الفصل الثلاثون والاخير

24.9K 609 146
                                    

حدقت به أرزو مذهولة .. عاجزة عن تصديق ما يقول .. بينما رمقها هو بنظرة ضارية مسحت قوامها كاملا قبل أن يقول من بين أسنانه :- ما الذي ترتدينه ؟
رمشت بعينها مجفلة وهي تقول :- ما .. ماذا ؟
أشار بيده إلى منامتها القطنية القصيرة قائلا بغضب :- هل تسمين قطع القماش الرقيقة هذه ملابسا ؟؟ إنها بالكاد تغطي شيئا من جسدك
غطت صدرها بذراعيها تلقائيا وهي تقول بغضب :- ليس من شانك ما أرتديه في شقتي كمال .. أنت من اقتحم المكان بدون حتى أن تستأذنني
أمسك كتفيها قائلا فاقدا أعصابه :- هل رآك ذلك الرجل على هذه الهيئة ؟؟ لقد رأيته يغادر شقتك قبل دقائق قليلة من وصولي
حاولت التملص من يديه قائلا بحنق :- هذا ليس من شأنك كمال .. اتركني وغادر بيتي فورا
اتسعت عيناه وبدا وكأنه لا يستمع البتة إلى ما تقوله .. ضغطت أصابعه أكثر على بشرتها وهو يقول بصوت أجش :- هل لمسك .. هل قبلك كما فعلت أنا ذلك الصباح في منزلي .. تكلمي أرزو .. أخبريني أرجوك
توقفت عن المقاومة فجأة وهي تنظر إليه مذهولة .. إلى أنفاسه العنيفة وتوتره الشديد .. وجدت نفسها تقول بقلق مطمئنة إياه .. ومدافعة عن نفسها أمام نظرة الإدانة في عينيه :- لا كمال .. لم يسبق لحسن أن لمسني .. ليس كما فعلت .. إنه يحترمني بما يكفي كي لا يفعل .. بعكسك أنت كما يبدو
قال بخشونة وتأثير تصريحها عليه يقوم بفعله :- أنت تسمينه عدم احترام .. أنا أسميه حبا أرزو ..
حدقت به لاهثة وهي تهمس :- ما .. ماذا تقول كمال ؟
قال بتوتر :- هل يفاجؤك هذا ؟؟ لقد سبق وأظهرت لك مشاعري مرة في الماضي أرزو .. لن أصدق حتى لو اخبرتني بأنك قد نسيت الأمر برمته ..
قالت بتوتر مماثل وهي تتملص منه أخيرا :- لم أنسه إلا أنه قد فقد أهميته مع مرور السنين كمال ..اعرف بأن ما كنت تشعره نحوي يوما قد انتهى تماما .. ولا أصدق على الإطلاق بأنك تكن لي المشاعر وقد أذيتني ونبذتني طوال السنتين السابقتين
قال بغضب :- أنت مخطئة أرزو .. أنا لا أكن لك المشاعر
تقدم نحوها وهو يقول بصوت غاضب :- أنا أحبك .. أحبك منذ سنوات طويلة .. منذ كنت تركضين كالبلهاء وراء أسلان دار أوغلو دون أن يعيرك أي اهتمام
سدت أذنيها بقوة وهي تقول بألم :- توقف .. ستظل تعايرني بزلتي هذه إلى الأبد .. أليس كذلك كمال ؟
أمسك يديها وأبعدهما عن أذنيها كي تسمعه وهو يقول بحدة :- هل يؤلمك أن أذكرك بما حدث أرزو ... ألا تظنينه يؤلمني أنا أيضا .. أن أتذكر مراقبتي لك وأنت تحلمين به في كل لحظة .. وانت تتألمين إثر رفضه لك ... عند انهيارك بسبب زواجه ..
قالت بيأس :- انا ما عدت أحبه منذ زمن بعيد .. متى ستصدقني كمال
قال بمرارة :- أصدقك أرزو ... إلا أنني لا أستطيع أن انسى أن ذلك الرجل .. قد حظي بما تمنيته أنا طوال حياتي أرزو .. منذ كبرنا لندرك ما هية المشاعر التي تربط الرجل بالمرأة .. لم أر غيرك .. كنت أنت حلمي ومنالي حتى وانت تعشقين غيري ..
هزت رأسها والدموع تغشي عينيها :- أنا لا أصدقك .. لا أصدقك كمال .. أنت خذلتني .. خدعتني ونبذتني مع الآخرين .. أنت تابعت حياتك .. انطلقت في مهنتك وصادقت العشرات دون أن تنظر وراءك نحوي مرة
زفر قائلا :- لم أرغب بفعل هذا أرزو .. صدقا ألمي لفراقك كان أكبر بكثير مما تتخيلين .. إلا أنني ما عدت أحتمل المزيد .. ما عدت أستطيع ان أراك تحومين حولي .. تلجئين إلي باسم الصداقة دون أن تبادليني مشاعري .. لقد تألمت كثيرا لألمك أرزو .. أردت كثيرا أن آتي إليك وأخبرك الحقيقة إلا أنك لم تسمحي لي .. وهذا أراحني لأنني ما كنت مستعدا لعيش ذلك الدور من جديد .. كان علي أن أظل بعيدا عنك كي أتمكن من المضي قدما في حياتي .. وكدت أنجح بهذا .. حقا .. حتى ظهرت في حديقة منزلي ذات صباح وأفسدت كل شيء أرزو .. كل شيء
جاهدت لتمنع دموعها من خذلانها وهي تقول :- أنا آسفة لأنني قد أزعجتك ذلك اليوم .. أعدك بأنني لن أكررها مجددا .. لن أسئمك برؤيتي أبدا بعد الآن .. بل أنا لا أفهم حتى سبب وجودك هنا ومغزى هذا الحوار العقيم
قال وهو ينظر إلى عينيها :- ليس عقيما أرزو .. ليس عقيما على الإطلاق .. لقد تغير كل شيء عندما رأيتك مجددا .. انقلب عالمي رأٍها على عقب عندما قبلتك .. كدت أفقد عقلي وأنا أعرف بقصة خطوبتك .. لن تكوني لرجل آخر أرزو .. لن يحبك غيري .. وحتما لن يقبلك غيري .. لأنني أعرف الآن بأنك تبادلينني مشاعري .. أنت تحبينني أيضا .. تحبينني وإلا ما جرحك هجراني .. ما أزعجتك النساء اللاتي ظهرت معهن في الصحف ... ما أعجبتك تلك القبل وما رغبت بالمزيد
ارتجفت وهي تهمس :- هذا غير صحيح .. غير صحيح
كان ما يزال ممسكا بمعصميها .. قربها إليه ببطء حتى كاد جسدها يلمس جسده .. نظر إلى عينيها .. إلى شفتيها المرتعشتين .. وقال هامسا :- أظن التجربة وحدها هي ما سيثبت صحة ما أقوله من عدمه
اتسعت عيناها .. وراقبته وهو يحني وجهه نحوها .. سيقبلها .. سيقبها كمال مجددا .. أدركت فجأة بأنها كانت تنتظر بالفعل هذه اللحظة .. كانت تتوق لأنه تحس به قريبا منها مجددا .. ان تشعر بانوثتها تسحق به .. بدون تفكير رفعت وجهها نحوه .. وأغمضت عينيها مستقبلة شفتيه ..

في محراب العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن