في قبضة الأقدار (سلسلة الأقدا...

By noryelshry22122019

5.5M 160K 33K

في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب... More

المقدمه
اقتباس ♥️
تواقيع الأبطال ♥️
🍓 الأول في قبضة الأقدار 🍓
🍓الثاني في قبضة الأقدار 🍓
🍓الثالث في قبضة الأقدار 🍓
🍓الرابع في قبضة الأقدار 🍓
اقتباس ♥️
🍓 الخامس في قبضة الأقدار 🍓
🍓السادس في قبضة الأقدار 🍓
🍓السابع في قبضة الأقدار 🍓
🍓الثامن في قبضة الأقدار 🍓
🍓التاسع في قبضة الأقدار 🍓
🍓العاشر في قبضة الأقدار 🍓
تنويه
🍓الحادي عشر في قبضة الأقدار 🍓
🍓الثاني عشر في قبضة الأقدار 🍓
🍓 الثالث عشر في قبضة الأقدار 🍓
أقتباس
🍓الرابع عشر في قبضة الأقدار 🍓
تنويه
🍓الخامس عشر في قبضة الأقدار 🍓
اعتذار
🍓السادس عشر في قبضة الأقدار 🍓
🍓السابع عشر في قبضة الأقدار 🍓
تنويه
🍓الثامن عشر في قبضة الأقدار 🍓
🍓التاسع عشر في قبضة الأقدار 🍓
إعلان الفصل الجديد
🍓العشرون في قبضة الأقدار 🍓
مفاجأة 🤭
🍓الحادي والعشرون في قبضة الأقدار 🍓
مفاجأة ♥️
اقتباس هديه ♥️
🍓الفصل الثاني و العشرون في قبضة الأقدار 🍓
🍓الفصل الثالث و العشرون نهاية الجزء الأول🍓
🍓الاول بين غياهب الأقدار 🍓
اعتذار
🍓الفصل الثاني بين غياهب الأقدار 🍓
اعلان
🍓الثالث بين غياهب الأقدار 🍓
اقتباس
💔💔💔
🍓الرابع "بين غياهب الأقدار "🍓
اقتباس
🍓الخامس بين غياهب الأقدار 🍓
🍓السادس بين غياهب الأقدار 🍓
🍓السابع بين غياهب الأقدار 🍓
🍓الثامن بين غياهب الأقدار 🍓
مقدمة الفصل الجديد ♥️
🍓التاسع بين غياهب الأقدار 🍓
اعتذار
مقدمة الفصل الجديد ♥️
🍓العاشر بين غياهب الأقدار 🍓
مقدمة الفصل الجديد ♥️
🍓الحادي عشر بين غياهب الأقدار 🍓
🍓الفصل الثاني عشر بين غياهب الأقدار 🍓
💔💔💔
مقدمة الفصل الجديد
🍓 الثالث عشر بين غياهب الأقدار 🍓
💔💔💔
اقتباس عشان محدش يزعل
اعتذار
🍓الرابع عشر بين غياهب الأقدار 🍓
اقتباس عشان الحلوين ♥️
🍓الخامس عشر بين غياهب الأقدار 🍓
🍓السادس عشر بين غياهب الأقدار 🍓
🍓 السابع عشر بين غياهب الأقدار 🍓
🍓الثامن عشر "بين غياهب الأقدار"🍓
اقتباس للحلوين ♥️
🍓التاسع عشر "بين غياهب الأقدار"🍓
🍓العشرون بين غياهب الأقدار 🍓
🍓الواحد و العشرون بين غياهب الأقدار 🍓
🍓الثاني والعشرون بين غياهب الأقدار 🍓
Note
🍓الثالث و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓
تنويه
🍓الرابع و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 ج١🍓
🍓 الرابع و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 ج٢ 🍓
اقتباس
🍓الخامس و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓
عزاء
🍓السابع و العشرون و الأخير بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓
توضيح
مفاجأة ♥️
اقتباس هدية ♥️
تنويه
فرحه كبيرة ♥️
الأنشودة الأولي 1 💗
اقتباس مفاجأة ♥️
الأنشودة الثانيه 💗
💔💔
الأنشودة الثالثة 💗
اعلان
الأنشودة الرابعة 💗
الأنشودة الخامسة 💗
استفتاء 🥺🥺
الأنشودة السادسة 💗🎼
توضيح
عودة بإذن الله ♥️
الأنشودة السابعة 💗🎼
الأنشودة الثامنة 🎼💗
الأنشودة التاسعة 💗🎼
الأنشودة العاشرة 💗🎼
الأنشودة الحادية عشر

🍓 السادس و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓

70.9K 2.3K 590
By noryelshry22122019

بسم الله الرحمن الرحيم

متنسوش تدعوا أن ربنا ينصر اخواتنا في فلسطين و ينتقم من عدو الله و عدونا

هُناك أشخاص في هذا العالم كالمصابيح يضيئون دروبنا المظلمة العثور عليهم صعب و التفريط بهم مستحيل . كذلك الذي يخبرك دائمًا بأنه سـ يغادرك ولكنه لا يجرؤ عن الإبتعاد أبدًا ..
و ذلك الذي يظهر فيك صفاتك الجميلة التي لم تلاحظها في نفسك يومًا ..
و ذلك الذي يتحمل رماديتك و مزاجك السيء بقلب رحب . وأيضًا هذا الذي يستمر بـ إخبارك بأنك الأروع في هذا العالم.
وعلى رأسهم هذا الذي يغفر جميع ذلاتك غضبك قسوتك إزعاجك و تذمرك الدائم. يوقن بأن كل تلك الأشياء عابرة بعيده عن طبيعتك و يدرك بأنه لا يوجد شخص كامل في هذه الحياة . كلما رأيت نفسك بعينيه تقع بعشقها ، بإستطاعته تبديد غيومك السوداء وإعادة الصفاء إلى سماءك من جديد لتبدو مشرقة.

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

انتهى الطبيب من فحصه لها تحت أنظار غلفها القلق ولكنه كعادته كان صامتًا إلى أن تحدث الطبيب بعملية :
" القولون عندها متهيج جدًا "

«سالم» بخشونة :
" و دا من إيه ؟ "
" قولون عصبي من الواضح أن مدام فرح عصبية جدًا و دا غلط .. الموضوع مش خطير بس متعب .. أنا هكتبلها على شويه أدوية و ياريت كمان تحافظ من لخبطة الأكل لحد ما الدنيا تهدي معاها .. و الف سلامه عليها "

انكمشت ملامحه بغضب أرسلته عينيه إليها ثم تحدث بإقتضاب :
" شكرًا يا دكتور.."

اومأ الطبيب قبل أن يرافقه 《سالم》 للخارج فوجد الجميع بانتظاره فوجه حديثه إلى شقيقه :
" وصل الدكتور يا سليم .."
أطاعه 《سليم》 بصمت وحين غادر مع الطبيب تحدثت 《أمينة》 بلهفه :
" طمني يا سالم .."

أجابها بإقتضاب:
" تعب عادي يا حاجة متشغليش بالك .. لو سمحتي خلي حد يطلعلنا العشا هنا "

خابت آمالها و تمتمت بخفوت :
" حاضر .. "

لم يضيف شيئًا إنما توجه للداخل مغلقًا الباب خلفه فقابلته بسيل الأسئلة التي تضج بعقلها كالذباب منذ أن ألقى بقنبلته في وجهها ثم قاطعهم قدوم الطبيب الذي انتظرت أن يمر لقاءه بسرعه حتى تفهم ماذا حدث؟
" ممكن تفهمني بقي إيه القنبلة اللي رمتها في وشي دي ؟"

تجاهل سؤالها وقال بحنق :
" أنتِ هتهتمي بصحتك امتى ؟"

لم تهتم لكلماته الغاضبة إنما هبت بنفاذ صبر متوجهه إليه وقامت بإحتواء كفه بين يديها لتجذبه وسط أنظاره المندهشة وقامت بإجلاسه على السرير و جلست بجانبه وهي تقول بإلحاح:
" سالم .. اركن كل حاجة على جنب دلوقتي و جاوبني .. إن كان قاولوني متهيج فأنا عقلي هيشت من كلامك .."

زفر بتعب قبل أن يقوم بجذب هاتفه و قام بفتحه و العبث به لثوان قبل أن يضعه أمامها لتجد فيديو مسجل 《لمروان》 الذي يقهقه بمرح مع رجل لا تعرفه ثم قال بجدية :
" كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي .."

ثم قام 《مروان》 بمد يديه ليصافح الرجل الذي لم ترتح لها نفسها و بعدها أخذ منه شيئًا لم يكن  واضحًا و من ثم انتهى الفيديو فنظرت إلى 《سالم》 بصدمة انبثقت على هيئة حروف تتوسل له أن يكذب ما رأته :
" ماتقوليش أن الراجل دا هو ناجي ؟"

اومأ بخيبة أمل لخصها في كلمة مختصرة :
" هو .."

و كأن الكلمة كانت سيفًا شق قلبها لنصفين فقد إنهار العالم من حولها فكيف لذلك الشخص النقي المرح الذي ينجح دائمًا في رسم البهجة على وشوشهم أن يكُن كاذبًا مخادعًا و الأصعب من ذلك خائنًا ! هل يوجد أشخاص ماهرين في الخداع لهذة الدرجة ؟

التقمت عينيها جموده الظاهري و رق قلبها كثيرًا لمظهره فهذه هي حالتها فكيف هو حاله؟
دون أي مقدمات قامت بإحتوائه تجذبه إليها ليستقر برأسه بين ذراعيها فقد شعرت بحاجته إلى ذلك و قد صح ظنها فقد وجدته يعانق خصرها بقوة فتألم قلبها لهذا الجبل الذي يحمل أكثر بكثير من طاقة البشر !

زينت جبينه بقبلة قويه بثته فيها أمانًا يحتاجه فتجمدت للحظة بمكانها حين شعرت بشيء دافئ يبلل ذراعيها التي تحتضنه و انشق قلبها لنصفين ل عبراته التي هطلت بصمت تحكي مقدار الألم الهائل الذي يحجبه عن الجميع بينما يقف أمامهم شامخًا لا يتأثر ولكن داخله يحترق بصمت .. 

مر قرابة الخمس دقائق من الصمت وهي تحتضنه بكل ما أوتيت من حنان حتي وجدته يعتدل محاولًا نفض هذا الضعف الذي يعتريه فمثله لا يليق به الهوان أبدًا ثم نصب عوده و وثب قائمًا ليتوجه إلى الحمام دون حديث فتضاعف الألم بقلبها و سالت مياه عينيها بقهر فكم ترغب لو تجذبه إليها مرة ثانية و تخبره بأن تلك العبرات ليست ضعفًا بل إنها أرهاق قلبه الذي يحمل الكثير ولكنها تعلم جيدًا بأنه لن يتقبل ذلك .. يكفيها تلك الدقائق التي تعرت فيها مشاعره امامها.

ألمًا هائلًا يجتاحه للحد الذي يصعب عليه التنفس يشعر بيد قويه تقبض قلبه و تمزق روحه والأكثر من ذلك أن مثله لم يعتد علي التعبير عن حزنه مما أعطى المساحه لهذا الألم الشديد لممارسة طقوسه السوداء على جسده الذي يشعر بوهن قوي لا يتقبله كبرياءه .. لولا تلك اللحظات التي قضاها بين ذراعيها لخر مغشيًا عليه من فرط ما يشعر به.

أخذته قدماه إلى حوض الإستحمام و قام بفتح المياه التي غمرت جسده و بللت ملابسه التي لم يخلعها عنه فقد أراد إطفاء نيرانه أولًا .

مرت قرابة الربع ساعة قبل أن يخرج و يقوم بالتخلص من ثيابه و الإستحمام ثم لف منشفة حول خصره يتوجه إلى الخارج فوقعت عينيه عليها وهي تدور مثل الفراشة في الغرفة و سرعان ما توقفت علي مظهره الرائع فقد كانت قطرات المياة تتدلل علي جسده الصلب المليئ بالعضلات التي تسلب أنفاسها .. وسامته الفظة و تلك الهالة من القوة البدائية التي تحيط به لها وقع السحر على قلبها الذي تعثرت نبضاته بقوة جعلت الدماء تتدفق بعنف إلى أوردتها فقادتها قدماها إليه و تسللت ذراعيها لتحيط بعنقه وفعلت ذراعيه المثل مع خصرها و تشابكت الأعين بحديث مثير لم يقطعه صوته الخشن حين قال :
" اوعديني تفضلي هنا علي طول .."

أطلقت العنان لقلبها بالحديث فعزفت شفتيها ألحان الهوى
" ماليش مكان غير هنا.. "
" حتي لو ليكِ .. متبعديش ابدًا "

تابعت العزف على أوتار قلبه قائلة بخفوت:
" وجودك حلم مستحيل مكنش عندي الجرأة احلمه .. تفتكر لما الحلم اتحول لواقع هقدر أبعد !"

زفر بحرقة قبل ان يضيف بعتب:
" أومال ليه بتعملي كده ؟"

جهرت بألم :
" عشان مش لقياك .."
" أنتِ أكتر حد عارف مسؤولياتي…"

قاطعته بوضع إصبعها فوق شفتيه لتقول بخفوت :
" انت بعيد بقلبك يا سالم و دا اللي واجعني .. عامل حاجز بيني و بينك .. بتبعدني عن كل حاجة معرفش بقصد منك ولا لا .. بس أنا عايزة أكون اقربلك حتى من نفسك .."

غازلتها عيناه و صرح بإستفهام يؤكد علي رجاءها:
" و مين قالك انك مش كدا؟"

" عشان أنا فعلًا مش كدا .. يعني لو مكنش اللي حصل دا حصل كنت هتحكيلي على موضوع مروان ؟"

لأول مرة يتوارى خلف صمته أمام عينيها فصاحت بتذمر:
" شوفت بقي.. عرفت إيه مزعلني .. "
" عرفت…"

أجابها بإختصار فتدللت كفوفها تحوى وجهه و أرسلت عينيها سهام عاشقه مستقرها قلبه وهي تقول بخفوت :
" محدش هيحبك في الدنيا قدي .. ولو فاكر إنك بتبعدني عن المشاكل تبقي بتظلمني و بتظلم نفسك .. عشان مفيش حاجه هتهون عليك غير حضني …"

لم يعتد على وصف شعوره بالكلمات و خاصةً إن كان ما يجول بصدره عميق إلى تلك الدرجة فقد التف ضماد حروفها حول جدران قلبه المتهالكة فتخدرت اوجاعه للحد الذي جعله يتناسي كل شيء و يقترب منها ليرمم شروخ روحه من شهدها المُسكِر فأخذها معه بعالمه الخاص يقتنص منها بلسمًا ل أوجاعه فهي محقة حضنها هي الشيء الوحيد الذي قد يهون عليه ثقل ما يحمله .. و قد أكدت أفعالها على كلماتها فقد تحملت قسوته الغير مقصودة بقلب رحب و صارت تقربه منها بطريقة دفعته إلى الجنون ليتعمق بقربها أكثر فقد بدا و كأنه يسلب روحها و يلقى بكامل ثقله على كاهلها و قد كانت أكثر من مرحبه لذلك ..

افلتها دون أن تتركها ذراعيه و أخذ ينظر إلى شفاهها التي تورمت وهو يقول بصوتًا أجش :
" قسيت عليكِ أوي ؟"
" فداك روحي .. "

أضاءت ملامحه إبتسامة رائعة وهو يجيبها محذرًا:
" خلى بالك دا إغراء قوي مش هقدر أقاومه .."
مازحته قائله بثقة :
" ياريت تبطل مقاومة بقي عشان أنا اللي هنتصر في الآخر.."
اتسعت إبتسامته وهو يستكين معترفًا:
" أنتِ انتصرتي أصلًا.."

إبتسمت بحب قبل أن تتحدث بإهتمام :
" تعالي عشان تغير هدومك و تتعشي .. تقريبًا من أول جوازنا متعشناش مرة لوحدنا .. أنا حقيقي ممتنة لقولوني اللي اداني الفرصة العظيمة دي"

شقت ضحكاته طريقها من أعماق الوجع الساكن بصدره إثر مزاحها و قال يشاكسها:
" فكريني أشكره بنفسي بعد العشاء .."
" عيوني .."

تفرقت قبلاته بين عينيها قبل أن يتوجه إلى السرير ليلتقط ملابسه التي اختارتها له متوجهًا إلى غرفة الملابس ليتركها تقوم بتزيين طاولة العشاء الخاصة بهم و بعد دقائق خرج ليجدها في انتظاره فارتفع إحدي حاجبيه إعجابًا تجلى في كلماته حين قال :
" ورد و شموع و جو رومانسي .. أعملي حسابك عايز كل يوم من دا .."

لونت السعادة ملامحها حين أجابته  :
" أنا عن نفسي مستعده .. بس هينفع نتعشى كل يوم لوحدنا ؟"
اقترب ملتقطًا زيتونه من الأطباق أمامه وهو يقول بإختصار:
" ينفع  "
" إزاي و الحاجه مش هتزعل؟"

لون المكر عينيه وهو يقول:
"لما الحاجة تلاقي مرات ابنها كل يوم مجهزاله عشا حلو زيها كدا أكيد هتفرح .."

《فرح》 بتخابث:
" اه قول كدا بقي عايزني كل يوم أعملك أنا الأكل .. أنت داخل على طمع بقي !"
"  كلك على بعضك بتاعتي و محدش بيطمع في حاجته ولا عندك إعتراض !"

إبتسمت بسعادة حين إستطاعت أن تبدد تلك النظرة الحزينة من عينيه و قالت بحب :
" لا وهعترض علي ايه هو انا وقعت مع أي حد ؟ دا سالم الوزان بجلالة قدره .."

أقترب منها قائلًا بتخابث:
" حاسس أني محتاج أقنعك أكتر من كدا ."
لون الخجل تقاسيمها وقالت بخفوت :
" نتعشى و نشوف الموضوع دا بعد كدا "

جذبها لتجلس بقربه و أخذا يتناولان العشاء سويًا وسط دلالها و مزاحها الذي راق له كثيرًا و ما انتهوا حتى توجهت انظارها إليه و قد غمرتها الجدية حين قالت :
" نتكلم شويه بقي ؟"
" هاتي اللي عندك ؟"

تحمحمت بخفوت قبل أن تبدأ في الحديث قائلة بتعقل :
" مبدأيًا .. أنا مش مصدقة أن مروان يعمل كدا .. خلينا متفقين أني أول ما شوفت الفيديو انصدمت و الصدمة شوشت تفكيري لكن بعد ما هديت جه في بالي ألف سيناريو و سيناريو للي شوفته ممكن يكون واحد فيهم صح "

اختصر حديثه مستفهمًا:
" زي ؟"
واصلت إقناعه قائلة:
" زي مثلًا يكون مروان بيضحك عليه عشان يجيب آخره ؟ أو مثلًا يكون الراجل دا هدده بحاجة . "
تحدث بجفاء :
" وليه أنا معنديش علم بحاجة زي دي ؟"

انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها قبل أن تقول :
" الصراحة معنديش إجابه على سؤالك .. بس  إحنا ممكن نصبر لحد ما نشوف إذا كان هيقولك ولا لا ؟ "

أجابها باختصار:
" لحد امتى ؟"
" مش محددة الوقت .. بس الحياة هتمشي زي ما هي و طبعًا لازم نكون حذرين في التعامل لحد ما نشوف اللي جاي مخبي إيه ؟"

لم يجبها إنما توجهت نظراته للبعيد ف انخرط لدقائق في التفكير قبل أن يقول باختصار :
" هنشوف .."
" أن شاء الله خير .. خليك متفائل .."

بدت لطيفة للغاية وهي تحاول بث التفاؤل بداخله فتبددت ظلمة عينيه التي حاوطتها بنظرات تغلغلت إلى داخلها قبل أن يعتقلها يديه وهو يقول بتخابث:
" تقريبًا كان في حاجة شويه حاجات كدا محتاج أقنعك بيها صح ولا أنا غلطان ؟"

اخفضت رأسها خجلًا و قالت بخفوت :
" مبتنساش حاجة أبدًا "
" كل حاجه في الدنيا دي قابلة للنسيان ألا أنتِ يا فرح .."

أخترقت كلماته جدران قلبها و خاصةً تلك النبرة المثيرة التي لها مفعول السحر على جسدها الذي غمرته نشوة العشق فهمست بخفوت :
" بحبك يا قلب فرح .."

لم تدع مجال للحديث فقد تراقص اللهب في عينيه و أيقظت كلماتها بداخله جيوش الشوق و العشق معًا فكان مزيجًا رائعًا من الشعور الذي غمرها به وهو يتخطي كل شيء جاذبًا إياها إليه فلم ينتبه لصينية العشاء التي سقطت ارضًا جراء ملحمتهم الضارية والتي أشعلت الهواء المحيط بهم فقد احترقا معًا بلهيب الصبوة الذي لم ينجو أي شيء منه و قد كان الإثنان و كأنهما في سباق من يعشق الثاني أكثر و قد كانت الغلبة له فقد بدا كمن أقسم أن يترك بكل مكان حولهم ذكرى خاصة بهم بهم فقد طبع لقائهم آثاره بكل ركن من أركان الغرفة التي شهدت على إكتمال أرواحهم التي اهتدت بعد طول عناء … و كلما خمدت الأشواق تجددت من جديد حتي هلكت الاجساد و استكانت تتوسل الراحة فشدد يديه من حولها و يحاول تنظيم أنفاسه قبل أن يقول بصوت أجش
" أنتِ اختصار لدنيتي بحالها يا فرح .. أنتِ دنيا اتمني أني أعيش و أموت فيها…"

وجودك هو الخيط الفاصل بيني وبين الهلاك .. تلك البقعة البيضاء في عالم مليء بالضباب .. النقاء وسط أنفس طمسها السواد و قلوب لوثها الجشع ..

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

*****************

صباحًا دلفت إلى الداخل  بعد أن سمعت إذن «أمينة» لها بالدخول فما أن وطأت أقدامها أرض الغرفة حتى لمع وميض الدهشة في عينيها قائلة:
" إيه دا أنت هنا ؟"

تحدث سالم بخشونة:
" أنتِ شايفة ايه ؟"
تجاهلته ووجهت انظارها الي «أمينة» التي قالت بجدية زائفة :
" إيه يا ست فرح مش عارفه أقعد مع ابني شويه منك ؟"

شهقت متفاجئة :
" ماما أنتِ بتتكلمي جد ؟ أنا معرفش والله إنه هنا .."

غيرت دفة الحديث قائلة بتقريع:
" و في واحدة بردو متعرفش جوزها فين ؟ "
تراقص المكر بعينيه وهو يقول:
" في دي عندك حق يا حاجة.."

أيقظ جيوش التمرد بداخلها فـ سردت شكواها بضعف مستجد:
" و يرضيكِ يا ماما أن الواحد ميشاركش مراته في أي حاجة تخصه ! و يهمشها كأنها مش موجودة! "

كان أمرًا هو أكثر من نادم عليه وتعرف هي ذلك ولكنها أرادت رد الهجوم بهجوم مضاد فعض على شفتيه السفلية بتوعد و عينيه ترسلان سهام التهديد الصامت لتقطع «أمينة» حرب النظرات المتبادلة بينهم قائلة بنصح :
" لا في دي عندك حق .. مينفعش الراجل يخبي عن مراته حاجه .. مراتك دي جيشك اللي لو الناس كلها اتخلت عنك هي تبقي في ضهرك .."

صاحت مصدومة :
" لحظة واحدة .. أنتِ بتغيري كلامك يا ماما ! أومال فين بقي الراجل بيحب الست الضعيفة اللي متعملش رأسها براسه و كان ناقص تاخديني قلمين ؟"

إبتسمت «أمينة» بهدوء قبل أن تجيبها مازحة:
" أنا مازلت عند رأيي بس مع بعض التعديلات .. و بصراحة أنتِ كنتي غيظاني بلسانك الطويل دا .."

تمتم ساخرًا :
" والله لسانها دا مضايق ناس كتير ."
برقت عينيها إثر سخريته فتدخلت «أمينة» بجدية :
" بقولك إيه أنت وهي سيبونا من الكلام الفارغ دا أنا عايزة حفيد بقولكوا اهوة .."

تحدت بلهجته الفظة التي لامسها غرورًا يليق به :
" أنا عن نفسي عامل اللي عليا و زيادة .. قولي لها هي الكلام دا …"

امتزج الغضب و الخجل معًا فولدا مزيج مثير على ملامحها التي تخضبت بحمرة رائعة بينما تراقص اللهب في عينيها فتمنى للحظة لو كانا بمفردهما لكان قطف ثمار هذا الخجل و استبدل نيران غضبها بأخرى أشد لهبًا و لاحترق المكان من حولهم كما هي العادة .
" أنت هتقولي دا أنت سالم الوزان ابن منصور الوزان على سن ورمح . "

ود لو يطلق العنان لقهقاته إثر حديث والدته فهي لا تعلم أنه يقصد مشاكسة قطته التي تشتعل خجلًا الآن .. وثب قائمًا وهو يقول بفظاظة :
" هسيبك يا حاجة ورايا شغل كتير .. يالا يا فرح "

تدخلت «أمينة» قبل أن تسنح لها الفرصة لإجابته :
" لا سيبلي فرح عيزاها في كلمتين …"
" ماهي دانت معاكِ عند الدكتور الصبح ؟"
" مرات ابني و عيزاها يا سالم عندك مشكله ؟"

شملتهم عيناه بنظرات متفحصة قبل أن يومئ برأسه دون حديث متوجهًا للخارج أمام أنظار «أمينة» التي ما أن شاهدته يغلق الباب حتي قالت بلهفه :
" ها يا فرح عملتي اللي قولتلك عليه ؟"

«فرح» بهدوء :
" عملته يا حاجة .. بس …"
قاطعتها «أمينة» بصرامة:
" مابسش يا فرح .. لما الموضوع يخص الناس اللي بتحبيهم مينفعش نسيب حاجة للظروف …"

اومأت «فرح» بتفهم فشعورهم متبادل و مخاوفهم واحدة …

*****************

"مبترديش على تليفوناتي ليه يا شيرين ؟"

هكذا تحدث 《ناجي》 وهو يجلس أمام مقود السيارة و بجانبه 《شيرين》 التي كانت تخفض رأسها بتعب تجلى في نبرتها حين قالت :
" كنت تعبانه شوية !"

تكذب و هو أكثر من يعلم بذلك لذا تابع بحنان زائف :
" متخيلتش أن بنتي اللي بحبها أكتر من نفسي ييجي يوم عليها و تبقى بتتهرب مني ؟"

أرتفع رأسها بحدة بينما عينيها ترسلان سهام الخسة إلى خاصته وهي تقول :
" وإزاي تطلب من بنتك اللي بتحبها أكتر من نفسك أنها تعرض نفسها على واحد غريب !"

كانت ذلة كلفته الكثير فحاول جعل الأمر دراميًا حين قال :
" فاكرة البنت اللي حكتلك عليها و قولتلك أنها الوحيدة اللي حبتها ؟"

" مالها ؟"
《ناجي》 بألم حقيقي :
" تبقى سهام مرات عمك صفوت !"
انكمشت ملامحها بصدمة :
"إيه ؟"

لاح شبح ألم حقيقي في عينيه سرعان ما تجاوزه وهو يقول بنبرة خالية من الشعور:
" ابوكي الكل خذله و تحديدًا الخذلان جاله من أكتر ناس حبهم في الدنيا .. تخيلي أشوف حبيبتي في حضن أخويا بعد ما فضلته عليا  لمجرد أنه هو ظابط ! و أنا الفاشل اللي في العيلة .. بالرغم من أني كنت بديرلهم كل أملاكهم .. لكن هي اختارت كل حاجه السلطة و العز و الجاة و في المقابل داست على قلبي .."

شعرت بالشفقة عليه ولكن ألمها منه كان أكبر بكثير لذا تحدثت بجفاء :
" و دا إيه علاقته بالي طلبته مني؟'
" كنت عايز اختبرك ؟ عايز اشوف إذا كنتِ فعلًا أهل لثقتي أو لا ؟"

لونت الصدمة تقاسيمها لحديثه فأردف بنبرة مخادعة :
" أنا معنديش غيرك .. أنتِ بير أسرارى .. تعرفي عني كل حاجة .. أنا مبثقش في حد غيرك .. ولا حتى أمك . "

لاح شبح السخرية علي ملامحها فقالت مبررًا:
" أمك معايا عشان عايزة تنتقم من اللي اتعمل فيها .. مش عشاني يا شيرين !"

زفرة قوية محملة بهواء ملوث بالوجع و الخيبة خرجت من جوفها قبل أن تقول بجمود :
" والمطلوب مني دلوقتي ؟"
" هتعملي اللي امك مش هتعرف تعمله."

《شيرين》 بجمود :
" ملف الصفقة ؟"
" بالظبط .. "
تحدثت يائسة :
" حاضر …"
" ضربتنا القاضية قربت.. و خلاص مبقاش فاضل كتير .."
هكذا تحدث بأعين تلمع بالشر الذي بث الذعر في قلبها فقالت بفزع :
" مش معقول تكون بتفكر تسلمه ليهم ؟"

《ناجي》 بتحفظ :
" أكيد لا في النهاية أهو كارت ممكن أحتاجه قدام .."
لم تسعفها الكلمات للحديث فقد ضاقت ذرعًا بكل ما يحدث ولم تعد تعلم من المخطئ ومن المصيب لذا قالت بجفاء :
" أنا هروح عشان اتأخرت .."

كانت رحلة العودة ثقيلة فقد أخذت تدور حول نفسها لساعات لا تعلم أين يمكنها الذهاب أو إلى من يمكنها اللجوء وفجأة طرأت صورته على بالها ذلك اليوم في المشفى.

عودة لوقت سابق

هرول الإثنان في رواق المشفي و《طارق》 يحمل 《ريتال》 بين ذراعيه فقد وقعت و جرحت قدمها وهي تعود إلى الخلف مذعورة حين رأت الأفعى التي حاولت الهجوم ولكن لاحقها 《طارق》 قبل أن تطال صغيرته . و ما أن وصلوا إلى قسم الطوارئ حتى أخذوا الفتاة إلى غرفة مغلقة مع سماع مقتطفات ما حدث من كليهما ثم دلف الطبيب إلى الداخل :
" هربيك يا مروان الكلب !"

هكذا تحدث 《طارق》 الذي كانت عروقه نافرة بشكل ملفت، و خصلاته السمراء تتدلل بخفه فوق جبهته العريضة البيضاء، بينما أضاء اللهب عينيه بنيران الغضب الذي جعله يذم شفتيه و كأنه يمنعها من إطلاق السباب، و قد كان كعادته منذ أن كان مراهق يفتح أزرار قميصه العلويه و التي أظهرت تقاسيم جسده الذي بدا و كأنه قضى السنوات الماضية في جولات تدريب قاسية لتجعله بهذا المظهر الصلب .. كان وسيمًا بطريقة خشنة تبعث الرعب و شيء آخر في النفس .
انتبهت لتحديقها به و تحمحمت بخفوت قبل أن تقول محاولة تهدئته :
" متقلقش يا طارق دي مجرد وقعه بسيطة .."

أجابها بجفاء يليق بقسوة ملامحه و خشونه مظهره:
" مكنتش هتبقي بسيطة لو مجتش في الوقت المناسب .."

لهجته القاسية أكملت صورة رجل العصابات في نظرها فقد كانت تلك المهنة تليق به كثيرًا :
" الحمد لله أنك جيت في الوقت المناسب .."

لوهلة استقرت عينيه عليها ثم تجاوزها ما أن خرج الطبيب من الغرفة قائلًا :
" حضراتكوا باباها و مامتها ؟"

جفلت من سؤال الطبيب  ودت نفيه لتتفاجئ ب 《طارق》 الذي قال بفظاظة:
" أيوة .. أنا باباها وهي مامتها طمني حالتها عاملهإايه؟"

أردف «الطبيب» :
" هي حالتها الجسدية ممتازة يعني الجرح اللي في رجليها بسيط .. و هيروح على طول بس هي مخضوضة جدًا ومرعوبه بسبب الموقف اللي اتعرضتله عشان كدا عايزك أنت والمدام تتعاملوا معاها بحرص و إحتواء لخوفها دا .."

تمتم بجفاء :
" تمام .. أقدر اشوفها .."
" اتفضل.."
غادر «الطبيب» و أخذته قدماه إلى غرفة طفلته وحين التفت وجدها مازالت تقف بمكانها فجهر بملل :
" هتفضلي واقفه عندك كتير؟"

إجابته بإستياء :
" هو أنت ازاي تقول للدكتور أن أنا مراتك ؟"
أضاءت ملامحه إبتسامة ساخرة قبل أن يجيب بكسل :
" ماهو مش معقول هنقف نحكيله قصة حياتنا يعني !"

إجابته أغضبتها فتقدمت لتقف أمامه قائله بتهكم :
" أسخف إجابه لسؤالي !"

تراقص المرح في نظراته وهتف يشاكسها :
" الاسخف من كدا أنك تقفي عالواحدة .. شغلي دماغك الحلوة دي في حاجة مفيدة.."

" لسه رخم زي ما أنت!"
" و أنتِ لسه حلوة زي ما أنتِ .."
لامست كلماته اوتار قلبها فشعرت بوخزات موترة تنتشر على طول عمودها الفقري فهي لا تتذكر آخر مرة سمعت كلمات غزل ولو بسيطة من أحدهم..
قطع تفكيرها سؤاله حين قال بنفاذ صبر :
" اشيلك أدخلك الأوضة يعني ولا أعمل إيه ؟ "

لا تعلم لما اندفعت الدماء إلى خديها بقوة، فحاولت تجاهلها و توجهت تتشاجر مع خطواتها للداخل لتتخطاه بغرور قابله بنظرة متهكمه….

عودة للوقت الحالي

سالت مياة الألم من عينيها و لأول مرة تقف أمام نفسها بذلك العجز وهذا الكم الهائل من الشفقة على ذاتها التي فقدتها بدرب من دروب الحياة و تجهل السبيل إليه .
تقف بمفترق طرق كل واحد منهما يجذبها بأصفاد ساخنة تجذبها من عنقها وكلما قاومت اشتد الخناق عليها أكثر حتى ظنت أن ذلك الصراع سينهيها ذات يوم …

توقفت أمام باب المنزل و دلفت إلى الداخل فسمعت أصوات القهقهات الآتيه من غرفة الجلوس فلاحت إبتسامة ساخرة على ملامحها تحولت إلى دمعة انبثقت من طرف عينيها لعدم قدرتها أن تخطو إلى الداخل و حتمًا لم يفتقد وجودها أحدًا منهم.
أخذتها قدماها إلى الدرج ولكن سرعان ما تجمدت حين سمعت اسمها و ما ضاعف من صدمتها حين كان المنادي 《سليم》!
" شيرين .."

توقفت لوهله قبل أن تلتفت إليه ليتدلي فكها من فرط الصدمة حين قال بخشونة :
" مفيش السلام عليكم حتي ؟ دا إحنا أهل ولا إيه ؟"
توقفت أمام كلماته لا تعلم أهي سخريه أم تهكم ؟ لم يهتم لأمرها سابقًا و الآن يعاتبها هكذا بينما يديه تحتضن كتف 《جنة》 التي بدت غير متأثرة بما يحدث و كأن الماضي لم يعد موجودًا في تلك اللحظة !
لم تجد ما تقوله فتوجهت إليهم بخطوات ثقيلة وهي تقول بابتسامه باهتة:
" السلام عليكم.. "

رد الجميع السلام و تدخلت 《أمينة》 قائلة بتحفظ :
" تعالي يا شيرين اقعدي معانا .. الوقت لسه بدري معتقدش انك هتنامى دلوقتي ؟"

لا تعلم لما ارتفعت عينيها رغمًا عنها إلى《طارق》  تلاحظه ولكنها سرعان ما اختطفت أنظارها بعيدًا عنه ما أن لمحت شبح إبتسامة على شفتيه و نظرت لوالدتها التي بدت جامدة كعادتها ثم قالت بجمود :
" معلش تعبانة شوية و مصدعة… محتاجه أنام .."

تدخل 《مروان》 بمزاح :
" بقولك ايه مش هنتحايل عليكِ تعالي اترزعي هنا .. في كلام كبار هيتقال و أنا عارفك بتحبي كلام الكبار…"
رمقته بلوم وقالت باقتضاب :
" بس يا حيوان.."

تفاجئت من حديث همت التي قالت بلهجة يغلب عليها السخرية :
" تعالي يا شيرين اقعدي مع ولاد خالك شويه دي قعدتهم ترد الروح .."

تمتم بسخرية خافته:
" شوف الولية النصابة اومال لو مش قاعدة تزغرلنا كلنا .. "

نهره 《سليم》 قائلًا بتحذير
" حط لسانك في بقك احسنلك .."
تجاهل تحذيرات 《سليم》 وقال ساخرًا :
" تعالي يا شيري بس حاسبي و أنتِ داخله تتكعبلي في بوز عمتي اللي ضارب في الحيطة من وقت ما دخلت ! "

" معلش أصلك أول حاجة شوفتها لما دخلت … "
هكذا تحدثت موجهة نظرات نارية إلى 《مروان》 الذي لا يفهم سبب كل هذا الكره الجلي في عينيها ولكنه أبى التراجع عن استفزازها فقال بعنجهية:
" معلش هنعمل إيه بقى أصل مش كل الناس بتفهم وذوقها حلو .."

توقفت الأحاديث إثر دخول 《سالم》 الذي القى التحية قبل أن يشير ل《سليم 》بأن يتبعه إلى غرفة المكتب التي كانت بها 《فرح》 تقوم بمراجعة أوراق المناقصة فأندهش 《سليم》 حين رآها فأجابت على سؤاله الصامت قائلة بسخرية :
" عملت بنصيحتك وسيطرت .."

قهقه 《سليم》 بصخب و هو يتوجه إليها قائلًا :
" عملتيها أزاي دى ؟ دا أنتِ طلعتي مش سهلة .."
سخرت قائلة:
" مش سهلة إيه بس دا وافق بطلوع الروح أني أساعدك في الشغل. "

لون الامتعاض ملامحها و هي تتابع:
" أخوك دا محدش يقدر عليه .."
" غيرك .. "
هكذا جاء صوت 《سالم》 القادم تجاههم فتركت ما بيدها و توجهت إليه قائلة بمزاح :
" صدقتك أنا صح؟"

احتوى كفها تحت ذراعه بإبتسامة سرعان ما غابت وهو يناظر 《سليم》 بجدية انطبعت على نبرته حين قال :
" إيه الدنيا ؟"
" تمام أنا خلصت كل حاجة و فرح راجعت ورايا .."

اومئ برأسه قبل أن يوجه أنظاره إليها قائلًا بخشونة:
" عايز فنجان قهوة من ايدك .."
" عيوني .. بس خلي بالك كدا قهوة و عشا قلت أنت داخل على طمع مصدقتنيش ."

قالت جملتها الأخيرة بهمس فلون العبث نظراته حين قال بجانب أذنها:
"ما قولتلك كلك على بعضك تخصني .. و اثبتلك كمان ولا إثبات امبارح مكنش كافي .."

روت دماء الخجل وجنتيها فأنبتت زهرًا ود لو يقطفه في تلك اللحظة ولكن لولا وجود 《سليم》 الذي كان ينظر في الأوراق وهو يقول بعفوية:
" و أنا كمان يا فرح اعمليلي فنجان قهوة معاه.."

زمجر 《سالم》 بخشونة:
" اياكٓ تعمليله حاجه …"
ابتسمت 《فرح》 و غادرت بينما قهقه 《سليم》 على حديثه وقال ساخرًا :
" متقوليش إنك غيران والجو دا … "

《سالم》 بفظاظة :
" هو الحلاق أيده طولت على عقلك كمان ! حسك اتهطلت من وقت ما عملت العملة دي .."
《سليم》 بترقب :
" أنا حاسس إنك شايل مني يا كبير .."
《سالم》 بتقريع :
" بقي فرح مش مسيطرة ؟ بتوقع بينا !"

《سليم》 باندهاش:
" أوبا .. دي جنة طلعت فتانة وأنا معرفش ! "
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف 《سالم》 الذي أجاب على الفور فأتاه صوت 《صفوت》 المرتعب :
" بنتي اتخطفت يا سالم …"

《سالم》 بصدمة :
" بنتك مين ؟ اقصد هو أنت لاقتها اصلًا ؟"
《صفوت》 بقهر :
" كانت قدامي شايفها بعنيا بس مكنتش أعرف أنها بنتي… و معرفتش غير لما راحت تاني يا سالم .."

كانت لهجته تقطر ألمًا وهو يتابع قص الأمر علي 《سالم》 الذي كانت ملامحه مشدودة و عينيه جاحظة يتعاظم بها الغضب حين اختتم «صفوت» حديثه قائلًا بقلة حيلة
" عرفت أن العربية دخلت القاهرة و بعد كدا معرفش راحت فين ؟ لأول مرة أحس نفسي عاجز و مكسور اوي يا سالم . "

زمجر بخشونة
" متقولش كدا يا عمي طول ما احنا موجودين في ضهرك الموضوع ميخصكش لوحدك . نجمة بنتنا و لازم أرجعها حتي و لو على رقبتي .."

كلماته أضفت شعور من الأمان والراحة علي قلب 《صفوت》 و خاصةً حين أضاف بفظاظة
" قعدتك عندك ملهاش لازمة دلوقتي . بما أنها في القاهرة . معدش في وقت نضيعه ."

《صفوت》 باستفهام
" سالم . انت في حاجه في دماغك ؟"
" لما تيجي هتعرف .. قولت لسهام حاجه ؟"

《صفوت》 بيأس
" لا طبعًا مقدرتش اقول اي حاجه .. هخاف عليها ممكن تقع متقومش المرة دي .."
" كويس . انا هعمل اتصالاتي هنا و في أقرب وقت تكون هنا انت وهي . و ان شاء الله هنلاقيها. "

أنهي 《سالم》 المكالمة تزامنًا من دخول 《مروان》 الذي قال باستفهام
" هي مين دي اللي هتلاقوها ؟ "

رمقه 《سالم》 بجمود تشابه مع لهجته حين قال
" نجمة بنت صفوت ."
وثب 《سليم》 قائلًا بتفكير
" مش دي بنته اللي ضاعت يوم الحادثة !"

《سالم》 باختصار
" هي .."
《مروان》 بسخرية
" و لسه فاكر يدور عليها دلوقتي ؟"

زفر 《سالم》 بملل قبل أن يسرد عليهم ما حدث فصاح 《مروان》 باندهاش
" يعني اتخطفت منه من تلتاشر سنه و جت اتخطفت منه تاني دلوقتي دا ايه البت المنحوسة دي !"

لم يبالي لسخريته إنما نظر إلى 《سليم》 وقال بفظاظة
" ابعتلي ملف المناقصة عالميل عشان لما ارجع اراجع عليه و اعمل حسابك انك هتروح انت وهو بكرة أن شاء الله بدالي . "

وثب 《مروان》 مستفسرًا
" ليه وانت هتبقي فين ؟
تعابيره جامدة تتنافي مع ضجيج غضبه الذي حاول كبته وهو يقول بجفاء
" رايح للهلالية عشان اسوي موضوع الانتخابات دا . مش عايزين عداوات اكتر من كدا .."

تحدث 《سليم》 مقترحاً
" انا جاي معاك . مش هسيبك تروح لوحدك ."
《سالم》 بسخرية
" ليه عيل صغير !"

" لا بس الطريق بينا و بين البلاد اللي قبلهم مقطوع و مليان قطاع طرق واحنا مش لاقيينك في الشارع .."

هكذا تحدث 《سليم》 بحنق قابله 《سالم》 ببرود وهو يلملم أشياءه و قد تجاهل منحني الرد و توجه للخارج مارًا ب《مروان》 الذي كان غارقًا في تأملاته فلم يلاحظ نظرات 《سالم》 القاتلة تجاهه…
" طول عمرك عنيد يا سالم.."

هكذا تحدث 《سليم》 بسخط فاضاف 《مروان》 ساخرًا
" بدل ما انت عمال تاكل في نفسك كدا سلط عليه اللي اقوي منه !"
" تقصد مين !"
مروان باختصار
" فرح .."

رمقه 《سليم》 شذرًا وهو يتمتم بحنق
" واحد عندي و راسه ناشفه و التاني متخلف. معندوش عقل صبرني يارب …"

《مروان》 بتهكم
" حوش مين اللي بيتكلم عن العقل . بلاش انت بقرعتك دي . عيني عليكِ يا جنة و علي بختك الأسود .."

هبت رياح غضبه فنثرها في وجهه بانفعال
" و انت مال اهلك و مال جنة يا بغل انت!"
" مش صاحبتي و اختي و يهمني مصلحتها…"

زفر 《سليم》 محاولًا كبت غضبه وهو يقول من بين أنفاسه
" لو قولت صاحبتي دي تاني هنشن انا علي قلبك و اريح الناس منك فاهم .. ؟"

《مروان》 بعتب
" كل دا عشان عايز مصلحتك . و بنبهك احسن ما البت تطفش منك ؟"
نجح في التعزيز من فضوله الذي جعله يقول مستفسرًا
" ايه اللي بتقوله دا ؟ هي شكيالك مني ولا ايه ؟

اقترب 《مروان》 قائلًا بتخابث
" بص دي أسرار أصحاب . بس انا هخدمك. شوف انت اوطي من الجزمة بس انا راجل اصيل … جنة عيد ميلادها آخر الأسبوع و دا اول عيد ميلاد ليكوا مع بعض . مش معقول تعديه ملط كدا ! لازم يكون مختلف .."

《سليم》 بتفكير
" أيوا عندك حق .. كويس انك نبهتني . طب تفتكر اعمل ايه ؟"
" فاكر الواد يوسف الحسيني «بطل رواية للعشق وجوه كثيرة» بتاع المسلسل اللي كانوا بيتفرجوا عليه الواد الحلو ابو عيون زرقا اللي انت مش شبهه خالص دا!"

《سليم》 بمراوغة
" تقريبًا .. ماله دا"
《مروان》 باندفاع
"معاه شويه مزز انما ايه لوز الجوز .."

نهره 《سليم》 قائلًا بجفاء
" انت يا بغل انت مش بتحب !!"
《مروان》 بعفوية
" اه بحبهم كلهم . الصراحة كلهم يتحبوا مش شبه القرود اللي عندنا لا …" 

《سليم》 باندهاش
" تقصد أن سما قردة . "
"لا اقصد عمتك …"

رغمًا عنه ابتسم علي حديثه ولكن سرعان ما نهره قائلًا
" اخلص قول المفيد …"

《مروان》 بتذكر
" ايوا صح . فاكر لما كان عامل حفلة للبت الصاروخ اللي معاه دي ؟ "
" فاكر حاجه زي كدا  "

《مروان》 بلهفه
" البت جنة كانت عينها هتطلع وهي بتتفرج عليهم . و اكيد بينها و بين نفسها قالت ايه ياربي نفسي في فارس أحلام زي الواد دا وسيم و رومانسي و غني و بيعمل مفاجئات . قوم يا قلب امها لبست فيك .."

ناظره 《سليم》 شذرًا قبل أن يقول بتحذير
" هلبس الطفاية دي في خلقتك .."

《مروان》 بلهفة
" لا و علي ايه خلينا في المهم . دلوقتي لازم تعملها مفاجأة زي دي في عيد ميلادها. وتحقق لها أمنيتها التي لم تفصح عنها. وبكدا تبقي البطل اللي هي بتتمناه اينعم أقرع و اهبل بس مش مشكلة شغال .."

عض 《سليم 》على شفتيه قبل أن يصبح غاضبًا
" امشي من وشي .."

قهقه 《مروان》 وهو يتجه الي الباب و سرعان ما توقف ليضيف بسخرية
" خدت الفكرة مني و غدرت عليا خليك فاكر بس و عد الجمايل . "

*********************

بأعين لامعة بعبرات الألم الي غلف مقلتيها أخذت تنظر إلي ألبوم صورها وهي طفلة صغيرة تتوسط أحضان والديها بسعادة غافلة عن ما تخبئه لها الأيام من تعثرات و مشقات لم تعد قادرة علي مواجهتها . فـ لحظها العاثر كانت هي الطرف السيئ في روايات المحيطين بها !
لطالما تمنت حياة طبيعية شخص تحبه و يحبها ، عائلة حنونة تحتضنها ، بيت دافئ بأطفال رائعين تكن هي والدتهم ولكنها دائمًا كانت تشاهد حلمها من بعيد يحياه غيرها. لهذا لجأت للطرف القوي أو هكذا ظنت حتي ولو كان يحوي الشر بين ذراعيه !

لأول مرة لم تستطع أن تخلع ثوب ضعفها فقد خارت قواها للحد الذي لم يجعلها قادرة علي اخراج صوتها و السماح للطارق بالدخول . و لم تهتز حين شعرت بباب الغرفة يفتح ولكنها جفلت حين سمعت صوت غريب فالتفتت لمعرفة ما الأمر فتفاجئت بجهاز غريب كـ سيارات الاطفال يدخل الي غرفتها و علي سطحه وردة حمراء بجانبها رسالة مطوية قامت بإلتقاطها بيد مرتجفة و أعين تراقص بهم الدمع وهي تقرأ الحروف المدونة بها
" مابعرفش اعتذر بس بعرف اصلح غلطي. هتديني فرصة ولا آجى أخدها انا بنفسي ؟"

رغمًا عنها لونت ابتسامة دافئة ملامحها و تابعت القراءة
" لو قررتي تديني فرصة اطلعي البلكونه هتلاقينى واقف تحت . و لو مش ناويه تديني فرصه استنيني انا هطلعلك فوق اخدها بنفسي ."

قادتها قدماها الي الشرفة لتجده يقف بهالته الخاطفة واضعًا يديه بجيوب بنطاله فلم تستطيع قمع بسمتها التي أضاءت معالم وجهها خاصةً حين قال
" صافية يا لبن ؟"

حاولت رسم السخرية علي ملامحها و في نبرتها حين قالت
" حد قالك قبل كده انك ظريف ..؟"
" محدش يقدر !"
" دا ليه أن شاء الله ؟"

رفع ذراعيه في محاولة لإستعراض عضلاته وهو يقول بتهديد مبطن
" جربي و أنتِ تعرفي .."

" تصدق خوفتني !!"
" طب بما انك خايفه اعملي حسابك هاخدك أنتِ وريتال و نروح سينما. "
هبت معارضة
" لا طبعًا.."

تجاهل اعتراضها وقال بصرامة
" الساعه تمانيه تكوني جاهزة و بلاش وحياة اهلك اللبس بتاعك دا عشان ماليش خلق اتخانق .. "

انهي كلماته والتفت مغادرًا دون أن يُعير اعتراضها اي اهتمام ليتركها خلفه تتخبط بين مشاعر قوية تجتاحها و معارك دامية بين الأبيض و الأسود وما يترتب علي كلاهما .

********************

حل الليل و عم السكون في تلك المناطق الريفية و استكانت الكائنات الحية الي ملاجئهم بينما كان هو يغادر منزل الهلالية بعد أن تم الاتفاق معهم و أُزيلت تلك المشاحنات و الأجواء النارية بينهم و قد كان هذا الأمر مهمًا كثيرًا بالنسبة إليه . يكفيه أن يعلم بأنهم ليسوا أعداء ليستطيع التركيز مع عدوه الآخر..

استقل سيارته و انطلق بها يشق الطريق الترابي قاصدًا مزرعتهم وفجأة شاهد ظلًا في المرآة لشخص ملثم يجلس في الكرسي الخلفي و شئ حاد ينغرز بظهره من الخلف مع تحذيرًا شديد اللهجة من صوتًا بدا مألوف !
" ادخل أول يمين و اركن علي جنب .."

نظرة تقييمية طافت بها عينيه علي الوضع القائم فلم يجد حلاً سوي تنفيذ أوامر ذلك الغريب فما هي إلا دقائق و قد أوقف السيارة مثلما أخبره ليجد ذلك الملثم يلتف و يجلس بجانبه في المقعد الملاصق لمقعد السائق و يا لدهشته حين أسقط الغريب قناعه عمدًا فتفاجئ ب《مروان》 !!

لحظات من الصمت خيمت على جو السيارة بينما كان هناك حديث دائر بين الأعين قطعه صوت 《مروان》 المرح وهو يقول
"مبدأيًا كدا اعترف انك خوفت…"

تجاهل مزاحه وقال آمرًا
" عايز تفسير للي حصل دا ؟"
" طب مش لما تعترف الأول !!"

احتدت نبرته قائلاً بنفاذ صبر
" مش هكرر كلامي .."
زفر 《مروان》 بتعب قبل أن يقول بإذعان
" انا قابلت ناجي الأسبوع اللي فات !"

تجعدت ملامحه بفعل الغضب فجاء صوته فظًا حين قال
" مش هتنقطني . قول اللي عندك مرة واحدة.."
صمت 《مروان》 لثوان يسترجع ما حدث في ذلك اليوم

عودة لوقت سابق

" ألو مين معايا ؟"
هكذا أجاب 《مروان》 علي هاتفه فجاءه الرد علي الطرف الآخر
" انا ناجي يا مروان و اوعى تقفل السكة .. انا عايز اقابلك ضروري بخصوص سما . و الموضوع ميتأجلش . أياً كان اللي ما بينا سما ملهاش ذنب فيه ….."

كان ماهرًا في اللعب علي أوتار فضوله الذي دفعه للقول باختصار
" مكانك فين ؟"
اخبره 《ناجي》 بالعنوان فتوجه 《مروان》 علي الفور الي حيث ينتظره وما أن جلس علي المقعد حتي قال آمرًا
" قول اللي عندك بسرعه معنديش وقت اضيعه مع أمثالك …"

نجح في قمع غضبه وهو يخرج أحد الأوراق من جيبه يناولها ل《مروان》 الذي سرعان ما اهتاج كالثور و انقض عليه قائلًا بصراخ
" نهارك أسود معناها ايه الورقة دى ؟ انطق مين حاتم دا "

حاول 《ناجي》 تخليص نفسه من قبضته وهو يقول مختنقًا
" سيبني . و . اقعد .. عش .. عشان افهمك.. "

بصعوبة نجح في التحكم بغضبه و عاد إلي مقعده بينما انحصر هذا الغضب المقيت داخل عينيه التي كانت ترسل سهام التهديد بقلب 《ناجي》 الذي بدا غير متأثر حين شرع في الحديث قائلّا بسلاسة
" عشان اكون صريح معاك الورقة دي سما مضت عليها من غير ما تاخد بالها وهي بتعمل جواز السفر بتاعها . لما قررت انها تروح تقعد عند شيرين .. و حاتم دا واحد من رجالتي سما متعرفوش أصلًا "
" اه يا كلب.."

صاح 《مروان》 فقاطعه 《ناجي》 محذرًا
" لو مبطلتش كلامك دا مش هكمل و انت اللي هتخسر .. "
أجبر نفسه بصعوبه علي الصمت ليتابع 《ناجي》 حديثه المسموم
" طبعًا دي الحاجة الوحيدة الي كنت هعرف امسك بيها سما . "

《مروان》 باحتقار
" تمضيها علي ورقة جواز من واحد متعرفوش من غير ما تعرف !"
《ناجي 》مبررًا
" لما تكون حربي مع ناس زيكوا يبقي كل شئ مباح . "

《مروان 》بانفعال
" انت جايبني هنا ليه ؟"
" مش عايز اكتر من حقي .."
" اللي هو ؟"

اتكأ علي المنضدة أمامه وهو يقول بنبرة متحفزة
" ارد اعتباري قدام بناتي و ارجع لهمت وآحد ارضي من صفوت …"

انطلقت ضحكة خالية من المرح من فم 《مروان》 الذي استطرد قائلًا
" ايه القناعة دي ؟ كل دي طلبات ؟ لا و كلها اصلًا مش من حقك . يخربيت بجاحتك !! دانتا واخد ثانويه عامة في التناحه . و دكتوراه في الوقاحة . مش عايز حد يدعكلك رجليك كمان ؟"

《ناجي》 بحنق
" خلصت تريقه ؟"
" تريقة . دانا ماسك نفسي اني اسفلت وشك بالعافية.."
" لو مخرستش و سمعتني. اقسم بالله بكرة هتكون سما في بيت جوزها…."

ابتلع جمرات غضبه الحارق وقال بهسيس
" لو قلت الكلمة دي تاني مش هتلحق تكملها.."

《ناجي》 بخداع
" حلو . هو دا الزوج اللي اتمناه لبنتي .. بس ناقصك شويه حاجات كدا بسيطة .."
ارتفع حاجبه بسخرية فتابع 《ناجي》 بث سمومه
" انت متفرقش حاجه عن سالم و سليم . بس هما ابوهم عززهم و انت ابوك اضحك عليه ابوك مباعش ارضه لمنصور زي ما فهمكوا. "

انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال
" ازاي ؟"
اجابه 《 ناجي》 بحقد
" منصور استغل أنه محتاج و خد الأرض بأقل من ربع تمنها . و ابوك لأنه مكنش عايش هنا و مكنش فاهم وافق . و باقي الأملاك اللي منصور قال إنه باعها عشان كانوا مديونين كلها لسه موجوده.. و أبوك عرف كل دا صدفة."
" مفروض اصدقك ؟"

استفهم 《مروان 》ساخرًا فأجابه 《ناجي》 بتهكم
" طب ايه رأيك تسأله ليه مبينزلش هنا خالص ؟ ولا اقولك انا .. عشان لما عرف وواجه منصور مأنكرش و قاله انت غريب و ملكش حاجه هنا .ابوك يومها حلف يمين ما ينزل البلد تاني و لا هيسامح في حقه .ولو مش مصدقاني اسمع منه يحكيلك .."

" لو فرضنا ان كلامك صح عايز ايه بردو؟"
" عايزك تاخد حقك منهم . مع إني واثق أن سالم ألعن من أبوه وعمره ما هيديلك حاجة بمزاجه .."

《مروان》 بسخرية
" يبقي ناخدها منه غصب عنه صح ؟"
" ابتديت تفهم .. مبدأيًا كدا انا مش عايز أذي لحد . انا عايز اعيش بسلام .."

《مروان 》بسخرية
" النووي و السلام ميتفقوش أبدًا !"

تجاهل سخريته وقال بجدية
" هتساعدني و اساعدك ولا اصرف نظر عنك خالص .."
《مروان》 بتهكم
" و مين هيساعدك لو صرفت نظر عني..؟"

" كتير . انا ليا عيون عليكوا في كل مكان . عارف كل الخبايا اللي في مزرعة الوزان . تحب اقولك أمارة ؟'

تنبه 《مروان》 لحديثه فتابع 《ناجي》 بانتصار
" البت اللي اسمها لبني حازم هو اللي اغتصبها مش صاحبه .. و مش لوحده الي عمل كدا . دا معاه واحد كمان .."

تدلي فكه من فرط الصدمة التي اصطبغت بها لهجته حين قال
" انت بتقول ايه ؟"
" انت اللي هتقول معايا ولا عليا ؟"

لم يجيبه 《مروان 》انما امسك الهاتف وقام بالاتصال بوالده الذي ما أن أجاب حتي قال بجمود
" بابا احنا لينا حق فعلًا في رقبة عمي منصور ؟"

《مهران 》بصدمة
" بتقول ايه يا مروان ؟"
" اللي سمعته و ياريت تجاوبني بصراحه . عمي منصور سرق حقنا فعلا و باعلك الأرض بربع التمن ؟ و نصب عليك في الباقي ولا لا ؟"

《مهران》 بخيبة أمل
" للأسف دا حصل .."
اغمض 《مروان》 عينيه بصدمة تعاظمت حين تحدثت 《مهران》 محذرًا
" اوعي تطالب ولاد عمك بحاجة . ولاد منصور اكيد زيه وشبهه وحتي لو ادوني مال قارون مش هسامحه بردو . كفايه أنه كسر ثقتي فيه و طردني من املاكي زمان …."

انهي 《مروان》 مكالمته الهاتفية وسط نظرات 《ناجي》 اللامعة بسعادة تضاعفت حين قال 《مروان》 بغضب
" انا مش هأذي حد هاخد حقي و حق ابويا و بس .. "
" موافق .. نقرأ الفاتحة "

قهقه 《مروان》 بصخب قبل أن يقول بوقاحة
" شكلك زي الكلب اللي لقي عظمة بالظبط .."
" لو قليت ادبك تاني اعرف انك مش هتطول ضافر سما بنتي ولا حتي في احلامك .."

أومأ 《مروان》 قبل أن يضيف بجدية
" سما قبل اي حاجه .."
" موافق .."
مد 《مروان》 يده إليه وهو يقول بجدية
كدا يبقي اتفقنا… نقرا الفاتحة بقي.."

عودة للوقت الحالي

انتهي 《مروان》 من سرد ماحدث و دام الصمت بينهما لثوان وقد كانت نظرات 《سالم 》جامدة تمامًا ك لهجته حين قال
" جاي تقولي الكلام دا ليه دلوقتي ؟"

《مروان》 باندهاش
" تقصد ايه ؟"

《سالم 》بعتب يغلفه الحدة
" بعد ما حطيت ايدك في ايد عدوي و اتفقت معاه عليا جاي تقولي كدا ليه ؟"

صمت للحظات قبل أن يقول
" عشان عدوك عدوي يا ابن عمي .."

لامست جملته أعماق قلبه فزفر بقوة قبل أن يقول بجفاء
" و أشمعني استنيت كل دا عشان تقولي ؟"

《مروان》 باقتضاب
" مكنش ينفع اقولك كدا في البيت . انا مبقتش اثق في حد . عمتك معاه وشيرين كمان انا حتي شكيت في سما  .. كان لازم اقولك بعيد عن البيت عشان مخاطرش أنه يعرف "

" و حقك و حق ابوك ؟"
" حق أبويا لوحده. وهو حر مع اخوه. وان كان هو و اخوه خسروا بعض عشان الفلوس انا مش هعمل كده معاكم ."

تعمقت نظرات 《سالم》 تجاهه وقال مستفهمًا
" مضعفتش يا مروان ؟ محستش أنك فعلًا صاحب حق وعايز تاخده من باب رد الاعتبار حتي ؟"

اخفض رأسه أرضًا قبل أن يجيب بنبرة هادئة
" ضعفت . بس كان للحظة. حطيتكوا في كفة و الفلوس و رد الاعتبار اللي قولت عليه ده في كفة . بس كفتكوا غلبت يا ابن عمي .."

صمت لثوان قبل أن يضيف بصدق
" كنوز الدنيا كلها متساويش جمعتنا سوي ولا وقفتنا في ضهر بعض . مش كل الرزق فلوس.. "

احتدت نظراته و ازدادت قتامة قال يباغته بلهجة آمرة
" انزل…"
تفاجئ 《مروان》 من حديثه و قد هوى قلبه حين ظن بأنه لم يصدقه فقال برجاء
" سالم .."

قاطعه بحدة
" قولت انزل .."
تهدلت أكتافه و ترجل من السيارة بألم سرعان ما تبدد حين رأي《 سالم》 الذي ترجل هو الآخر ليقف أمامه فقال 《مروان 》باندهاش
" هو في أي…."

لم يكد ينهي جملته حتي قابلته قبضة 《سالم 》القوية التي طالت أنفه قبل أن يقول بغضب
" دي عشان وسخت ايدك وحطيتها فى ايد الكلب دا.. "

لم يكد يستوعب حديثه حتي تفاجئ من لكمة أخرى لا تقل قوة عن سابقتها وصوته الخشن يقول
" ودي عشان سبت الكلب دا يهددك و مكسرتش دماغه .."

واحدة ثالثة كانت أقوى من سابقيها و لكن اختلت نبرته الفظة و شابهها ضعف كان جديد كليًا عليه حين قال
" و دي عشان حسستني اني فشلت للمرة الثانية في تربية ولادي .."

هل شاهد حقًا تلك اللمعة الخاطفة في عينيه؟ هل《 سالم》 الوزان عينيه تلمعان بالعبرات ؟ هل هذا الضعف في نبرته حقيقي ؟ دارت كل تلك الأسئلة بعقله الي أن انتهي 《سالم》من حديثه عند كلمة " ولادي " والتي تحكي مقدار حبه له و أيضًا تشير الي 《حازم 》الذي يحمل نفسه ذنب أخطاءه فاندفعت العبرات من مقلتيه وهو يتجاوز ألمه و يهرول الي ذراعي 《سالم》 المفتوحين علي مصرعهما وهو يتحدث بتأثر
" متقولش كدا انت عمرك ما كنت فاشل أبدًا. حازم غلط عشان هو وحش دا مش ذنبك . انت طول عمرك عظيم . و مثل اعلي لينا كلنا و ليا انا بالأخص .."

اشتد عناق 《سالم》 له إثر كلماته المؤثرة فتابع 《مروان 》وهو يشدد علي  حروف جملته
" انت طول عمرك قدوتي و ابويا اللي بفتخر بيه . عمري ما اخونك يا سالم لو السكينة على رقبتي…"

لم يعتد تلك المواقف ولكن كانت فرحته تبلغ عنان السماء ببراءة من يعتبره ابنًا له فخرج صوته مبحوحًا متأثرًا حين قال
" الدنيا دي كلها عندي متساويش ضافر واحد منكوا . انتوا ولادي يا مروان و الضنا دا غالي اوي عمره ما يهون .."

**************

تشابه الليل و النهار معًا و اختلطت جميع ألوان الحياة بنظرها لتصبح رمادية هكذا هو حالها منذ أن فقدت طفلتها وانطفئ بريق الحياة بعينيها حتي أنها منذ ذلك اليوم وهي تنتظر أجلها المحتوم فقد كان هو السبيل الوحيد لنجاتها.

رن الهاتف الملقي بإهمال الي جانبها فلم تعير اي اهتمام فعاد ضجيج صوته مرة ثانيه وثالثه و رابعه الي أن ملت و شعرت بالسخط علي ذلك الشخص الوقح الذي لم يستسلم أبدًا و قامت بالرد قائلة باختصار
" مين ؟"

جاءها الصوت الساخر علي الطرف الثاني لتتجمد الدماء بأوردتها
" لسه نفس التكبر بردو .مغيرتوش السنين !"

ابتعلت ريقها محاولة الإبقاء علي هدوءها وقالت بمراوغة
" مين معايا ؟"

عاتبها بتهكم
" معقول نسيتي صوتي ؟ ولا مش معقول ليه إذا كنتِ نستيني بعد ما كنتِ في حضني بيوم واحد و اتجوزتي اخويا .. يبقي هتفتكري صوتي بعد كل السنين دي ؟"

أخذت دقات قلبها تدق بصخب تجلي في نبرتها المرتجفة حين قالت
" لسه كنت بقول مين الوقح اللي بيتصل و مش عايز يبطل دا . قلبي كان حاسس .."
" وحشتيني .."
" اخرس .."
قهقه بصخب قبل أن يقول بجدية
" جوزك فين ؟"
" و انت مالك ؟"

زفر بحنق قبل أن يقول بتهكم
" سمعت أنه بيفكر يتجوز اليومين دول. وبصراحه انا عاذره أنتِ مقصره معاه اوي و الراجل كان اصيل و صبر عليكِ كتير .. إلا قوليلي يا سهام . مكنتيش بتديله حقوقه عشان حزينة علي بنتك ولا مكنتيش قادرة أنه يلمسك وأنتِ بتحبي اخوه ؟"

" غرور ولاد الوزان الحاجة الوحيدة اللي خدتها منهم.. بالإضافة للاسم.."
هكذا خاطبته بتهكم فأجابها بمرارة
" اهي حاجه خدتها منهم ماهم خدوا مني كل حاجه . حتي الحاجه الوحيده اللي حبتها في حياتي خدوها مني .."

اخترقت سهام كلماته جراحًا ظنتها شُفيت منذ زمن ولكن اتضح بأنها مختبئة خلف رماد العمر الذي مضى دون أن تلحظ
" متصل عايز ايه ؟"
" بنتك لسه عايشه . و معايا .."

لم تصدق أذنيها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي تجلت في نبرتها حين قالت
" بتقول ايه ؟"
" اللي سمعتيه.. بنتك لسه عايشه و معايا .."

فخًا نعم إنه فخ . هكذا أقنعت نفسها و رددته شفاهها حين قالت
" كذاب . ايوا انت كذاب . و بتقول كدا عشان توجعني زي ما وجعتك زمان .."

تشكلت غصة صدئة بجوفه قبل أن يقول بمرارة
" مش أنتِ اللي وجعتيني يا سهام و إلا مكنتش هسيب نجمة عايشه لحد دلوقتي .. بس احنا لسه فيها.."
صرخه خرجت من اعماق وجعها متبوعة بتوسل مؤلم
" لااا . ارجوك يا ناجي وحياة اغلي حاجه عندك . تقولي بجد بنتي لسه عايشه .."

لم يدع مكان لتلك المشاعر الغبية التي اجتاحته ما أن سمع ألمها فقال بقسوة
" قولتلك لسه عايشه .. البنت الشغالة اللي في بيت عبد الحميد عمران"
توقف عقلها عن العمل للحظات وهي تسترجع ذاكرتها نعم. هي حدثها قلبها بلهفة فقد ذكرتها بوالدتها . دق قلبها لها دون أن تعرف هويتها. ولا يمكن لقلب الأم أن يكذب
" عايزة اشوف بنتي يا ناجي .. ارجوك أتوسل اليك عايز اشوف بنتي .."
كلماته كانت كسكين نافذ نحر عنقها دون رحمة حين قال بقسوة
" لو عايزة تشوفي بنتك تطلقي من صفوت و تجيلي …"

هالها ما سمعت فقالت بصدمة
" أيه ؟ "
" اللي سمعتيه…"
بشفاه مرتعشة و قلب ينتفض جزعًا جادلته
" ليه؟"
" هاخد حقي اللي مخدتوش زمان…."

يتبع…..

اتمني الفصل يعجبكم بس حابه أنوه عن شويه حاجات
شخصية مروان انتوا فرضتوها عالروايه بحبكم الكبير ليه و عشان كدا كان لازم نخرج من قصته بعبره زي ما كل قصص الرواية في منها عبرة اتمني تكونوا استمتعتوا بيها و توضيح اخير و مهم مش هغير مسار ولا أحداث الروايه عشان حد و دا شئ مفروغ منه فبلاش السخافات اللي بقيت بشوفها في بعض الكومنتات

قراءة ممتعة
متنسوش (فوت+ كومنت+ فولو ليا ♥️)
و الكومنتات علي الفقرات اللي بتعجبكم ♥️

Continue Reading

You'll Also Like

21.4K 736 23
ابتعد لأجد نفسي اقترب اكثر أحاول النسيان لاجد انني اغوص في تفاصيلكَ اكثر
30.3K 1.6K 12
بنصح كل بنت تدخل تقرأها مؤسف أن يتمني الإنسان حقه في الحياه
356K 30.2K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
357K 8.1K 34
لو إلتقينا في عالم آخر لوقعت.. لغرقت وتهت في حبك ولكن ولدنا هنا في عالم انتِ القاتلة وانا السجان واه من حرقة الإنتقام ولهيبها تهنا معًا في هذا الظلام...