-44- رماد عينيه

4.2K 334 965
                                    

في الردهة وأسفل القبة الفسيفسائية ركز هيروزيوس المنديل الذي تعلق حول عنقه بإنزعاج وكأنه ينتظر الفرصة المناسبة لإقتلاعه بعيداً.

"عجباً..."
استدار بجذعه ناحية شارلوت ما أن سمع صوتها وعيناه وقعتا على هيئتها فاتسعتا بإعجاب واضح بطلتها الجديدة فقد ارتدت فستاناً مخملياً قرمزي اللون طويل لامس الأرضية من كل الجهات وعار الساعدين بجناحين يتدليان من أعلى كتفيها للبلاط. أظهر عنقها الأبيض والذي تم تزينه بطوق ضيق من الألماس الناعم.

"تبدو الآن أكثر شبهاً بالملوك."
شارلوت أردفت وقامت بإعادة خصلة مموجة من شعرها الذي تم تصفيفه بمهارة لخلف أذنها غير مبالية بأنها تقوم بإفساد نسق التصفيفة التي صُممت بطريقة يتم فيها ترك بعض الخصلات متدلية على جانبي وجهها.

"دعينا لا نتحدث عنكِ إذاً."
شفاهه لامست كفها بقبلة سريعاً حين انحنى لها قبل أن يردف:
"أو لنفعل لبضعة دقائق، ملكتي خطفت أنفاسي وإدراكي."

"أجل، لقد لاحظت..."
شارلوت ركزت ياقة المعطف الرصاصي الذي ارتداه أعلى قميصه الخمري الداكن وداعبت السلسلة الذهبية التي تعلقت على صدره بشعار ألماسي تالياً حين سحبها من خصرها لحضنه هامساً من أعلى رأسها بوعيد:
"توقفي وإلا أفسدت مظهركِ بدوري."

شفاهها انبسطت بابتسامة بسيطة وأناملها سارت على عنقه قبل أن تطبع قبلة قصيرة أسفل فكه قائلة:
"عن ماذا تتحدث؟ كنت أساعدك."

"لنذهب."
تأبطت ذراعه ليبدأ بالحراك على مهل، لطالما ظنت بأنه سينتهي بها المطاف بتعلم موكبة خطواته الواسعة لكن العكس حدث وهو من راح يتأقلم معها.
"ألا يمكننا تأجيل هذا العشاء؟"
ضحكة قصيرة فرت من بين شفتيها حين غمغم بسؤاله.

"نحن لم نحظى بواحد معاً منذ دهر."
شارلوت تحدثت وابتسامتها خفتت، للذكريات الماضية طعم غريب، لم تكن سيئة لكنها لم تكن الأفضل. الأمر الذي جعلها تردف بتنبيه:
"تذكر هيرو...كن لطيفاً."

"أنتِ تفكرين كثيراً بشأنه، ألا تفعلين؟"
هيروزيوس تحدث وهو يميل برأسه نحوها ليجس نبضها فوجد ملامح وجهها تتبدل من الأسى لابتسامة بسيطة مع قولها:
"لا أستطيع سوى أن أفعل، هو يدعي أن الأمور بخير لكنني مازلت قلقة."

"أقام بإفتعال أي مشاكل خلال السنوات الماضية؟"
هيروزيوس سأل بحاجب مرفوع وشارلوت هزت برأسها ببطء نفياً.
"كان مرافقاً لي على الدوام، صخبه غدا لهدوء غير معهود، لقد نضج منذ زمن هيرو، لكن رغبته بالبقاء بعيداً عن الأنظار لم تتغير قط."

"يجب عليه تخطي انعزاله، هو ليس بظلك، حتى وإن أحببتُ فكرة أنه يحميكِ بحضوره."
شارلوت توقفت عند الدرجة الأولى من السلالم وضربت قبضتها ضد عضده معاتبة:
"لا تحاول، الدخول في نقاش كهذا معه عن هذا الموضوع قد يفسد الأمور."

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now