-4- كهرمان

6.8K 435 148
                                    


ذلك المتعجرف تركها مع مجموعة الأولاد التي لم تظن أنها ستراهم مجدداً ورحل ببساطة، وهاهي ذي ستنسى أسمائهم قريباً حيث لم يمضي على وجودها معهم ساعة فقط بينما ثلاثتهم يتنافسون على الحديث معها منادين باسمها في كل مرة يريدون سحب أبصارها وتركيزها.

ليست مستغربة، لابد أنهم قد أصيبوا بالملل من رؤية ذات الوجوه كل يوم. كما أن التعرف على شخص يعيش خارجاً لوحده والحديث معه شيء يبدو حقاً رائعاً لهم.

"شارلوت!"
عيناها مجدداً تحركتا نحو لوسيا التي تجلس على الطاولة مبتسمة تستمع لها حين استطردت:
"لقد عرفناكِ عن أنفسنا والكثير حولنا وحول المكان لكن أنتِ لم تخبرينا عنكِ شيئاً بعد."

"هذا صحيح."
تمتمت ماي الصهباء حيث كانت جالسة على الكرسي وعيون آلان الخضراء ارتفعت من مكانه على الأرض أسفل النافذة نحوها بالمثل.

ابتسمت نحوهم وهي تقهقه بتوتر حقيقي لم تشعر به قبلاً قائلة:
"ماذا علي أخبركم عني؟ أنا فقط شارلوت."

"اسمك الأخير؟"
سألت ماي لتحول المخاطبة أنظارها لها مجدداً وتهز رأسها بالنفي مجيبة:
"لا أذكره، لقد فقدت عائلتي التي تبنتني للجائحة بعد وفاة والدتي منذ سنوات طويلة."

"منذ بداية السقوط؟"
تمتت لوسيا بأسى لتهز شارلوت برأسها، تلك الفترة عرفت ببداية السقوط، سقوط البشرية، إذ كل شيء أصبح مقلوباً، ملوك الأرض أصبحوا عبيداً يهربون من جلادهم، من مختلف الكائنات الأقوى التي تعيش خارجاً.
"قصتي الدرامية تبدأ قبل ذلك بزمن."
أضافت ساخرة.

"ماذا عن جدك الذي ذكرته سابقاً؟"
تمتمت ماي بحاجبين معقودين. بدت معاتبة نوعاً وكأنها قد اكتشفت أمراً فاتهم فجعلت شارلوت تهلث مدحرجة مقلتيها جانباً:
"كانت كذبة، آسفة."

"إذاً أنتِ كنتِ تعيشين لوحدكِ ولم تريدي الدخول لأي مجمع فحسب!"
استنتجت لوسيا لتغمزها شارلوت وتجيب:
"شيء كهذا."

"لكن لماذا؟"
سألت ماي بتشوش إذ أن البشر الكبار يصرخون ويحتجون كل يوم أمام الجدارن للدخول والحصول على الأمان أما هي فتعيش لوحدها منذ عشرة سنوات ولم تكن مستعدة للدخول لولا جلبهم لها معهم.

صمتت شارلوت، لم تعتقد يوماً أنها ستحتاجهم، ستحتاج البشر، والآن الصدفة جعلتها تدرك ما يجب فعله أكثر. لمواجهة تهديد أكبر وعدو أقوى.

"المجمع ليس المكان المفضل لجميع البشر ماي."
تكلم آلان بهدوء غريب وهو يمدد ساقيه بعد أن صالبهما أمامه بشرود.

حدقت به شارلوت بفضول رامشة مرتين قبل أن تضيف فوق كلامه بمرح:
"أنا أحب الحرية والقفص الصخري الذي تعيشون فيه ليس أسلوب حياتي، يمكنك القول أنني قد اعتدت التواجد خارجاً ومواجهة الحيوانات المفترسة ومصاصي الدماء المتجولين."

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now