-46- سم وعسل

611 45 325
                                    

"لما تبدو متعباً هكذا؟"
شارلوت سألت وهي تتمعن في ملامح زوجها الجذابة، لاحظت أنه كان يجعد عينيه المغمضتين مراراً وكأنه يحاول أن يجبر نفسه على الراحة.

سيرت سبابتها أعلى حاجبيه وحول تجاعيد جبينه لتنحل التقطيبة التي كان قد صنعها على الفور.
"فالتفضفض."
طلبت فليست الشخص الوحيد الذي قد يعاني من المشاكل التي تصيب المرء بالإرهاق.

"ألا يوجد معاني أخرى لهذه الكلمة؟"
استرق البصر لوجهها بيمناه، شارلوت كانت مازالت تحاول استيعاب قصده عندما قاربت حاجبيها لثوان قصيرة ثم رفعتهما بشيء من الاستدراك.
"لا تحاول تغيير الموضوع."
غمغمت بعتاب.

"زافير كان يطلب مني مؤخراً تشكيل مجلس شيوخ جديد."
زفر معترفاً حين راحت هي تسحب أناملها خلال خصلات شعره الماروني على مهل.
"إنه يهتم لأمرك. لا يريد أن يدعك تهتم بكل شؤون المملكة الداخلية وحدك، خاصة وأنه يعلم أن هذه الزوجة لا تساعدك."
ضحكت من نفسها حين شعرت بالسوء.

"أنتِ تعتنين بيوتوبيا وتحافظين على تواصلنا مع أعلام البشر سليماً كما أن أنكِ تديرين المجلس المدني لمنشن لتحافظي على هدوء داخلي مماثل، وتستضيفين ندوات النبيلات الرتيبة أثناء تواجدكِ هنا شارلي."
سحب أناملها حين أبعدتهم ليشبكهم بخاصته وحط بهم على صدره.
"هذا يكفيكِ من عمل بل وأكثر بكثير مما رغبتُ منكِ بأن تنخرطي به."
أردف، أهدابه المشتعلة أظهرت عيناه عندما نظر لها فوق رأسه لترحب ببصره بابتسامة.

"سيث وسكر يساعداني دوماً."
إنزلق حرير ردائها على كتفيها حين رفعت رأسها باتجاه الشرفة التي أنارت الجناح بضوء القمر والنجوم.
"كما أنه يتوجب بي على أن أحافظ...بل وأرفع من اسمي كملكة لشعب من الكائنات الفخورة."
قاربت حاجبيها وأظهرت شدة وتجلداً في صوتها. كان واضحاً لهيروزيوس كيف دفعها كبريائها الخاص للتحدث قبل دمائها.

رفع أنامله دون أن يحرك رأسه الذي ارتاح لساقيها وأحاط بوجهها لتخفض أبصارها نحوه.
"أكرر وأعيد، أنتِ فعلتِ ما لم تكن لتجرؤ أي نبيلة مدللة على فعله. أنتِ صنعتِ لنفسكِ إسماً لا يمكن زعزعته بين الشعب."
قرب وجهها نحوه وأسند مقدمة رأسها لخاصته.
"أقسمت بدمي على إسعادكِ. توقفي عن الإنسلال من بين أناملي وشاركيني بما يثقل كاهلكِ كاملاً."
أسدلت أهدابها للحظة مستشعرة أحاسيسه الخام، تلمست فكه بكفها وقبلت جبهته مقهقهة فقد لاحظ أن موضوع أطفالهما لم يكن سوى جزء من قلقها.

"لقد تمت مهاجمتنا سابقاً في الغابة."
نطقت وما أن فعلت حتى شعرت وكأن شرارة كهربائية صعقتها للإحساس الذي هب من هيروزيوس اتجاهها.
أنامله ضغطت على ظهر الكنبة من خلفها فحطمته وعيناه اللتان أُغرقتا بالدماء نظرتا مباشرة في وجهها.
"من يجرؤ؟!"
همس بتوعد وحين برزت العروق الشاحبة في عنقه وجدت نفسها تتسلق هيئته. أنامل يمناها أحاطت بوجهه ويسراها مسحت على ظهره.

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now