تُرَاب أمْشِير (مكتملة)

By shahdmedhat_

269K 16.5K 2.4K

دائمًا ما نبحَث عن الحُب .. ونادرًا ما نَعثر عليه .. ولَـكـن في أغـلب الأحيان عندما نجدُه نتركُه يَفلِـت من... More

اقتباس ومقدمة ✨
** تنويه هام **
1- (عَـائِـلـة تَـلـيـدْ)
2- (العَـمّـة المَـلْعـونة)
3- (أَسـمَـتُـه فَـخْـر)
4- (عُــقْـدة)
5- (لَحظْة انكسَار و ردّ اعتِبار)
6- ( "عُصـفورًا عَاجـزًا" )
7- (ذهـبَ إلى مَـنـزِلـها)
8- (نُـزهَة فى الحىّ الشَعبِي)
9- (الحِـمـارُ المـتهوّر)
10- (أصْـدقَاء رسْـمـيًا)
11- (هو والفَـراشَـة)
12- (تـودّيـنَ التـعَـارُف؟)
ياريت تقروا للآخر ياشباب
13- (عِـيـدُ مِـيـلاد)
15- (لَـيـلة في المـخـفر)
16- (رَفـيـقِـي)
17- (الـذكرَى الخَامـسة)
18- (اعْـتـرَاف)
19- (فَــخّ)
20- (المُـتـهم بَـرئ)
21- (وقَـع فى المَحظُـور)
22- (قَـرار مُـفاجِـئ)
23- (المُهندس وأثيرةُ الكُحل)
24- (كُـشـفَ سِـرُّه)
25- (عَـقْـد قُـرآن)
26- (مِـصْباح مؤقّـت)
27- (عَـتْـمَـة)
28- (تُـراب أمْـشير)
29- (ظَـرف وڤِـيديو)
30- (سُـخرِيـة القَـدر)
31- (مَـلهَى لَـيلِي)
32- (رأسًا على عَـقِب)
33- (عَـودَةُ الحَـبِـيـب)
الفصل الرابع والثلاثون (CLASSIC)
35- (كَـسـرت الفَـانوس؟!!)
36- (فِي الخِدمَة يامَـولاتِي)
37- (جوّ عصابات وبتاع)
Guess the couple 🤫
38- (نـجـمـة ودبـلـتـيـن)
39- (عـ الـقَـهـوَة)
40- (رَبِـحَـتْ الـبُـومَـة)
41- (تُــحْــفَــة)
الفصل الثاني والأربعون (game over)
43- (نَـسَـمَات بَـرمُـودَة)
44- (لـنخطّ سُـطُـورنا معًا)
{{حلقات خاصة}} •الحلقة الأولى•
{{حلقات خاصة}} •الحلقة الثانية•
{{حلقات خاصة}} •الحلقة الثالثة•
{{حلقات خاصة}} •الحلقة الرابعة•
{{حلقات خاصة}} •الحلقة الخامسة•
∆ هَل تـنـتـظرينَ قُـبـلـة؟؟ ∆
بـدأنـا رحـلـة جـديـدة 💙

14- (مـهندِس فِي ورْطـة)

4.2K 314 27
By shahdmedhat_


بأحد المقاهى الفاخرة جلست مريم بصحبة إياد ، حيث جاورا بعضهما فوق مقعد مريح يتقدمه طاولة منخفضة تحمل المشروبات ..
وجهها على غير العادة افتقد لضحكتها الرقيقة وسيطر عليه الإحباط واليأس .. بينما تطلّع لها إياد باهتمام ونطق بقلق :

_ عرّفينى حصل ايه يمكن اعرف اساعدك ، ده احنا كنا لسة مبسوطين فى عيد الميلاد امبارح

_محصلش حاجة يا إياد بس دماغى انت عارف مبتسكتش لحد ماتنكد عليا ..

_طب احكيلى بس بتفكرى فى ايه بالظبط؟

شردت عينيها فى الفراغ وتنهدت بثقل ثم تحدثت بهمّ :

_مش عارفة كدا بقعد افكر كل شوية ليه اللى انا عايزاه صعب الاقيه؟ ، بشوفه موجود عادى وغيرى كتير لقوه وبسهولة كمان ..

بحسّ إنه سهل على الناس تنول الحاجة اللى انا عايزاها ،بس تيجى عندى انا تبقى مستحيلة!
مش عارفة المشكلة فيا ولا فى ايه بالظبط.

نظرت له وتابعت بقلة حيلة :

_انا عارفة أكيد كله فى الآخر رزق وقدر ..
بس ساعات بيصعب عليا نفسى ، مش ببقى فاهمة هو انا عملت حاجة غلط ولّا انا مستاهلش أوى كدا !

رمقها بتأثر واضح وقال :
_ليه بتفكرى كدا بس؟ ، مش يمكن اللى انتى عايزاه ده مش خير ليكى بس هتشوفى بداله حاجة أحسن بعدين؟

ابتسم لها بهدوء وقال :
_متستعجليش ياحبيبتى ، جايز دلوقتى مش لاقية اللى نفسك فيه بس ربنا هيعوضك بعدين ..

ابتسمت باطمئنان وأومأت باقتناع ، اقترب إياد منها وتقدم ذراعه من خلف ظهرها ليحيط كتفها بيده ،فانتفض جسدها بخفة وعادت عفويًا للوراء ، نظرت له بحنق وهتفت :

_إياد لو سمحت مش بحب كدا

أبعد يده فورًا ونطق ببراءة :
_والله مش قصدى حاجة انا كنت هطبطب عليكى بس

أردفت بعدم رضا :
_لا مش لازم ، الكلام كفاية عليا

_انا آسف بجد متضايقيش انا فعلا مقصدش حاجة خالص

هزت رأسها بالقبول وهى تهمّ بالنهوض :

_ خلاص مش مهم .. انا رايحة الحمام

*
*
*

_لا لا تعبت بجد ،طز فى الكاريزما بقى

هكذا هتفت جهاد وهى تهم بالجلوس على الرصيف ،بعد مسافة من المشى ;لم تكن فى الواقع طويلة بالنسبة لجسد رياضى مثل فخر ,ولكن لفتاة كسولة مثلها فكأنما بذلت مجهودًا جبارًا فى بضعة الأمتار هذه ..

نظر لها بدهشة وهو يقول :

_ايه يامّا اللى بتعمليه ده؟!

أشارت بيدها بمعنى أنها اكتفت ، وهى تقول بعدم اهتمام :

_جبت آخرى والله خلاص

نبس بحنق :
_مانا قولتلك تعالى اتنيل اوصلك عملتيلى فيها محموقة على كرامتك اوى وعايزة تمشى ..

صاحت باستنكار :
_مش كنت مقموصة؟ لازم اكمل الدور للآخر

ثم أشارت له بالجلوس وقالت :

_ماتقعد ..

_لا شكرا مبقعدش ع الرصيف انا

ردت ببرود وهى تأمره :

_معايا هتتعود ،اقعد

تطلع من حوله بحيرة ، ثم استسلم لطلبها وردد عبارتها بلامبالاة وهو يجلس بجانبها :

_طز ياستى فى الكاريزما

ضحكت بقوة وهى تستمع له يقول بخفوت :

_ده انتى دماغ والله

فأجابته بلامبالاة :

_عايزين نعيش بمزاجنا ياعم ، ايه يعنى قاعدين ع الرصيف؟ طالما مبنضرش حد خلاص براحتنا نعمل اللى على هوانا ..

اكتفى بالرد عليها بضحكة صغيرة تنم عن اتفاقه معها ، لاذ بالصمت للحظات قبل أن ينتبه لها تتحدث :

_عايزة اسألك حاجة

نظر لها بانتباه وأومأ بإنصات :

_اطربنى ياكروان

ضحكت بخفة ثم أعربت عمّا بداخلها :

_ساعة الحوار اللى حصل مع تسنيم لما كنت لسة جديدة فى الشركة وعملتلى شوشرة وهُلّيلة ..

هز رأسه بالإيجاب تعبيرًا عن تذكره للأمر ، فتابعت :

_ انت اهتميت وجيت ورايا وراضتنى .. وكلمتنى مخصوص عشان ترجعنى الشركة وحذّرت الموظفين كمان محدش يتكلم فى الموضوع تانى .. انت حتى مكنتش تعرفنى وقتها ،ليه عملت كل ده؟

ابتسم بهدوء شديد وأجاب :

_عشان انتِ كنتِ مظلومة وانا لو كنت عملت مش واخد بالى كنت هفكر كل شوية فى الموضوع ومش هقعد مرتاح

ثم استرسل قائلا :

_اى حد مكانك كنت هعمل معاه كدا بردو .. انا واحد فى ايده سلطة يشغل أى حد ويطرد أى حد من الشركة ،وسهل عليا ارجعك الشركة واكتم الموظفين خالص بكلمتين .. ليه اعمل نفسى اعمى؟
طالما بإيدى اعمل حاجة حلوة لحد يفتكرهالى ويدعيلى بسببها ليه اتأخر؟!

لم تفارقها ابتسامتها الناعمة وهى تطالعه بعمق ، نبست بهدوء يحمل معه بعض الانبهار :

_انت قلبك أبيض اوى يافخر ..

اتسعت ابتسامتها أكثر مردفةً :

_انت فخر لأى حد يعرفك بجد

ابتسم بامتنان شديد و أجابها عابثًا :

_ده إطراء كبير انا مش قده الحقيقة ، بس أشكرك

احتفظ بابتسامته الهادئة للحظات، أثناء مرور ذكرى عابرة على رأسه عندما كان بسنّ الثامنة تقريبًا وهو بصحبة والدته ، وتردد صوتها على مسامعه عندما كانت تشدد عليه كلماتها بحكمتها وهدوءها المعتاد :

_مش عايزاك تشوف حد مظلوم وتسكت يافخر .. ولا تسيب حد محتاج مساعدتك وتقول ماليش دعوة ..

تطلع لها الصغير بعينيه العسلية البريئة ، شعره البنى الناعم يغطى جبهته ومقلتيه مثبتة على وجه والدته بانتباه ، لتتابع "أمينة" وهى تجلس أمامه على طرف الفراش وتتمسك بيديه الصغيرتين بين كفّيها :

_ حتى لو وقوفك جنب الشخص ده هيعمل لك مشكلة أوعى ترجع لورا واثبت على موقفك , عارف؟ حتى لو المشكلة اللى متوقعها دى حصلت ربنا هيسهلها عليك وهيساعدك تحلها عشان ساعدت حد من عباده قبل كدا .. فاكر لما قولتلك إن أى حاجة بتعملها هتترد لك؟

مسدت فوق شعره بحنان وهى تقول :
_وانا مش عايزة أشوفك بتحصل لك حاجة وحشة نتيجة حاجة وحشة عملتها فى حد .. وأكيد انت مش عايز كدا صح؟

هز رأسه ثلاث مرات بتأكيد ،فيما اتسعت ابتسامتها الجميلة لتزين ملامحها الهادئة ، وعينيها ذات لون البحر الصافى ينبعث منها الحب والسكينة :

_عايزاك حنيّن يافخر ، مش عايزة قلبك يستقوى على حد أبدا ، عايزة الناس تحبك مش تهرب منك ،ولما يشوفوك يضحكوا ويتبسطوا إنك هتقعد معاهم مش يتخنقوا لما يسمعوا سيرتك ..

لم يتحلّى فخر يومًا بالبلاهة أو الحماقة ، بل كان طفلًا نبيهًا فطنًا ;فلم يأخذ وقتًا ليفهم بوضوح أنها تعنى والده وأنها لا تطمح سوى لرؤية ولدها طيبًا وليس قاسيًا غليظًا مثل أبيه ..

فهم كيف تصبو وتتوق لذلك من كل قلبها وكيف سيسعدها ويعنى لها الكثير ، مما جعله يعزم منذ تلك اللحظة على تحقيق ماتريد ؛من أجلها قبل أن يكون لنفسه .. فهى تستحق رؤية حلمها يتحقق ولو لمرة ;بعد فشلها فى تحقيق حياة مستقرة مع زوج متحجر القلب لا يحفل لأمرها ولا حتى لأبناءها رغم كل ماتفعله من أجله ....

*
*
*
ابتلع زياد حبة من ذلك الشريط بيده ثم ألحقها برشفة من كوب الشاى بالحليب خاصته ..
ترك الكوب على المكتب ثم انخفض على ركبتيه ليصل لآخر درج ويخفى الشريط تحت الأوراق بعناية ، ثم استقام والتقط كوبه من جديد ..

احتسى منه القليل ،توافقًا مع صياح رنين هاتفه يعلن عن اتصال شخصٍ ما .. نظر بإسم المتصل فكانت ياسمين
غلبه التعجب مع ظهور بسمة صغيرة على وجهه وأجابها :

_أول مرة اسمَك ينوّر على الشاشة يامعلم !

ضحكت بخفة و ردت بخجل خفيف :
_فى حاجة بس عايزة ادّيهالك ، انزل انا واقفة قدام الباب

استعد للخروج من الغرفة وهو يقول :
_طب ماتدخلى

_لا انا مستعجلة وفى عرض كل دقيقة دلوقتى ، عليّا مشاريع وتسلميات وليلة زرقا .. انزل بسرعة يلا

.
.
ضاقت عينيه قليلًا لتأثرها بضوء الشمس ،بعد خروجه إلى الطلّ ..
اقترب من البوابة التى وقفت ياسمين بالقرب منها وهى تحمل حقيبة بلاستيكية يظهر احتواءها على صندوق يأخذ شكل متوازى مستطيلات ..

ابتسم بترحيب وهتف بمشاكسة ؛حينما رأى دبوس الشعر ذو شكل الفراشة التى تضعه بجانب شعرها :

_منوّرة اكتر من نور الشمس يافراشة

اعتلتها ضحكة واسعة بسرور ، بينما استطرد هو بتعليق سلب منها ضحكتها فورًا :

_انتى عملتى اللى فى دماغك وخسّيتى ولا ايه يخربيتك شكلك بقى صغيّر عن امبارح !

ظهر عليها الامتعاض ونبست بيأس :

_متعرفش تكمل حاجة حلوة للآخر ؟!

رد محاولًا كبت ضحكاته :
_لامواخذة خلاص ..

ثم سألها باهتمام :
_ها بقى؟ خير عشان سايب الشاى بلبن جوا هيبرد

رفعت الحقيبة له قائلة :
_اتفضل

_دى ايه؟

_خدها بس

أخذها ونظر فيها بفضول ليرى صندوقًا ملونًا ببعض الرسومات التى تعلن عن هويته كـصندوق هدايا ، عقد حاجبيه بعدم فهم ونظر لها متسائلاً :

_بمناسبة ايه دى؟

_يعنى .. انت جبتلى هدية قولت اردّهالك بس

_انا جِبت هدايا ؟؟

نظرت له باستنكار مجيبة :
_اللبس والاكسسورات اللى دفعت تمنهم دول كانوا ايه؟

طالعها بملل قائلا :
_انتى لسة فاكرة ؟!

_معلش انا كدا هرتاح شوية

اومأ بقبول ورسم ابتسامة شاكرة على محياه وهو يقول :
_عمومًا ياستى متشكر ،تعبتى نفسك مكانش له لزوم

ثم طرح سؤالًا :
_ايه بقى الهدية؟

ردت ضاحكة :
_افتحها مع نفسك وشوف ،انا لازم امشى .. عايز حاجة؟

_طب خشى اشربى كباية ماية حتى

أجابت وهى تستعد للتحرك :
_لا معنديش وقت والله ، يلا سلام .. سلّملى على فخر ومريم .....

*
*
*
وقف حازم أمام المرآة العريضة التابعة لغرفة النوم ، يعدل من ياقة قميصه ذو اللون السماوى والذى صاحبه بنطالًا من الجينز أسود اللون ، التقط زجاجة عطره ورشّ منها القليل على ثيابه ، مشط شعره بأنامله مرتين للتأكيد على اتباع خصلاته اتجاهًا واحدًا للخلف .. كما بدت لحيته تستعد للنمو ،فأضافت له وسامة خاصة فوق ملامحه الرجولية الحادة ..

دلف ولده الصغير "عبدالله" من الباب المفتوح ، فالتفت له وسأله بصوت منخفض :

_مين اللى جه؟

_طنط نرجس

سرعان ما غلبه التأفف والملل ونفخ بامتعاض ، فلاحظه عبدالله وسأل ببراءة :

_بابا انت ليه مبتحبش طنط نرجس؟

أخفض بصره له و رد باستنكار :

_وهو انت بتحبها؟

هز كتفه بلامبالاة :
_عادى هى طيبة وبتعاملنى حلو

ابتسم حازم بسخرية ،قبل أن ينطق وهو يداعب شعر ولده الناعم بكفّه :

_بكرة تكبر وتعرف إن مش شرط اللى بيعاملك حلو يبقى بيحبك ..

ترددت عينى الطفل بحيرة ثم سأل :

_يعنى طنط نرجس مش بتحبنى ؟

_لا ياحبيبى طنط نرجس دى مبتحبش حد ، وانا مش مستغرب إنها اتطلقت أصلا عشان أكيد محبتش جوزها بردو لحد ماطفّشته

حملق به عبدالله بعينيه الواسعتين البريئتين متسائلاً :

_وليه مش بتحب حد؟

هتف حازم بعدم اهتمام وهو يهمّ بجمع أغراضه :
_انسى انسى خلاص

دلف عبدالله بحوار آخر وسأل باهتمام :

_طب انت هتشوف خالو عز؟

_اشمعنا؟

وضع يده بخصره بشكل طفولى تعبيرًا عن ضيقه وغضبه :

_سرق منّى لعبة البابلز بتاعتى

ضحك حازم ونطق بدهشة :

_عز ؟

_ايوة طمع فيها زى ما بيطمع فى الموز بلبن بتاعى كل مايشوفنى بشربه !

قهقه حازم بعنف وتمتم مع نفسه بيأس :

_ياعز يامهزق!

نظر له وخاطبه مازحًا :
_متقلقش هجيبهالك من عينه ..
.
.
.
خرج حازم إلى ساحة المنزل واتجه صوب باب الشقة مكتفيًا بعبارة "مساء الخير" دون التوقف لفتح أى مجال لحديث ، ولكن اعترضته مى وأوقفته :
_استنى ياحازم ..

وقف ونظر لها وهى تقترب منه تاركة نرجس تنتظرها ، ألقى نظرة خاطفة لها ليراها تبتسم له بهدوء ولكنه لم يعبأ ولم يبدِ رد فعل ،وأعاد نظره لزوجته التى وقفت أمامه متسائلة :

_رايح فين؟

أجاب بصرامة :
_رايح اشوف امى ! ، مزورتهاش بقالى تلت أيام

ردت ضاحكة :
_خلاص بالراحة مالك؟

ثم طرحت سؤالًا آخر :
_طب هتيجى على طول ولّا هتروح فى حتة تانية؟

اقترب منها كثيرًا ليهمس لها بخفوت شديد :
_لو كلمتك وعرفت إنها لسة موجودة اه هروح فى حتة تانية

ثم ابتعد ولم يهتم حتى برؤية رد فعلها بعد كلماته، وغادر سريعًا ......

*
*
*

جلس زياد فوق سريره وفتح صندوق الهدايا على مهل ، وجد به قميصًا أنيقًا أسود اللون ذو أزرار ،مطبقًا بعناية لتظهر ياقته أمام عينيه مباشرة ، ويجاوره كوبًا حراريًا ذو لون أسود يبدو عليه الفخامة من تفاصيله ولمعانه .. كما صاحبتهما بطاقة صغيرة مدونًا عليها بعض الكلمات

ابتسم بهدوء وتناول البطاقة وقرأ كلماتها :

"انت اللى قولتلى بتحب اللون الأسود"

قهقه عاليًا وارتفعت ضحكاته بعنف ؛فقد رسم له عقله صورتها وهى تنطق هذه الجملة بصوتها وأسلوبها المرح ..

مد يده الأخرى للكوب والتقطه بين أنامله ونظر له قليلًا وقد بدا عليه الإعجاب بزوقها الرفيع فى اختياراتها ..

راوده تخمين أقرب إلى اليقين بأنها فى حالة من التوجس والتردد الآن ؛خوفًا من كونها اختارت شيئًا سيئًا وأنه لن يعجبه ..

فهمّ بفتح هاتفه وأرسل لها عبر موقع التواصل الاجتماعي واتساب :

"انا بعد كدا مش هشرب فى حاجة غير المج ده ، حتى لو مش محتاج مجّ حرارى هشرب فيه بردو من حلاوته"

ثم أضاف :

"والقميص شيك ورايق ، انا هستخسر البسه ل يتبهدل والله"

لاحظ إعلان العلامة الزرقاء عن قراءتها للرسالة ، وسرعان ما أجابت :

"بجد عجبوك؟"

ابتسم و رد :

"دى هتبقى من الهدايا ال توب عندى ، شكرا بجد ياسو انا اتبسطت بيها حقيقى"

لم يشك فى ظهور ضحكتها الواسعة على محياها الآن ، وانتظر حتى أتاه ردها مرفقًا ببعض الملصقات المليئة بالقلوب ،وقد شاكسته بإضافة كلمته التى تصاحب لسانه دائما :

"العفو يامعلم"

*
*
*

تحركت سيدة يبدو تعدّيها سن الخمسين من تجاعيد وجهها الواضحة ، تظهر عليها الطيبة والبشاشة بوضوح ، قصيرة وبدينة بعض الشئ ولكنها لاتزال تحتفظ برشاقتها كما هى ..
حملت صينية فوقها كوبين من الشاى المحلّى بالنعناع ، و وضعتها أمام الطاولة المنخفضة المقابلة للأريكة التى يعتليها "حازم" ..

جلست السيدة "ولاء" بجوار ولدها وهى تقول بعتاب :
_طب حتى لو مى مشغولة مع اللى ماتتسمى دى ، كنت جبت عبدالله حتى

تقدم حازم بجذعه قليلاً ليتناول كوب الشاى بيمناه ، ثم قال :

_ماهو انا جاى اخدك بقى عشان تقعدى معاه براحتك

ردت باستنكار :
_تاخدنى فين؟

_البيت ، اقعدى معانا كام يوم

هتفت بضجر :
_عشان اشوف نرجس؟!

ضحك حازم وقال :
_انتِ كرهتيها عشان انا كرّهتك فيها، صح؟

_انا عارفة إنك ليك نظرة فى الناس ، ودلوقتى كمان طالما متأكد كدا أنها أى كلام يبقى أكيد شوفت منها حاجة ..

حدجته بلوم وتابعت :
_بس مش عارفة حتى أمك بتخبّى عليها ليه؟

ابتسم حازم بهدوء وقال :
_متشغليش بالك حوار مش مهم

ثم دخل بموضوع آخر ونبس بتشجيع :
_المهم يلا قومى هاتى هدومك عشان تيجى معايا يلا

_وانا ايه اللى يجبرنى استحمل البت دى وهى بتنط لك كل يوم كدا ؟!

أوضح قائلًا :

_ماهو انتى لو موجودة مش هتيجى كل يوم ، هى عارفة إنك مش بتحبيها وبتقفي لها على الواحدة ومش بتحب تتعامل معاكي .. ولما تعرف إنك هناك هتخف رجلها من علينا شوية ..

ثم أردف برجاء :

_عشان خاطرى يا ماما ،انا مش عارف اقعد مرتاح فى بيتى .. ومىّ انتِ عارفة على قلبها زى العسل ومعندهاش أى مشكلة لو باتت معانا حتى

صمتت قليلاً بتفكير ثم تنهدت باستسلام وخضعت لطلبه قائلة :

_ماشى ياحازم ....
*
*
*
خرج "عز" من إحدى الغرف الخاصة بالمرضى وأغلق الباب من خلفه ،مرتديًا المعطف الطبى فوق ثيابه ..
بخطى متمهلة سار بالرواق وهو يخرج هاتفه من جيبه ..
اندمج بما يفحصه فأخذت خطواته تتباطئ شيئًا فشيئًا حتى توقف عندما انصب تركيزه الكامل مع الشاشة..

وبالتأكيد لا حاجة للتساؤل عمّا جذب انتباهه هكذا، فالإجابة معروفة .. بالطبع "مريم"

لم ولا ولن يعطِ اهتمامًا لأحد بقدر مايمنحه لمريم ..

المعاملة بالمثل للجميع عدا مريم ..

هى استثناء ..
ليحترق الجميع أمام ابتسامتها فقط ..

أيًا كنت فأنت حتمًا بالنسبة له فى المكانة التى تليها ،ومهما فعلت فلن تكتسب منه أولوية قبلها ..

كانت قد نشرت صورة جديدة لها على أحد مواقع التواصل الاجتماعى ،وكالعادة لا تمر أى صورة لها مرور الكرام هكذا بل تنول اهتمامه وتركيزه الكامل لوجهها الباهر وملامحها الوديعة ..

أتزداد جمالًا مع كل صورة أم عينيه فقط من ترى هذا؟

يجزم أنه لو ظل يحدق بصورتها لثلاث ساعات متواصلة فلن يملّ ولن يمانع فى قضاء ثلاثة أخرى بنفس الوضع ..

أفاق لنفسه وأبعد مقلتيه بعيدًا عن الشاشة، قاطبًا حاجبيه بضيق وعدم رضا عن استسلامه لهوسه بها ،رغم استمرار عقله فى تذكيره طوال الوقت بأنها لن تكون له يومًا ..

زفر باختناق واضح ودسّ الهاتف بجيبه ثم تابع طريقه لمواصلة عمله ؛محاولًا إشغال نفسه به، أفضل من الانسياق خلف قلبه الأحمق الذى سيلقى به يومًا بحفرة مظلمة لن يقدر على الخروج منها ......
*
*
*

صفعت "صابرين" آخر طبق من وجبة الغداء على طاولة السفرة بعصبية واضحة ،مما باغت مروان وجعله ينتفض بفزع ،فنظر لها بتعجب صائحًا :

_ايه يا امى ؟؟

هتفت وهى تستعد لأخذ مقعدها :

_اسكت عشان انا مش طيقاك

نظر فى اللاشئ ولوى شفتيه بمنتهى الملل ،قبل أن يستعد لسماع وصلة جديدة من التوبيخ والتعنيف :

_بقالى يومين بكلّمك وانت كل اللى طالع عليك كويس وتمام ومفيش حاجة جديدة! ، وفى الآخر تطلع عامل حادثة ومرمى فى المستشفى وجايلى دلوقتى بكل بساطة تقول لى ازيك يا ماما؟ ياروح ماما !! ، ازاى متكلّمنيش ولا تعرّفنى حاجة زى دى ؟!

_ياماما خلاص بقى انا من ساعة ما جيت وانتى بتقولى نفس الكلمتين

صرخت به بعنف :
_واقولهم ستين مرة ومتفتحش بؤك!! ، انت معندكش دم ولا إحساس أصلا

_الحق عليا مرضتش اقلقك يعنى؟

لم تكترث لقوله وأردفت بحدة :
_مين اللى عمل كدا بالظبط!؟

رد بعدم اهتمام :
_شوية عيال سيس كدا اتخانقت فيهم وراحوا لحالهم خلاص

صاحت بسخرية امتزجت بالغضب :

_والله عال! ، ابنى المحامى المحترم بقى من الشارع وبيتخانق فى البلطجية وقطاع الطرق !

أمسك بيدها ليوقفها عن الحديث ،ويراضيها قائلا بعدم اكتراث :

_خلاص ياحبيبتى خلاص ، وعد المرة الجاية هقول لك على طول حاضر

نشلت يدها منه بعنف، هاتفة بانفعال :
_بطّل برودك ده !

ثم نبست بغضب أكبر :
_جهاد كانت عارفة ،صح؟ .. عارفة من قبلى انا !

أشاح بنظره مطلقًا زفيرًا ملئ بالملل أثناء مواصلتها الحديث :

_هى وصلت لكدا كمان!! ، بتحط البت دى قبل أمك ؟! ، ده انا جيت على نفسى وعصرت على نفسى شوال لمون بحاله عشان استحمل قعدتها فى بيتى يوم ما عزمتها على الغدا ، وكله عشان ارضيك انت وبس! ، اخرتها تفضّلها عليا !

رد بقلة صبر :

_يا امى ولا بفضلها عليكى ولا نيلة ، انا بجد مكنتش عايز اخضّك واقلقك ده كان كل غرضى

هتفت بحنق وهى تنظر بطبقها :

_اسكت اسكت خلاص ،اتنيل كُل متكلمنيش تانى

مرر عينيه من حوله بيأس وأخذ الصمت كأفضل حل أمام انفعالاتها واستياءها ....

*
*
*
بالمساء ..

جلس فخر على طرف فراشه بعدما وضع فوق الكومود المجاور له طبقًا صغيرًا به بعض شرائح التفاح الأحمر ، تناول منه واحدة ونظر لدفتره المتعلق بيمناه ;ذلك الدفتر الفخم ذو الغلاف الخشبى والذى يقع بزاويته اليسرى فى الأعلى اسمه المحفور باللغة العربية والمزين بالتشكيل بشكل منمق ..

قلب بين صفحاته قليلًا بلا هدف ، إلى أن وقعت عينيه على خاطرة صغيرة كتبها سابقًا :

"يقولون عندما يطرق الحب بابك ستشعر أن دقاته مختلفة ، ستجد نفسك شخصًا غريبًا لم تكن عليه من قبل ، سترى كيف سيتغير وجهك البائس إلى ملامح طفل بشوش مقبل على الحياة ،وستلاحظ السلام يتخلل كل إنش من روحك ..

ترى هل سيدق الحب بابنا يومًا؟"

باغته صوت طرقات عنيفة فوق الباب تنم عن استعجال صاحبها وتوتره ، قطب حاجبيه بتعجب وعلّق قائلًا :

_ماله الحب جاى بـزعابيب كدا ليه!

ترك الدفتر على السرير والتقط شريحة تفاح أكلها أثناء طريقه إلى باب الغرفة ليفتحه ،وسرعان ما تفاجأ بدخول الخادمة سحر بارتباك وهلع وهى تصيح بارتعاد :

_ايه اللى عملته ده ايه يابنى ،ليه كدا المصايب اللى نازلة علينا دى !!

هتف بعدم فهم :
_فى ايه بس ،بالراحة شوية

_البوليس تحت وبيسألو عليك

ردد بدهشة :
_عليا انا !؟

صاحت بهلع :
_ايوة

ترددت عينيه فى الأرجاء بتعجب وأردف بإحباط :

_البوليس جايلى انا وسايبين بسمة؟ .. عَجبى !

ثم خاطبها متسائلاً :
_هما قالوا ايه بالظبط؟

_هما طلبوك بالاسم كدا ،وبالحرف قالوا عايزين فخر تليد

صاح باستنكار وحنق وكأنهم ارتكبوا جريمة في حقه :

_من غير مهندس !

اتسعت عيني سحر بذهول :

_هو ده اللى هامّك! ، بقول لك هتتحبس !!

ضحك وربت على ذراعها بخفة :
_ خير خير متقلقيش

اعترضته قائلة :
_خير ايه؟ بعد الراجل اللى ضربته بالنار ده أكيد مفيش خير خالص !

لم يهتم بالرد عليها و ردد مع نفسه بصوت مسموع وهو يتخطّاها ليستعد للنزول :

_صفحة جديدة بعنوان مغامرات فى الحجز وتبًا لسيرة الحب اللى هلّت عليا بالأخبار المُشرقة دى ..

يتبع ..
______________________________________
لا تنسووا التصويت من خلال الضغط على النجمة فى الشريط أسفل الفصل♥️

تحياتي❣️
|شهد مدحت

*Published in : 9 may 2023*

Continue Reading

You'll Also Like

3.3K 266 18
" أنـا مُسـلم " مسلم متدين يعيش حياة طبيعية وسط عائلته، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن . ‏. ‏وللقدر رأي آخر في أن يبقى على ديانته .. ‏ ‏فهل...
987 100 9
"قل للمليحة فى السراب الابيض ماذا فعلتِ بناسك متعبد" اعلم ان بيت الشعر خاطئ و لكننا دائمًا ما نحاكي الشعر على ساجيتنا، فهى ابدًا لم تكن بمليحة الخلق،...
7.7M 375K 73
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
607K 27.3K 37
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...