة امرأة جميلة .. لقد كدت أقبلك .. قسما بالله كدت أشدك من ذراعك لأقبلك ضاربا بكل شيء عرض الحائط .. لولا ذلك الاتصال ..
أحست أسيل فجأة بالتعب .. كل هذا كان كثيرا عليها ليوم واحد .. اختطافه لها.. الرحلة البحرية برفقته .. العواطف التي اضطرت لاختبارها معه .. هذا الحديث الصريح المخيف .. كان أكثر بكثير من قدرتها على الاحتمال .. لم تطلب هذا يوما .. ولم تفكر أبدا بما عليها فعله إن تعرضت لموقف مشابه .. كانت ضائعة .. خائفة وضعيفة .. سالت دموعها ساخنة على وجنتيها وهي تقول همسا :- لا أعرف ما الذي تريده بكل هذا الحديث اسلان .. ما الذي تريده مني ؟؟؟
زفر بقوة وهو يمد يده ليمسح دموعها بأصابعه .. التي تابعت حركتها برقة فوق وجنتيها الرطبتين .. لتتوقفا فوق شفتيها .. ارتعشت شفتيه .. وبدا صراع كبير في نظرات عينيه العاصفة .. في كل ذرة مرتعشة من جسده .. لم يغب عن أسيل حقيقة شعوره .. تراءت لها فجأة صورته في سيارته وهو يوصلها إلى منزل خالها ... وعرفت فجأة بأن ما يريده في هذه اللحظة .. لا يختلف إطلاقا عما أراده ذلك النهار ..
تعالى لهاثها وهي تحدق به ذاهلة .. تراقبه يسحب أصابعه بعيدا بإصرار .. ترى الألم واضحا على ملامح وجهه وهو يقول :- أعطني هاتفك ..
رمشت بعينيها :- ماذا ؟
قل بنفاذ صبر :- أعطني هاتفك .. الآن
امتثلت لأمره بدون تفكير .. كانت قد أخذت معها حقيبتها عندما لحقت به إلى الخارج .. أخرجت هاتفها وناولته له .. فعبث بأزراره بحركات سريعة فدوى عاليا رنين هاتفه المعلق بحزامه .. قال بوجوم :- لدي رقم هاتفك الآن .. لن أسمح بأي حواجز بيننا بعد اليوم ..
تمتمت باحتجاج ضعيف :- ولكن .. أسلان ..
قاطعها بوقوفه .. وجذبه ليدها كي تقف بدورها قائلا :- إن لم نعد إلى الداخل ونتناول كل ذلك الطعام الذي أتعب حمدي نفسه بإعداده .. قتلنا معا ..
نظرت إليه باضطراب .. فقال ببساطة :- لقد وعدتك بأن أعيدك إلى بيتك .. سأنفذ وعدي رغم صعوبة قيامي به .. إلا أنني لن أعيدك جائعة
وعندما ظلت على جمودها دون أن تتحرك .. اتسعت عيناه وهو يقول ببراءة :- إلا إن غيرت رأيك .. وقررت البقاء معي .. ستعجبك تجربة النوم في اليخت .. خاصة إن استخدمت صدري كوسادة
شهقت وهي تضرب صدره المذكور بدون أن تفكر قائلة بسخط :- أنت وقح
ضحك عاليا وهو يحيط كتفيها بذراعه .. ويضمها إلى صدره بعفوية سائرا بها إلى الداخل ..
تعرف أسيل بأنها مخطئة .. وبأنها ستدفع غاليا ثمن خطئها هذا .. إلا أنها فعلا أحست في تلك اللحظة بأن صدره القوي الدافيء .. هو ما تريد .. وتحتاج ..

Continue Reading

You'll Also Like

770K 22.6K 38
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
225K 5.9K 48
رواية بقلم المبدعة blue me الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me
5.1M 151K 103
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
7.2M 355K 71
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...