الفصل السادس

14.7K 331 5
                                    

نزعت دنيا قرطيها الماسيين عن أذنيها بحرص شديد .. دون أن تفارق عيناها انعكاس زوجها في المرآة .. بينما هو يبدل ملابسه في الطرف الآخر من الغرفة .. لم تستطع السيطرة على خفقات قلبها .. واستجابة جسدها المألوفة لمرأى صدره القوي العاري .. وكتفيه العريضين .. وذراعيه المفتولتي العضلات فور أن تخلص من قميصه .. لطالما أرادته ..بكل ذرة من كيانها .. وما زالت تريده وتحبه حتى وهو ينأى عنها بنظراته وكأن لا وجود لها في المكان ..
عندما عرضت حماتها عليهما قضاء الليلة في غرفة أسلان القديمة .. قفز قلبها لهفة وشوقا .. في الانفراد به من جديد .. في الاختباء معه بين جدران الغرفة الصغيرة متسلحة بحميميتها .. عرفت بأن فرصتها الحالية في استمالته قد لا تتكرر مجددا .. إلا أنها شعرت وهي تراقب ملامح وجهه الواجمة .. بريق عينيه الغاضب .. بالخوف من القيام بخطوتها الأولى .. تمزق قلبها ألما وهي تفكر ( من تلك التي تشغل عقلك هذه المرة يا أسلان .. إلى متى سيظل قلبك مرتعا تلهو فيه غيري من النساء )
مشطت شعرها بعصبية .. قبل أن تستجمع شجاعتها وتقول :- لقد كانت حفلة جيدة .. صحيح ؟
نظر إليها بحدة .. وكأن وجودها قد فاجأه .. ثم قال بجفاف :- كغيرها من الحفلات التي تبرع أمي في تنظيمها .. كاملة ومثالية .. إنما زائفة كروادها ..
نظرت إليه بحزن .. مدركة بأن أسلان ما كان ليحضر حفلة عيد ميلادها لولا تحاشيه افتعال المشاكل مع أبيه .. لم يكن قط على علاقة طيبة معه .. وإكراما لوالدته .. فإنه يتنازل كثيرا كي يقابل دار اوغلو الأب في منتصف الطريق .. هتفت بمرح مصطنع :- اظنها كانت ممتازة ... لقد قضى الضيوف وقتا ممتعا .. حتى أرزو بدت مرتاحة وقد ظننت بأنها قد تسبب بعض المشاكل
استدار نحوها وهو يرتدي قميصا قطنيا قديما امتلكه منذ أيام الجامعة .. وقال لها ببرود :- ألهذا السبب دعوتها ؟ على أمل افتعالها بعض المشاكل ؟
شحب وجهها وهي تقول بذعر :- لا .. بالتأكيد لا
قطع الغرفة نحوها بخطوتين .. فتراجعت فوق مقعدها عندما انحنى نحوها مهددا إياها بجسده الضخم وقال بغضب بارد :- اعرف تماما كيف تفكرين يادنيا .. أنت المستفيد الأول من أي مشكلة تحدث بيني وبين والدي .. وليس هناك من يرغب بتحطيم علاقتي به أكثر منك
هتفت بيأس :- هذا غير صحيح
اعتدل رامقا إياها بسخرية كادت تبكيها .. ابتعد عنها فبذلت جهدا لاستعادة توازنها وهي تقول باضطراب :- لم أقصد دعوتها حقا ... عندما رأيتها في السوق برفقة قريبتها أسيل .. فكرت بأن وجود فتاة بمرحها وطلتها سيكون إضافة جيدة للحفلة ... لم أفكر بأمر ارزو إلا لاحقا .. لقد أحببت أسيل حقا وأردت دعوتها بدون أي أسباب مبطنة
لم تكن صادقة تماما في كلامها .. لقد تعمدت دعوة أرزو لتراها ولو لمرة برفقة زوجها .. لتتأكد بأن ما سمعته قبل سنوات كان مجرد سوء فهم .. وأن زوجها لم يبادل الفتاة حمراء الشعر المشاعر نفسها .. وقد تأكدت بنفسها من هذا في معاملته الأخوية لأرزو .. إلا أن الطامة الكبرى كانت في بريق الصياد الذي التمع في عينيه فور أن وقع بصره على أسيل ..
تمتمت محاولة استدراجه :- أسيل شخصية مثيرة للاهتمام .. صحيح ؟ تبدو مختلفة تماما عن أرزو ..
كان متجها نحو الباب قبل أن يتوقف ناظرا إليها من فوق كتفه ... قائلا بجفاف :- هذا صحيح .. إنها مختلفة بالتأكيد .. فلا أظنها ترمي نفسها يوما أو تفرضها على رجل لا يريدها .. ما رأيك أنت ؟
فتح الباب متجاهلا شحوب وجهها الكامل .. وقال بفتور :- أنا خارج ... ولن أعود قبل وقت طويل
أغلق الباب وراءه بشيء من العنف ... تاركا إياها وحدها .. دون أن تستغرق وقتا طويلا لتجهش بالبكاء


في محراب العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن