الفصل الثامن

14K 319 3
                                    

:- ألن تحكي لي عما فعلتماه أنت وكمال طوال النهار معا ؟؟؟
قالت أسيل دون أن تحرك عينيها عن كتاب تقرأه :- لا
كانت قادرة على الإحساس بفضول أرزو يكاد يفتك بها .. إلا أنها ما كانت مستعدة أبدا لإخبارها الحقيقة .. لن تورط قريبتها في قصة جديدة من قصص عائلة دار أوغلو .. إن عرفت أرزو بأن أسلان لا يحب زوجته .. قد تسمح لنفسها بأن تعود للتفكير به مجددا كحبيب محتمل .. وقد لاحظت أرزو جيدا ليلة الحفلة الطريقة التي تورد فيها وجه أرزو أثناء رقصها مع أسلان .. أرزو ما تزال تكن المشاعر نحوه مهما كان نوعها .. وأسيل لن تتحمل مسؤولية تشجيعها وتطويرها ..
:- احكي لي على الأقل عن المكان الذي زرتماه معا
قالت أسيل بنزق :- أنا لا أشعر حقا برغبة في تقديم نشرة سياحية لك .. كما أنك تعرفين قصر توب كابي جيدا على ما أظن
لاحظت أرزو وهي تتأمل ابنة عمتها بانتباه مدى توتر أسيل واضطرابها .. قالت بغموض :- لا .. أنا أيضا لا أريد نشرة سياحية
كانتا تجلسان في غرفة الجلوس .. علي كان في غرفته منهمكا في أعمال غامضة أمام حاسوبه .. وفريد ولمعان كانا قد خرجا لزيارة بعض الأصدقاء منذ نصف ساعة ..
تنقلت أرزو بين القنوات التلفزيونية دون أن تركز حقا فيما يعرض على الشاشة .. بينما اندمجت أسيل في تظاهرها بالقراءة .. وجاهدت لتركز في فحوى الكتاب علها تتوقف قليلا عن التفكير متأملة في أن يهاجمها النعاس أخيرا فتهرب إلى النوم من أفكارها الصاخبة
قالت أرزو فجأة :- لم لا نخرج غدا في رحلة بحرية ؟
أخفضت أسيل الكتاب قائلة بعبوس :- ماذا ؟
اعتدلت أرزو قائلة بحماس :- لم لم أفكر بهذا قبل الآن ؟؟؟ سيسعد خالي عثمان بأخذنا في جولة بمركبه غدا صباحا .. ما رأيك ؟؟ سنقضي وقتا ممتعا .. ها .. لا تعترضي أرجوك .. أرجوك
لم تعترض أسيل التي قالت بابتسامة باهتة :- أناأعرف بأن خالك رجل مشغول .. لم تراه سيكون متفرغا في الغد لأجلنا
:- غدا هو الأحد .. وهو يقضي دائما عطلته الأسبوعية وسط البحر على مركبه .. لن يمانع في بعض الصحبة ..
ضحكت أسيل قائلة :- أوافق بشرط ... ألا يصمنا بكلامه الذي لا ينتهي عن فخره بعزوبيته ..
شقيق لمعان الأصغر .. والذي بلغ الثامنة والثلاثين من عمره ... ما يزال عازبا حتى الآن .. ومضربا بكل حماس عن الزواج .. مازالت أسيل تتذكر حكايا أرزو القديمة عن صديقته التي كسرت قلبه في الجامعة عنما تزوجت رجلا أكثر ثراءا .. بالنسبة إليه كان جنس النساء عالة على الكون .. عنصر من الأفضل لغيره لو أنه اختفى .. كان يردد شعاراته هذه أمام أرزو وأسيل عندما كانتا ما تزالان مراهقتين في الرابعة عشرة .. فيلتفت ليرى نظرات الذهول والانبهار في أعينهما المتسعة فيقول بحنان :- إلا أنتما يا صغيرتي .. أنتما .. بالإضافة لوالدتيكما .. الاستثناء الوحيد عن القاعدة ..
عندما قابلته أسيل مجددا بعد سنوات طويلة لم يكن عثمان قد تغير كثيرا .. إلا من خطوط أنيقة من الشيب لونت فوديه .. إذ أنه ما يزال الرجل الأنيق والوسيم .. والنافر من النساء والذي عرفته أسيل دائما
قالت أرزو باسمة :- شرطك هو حلم إبليس في الجنة .. سأتصل به ليأخذنا غدا صباحا .. إنه الأحد ولن يمانع أبدا في قضاء عطلته معنا .. سنمرح كثيرا
تناولت هاتفها فقالت أسيل مفكرة :- علي لن يكون متفرغا في الغد .. سمعته يتحدث عن انشغاله بشيء ما
:- لا نحتاج إلى رفقة علي ... سنوفر على أنفسنا الكثير من سخريته اللاذعة .. وسماجته التي لاتطاق
قالت أسيل بلهفة :- كمال إذن ... هل تظنين خالك يمانع إن رافقنا ؟
أخفضت أرزو هاتفها ونظرت إلى أسيل بغضب هاتفة :- ما حكايتك مع كمال ؟؟؟ ألا تستطيعين قضاء يوم واحد بدونه ؟؟؟ أما عدت كافية الآن لمنحك الوقت الجيد الذي تنشدين ..
اصفر وجه أسيل قائلة دهشة :- لم أقصد هذا أبدا وأنت تعرفين ... إن صحبة كمال ممتعة .. لا تستطيعين إنكار هذا ..
وقفت أرزو وهي تجري الاتصال بخالها قائلة بسخرية :- نعم .. هذا صحيح .. غزله أيضا ممتع جدا ... صحيح ؟؟ هل تظنين نفسك الوحيدة التي سبق لها الوقوع في سحر كمال ؟؟ العشرات أذلين أنفسهن خلال دراسته الجامعية كي يبادلهن الحب آخذات غزله العفوي محمل الجد فجرحن أنفسهن ..
قالت أسيل بانزعاج :- بحق الله يا أرزو .. ما يربط بيني بين كما مختلف تماما عما تظنين ..
:- أنا لا أهتم حتى لو أعلنت بأنك ستتزوجين به غدا .. ألو .. صباح الخير خالي .. هل أقاطع موعدا غراميا ؟؟؟
راقبتها أسيل متوترة وهي تضحك ردا على كلام عثمان الحاد .. منزعجة جدا لتلميحات أرزو المتهكمة والجافة حول علاقتها بكمال .. لم تجد أسيل حتى الآن أي دليل على تبادل صديقي الطفولة أي مشاعر تفوق الأخوة ..إلا أن غيرة أرزو من اهتمام كمال بها لا تطاق .. قررت أسيل أن تبتعد قليلا عن صحبة كمال خلال الأيام القادمة عل أرزو ترتاح قليلا .
أنهت أرزو المكالمة واستدارت قائلة بجذل :- غدا في الساعة الثامنة صباحا .. سنقابله على المرفأ .. تعالي لنقرر ما سنرتديه .. إذ أنني متأكدة بأنه سيأخذنا بعد ذلك للعشاء
وكأن انفجار أرزو وجنونها لم يكونا قط .. إلا أن أسيل لم تمانع .. فقد كان حماسها للرحلة البحرية كبيرا .. كانت تأمل أن تتمكن من نزع عائلة دار أوغلو بجميع أفرادها عن عقلها تماما .. أن تستمتع بوقتها كما كانت تفعل في الأسابيع الأولى لوصولها إلى استانبول .. دون أن يعذبها ذكرى عينين زرقاوين غاويتين .. وأخرى حزينتين تسألانها دون كلمات ألا تحطم حياة صاحبتهما


في محراب العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن