نيـوتروبيـا

By Die-Nacht

268K 18.5K 24.1K

"أعطـني لأعطـيك" هـذه قصـة الطـفلة التي اعتمدت هذا القانون كحل وحيد وأوحد للنجـاة في عالمـها المشـوّه. هي تل... More

-1- بداية السقوط
-2- مجمع القطب
-3- مصيدة الثعلب
-4- كهرمان
-5- خلف جدرانهم العالية
-6- الحرب
-7- رائحة دم
-8- إكصاص
-9- شِقاق الزهور
-10- السرداب
-11- عيون الصقر
-12- سيلست غولدن
-13- سليل السلف الأول
-14- هذا وذاك
-15- شتاء بحلة الخريف الأحمر
-16- صندوق زجاجي
-17- مشارف الموت
-18- لاشيسيا
-19- دموع شارلوت
-20- سمفونية أبواق الهلاك
-21- لأجلكِ أيتها الفاوانيا
-22- بئر من الأوهام
-23- رؤى
-24- رسائل السلام
-25- أونوس
-26- أضواء باهرة
-27- آل والثعلبة السوداء الصغيرة
-28- قمر حقل البنفسج
-29- خزف
-30- الدرجة رقم سبعة عشر
-31- دماء ورثاء
-32- بركة الملح
-33- قلوب بلا عيون
-34- أحضان الشمس الدافئة
-35- شتاء ديستوبيا الأخير
-35.5- ومضة
-36- ربيع الأرض الجديدة
-38- الكناري الصامت
-39- شبكة من خيوط الماضي والحاضر
-40- أجيال
-41- تمرد الوحوش
-42- الشمس والقمر
-43- خلف مخمل الستار
-44- رماد عينيه
-45- سالب
-46- سم وعسل
-47- شيطان
-48- براءة عذراء
-49- زهرة النوكس المشؤومة
-50- حنين للحنان

-37- واجبات الحرس

4.8K 393 684
By Die-Nacht


اتخذ الشاب عدة التفافات حتى وصل الضواحي التي ترامت على أطراف المدينة، لم تكن تلك القطع الأخيرة من يوتوبيا فقيرة ولكن متواضعة، لديها أنوار خافتة وأجواء خاصة مقاربة للمدينة ذاتها لكن أقل بهرجة وحسب.

أضواء خافتة ملونة ومحال شعبية افترشت بضاعتها الطرقات وأخيراً الكثير من الناس والأطفال خول الباعة الذين أخذوا يصرخون لترويج ما يبيعونه للغرباء والسياح الباحثين عن التغيير والمرح.

وصل لمبنى عال عتيق كان قد تمركز بقرب بحيرة، بدا كمنزل عطلة جميل قبلاً منذ سنين لكنه اليوم لا يستوي ولو قليلاً مع المباني العامرة خاصة مع البحيرة التي اضمحلت لما يشبه المستنقع متسببة برائحة كريهة جعلته يحك أنفه بلا هوان.

استنشق أنفاسه ثم مال برأسه صوب الحارسين الضخمين عند باب 'المتحف' كما أشارت اللافتة المبهرجة. كان كلاهما بشريين، الأمر شجعه على الاقتراب بلا تردد نحو الاستقبال.
"يا له من مساء يا سادة."
تحدث، شفاهه تنبسط بابتسامة أرغم على رسمها.
"يبدو أن حدثاً مهماً يجري اليوم."
علق على صوت الموسيقى الكلاسيكية التي صدحت من الشرف العالية.

"بالفعل."
تحدث أحد الحارسين رداً بعد أن تأمل زي ضيفه الأسود من الأعلى وحتى الأسفل.
"إذ يقام هنا مزاد علني لبيع عينات قديمة تم جمعها من مختلف بقاع الأرض."
أردف متشجعاً وهو يفرك كفيه ببعضهما البعض لمظهر الشاب. فما ارتداه من جلود وأحذية فاخرة جعلته يبدو كزبون مهم. خاصة تلك النظارة التي بدت وكأنها تخفي هويته تتدلى أمام عينيه الناعستين.

"لما لا تقيمون معرضكم داخل المدينة؟"
سأل وهو ينقل وزنه لساق أخرى تاركاً سلاسل القضيب الحديدي في جرابه لتتلاطم مصدرة أزيزاً ذو صدى لم يعبأ أيهما به، هذا دلل أن حتى ضيوفهم يحملون الأسلحة بالفعل.

"إيجار مبنى سيكون باهظاً حتى لجامعي التحف في قلب المدينة، المكان هنا جميل ولا بأس به، كما أن هذا المعرض سيستمر لثلاث أيام سيعود بعدها السادة لأعمالهم مترامية الأطراف."
تحدث الآخر، كان حجمه أصغر وأشيب. عينان حادتان وصوت رخيم حمل الشك. كل هذا جعل الشاب يبتسم أكثر فحسب.

"هذا مفهوم تماماً، فلكي تجد العينات النادرة يجب أن تسافر وتستكشف ثم تلاحق...."
حرك قبضته التي تغطت بجلد أسود أمام وجوههم ليبدو وكأنه يعتصر شيئاً ما بقوة بين أنامله.
"لتصطاد."
أنهى كلماته وأنيابه برزت لتجعل الحارسين ينظران لبعضهما بتشكك.

"لقد ثرثرت كثيراً."
تحدث ذو الصوت الرخيم بخفوت موبخاً رفيقه ليحمحم ذاك ويحدث من أمامه بتبجيل متجاهلاً كلمات التعنيف التي سمعها:
"سيدي إنه مكان تستطيع دخوله بدعوة خاصة، أتمتلك شيئاً كهذا؟"

"بالطبع."
تحدث وكاد أن يقهقه فأخيراً وبعد ثرثرة طويلة قرر أحدهم التأكد من هويته فأخرج بطاقة فضية اللون من جيبه وسلمها.

"مهلاً، إن كنت مدعواً فلما تسأل من الأساس؟"
تحدث الأول في حين راح الثاني يتسائل.
"إنها مرتي الأولى هنا."
أخرج عصاه الحديدية من جيبه وبضغطة خفيفة من إبهامه تطاولت ليطرق بها الأرض ويستند بجذعه لمعدنها اللامع مردفاً:
"لقد حصلت على هواية جمع النوادر مؤخراً."

"بطاقة الدعوة تم تأكيدها. لا يمكنني تركك لتدخل بعد. ألديك اسم تعريفي أيها السيد الشاب؟"
ثنى شفاهه وأنامله راحت تداعب السلاسل الحديدية التي تعلقت بعصاه.
"أأحتاج شيء كهذا أيضاً؟"
غمغم.

"نعم..."
علق الحارس وهو يلوح بالبطاقة مردفاً على مهل:
"هذا مكتوب كطلب على بطاقة الدعوة بالفعل."
تنهد وهو يهرش مؤخرة عنقه بعنف. لقد أصابه الإزعاج بسبب هذا التفصيل الذي أغفله حين 'استعار' البطاقة من حاملها الأساسي.

"لابد أن يوتوبيا بسمعتها الطيبة وتعددية سكانها جذبت إنتباه جامعي التحف للعمل لكن أسمع أحدكم يوماً عن العائلة التي تدير نظام المدينة الفاضلة قبلاً؟"
سأل وهو ينظر بوجهه بعيداً عنهما.

"أليست مدينة حرة؟"
عقد ذو الصوت الرخيم حاجبيه، بدا بجوابه وكأنه يعلم لكن متشكك مما قد لا يعلمه.

"إنها كذلك بالفعل ولكن لاشيء يمكن أن يكون بهذه الاستقامة دون عارضة قوية لدعمه."
أجاب وهو يهز رأسه يميناً ويساراً مدعياً الإحباط فأثار فضول محدثه.

"لم أسمع عنهم بنفسي. من هم؟"
سأل الآخر بسذاجة فابتسم.

"هم ذاتهم من ساعدوا على بنائها بثروات أرضهم الخاصة."
ضرب عصاه بقدمه لتطير في الهواء. عيون الحراس ارتفعت بذهول وما أن نطق محدثهم بالجواب حتى أرسلهم بسلاسة نحو عالم الأحلام. وضع كوعه في حلق الأول ليختنق ويفقد الوعي أما الثاني فجعله ينهار أرضاً بلكمه معدته قبل أن يدق رأسه ضد ركبته.
"إنهم لاشيسيا."
التقط عصاه ليقوم بطيها بين كفيه قبل أن يحشرها مكانها في جراب فخذه.

"سأبقي محاولة الدخول الفاشلة لنفسي."
تنهد.

"كما هو متوقع."
تحسس ياقة قميص أحد الحارسين ثم مزقها ليظهر حزام أسود كان قد التف حول أعناقهم وغرس في جلدهم.
"هذه الأشياء ستطلق إنذاراً إن توقفت إشاراتهم الحيوية. من نظموا هذا يعلمون أنهم قد يواجهون مصاصي دماء."
أردف. وضع البشر كحراس غدا أكثر منطقية فلو كانا من أبناء جلدته لقتلهما دون تردد رغم العواقب التي قد تنتظره.

"سنصل قريباً، موقعك غدا واضحاً أخيراً."
سمع صوت شارلوت يتحدث بأذنه فلوح بذراعيه متذمراً:
"هيا يا جلالتكِ، حضوركم وخاصة أنتِ سينبههم. لا نريدهم أن يهربوا ونحن من كنا ننتظرهم لسنوات الآن."

شارلوت ضغطت أسنانها من الجهة الأخرى وهو أغلق فاهه. يعلم أنه لا يجدر به الجدال.
"لقد ظننت بأن جهاز استدعائك قد تحطم. أتعلم كيف شعرت للحظة؟!"
عاتبت.

"اعتذر، احتجت للتركيز فقمت بإغلاقه."
عبث بخصلات شعره وشارلوت تنهدت بقلة حيلة.
"لا تتهور لوحدكِ، سنوافيك قريباً."
بدا وكأن اتصالهم قد انقطع حين أصدرت السماعة في أذنه صوت تشوش رفيع جعله يخرج الجهاز ويرميه في الماء دون تردد.

.
.
.

شارلوت سعدت لرؤيته يستمع لكلامها حتى ولو على مضض فحين وجدته عاقداً ذراعيه أمام صدره علمت أن صبره كان ينفذ.

انحنى بجذعه احتراماً وهذا جعلها تبعثر شعره برضى مع ابتسامة بسيطة على وجهها.
"أنتِ تقلقين كثيراً."
علق بصوت خافت أما هي فتخطته ليتبعها في حديقة المبنى خلفهما إيدغار الذي راح يتململ بخطواته مع ماشميا التي بدت مرتاحة بدورها من كون الشاب سليم.

"لا تجادل حكمي."
تحدثت شارلوت وهو إلتف من جهتها اليسرى لليمنى كالنحلة التي لا تمل مضيفاً:
"حكمكِ وبوضوح يعالمني باختلاف."

"لأسباب واضحة."
أضافت بدورها ثم وقفت أمام باب المبنى وعقدت ذراعيها أمامها. عيناها سارتا سريعاً في هيئة المبنى المألوف قبل أن تتنهد بأسى للحال التي غدا عليها، من المؤسف أنها ستودعه الليلة نهائياً.

"ما اتفقنا عليه مسبقاً سيحصل."
عيونها السوداء حطت على هيئة ماشميا التي رفعت أطراف فستانها منحنية بتفهم كامل للأوامر قبل إيدغار الذي كان مازال يحدق بالمبنى بالمثل فأعادت كلامها مشددة:
"أريدهم أحياء."

أشارت بأناملها لفرقة من الجنود الذين ارتدوا سترات بيضاء مشابهة وأضافت بثقة:
"لا تخافوا الاشتباك فلن يحدث من الأصل."

ماشميا وإيدغار اختفيا أما جنودها فبدأوا بتطويق المبنى بخفة.

"ماذا عني؟"
عيناها ارتفعتا نحو الشاب المتحمس بقربها فتحركت بدورها وقالت:
"ستبقى بقربي."

"جلالتكِ!"
بصوت متذمر اعترض وهي دفعت بسبابتها ضد جبهته ليستقيم بشكل كامل ويستعد.
"توقف عن التأفف وإلا أرسلتك لماشا."
نبهته.

"أنا ورغم حبي لها...أفضل إيدغار في العمل عليها."
غمغم بخفوت خوفاً من أن تسمعه المذكورة وما أن أصبحا أمام الباب الفاره حتى انصفق مفتوحاً على مصراعيه لتدلف بخطوات ثابتة يتبعها كالظل.

المبنى امتلك مسرحاً فارهاً أسفل الأرض وهناك اجتمع سادة السوق السوداء للعبيد ولم يكن أي نوع لتضيع وقتها الثمين عليهم.
كانت تلاحق أخبارهم منذ سنوات، كانوا يتجولون في كل مكان ويجمعون أشخاص يعانون من أمراض نادرة، مصاصي دماء أو بشراً كانوا، وأكثر الكائنات ندرة كالهجناء. لا لشيء سوى لبيعهم لأولئك الذين أقنعتهم نفوسهم المريضة أن اقتناء هذا الكائن الحي المختلف أمر بسيط بل ومسلم به.

صوت تصفيق عالي صدح والشاب بجانبها بدا عليه شيء من الدهشة.
"هم حقاً لم يلاحظوا حضور ملكتهم."
أنفه اشتم رائحة مألوفة أخذت تملأ هواء القاعة فتنهد مع ابتسامة جانبية.
"يالها من حيلة لطيفة ورخيصة جلالتكِ."
علق.

"عطر الوستارية يعمل كمخدر. أعصابهم وعضلاتهم مسترخية بالكامل، عقولهم في السماء وأنظارهم متعلقة بالأنوار المبهرجة. كيف لهم أن يلاحظوا؟"
عيناها تضيقتا بشيء من الغضب. هذا لم يعجبها. هي الملكة واعتادت من الرؤوس أن تنحني لها.

"واحفظ لسانك يا سيث."
تنفست كلماتها بحدة ثم تخطته لتردف ناهية:
"أنت لا تتحدث هكذا مع ملكتك."
انحنى سيث بجذعه وهو يبتسم معتذراً بصمته قبل أن يبدأ بتتبعها مجدداً.

"بما أن مدرجات الليلة الجميلة امتلأت فأعتقد أنه يجدر بنا التقدم واختصار كل المقدمات بالبدأ مباشرة وتقديم القطع الفنية المميزة لهذا المعرض."
من اعتلى المسرح لوح بمطرقته الخشبية المذهبة. وجهه اختفى خلف قناع أبيض وأسود لكن صوته تعالى ليجذب الانتباه.

تم جر عدة أقفاص مصنوعة من خليط من المعادن مع الفضة على المسرح وفي داخل كل منهم تواجد عدة أشخاص، فتيات يافعات وشارلوت لاحظت على الفور أن كناريا كانت مقيدة من قدميها وساعديها معاً خلف ظهره، مع لجام معدني يغطي فاهها بعكس الآخريات فبدت أكثر خطورة بتلك القرون المهددة التي برزت من رأسها.

رفعت كناريا رأسها فوجدت بعيونها الغسقية عينا شارلوت على الفور لتبتسم الملكة بتهكم إذ أن الهجينة لاحظت حضورها بعكس راعاياها من ذوي 'الدم النقي' كما يقال أو يصفون نفسهم.

لابد من أن كناريا تظن بحلول الآن بأنها من تسببت بوضعها الحالي فقد التقت بها قبل بضعة ساعات من أن تلتقي بمن كان يلاحقها بحق ليجلبها هنا. لقد ساعدتها كطعم على اكتشاف الطريق لهذا التجمع البهيج وبفضل حواس سيث القوية اتيح لهم تتبعهم بسهولة دون أن يلاحظوا.

شهقت شارلوت نفساً طويلاً قبل أن تفرقع بأصابعها ليتلاشى النور ويحل الظلام على القاعة التي بدأ مرتادوها بالهلع.

تحركت عبر الحشد نحو المسرح على مهل، ضربت مصاص دماء هزيل اعترضها بلا قصد بمؤخرة يدها فسقط مغشياً عليه ولكزت قدم بشري بدين بكعب حذائها ليتعثر بظلاله ويهوي على وجهه.

صوت عيار نارية واحد دوى فرأت الشرار وحين حاولت إلتقاط الرصاصة شعرت بذراع تجلبها للخلف. ظهرها التقى بصدر سيث والمعدن الحار اصطدم بالجدار ليخرقه.
"لا تفعلي هذا يا جلالتكِ، قد تتأذين لسم الفضة."
همس من أعلى رأسها بنبرة مضطربة جعلت صدرها يهتز بضحكة حاولت كتمها.
"أرجوكِ ألا تفعلي هذا بحق."
عاتبها سيث بجدية.

"حسناً. كما تريد."
رفعت كفاً باستسلام ليحررها وضغطت بدورها على كتفه مردفة بمرح:
"آسفة على اللعب بأعصابك، لم أعني ذلك."

"هذا ليس أمراً تستهينين به أنتِ من بين الجميع، الفضة تتطاير من حولنا."
تحدث دون أن يرفض لمساتها لتتراجع من تلقاء نفسها وتتحدث بدورها:
"كل شيء على ما يرام. لقد قلت ذلك من قبل، لا داعي للخوف من الاشتباك لأنه لن يحصل."

صوت العيارات النارية هدأ وعندما فرقعت شارلوت بأصابعها مرة ثانية عادت الأنوار ومعها تفتحت الأفواه مشدوهة من رؤية السقف قد خرز بصفوف من الطلقات الفضية.

"أنا أعلم، لكن هذا لا يعني أن تتجاهلي استعمال هباتك لحماية نفسكِ، لا تقومي بالتركيز على الآخرين فقط."
وجه سيث انخفض نحو مصاص دماء مكبل الأطراف بقربهم، كان يرتجف ويغطي رأسه برعب.
"خاصة الحثالة."
أضاف.

الجنود الذين توشحوا بالأبيض كانوا يقومون بالفعل بنقل كل البشر الذين قيدوهم للخارج تحت أوامر شارلوت التي غمغمت من أسفل أنفاسها:
"أناس تيرابثيا رفضوا أن يتم محاكمة رعيتهم على طريقتنا لذا فسنرسلهم لهم."

"ياللآسف."
سيث علق من خلف ملكته التي اعتلت المسرح تناظر وجوه المقيدين من بشر ومصاصي دماء وحتى أشباه حتى وصلت كناريا التي غمغمت من بين أسنانها الحادة من خلف اللجام:
"ما الذي يعنيه كل هذا؟"

"ما الذي تظنين أنه يعنيه؟"
شارلوت سألت بحاحب مرفوع، ودت لو تستشف أكثر ما يدور في خلد الفتاة التي بدت وكأن النيران ستشتعل في رأسها.

"أنا كنت أداة لكِ."
غمغمت كناريا مستنتجة وشارلوت صفقت بكلتا يديها لتثني بصمت على الفتاة التي تنهدت وحسب قبل أن تتراجع بحذر حتى أقصى القفص ما أن لمحت الشاب الذي رافق الملكة يقترب.

أزال سيث قفازه عن كفه الأيمن ثم إنخفض على ركبة واحدة ليتلمس القفص المصنوع من الفضة بأنامله العارية.

"لا تفعل، ستحرق بشرتك!"
كناريا هتفت بعيون متسعة أما هو فابتسم وحسب حين راح المعدن يتحول لفحم أسود أسفل لمسته قبل أن يتفتت تماماً ما أن نسفه بمؤخرة كفه فيتطاير كالرماد.

رفع كفه نحوها ثم أشار بسبابته لها بأن تقترب.
كناريا التي كانت جالسة مكانها مشدوهة بما رأته تحركت أخيراً لتزحف على ركبتيها بحذر نحوه، حاولت تسليمه يديلها لكنها تجنب لمس بشرتها وأمسك بالسلاسل حول ذراعيها ليفعل المثل بهما. عيون كناريا حدقت بوجهه الذي اختفت معانيه خلف خصلات متمردة وعدسات سوداء رقيقة ثم إنزلقت بأبصارها نحو أطراف أنامله، كانت بشرته تحترق بالفعل قليلاً لكنه كان يتعافى بسرعة ما أن يصبح المعدن فاحماً.
"ألا تؤلمك الفضة؟"
سألت الفتاة بفضول.

"هذه ليست بفضة خام لتؤلم بحق بالنسبة لي، وهذا لا يهم فأنا لا أتألم مثلكِ الآن كناري."
أعاد ارتداء قفازه ثم رفع كفه نحو وجه كناريا التي شهقت أنفاساً مصدومة ثم أشاحت بعيونها الجاحظة بعيداً وكأنها تهضم أمراً لم تره قادماً.

"سأزيل هذا اللجام، لا بد أنه يحرق، صحيح؟"
استأذن بكلماته من كناريا التي سلمته وجهها أخيراً بتردد. راقبت بعيون ناعسة سيث يقوم بتسير أنامله بخفة على الأقفال ليتهاوى المعدن سريعاً على الأرض أما الفتاة التي شعرت بحروق وجهها تلسعها فاضت عيونها بدمع غزير إنزلق على وجنتيها دون شعور منها ليكوي الحروق أكثر وحسب.

"لما البكاء الصامت؟"
سأل سيث وهو يميل برأسه يمنة بحيرة حقيقية إذ أن قيودها حرقت بشرتها بالفعل لكن لم تكن تؤلمها حد البكاء قبلاً، أوفعلت وكانت تكابر سابقاً؟

شارلوت التي كانت تلقي بالتوجيهات تحدثت أخيراً من فوق رؤوسهم معهم.
"لابد أنه تأثير الصدمة."
لم تحتج لأن تفكر كثيراً لتعلم أن الفتاة كان يتم ملاحقتها مراراً من قبل أشخاص كهؤلاء.

"هكذا إذاً."
نبس سيث بتفهم، قبض أنامله ثم نهض بهدوء ليبتعد ويقوم بمساعدة أشخاص آخرين.

شارلوت من جهة أخرى مسدت على خصلات كناريا الخفيفة أما تلك فركزت معها بعد أن كانت قد تركت بصرها يتابع الشاب الغريب بلهفة.
"تستطيعين الوقوف؟"
سألت شارلوت بخفوت لتنتفض كناريا كقطة برية من أسفل أنامل الملكة الباردة.
شارلوت ضحكت وحسب، الأمر أثار استهجان الفتاة.

مجندة طويلة القامة طلبت من كناريا مرافقتها بابتسامة بشوش وحين لم تجد الفتاة خياراً آخر سوى الذهاب معها فعلت بصمت.

ما أن غدا المسرح خالياً من ضحايا المزاد حتى استدارت شارلوت نحو رعاياها، ابتسامتها سقطت ونظراتها غدت خاوية كليلة حالكة بلا نجوم.

أجسادهم ارتعشت وعيونهم جحظت. منهم من تمنى لو أصابته رصاصة فضية طائشة ولكنهم علموا أن ملكتهم لم ترد أن يتحولوا لرماد بمثل تلك السهولة لأنها لو فعلت هذا لكان هذا قد حدث بالفعل.

"التمثيل بأن حرس يوتوبيا مجرد وجه لا أهمية له لشهور نفع في تشجيعكم وإرضاء غروركم على القدوم هنا ومحاولة تدنيس عاصمة السلام."
عقدت ذراعيها أمامها. خرجت للساحة وقامت بالتمثيل، كان من الممكن أن يلاحظوا أنها ملكتهم ويلوذوا بالفرار لكن إنحطاطهم أعماهم ولم يروا سوى بعض أفراد الحرس الضعاف الذين يفر منهم المجرمون بسهولة. فرصة وضاعت.

"لقد كان ملككم كريماً أكثر من اللازم بمنح أمثالكم حرية العبور للخارج."
طرقت بحذائها مرة هادئة على أرض المسرح أما أولئك الآثمين فكانوا يعانون لإبقاء أجسادهم عالية عن الأرض كي لا يسحقها الضغط.
"من المقرف والمخزي رؤيتكم تتاجرون بأرواح بني جلدتكم قبل أي روح بريئة أخرى."
أردفت.
"هذا يجعلني أتسائل من أكثر دنيوية من أمثالكم في هذا العصر."

الكلام لم يكفيها لتعبر عن مدى استيائها وغضبها أو حتى عن خيبتها. بعض أولئك الذين لم ينشأوا في المملكة لم يعرفوا ملوكهم يوماً، منهم من لم يتذوق الخوف الذي يردعه عن أذى من هم أضعف منه. ظنوا أنهم أحرار وبعيدون عن العقاب.

"جميعهم مجرد كائنات أدنى."
أحدهم تحدث فألقت شارلوت بنظرة واحدة من طرف عينها نحوه جعلت جسده يصطدم بالأرض ووجهه يقبلها. أقرانه شعروا بالخوف لأول مرة عندما سمعوا صوت عظامه تتحطم من شدة الضغط ولسانه يطلب الرحمة قبل أن يتوقف عن المقاومة ويحترق لرماد جعل بعضهم يبدأ بالأنين والتوسل.

"هذا كان سريعاً."
رغم أنها كانت أول مرة تقتل بها مصاص دماء عن طريق استعمال سلطاتها كملكة إلا أنها لم تشعر بالكثير، فركت ذقنها ثم غمغمت وكأنها أدركت شيئاً مهماً:
"هذا رحيم للغاية. أعتقد أنني أتفهم الآن لما أخبرني هيرو بأن أحطم أعناقكم بعد أن أغلف أجسادكم العارية بالفضة."

"لا داعي بأن تلوثي يديكِ يا جلالتكِ."
ماشميا تحدثت بهدوء وهي تعقد أناملها خلف ظهرها وإيدغار أضاف من بقعته حيث افترش كنبة مخملية مريحة:
"كما قالت القصيرة، سنعتني بهم سريعاً. بإمكانكِ أخذ الفتى والمغادرة."

رأس سيث مال ناحيته وبابتسامة صفراء علق:
"فالتصمت."

"أكره الأطفال."
مع كلمات إيدغار الأخيرة تفاجأ المتخاصمون جميعاً من الرماد الذي تتطاير أمامهم. شارلوت كانت قد قامت بالعمل بمفردها وعلى أكمل وجه لكن لسبب آخر عدا الذي ذكرته بالفعل لم تشعر بالرضى.

"إن لم يقم أهل تيرابثيا بمحاكمة البشر كما يجب فسأتأكد بنفسي من أنهم سيفعلون."
أناملها ارتفعت لتغطي وجهها وهي تستطرد بإنزعاج وألم واضحيين:
"هذا حقاً لا يطاق."

"أنتِ تفكرين بالأمور أكثر من اللازم يا جلالتكِ."
شعرت بأنامل سيث تحط بلطف على كتفها أما إيدغار وماشميا فإلتزما الصمت فهما يعلمان لما وكيف تخرط نفسها في هذه المشاكل. الشعور بالذنب والمسؤولية.

.
.
.

فتحت كناريا عيناها وسرعان ما اتسعتا من بعد نوم عميق عندما وجدت نفسها على مقعد مريح لكن مكبلة بالحديد.
معصماها تم حجزهما أسفل أصفاد معدنية باردة وطوق كامل التف حول خصرها يدفع بظهرها للخلف مستقيماً.

الغرفة كانت مضاءة ومجهزة بتكييف بارد وأدوات غريبة توزعت على كلا الجهتين فضلاً عن حواسيب وآلات متطورة في ركن آخر.

دحرجت الفتاة عينيها بغير تصديق فقد كانت نائمة في الغرفة التي أرشدتها لها مصاصة الدماء البارحة بعد أن تم إنقاذها من أن يتم بيعها، واليوم ورغم أنها في مكان مختلف إلا أن الوضع مشابه.

"أين أنا؟"
سألت الشابة الوحيدة التي تواجدت معها في الغرفة والتي كانت تراقب إحدى الشاشات بتمعن، وحين تجاهلتها أردفت باستفهام:
"ولما أنا مقيدة؟"

"أنا أحاول اكتشاف شيء ما هنا..."
ابتلعت كناريا لسانها على مضض حين التفتت لها تلك التي ارتدت معطف الأطباء الأبيض بنظرة حادة من عيونها الخضراء قبل أن تستطرد بعد لحظات:
"لذا هلا هدأتِ قليلاً؟"

"أنا هادئة أكثر من اللازم والسبب.... دعيني أخمن، لقد قمتم بتخديري."
أهداب كناريا انخفضت نحو معصميها متحدثة بصوت خافت إذ أنها مازالت تصحو. نظرت مجدداً للطبيبة الشابة التي تحركت نحو جهة أخرى تقوم بسحب قلم من بين خصلاتها البنية المحمرة لتملأ بعض الأوراق البيضاء على الطاولة.

علمت أنه يجدر بها الهروب ليلة البارحة منهم. لم تود ورغم أنها نوعاً ما ممتنة لإنقاذها بالبقاء حول من استعملها، لكنها تعلم أن المواجهة ليست بخيار فمن يراقبونها هم النبلاء بأنفسهم وفي النهاية هم تأكدو من أنها لن تستطيع فعل ما تريده حين جعلوها تنام كالأموات وقيدوها كقاتلة.

ظنت دائماّ بسذاجة أن النبلاء لا يغادرون المملكة، لكنهم موجودون الآن من حولها من كل حدب وصوب، يجب أن تتصرف بحذر.

"بحقكم. دعوني أرحل، أنا كنت الضحية البارحة."
دفعت برأسها ضد ظهر المقعد حين تنهدت آخر كلماتها جاعلة تلك تهمهم دون النظر لها:
"لا أحد سيؤذيكِ هنا، لكن بالنسبة للرحيل، لا أظن بأنكِ تستطيعين الرحيل بعد أن تم اكتشافكِ."
الكلمات التي استعملتها الطبيبة لم ترق لكناريا بوضوح، كان ذلك ظاهراً على ملامحها لهنيهة.
"لست حيواناً ليتم اكتشافي، ما الذي تريده ملكة مصاصي الدماء مني بعد؟ لقد عاقبتي بالفعل على السرقة باستعمالي كطعم دسم بالفعل."
سألت كناريا وهي تمدد أنامل يديها بخدر قبل أن تستجمع ما لديها من قوة وتحاول خلع قيودها بلا فائدة.

"فالتسأليها بنفسكِ."
ما أن أجابت تلك على مضض حتى ارتخت عضلات كناريا بتعب.

"أولستِ تعملين معها؟"
حدقتا كناريا الزاهيتين تضيقتا حين نظرت لها الطبيبة بضيق واضح ما أن أردفت باستخفاف مع حركة متململة من رأسها:
"أو يجدر بي القول أسفل جناحها؟"

كعب تلك العال أصدر صداً مزعج في الغرفة الهادئة وصوتها كان جافاً حين تقدمت مجيبة بهمس:
"لا."

"أنتِ تغارين."
كناريا ابتسمت بجانبية حين همست كلماتها وعينا الطبيبة احتدتا هذه المرة بإنزعاج حين انخفضت أكثر نحوها سائلة بهمس:
"أولستِ تتحدثين كثيراً بالنسبة لشخص كان تحت التخدير؟"

"أيتها الطبيبة، أنا سافرت كثيراً. من هنا ولأبعد هناك، لن أقول اختلطت، إنما رأيت الكثير من البشر ومصاصي الدماء بمختلف الطبائع. أستطيع المعرفة بمجرد النظر في عينيكِ."
كناريا أجابت ومالت للأمام بقدر ما تستطيع تراقب عيون الأخيرة الزمردية بإنغماس.

"الأمر ظاهر كوضوح الشمس في السماء فوق رأسي أنكِ تكذبين."
الطبيية تحدثت وكناريا تنهدت مغمغمة أخيراً:
"أنتِ حرة بتصديق ما تريدين يا سيدة، لكن من الواضح أنكِ لستِ معجبة بها."

"اسمي لاتشيا، ويبدو بأنني سأضيف بعض المعلومات الجديدة لملفكِ."
تحدثت لاتشيا معرفة عن نفسها وتلك غمغمت بحاجب مرفوع:
"ملفي؟"

"أستقومين بتشريحي؟"
كناريا سألت ما أن حصلت على الصمت كإجابة من لاتشيا على سؤالها الأول، وبالمثل لم توفق عند سؤالها الثان.

الباب في الصدر انسفق مفتوحاً وعيناها ارتفعتا نحو مصاص الدماء الذي دلف وهو يقوم بتركيز قفازيه المخبريين تاركاً معطفه الطبي الخاص في حالة من الفوضى حين تحدث بسرعة:
"أحب لو أفعل هذا بنفسي آنسة عصفور مغرد لكن ملكتي لن تقبل أن ألمس شعرة من رأسكِ."

"هذا غير متوقع، ولا تسخر من اسمي."
غمغمت كناريا وهي تشاهده يقوم بفتح عدة أدراج قبل أن يلتقط عدة أدوات معدنية صغيرة ذات أطراف حادة قائلاً:
"ما هو غير المتوقع؟"

"لما قد تكترث الملكة لسلامتي؟"
سألت وهو توقف أمامها تالياً لينحني بجذعه وتصبح نظراته الخضراء موازية لخاصتها تدفعها لأن تبتلع ما تكون في حلقها بخوف حين غمغم بانبهار وعجب:
"لابرادوريت أنديسين!"

ما أن غاصت في حدقتيه أكثر حتى شعرت بالتهديد والخطر، وكأن ما دار في رأسه قد أصبح ظاهراً لها.

"ابتعد عني!"
صرخت أخيراً وقدمها الحرة ارتفعت في الهواء في محاولة لضربه إلا أنه كان أسرع بالإبتعاد عنها والمقعد من أسفلها تحرك بضع إنشات للخلف برغم وزنه الثقيل لحركتها العنيفة المفاجئة.

شاهد مصاصا الدماء صدرها يرتفع وينخفض بعنف وعيناها تصبحان أكثر حدة وهي تنظر لهما وكأنها تهددهما من الاقتراب أكثر، الفتاة الهادئة اختفت.

"ما الذي فعلته الآن أبي؟"
لاتشيا سألت وهي تعقد يديها أسفل صدرها في حين أجاب من وقف بجانبها بشيء من الذهول:
"الاسم العلمي للأحجار الخلابة التي تمتلكها في محجريها. حجر الشمس، لم أره من فترة."

"وأنت كنت تنوي الحصول على مقلتيها؟"
لاتشيا غمغمت بشيء من التأنيب في حين أشاح مُحدثها رامياً أدواته جانباً مع قوله مدعياً البراءة:
"أبداً، لم أكن لأفعل شيئاً، ليس من دون إذن جلالتها."

"أنت تعلم أن الجواب سيبقى لا جورج."
رأس كناريا ارتفع بسرعة ناحية الباب الضخم حيث ظهر سيث من خلاله.
"مرحباً، كناري."
لوح بكفه نحوها لتنكمش في مكانها وتحدق به بحرص.

"أنت بخيل كجلالتها."
جورج تذمر وسيث تخطاه أسفل أنظار لاتشيا التي أفسحت مجالاً بالمثل.

"الفتاة ستأتي معي بما أنها استيقظت وانتهى فحصها بسلام، جلالتها تود مقابلتها."
ما أن قال كلماته حتى أطلقت القيود سراحها.

"لا أريد."
تحدثت كناريا وهي تقوم بتدليك ساعديها.

"جلالتها قابلت كل شخص تم جلبه البارحة بالفعل والهدف من تواجدكِ في هذه الغرفة كان لتلقي العلاج والإطمئنان على صحتك. اعتذر عن أي سوء فهم كان قد تسبب به الأشخاص لكِ هنا وعن القيود، يميل النيام لأن يكونوا عنيفين أحياناً ويتم تجنب الأذى بتقييد الشخص."
حين إنخفض سيث بجذعه أمامها لم تجد بداً من النظر في وجهه. كرهت تلك النظارات التي تغطي عينيه فتتركها في حيرة دون أن تكون قادرة على رؤية وجهه كاملاً أو استشفاف ما يدور في رأس هذا الشخص الذي تحس بشعور مبهم مختلط بالغرابة نحوه.

"كلماتك كالسكاكر، قد تجذب طفلاً لكنها لن تفعل معي. إن كنتم حقاً تهتمون لأمري بصدق فدعوني أرحل."
نهضت على ساقيها وهي تدلي بدلوها ليستقيم سيث متنهداً بقلة حيلة.

"للآسف هذا لن يكون قراراً أستطيع إتخاذه."
كان مباشراً وصريحاً فعلمت أنه لا بد من مقابلة الملكة.

قبضت أناملها بشدة وقضمت شفاهها بطريقة أظهرت توترها. سيث ابتسم مشيراً لها باللحاق به لتفعل على مضض فتركها مع أولئك الطبيبين الغريبين ليس أطيب من الذهاب معه.

"ربما كان لقائنا معكِ لا ينم عن خير لكن تأكدي من أنكِ ساعدتِ في إنهاء كابوس لم يؤرقكِ فحسب وبل أرق مضجع الكثيرين."
تحدث سيث وهو يسير على مهل وكأنه يراعي خطواتها المتعبة أما هي فكانت تمشي الهوينة لتذكرها أنها رأت هذا الشاب مع الملكة بالمثل في أول مرة. حين كانت مقيدة في الهواء ويتم توبيخها هو كان في الخلف، يجلس لقاعدة التمثال الكريستالي ويشاهد بشفاه مستقيمة ما يحدث، بالكاد شعرت بحضوره آنها واستذكرته الآن وحسب.

عيناها تعلقتا بالمظهر البديع خارجاً ما أن رفعت رأسها عن الأرض، حول المبنى كان كل شيء أخضر. بوابة حديدية ضخمة أحاطت بأسوار عالية المحيط النباتي الشاسع، لمحت الفتاة في الأسفل عدة حراس يرتدون الأسود والأبيض مثله، مثل الملكة ومساعدها ذاك لكن أولئك الثلاثة كان معطف كلٍ منهم ذو تصميم خاص، أما أغلب من تبقى هنا ارتدوا النسق ذاته.

النافورة الكبيرة والتي صُنعت من الرخام المصقول جذبت انتباهها بشدة، كانت مدورة بأطراف منقوشة ببراعة في المنصف ارتفعت بتمثال تم نحته من قبل فنان أجاد تصوير تفاصيل الكائن المهيب ببراعة.
بدا كذئب ضخم بل مهول ذو فراء طويل، مخالب عملاقة وأخيراً قرنين مهيبين. الأمر جعل أطراف أناملها ترتعش.

"أهنالك خطب ما؟"
سيث سأل عندما توقفت عن اللحاق به وهي لم تلاحظ بنفسها ذلك فضغطت أسنانها للحظات قبل أن تزفر وتبتسم هازة برأسها:
"لا."

كان قد شعر بقدميها ترتعشان أسفلها، ظن أنه التعب فقط لكن من الواضح أن التوتر والخوف امتزجا ليزرعاها كالشجرة في الأرض.

عقد ذراعيه خلف ظهره وشاركها بتأمل الخارج للحظات علها ترتاح.
"يجب أن تهابي جلالتها لا أن تخافيها، فهي في الواقع روح لطيفة."

كناريا لم تجب كلماته، ضغطت أناملها بقربها في قبضة مشدودة وحافظت على صمت مطبق.

***********

الفصل الثاني أخيراً

اسم المدينة تيرابثيا مستوحى بالمناسبة من فيلم طفولتي الذي شاهدته ٥ مرات أو أكثر Bridge to Terabithia
-عندما كانت أفلام ديزني جيدة ⁦-⁦ʘ⁠‿⁠ʘ
انصح لمن لا يعرفه بمشاهدته

من اشتاق لسيث؟
أنا فعلت
وجورج؟ ⁦(⁠ ⁠ꈍ⁠ᴗ⁠ꈍ⁠)⁩ له إنطباع أول عظيم كالعادة
أي توقعات ونظريات للقادم؟
أراكم على خير

ناخت♥️

Continue Reading

You'll Also Like

568K 17.6K 23
الرواية تتحدث عن الشيطان او لنقول زعيم مصاصي الدماء يقع بحب فتى منذ ان كان صغير ويصبح مهووس بكل انش به.. ********* ماذا سيحدث عندما يتعرض الفتى للخ...
33.1K 3.2K 32
" أتدري كم من المشاكل التي سنقع بها هارولد؟ " " أدري إيم أدري، أرجوكِ فقط أخبريني هل تكُنين لي المشاعر ؟" " هارولد ستايلز ، إيميليا وانستون تُحبك وب...
267K 20.5K 34
هُناك صراع دائِماً بِداخلنا، مشاعر مُتضارِبة، أفكار مُشتتة، فراغ داخلي، خوف، كُره، حُب، رغبة، شهوة، هُناك أيضاً ملائِكة وشياطين . وتزداد هذه الصراع...
59.9K 4.3K 18
"سأبتسِمُ لكُل مايَقِفُ حائِلًا أماميْ وسأُخبره أنني لا أهابُه مادُمتُ معك" "سأضل أحِبك وأحتَويك حتّى وإن كانَ حُبي لكِ خطأ غيرَ مغفور..." . . "ترَكت...