لحن الوقوع بيد منقذ

De krytbilla

10K 598 513

"ستخبرني بأسبابك بعد الزواج عليك أن تعدني" همستُ له ليومئ" بلا شك إن كان في العمر بقية".. وإبتسم بجانبية تلك... Mais

1_إستعداد لإمتحان القبول..
2_نجاح وسماحٌ بالسفر
3_العثور على صديق
4_لنصبح أصدقاء
5_حدثيني عن الإسلام
6_لأمسك بيدك..
7_طلب زواج
8_موافقة
9_فالتعتني بها
10_فراق محزن
11_حياة جديدة
12_معرفة هَنا
13_تخبط..
14_أسلمتْ لله
15_حمدا لله
16_زيارة
17_تعارف
18_غيرة
19_مريض
20_ سر فكتوريا
21_معرفة الجار
22_لست مستعدة
23_تميلين لي
24_أمهليني..
25_غيرة ثانية
26_أسئلة وأسرار
27_غموض
28_مودة بيننا
29_غريب
30_ضيوف..
31_خيل
32_إقتراح..
33_نزهة ولهب
34_نفس اللحظة
35_لأني أخطأت..
36_سوء الفهم..
37_الرسالة..
38_مخاوف وتساؤل..
39_صاحب الرسالة..
40_طعنة
42_بعد كل عسر يسر..
43_النهاية والبداية..
«خاتمة لنا»

41_كشف الحقائق..

137 12 27
De krytbilla

عيناي تعلقت على وجهه الذي تعرق حرفيا وأصبح يقطر كالشلال..

هل ربما أنا التي أصبت وأصبحت أهذي بأنه هو المصاب..؟ هل أنا بخير..؟

أيمكن أن يكون هذا مجرد حلم..! كابوس سأصحوا منه قريبا وأنسى كل شيئ سيئ رأيته به..!

أيعقل أنني أتخيل..! هل أنا كذلك..؟

أنا أتخيل نعم..؟ هو لم يطعن بدلا مني أليس كذلك..؟ هو بخير صحيح..؟ إنه يتظاهر أكيد..

ربما سيبدل هذه الملامح المتألمة الآن ويضحك يخبرني أنها مزحة ليرى إن كنت أقلق عليه أم لا..

أوليس ماأظنه وماأتكلم به وماأتمنى صحيحا..! أجيبوني بالله عليكم أليس كذلك..؟

لكن ملامحه التي إرتخت للتألم الشديد لاتأكد أنه يمزح..! بل تخبرني أنه واقع..!

صفعتني الحقيقة المرة حين خرج أنين متألم منه وعندما قبض أكثر على خسري بقبضته ولكني لم أشعر بالألم إطلاقا..

لأني مخدرة..!

وكأنه تم وخزي بإبرة مخدرة لأخرج من الواقع وأتصنم تماما كالصنم فلا فرق بيني وبينه الآن..!

فرقت شفاهي بصدمة أحاول أن أحلل مايجري حولي.. لاأعرف ماأقول أو كيف حتى سأقول وأنطق وأتكلم..

الحروف علقت بحنجرتي وأبت الخروج تضيق الحسار علي هناك وتشكل غصة قوية ذات أسلاك مؤذية تلسعني وتؤذيني..

هل الزمن توقف..!

شعرت به يبعد يده من خسري يضعها خلف ظهره ويعصر عينيه بقوة جد شديدة ودفعني بيده الأخرى قليلا لأتحرك مخدورة للأمام وكأنني..

لست حية..!

إيميليا أمامي كانت واقفة تفتح عينيها هي الأخرى بصدمة قبل أن يغزوهما رعب وتضع يدها على فمها تغطيه وترجع للوراء..

_لا لا هذا لايمكن..

نفت برأسها كالمخبولة قبل أن تسرع بخطواتها نحو الباب وتركض خارح الغرفة..

رمشت أحاول الخروج من تيبسي والإتصال بالواقع.. تأتأة خرجت من ثغري الذي جف وأصبح كالأرض المتشققة قبل أن أنفي برأسي وكأنني أصبحت مخبولة كإيميليا وأستدير ببطئ بغية رؤيته..

إلتصقت قدماي بالأرض وكأنه تم وضع لاسق عليهما لتأبى التحرك بهذا الشكل، ومقلتاي المتوسعة إرتجفت وكأن الصواعق أصابتهما..

عقلي توقف كليا عن العمل وأنا أرى كيف يحرك يده التي خلف ظهره لأعرف أنه ينزع السكين من خسره وعند هذه الفكرة كسر قلبي الذي لم يستوعب بعد مايجري..

فتحت عيناه فجأة قبل أن تنطلق صرخة مدوية من شفاهه طعنت قلبي الهش وتليها ظهور يده التي كانت خلف ظهره تحمل السكين الدموي..

سقطت قطرات الدم الأحمر القان على الأرض واحدة تلو الأخرى ويليها سقوط السكين من يده المترجفة التي إرتخت ليصدر السكين صوتا يدل على إرتطامه بالأرض بشكل مخيف..

كل هذا حدث أمامي وأنا كالتمثال أراقب بلا حراك.. وكأنني أصبحت جسدا بلا روح..

سكب الواقع المريع ماء دلو بارد على جسمي يوقضني من سباتي ومنظر تلك الدماء التي تسيل من خلف وضاح جعلت شفتاي ترتجف والرؤية تصبح غير واضحة قبل أن أجلف منتفظة بقوة حين لم يحتمل وضاح الوقوف أكثر وبدأ جسده يتهاوى أرضا..

عند إذ تحرك الزمن أخيرا وعادت عقارب الساعة للدوران حين تحركت أنا الأخرى ولم أدرك كيف جررت قدماي ووصلت عنده أحاول إمساكه رغم ثقل حجمه علي..

_لااااا.. و.. وضاح أرجوك قف.... أنت بخير صحيح أجبني بالله عليك..

لم يستطع التكلم بل صرى على أسنانه ووجه أصبح شاحبا.. وضعت يدي المرتجفة على صدره وبيدي الأخرى التي تموضعت على كتفه حاولت مساندته على الجلوس بصعوبة كبيرة..

_وضاح أ.. أنت لم تطعن.. ف.. قط جرح ص.. صغير.. صحيح..!!

نبست بصوعبة أحاول الصمود وطمأنة نفسي لكي لاأنهار فليس وقتي..

شهقة عنيفة خرجت من شفتاي عندما نظرت للأسفل ووجدت بركة من الدماء قد ملأت أرضية الغرفة..

لا لا.. ه.. هذا حلم... نعم مجرد حلم سيئ جدا وسأصحوا منه.. نعم..!!

ياإلاهي..!

شعرت بوضاح ينحني برأسه للأسفل فرمشت أعيد نظري نحوه بسرعة وعندما وجدته يبصق الدماء من فمه فقدت حينها صمودي وصرخت بهلع..

_وضاح أ.. أصمد قليلا أرجوك.. سأذهب لأنادي الجميع وسننقلك للمشفى.. ه.. هيا تماسك قليلا فقط.. و.. وستكون بخير..

لاأعلم إن كنت أطمئن نفسي بهذا الكلام أو أطمئنه هو..!

إرتجف جسده بين يداي فعضضت على شفتي السفلى وحاولت النهوض لأنادي غيري لإسعافه..

_إ.. إنتظرني لن أتأخر..

إلتفت لأغادر لكن يده التي إلتقطت معصمي أوقفتني فأنزلت بصري نحوها قبل أن أرفع عيناي نحوه..

وجدته ينظر نحوي بمقلتيه تلك الشبه مغلقة عندما أفرج عنها قليلا ليكشف عن لون رزقاوتيه التي بفيروزيتهما تصبح آسرة..

إبتسامة صغيرة متألمة تشكلت على شفتيه وصوته خرج خافة متقطعا حين نطق..

_ماريا.. كانت معي قبل أن أدخل و.. ذهبت لتنادي الجميع..

إرتعشت يدي بين أنامله الباردة: و.. ولكن..

طرف ببطئ وهمس بألم : لاتتركيني..

هنا فقط.. تشوشت الرؤية لأدرك أنني أبكي.. إنهارت قوتي وتدفقت العبرات على وجنتي كالنهر..

قلبي يتمزق.. وأنا..

أموت ببطئ..!

إبتسم شفتاه التي علقت عليها الدماء وهمس بضعف كسى صوته: خذيني لحضنك..

أغمضت عيناي بوهن وعبراتي أبت التوقف وإستمرت بالهطيل كالمطر على أرض وجنتاي..

كيف له أن يبقي إبتسامته الجميلة بهذا الوضع..! أنّى له ذلك وأنا أموت أمامه ببطئ..! أنّى له أن يتحمل الألم ويبتسم كأن ماحدث شيئ عادي أنّى له ذلك..!

زحفت نحوه أضع يدي خلف رقبته قبل أن أضمه لحضني بيداي المرتجفة التي طوقت بها جذعه وقد أرخى رأسه على كتفي..

صمت مريع حل فجأة حتى كسره هو بنطقه: ل.. لطالما... أردتك زوجة حبيبة لي.. أنت حبي الوحيد وأجمل أيامي تلك التي عشتها معك.. لن أنسى تلك الأوقات التي أستفزك بها.. لتتحولي إلى قطة ذات عبوس.. لطيف..

كلامه أيقظني مجددا لأعيد نظري له والعبوس طغى على ملامحي وبنبرته العميقة تلك والمتعبة أردف..

_أنتِ الجمال كله.. لاأحد ينافس خضرة الجنان في عينيك.. أو يسرق بياض القمر من وجهك.. أو يرى كيف تصبح خصلاتك أوراق خريف مودعة..

زم شفتيه ولازالت تلك الإبتسامة عالقة عليهما: غريب.. كيف للأعشاب الخضراء أن تلتقي بأوراق الخريف..؟ فعلا عجيب..! أكانت تستقبلني بجمال عشبها الأخضر ثم تودعني بسقوط أوراق خريفها..؟

_توقف..

صحت بيأس شديد أغمض عيناي والدموع إزدادت لأشعر بسخونتها تلدغ وجنتاي..

هل يحاول وضع خطاب وداع..؟ أولا يرى حالتي..! ألايكفيه ماأنا عليه..!

_أرجوك هذا يكفي..

فتحت عيناي لأقابله وإمتدت يدي المرتجفة لتتموضع على خده..

_لاتقل أنك ستموت... ستعيش بإذن الله تحمل فقط سيصل الجميع.. أرجوك لاتستسلم.. أنا لم أعرفك هكذا..

أغمض عينيه يرفع يده ليضعها على خاصتي التي على وجنته يداعب أنفه ضدها..

_لاأريد حقا المغادرة.. أنا حتى لم أخبرك بأسبابي.. أخاف أن تشكي بي مجددا ولكنني.. فعلا أحبك جدا..

قبضت على فكي: كلا ستصبح بخير وتخبرني.. وأنا لن أشك بك مجددا أعدك.. أعدك بأنني لن أفعل فقط أصمد من أجلي.. أرجوك..

رفع مقلتيه بوهن نحوي لأقابله بعبوس والدموع تأبى التوقف...

مرت لحظة صمت بيننا ونحن على هذا الوضع قبل أن يقطعه بتنهيدة ثقيلة متعبة خرجت منه وعيناه تكاد تغلق..

_على الأقل حاولت أن أشبع نظري نحوك قبل أن أغادر.. مع العلم أنني لن أشبع من التحديق بك ولو فعلت ذلك دهرا..

هو لايسمعني.. هو لاينصت لي ويستمر بقول كلمات تقتلني..

_كفاك ياوضاح هل تحاول صنع جو درامي للوداع..؟ توقف سنكمل بقية حياتنا معا وستراني دوما وتشبع نظرك..

قلت بسخرية بالرغم من الموقف الذي أنا به إلا أنني لم أتلقى جوابا منه بل أبعد كفه عن كفي التي تعانق وجنته وأمال رأسه على طول ذراعي يعانق بيداه خسري..

_دعيني أحتضنك للمرة الأخيرة، وأشعر بك.. للمرة الأخيرة..

شهقت برعب عندما شعرت ببرودة جسده فرفعت يداي أضعهما على كتفه لأحاول إبعاده..

_و.. وضاح يجب أن أدفئ جسمك أنت..

قلبي أعلن توقفه عن النبض لإغماضه لعيناه وإرتخاء جسده وهدوءه فتوسعت عيناي أنظر للأمام بلا حراك..

هو هو.. هو لم يمت صحيح..!

حاولت تكذيب كل شيء وأبعدت ذراعي عن رأسه ليسقط على حجري..

ه.. هذا غير صحيح..! ماأراه كذب..! لقد أغمي عليه فقط..

_و.. ضاح أتسمعني

سألت بحذر فلم يجب والسكون عم المكان.. أمات هذا الأحمق لما لايجب..؟

وضعت يداي على وجنتيه أقرب خاصتي منه وأصرخ بإنفعال وبكاء عالي: إفتح عينيك وتوقف عن ألاعيبك.. هيا إنهض وتوقف عن التمثيل وإتلاف أعصابي.. هيا أرجوك لاتكن سخيفا أقسم بالله أنني لن أشك بك ثانية وسأصدق كل حرف خرج من شفاهك.. فقط إنهض هيا... أرجوك لاتجعلني أفقد نفسي بغيابك هيا.. إفتح عيناك أنا لم أرتوي منهما بعد.. أرجوك ياوضاح لاتتركني..

بقيت أترجاه وأمسح وجهه أبعد خصلاته الشقراء بإنفعال ولكن لاإستجابة أبدا..

فتح الباب على مصرعه بعد أن كان مفرجا قليلا وتليه دخول الجد ألبرت للغرفة وكاثرين والجميع خلفه وقد كان أدهم بجانبه..

توسعت عيناه برعب ماإن وقع بصره علينا فأسرع بخطواته وخلفه كاثرن وكأنهما يتسابقان..

_ماذا حدث هنا..؟

إنحنى نحوي يسأل بقلق لكني لم أكن أسمع صوته بل إستمريت على حالي.. وصلتني شهقة ويليها صراخ أنثوي لأدرك أنها كاثرين..

_ياإلاهي إبني..! من فعل به هذا..؟

شعرت بذراع الجد ألبرت تتقدم لتسحب وضاح مني وكذا إنحناء كاثرن هي الأخرى لتساعده سريعا لكني كنت غائبة عن الوعي وأتمسك به بقوة..

_سمر أرجوكي علينا أخذه للمشفى..

همس ألبرت لكنني نفيت بشدة قبل أن أشعر بقدوم أدهم معه وقد عاونوه جميعا لسحب وضاح من يداي وماإن إنسحب بين أيديهم وإبتعد غرست أظافري بقميصه الذي تلطخ كليا بالدماء..

_لا توقف لا تأخذه إنه بخير سيستفيق..

تقدمت ماريا ورائي تسحبني من ذراعي لأفلت جسده بعد أن كنت متشبثة به فإنحنيت أدفن وجهي بين يداي أبكي بشدة لأشعر بماريا تلف يداها حولي وتسحبني لحضنها..

_يكفي ياعزيزتي سيصبح بخير.. لاتبكي هيا يجب أن تكوني قوية لأجله..

بدى أنها تطمئن نفسها أكثر مني وتكتم غصتها بينما أنا غبت عن الواقع ومازلت أبكي بهستيرية..

ماريا:

تلك الأفعى الرخيصة إيميليا.. كيف طاوع لها قلبها فعل ذلك..! كيف..!

لقد إرتكبت جريمة للتو..! لم أعرف ماأقول حين قدمت برفقة وضاح لأراها مع سمر تشابكها وتدفعها نحو السكين..

كنت أود قتلها لكن وضاح أبعدني وطلب مني مناداة الجميع وذهب هو نحوها..

لم أدرك شيئا حينها لكني أسرعت نحو جدي ألبرت وقد كان الجميع هناك برفقته.. حين أخبرته قدم مسرعا ولم يفكر بأي شيئ آخر..

تنهدت بعصبية أحتضن جسد سمر المرتجف لي أكثر ولم تتوقف عن البكاء للحظة..

لم تنفع معها مواستي التي كنت أواسي بها نفسي أولا وقد إرتفت شهقاتها كثيراً جعلتني أتألم أكثر لحالها..

إيميليا هي السبب..! منذ أن أتت ولاتكف بخلق المشاكل إلى أن وضعت مشكلة أكبر..

رفعت بصري حيث تقف فكتوريا وخطيبها وكذلك أمي يرون جدي وأبي وخالتي كاثرين يحملن وضاح ويخرجنه بسرعة من الغرفة..

_مالذي يحصل..؟

تقدمت فكتوريا نحوي تسأل بقلق وإستغراب وقد إتسعت عيناها لمنظر الدماء على الأرض وعلى حالة سمر فإنحنت نحوها تمسكها من كتفيها..

_سمر مالأمر لماذا تبكي..؟ولمن هذه الدماء..؟

تنهدت بتعب: لقد طعن وضاح..

شهقت بخوف تضع يدها على فمها: م.. ماذا كيف حدث هذا..؟ سأذهب معهم..

إستدرات لتلحقهم لكن أمي قاطعت طريقها توقفها: إبقي هنا وراقبي لاري وكرزة مع أليكس.. أنا سأذهب معهم..

لكنها عارضت تنفي بقوة وقلق: لكن..

_لاعليك سأتصل بك وأطمئنك حتى تسأمي مني وتحظري رقمي..

زمت فكتوريا شفتيها بقنط قبل أن تستسلم وتومئ برأسها..

سمر:

لاأدري حقا كيف أصف شعوري الآن ولكنني..

منهارة لأبعد الحدود.. جدا منهارة..!

لاأعلم هل أغضب على إيميليا.. أم أبكي على وضاح.. أم أحزن لحالتي هذه..!!

أنا في حسرة.. في ضياع وتشتت.. في تخبط..

الحمدلله على كل حال..!

دوما ماأحمدك ياربي على كل شيئ مقدر لي.. يارب أسعفني.. يارب ساعدني.. أرح قلبي يارب..

أجلس على كرسي الإنتظار برواق المشفى أهز قدمي بإظطراب شديد وقلق..

فبعد أن تركتنا الخالة نتالي ولحقت بالبقية.. غادر أليكس ليعطينا مساحتنا الخاصة وبعد أن عانت كلا من ماريا وفكتوريا ليحاولا طمأنتي وإسكاتي لأوقف بكائي الهستيري ذاك قررت سريعا اللحاق بوضاح وقد أتت ماريا برفقتي..

أخرجت تنهيدة مترجفة من شفتاي أرفع نظري للغرفة التي بها وضاح ولم يخرج الأطباء منها بعد..

حالما رأو حالته أسرعوا لإسعافه بسرعة وقد مضى وقت طويل منذ إنتظارنا..

إليكم المشهد.. خالتي نتالي تجلس بجانبي وتليها أمي كاثرين ويليها جدي ألبرت ثم أدهم ثم ماريا..

وجميعهم مرتبكين جدا.. كنتالي التي لم تتوقف عن ضرب الأرض بقدميها وأمي كاثرين التي تستغفر الله وتتنفس بإظطراب كل دقيقة وقد جعل ذلك الجالسين بجانبنا يزمجرون بإنزعاج..

أما الجد ألبرت فينظر لساعة يده ثم للباب يزم شفتيه بخوف.. وقد كان أدهم بجانبه يربت على كتفه ليطمئنه ويواسيه بكلامات لم أسمعها لأنه بعيد عني..

وحدها ماريا من تمكنت من إبتلاع خوفها بعض الشيئ وهي تعتصر قبضتيها في حجرها بدون أن تنطق وأحيانا تعتصر عينيها لتخفف من التوتر..

شابكت أصابعي مع بعض بقوة حتى إبيضتا.. سحقا هل يعالجونه أم يخترعون علاجا لمعالجته..! لما كل عذا التأخير يكاد قلبي يتوقف..!!

إفتح أيها الباب الغبي..! توقف عن إحتجاز وضاح ليس لك الحق بذلك.. سأقاضيك..!

عاودت أتنهد مجددا ليصلني صوت بجانبي: توقفي عن التنهد كل دقيقة ياسيدة هذا يزعجنا..

رفعت حاجبي وحولت نظري لجانبي لأجد طفلا يبدوا في الخامسة من عمره يرمقني بإنزعاج شديد ظهر على ملامحه الصغيرة قبل أن يلوي شفتيه ويعاود اللعب بهاتفه..

هذا القزم القبيح..! وكأني بوضع يسمح لي بفعل مالايزعجك.. فاليحترق إنزعاجك في الجحيم..

تشه طفل بعمر إبني يقول ذلك قال إزعاجا قال..!

_ياإلاهي.. لما لم يخرج بعد أهو بخير..؟

همست كاثرين بتعب تمسح وجهها براحة يديها قبل أن تنتفظ لفتح الباب الذي كان به وضاح فرفعنا أعيننا بسرعة نرى الأطبة يخرجون منها..

لاأعرف حتى كيف نهضة مسرعة نحو الطبيب الذي كان بالمقدمة لأسأله بلهفة وقلق: هل هو بخير..؟ هو حي صحيح..؟

_أيها الطبيب طمئنا..

نبس الجد ألبرت بجانبي لينظر الطبيب نحونا وقد بدى مترددا لايعرف كيف يبدأ أصلا ولم أعرف كيف أصف ملامح وجهه..

هو ليس ميت..!

لاتنطق هذه الجميلة أرجوك لاتفعل..!

رفع يديه ينزع القفازات البيضاء التي أصبحت متسخة وتنهد: لقد حاولنا إسعافه.. هو بخير والحمد لله فلم تكن الإصابة عميقة ولكن..

تلاحقت أنفاسي وقد بلغ صبري ذروته عندما كورت قبضتاي أراه يعاود الكلام بهدوء: ولكن إسعافه السريع لايعني إخراجه من غرفة الطوارئ فلاتزال حالته خطرة نوعا ما ويحتاج مراقبة مكثفة جدا لذا.. لن تستطيعوا رؤيته الآن..

فور إنتهائه من كلامه تيبس الجميع مكانهم.. ولا تتكلموا عني أنا لأني سحبت من الواقع مجددا.. أخرجنا من تلك الحالة صوت كاثرين الصارخ وقد أفزعت من بالمشفى..

_ماذا تقول أيها الطبيب..؟ لايمكن ألم تقل أنكم أسعفتموه..؟ لما لاتزال حالته خطرة..؟ لما يحدث ذلك..؟

_ أعتذر بشدة ياسيدتي لكنه قدر الله وقد فعلنا مابوسعنا ولم نقصر بشيئ أبدا..وأتمنى من الله أن يشفى سريعا..

فتحت كاثرين فمها تود قول شيئ لكنها تراجعت ولمعت عيناها بحسرة مستاءة وهي تتنهد تومئ بصعوبة وتمسح على جبينها بتعب..

_تستطيعون زيارته في الغد فربما تخف حالة الخطر عنه ونستطيع إخراجه وإن لم يحدث فسيمكث هنا وسترونه أنتم من النافذة فقط..

أنهى الطبيب كلامه بإحترام ليومئ له الجد ألبرت فأومأ هو الآخر وهمس يبتعد: حظا موفقا..

راقبنا ظهره وهو يغادر وقد لمحت ماريا التي تتبعته بعينيها بنظرات حزينة قبل أن تعيدها نحو الجد ألبرت الذي أمسك بكتفي كاثرين بهدوء..

_هيا نذهب ياإبنتي..

رفعت هي الأخرى نظراتها الحسرانة نحوه وأومأت بصمت كئيب جدا وداخل عينيها كان يقبع تفكير عميق كخاصتي ألبرت..

وكما قلت لاتتكلموا عني أبدا لأنني... لم أجد الكلمات المناسبة لأصف بها حالتي..

أنزلت نظري للأرض أقضم شفتي.. أشعر أني بدوامة كبيرة.. كبيرة جدا وسوداء... مخيفة ومرعبة لاأعرف مصيري لأني تهت بها..

أشعر بألم.. بألم شديد يثقب صدري ويدخل سواده فيه لأتألم أضعافا... إحساس رهيب حل بي جعلني لاأقوى على الحراك أو حتى رفع رأسي..

إني السبب..! لقد تلقى الطعنة بسببي..! أهو غبي ليفعل شيئا كهذا.. لماذا فعل ذلك لقد كانت الضربة موجهة لي لما أخذها بدلا عني لما..؟

هل سأفقده..؟ أهذه المرة الأخيرة التي سأراه بها..؟ هل سيغادر بعيدا حيث لايمكنني الكلام معه مجددا..؟ هل سيفعل..؟

غصة تكونت بحلقي.. تغرس أشواكها به لأشعر بدماء المرارة يجري عبره ليسقط لمعدتي ويسير عبر شريني يتخلل أوردتي ويفتك بي فتكا..

مهلكا..!

بتر أفكاري وإنغماسي بها يد تموضعت على كتفي لتعيدني للواقع فرفعت رأسي لأجد ماريا أمامي وقد رسمت إبتسامة أدركت من ملامحها أنها جاهدت لتجعلها مطمئنة بعض الشيئ..

_لنلحق بالبقية..

أشارت بإبهامها للوراء فنظرت هناك لأجد ألبرت وكاثرين قد إبتعدوا عنا بمسافة وقد لحقهم أدهم ونتالي فأعدت نظري لماريا وأومأت سريها..

إستدرنا لنغادر لكني توقفت فجأة لما لمحت من يقفان على بعد مسافة منا وفور مالمحاني ركضا سريعا نحوي..

أنا أنظر جيدا صحيح..! لم تأثر علي الصدمة لتجعلني أتخيل وأهلوس بوجود أشياء غريبة حولي..!

توسعت عيناي وقد إرتجفت شفتاي بصدمة: أمي.. أبي..

كان صوتي عاليا بعض الشيء ليلفت البقية نحوي ثم حين أصب نظري ليظهر الإندهاش عليهم أيضا..

_ك.. كيف هذا..؟

سألت بتلعثم أحاول جمع شتاتي وأستوعب مايحدث لي من صدمات اليوم..

_سمر..

صوت أمي التي تقدمت مسرعة مني وبلامح قلقة أعادني للواقع.. ولم أكد أستوعب حتى وصلت تلف ذراعيها حولي لتأخذني بعناق دافئ..

_حبيبتي إشتقت لك..

قالت بجانب أذني تزيد من قوة إحتضاني فرمشت لأخرج من صدمتي الثانية..

أبعدت كل أسئلتي التي تأكلني جانبا أغمض عيناي ورفعت يداي المرتجفة لأبادلها العناق بشوق وأغرق في محيط صدرها الدافئ بالأمومة.. شعرت براحة حلت علي فوراً والحنين يعود مثلي مشتاقا يضمني بذراعيه كما تفعل هي الآن ويغرد لي بأجمل الكلمات وأعذبها على قلبي..

شددت على قميصها بيدي: إفتقدتك كثيراً..

مسحت على ظهري بحنية قبل تبعد رأسي عن صدرها وتحتضن وجنتاي بيداه الدافئة..

لاحظت كيف راقبتني بإهتمام.. بمقلتيها السوداء التي تجول بكامل وجهي تتفحصه إن كان خدش..

_أنت بخير..!

قالت بهمس مرتجف لأشعر بتلك الغصة تعود مجددا فزميت شفتاي كي أمنعها من الخروج..

_أمي كيف علمتم بإصابته..؟

_سنخبرك بكل شيئ لاحقا فقط إسترخي..!

أضافت كلماتها الأخيرة بهدوء لأومئ بتفهم فإبتسمت هي الأخرى وأمالت وجهها تقبل جبيني بحب دافئ..

إبتسمت حالما إبتعدت ليقع ناظراي على الشخص الذي خلفها والذي كان مبتسما جدا وقد أبعد أمي عن الطريق وتقدم يحتضنني لأسمعها تزمجر..

ضحكت بخفة وبادلته العناق: إشتقت لك أبي جدا..

ضحك هو الآخر يربت على رأسي وكأنني جرو: أنا أيضا أميرتي الصغيرة..

إبتعد بعدها ينظر حيث جدي ألبرت والذي إبتسم بسرور نحوه ليتقدم الآخر ويعانقه عناقا وديا..

لحظة منذ متى يعرف أبي ألبرت..؟ أ.. أعلم أنه إلتقى به في العقد الشرعي الخاص بي أنا ووضاح ولكن.. هل هما مقربان..؟

_كيف حالك ياضياء..؟

أردف ألبرت لما فصل العناق يرحب بوالدي الذي أومأ ببهجة: بخير ماذا عنك..؟

تنهد ألبرت يجوب بعينيه المكان بحسرة: كما ترى أحاول أن أكون بخير..

زم والدي شفتيه بيأس قبل أن يربت على كتف ألبرت : هون الله عليك.. ستكون الأمور بخير بإذن الله..

_آمل ذلك..

همس ألبرت قبل أن يحول نظره لأمي: كيف حالك سيدة عائشة..؟

_بخير شكرا جزيلا لك.. وأتمنى من الله أن يزول البأس قريبا..

حرك رأسه بإمتنان نحو والدتي قبل أن ينظر نحو كاثرين التي تقدمت سريعا نحو أمي تحتضنها بقوة..

_هاأنت ذي أخيرا.. لقد إشتقت لك أيضا..

طبطبت أمي على ظهرها تكلمها بإشتياق هي الأخرى وكأنها صديقتها منذ زمن..

_لحظة أريد أن أفهم..أنتم تعلمون بزواجي السريع ياجدي ألبرت لاأظن أن وضاح أخبر الجميع صحيح..؟ ثم هل كنت تعرف أبي منذ مدة أم..

رفع يده نحوي يقاطعني: إهدأي ياإبنتي.. لاداعي للإستعجال سنشرح لك كل شيء لاحقا..

فتحت فاهي أعاود الكلام بحيرة: ستشرحون..! يعني أنكم تعرفون بالأسباب جميعا.. آه أنا حقا لم أعد أفهم شيئا..

_إنتظري ياسمر.. أنا أيضا لاأفهم ماذا قصدتي بطريقة زواجك..؟

سألت ماريا بعد أن أتت لتقف بجانبي وتحول نظرها بيني وبين الجميع ليهتف الجد ألبرت..

_إهدؤا ياجماعة سأشرح لكم كل شيء لاحقا.. دعوني الآن أعرفكم بوالدي سمر..

وهذا ماحدث.. أبي إنسجم تماما مع أدهم بعد أن عرفه عليه الجد ألبرت ونفس الشيئ بالنسبة لأمي حين عرفتها كاثرين على أختها التؤم نتالي والأخرى بدت سعيدة حقا لمقابلتها..

بعدها طلب الجد ألبرت إستظافة أبي وأمي فلعلهم متعبين من الطريق فغادرنا جميعا وقد إقتربت الشمس من المغيب..

**********

بعد أن تناولنا العشاء وقد تم وضع غرفتين لأبي وأمي ليبيتا الليلة هنا صعدت للأعلى حيث غرفتي بعد أن سلمت عليهما..

وقد إنسجمت أمي أيضا مع فكتوريا وماريا سريعا فهي إجتماعية جدا.. ولكن حتى مع حديثهم ذاك إلا أن الإستياء بسبب ماحصل اليوم لم يتركنا أبدا.. وبالحديث عني فقد بقي القليل لي وأصبح مجنونة تماما..

من جهة معرفة عائلتي بعائلة وضاح وتلك الأسباب الغبية التي لم أعرفها بعد تأكل رأسي من جانب ومن جهة الأفكار السوداوية عن ماسيحصل لوضاح تأكل الجانب الآخر من رأسي..

_والدتك جميلة جدا.. إنها تشبهك..

تحدثت فكتوريا بجانبي بعد أن صعدت معي وقد شعرت أنها لاتنوي تركي وحيدة لتخفف عني.. وبمجرد رؤيتها لوالدي لم تكف عن مدحها لهم وأنهما أنجبا فتاة حلوة ورائعة..

حسنا إنها تبالغ أعلم أني لست بتلك الروعة بتاتا..

_شكرا يافكتوريا أخبريني أنت كيف كان لقائك بأليكس..

توسعت عيناها فور ذكره وإحمرت وجنتيها: حسنا لقد كان لطيف جدا أوه كيف أقولها..

إستبغ وجهها بالحمرة أكثر لما عانقتني من الجانب تكمل بتنهد: ل.. لقد عانقني وأخبرني أنه إشتاق لي.. آه لو تعلمين كدت أتبول من الإحراج حقا..

إبتسمت لها حقا بفرح وأنا أراقبها تتكلم عنه بفرح وفورا شعرت بضيق في صدري لما آلى الوضع بي أنا ووضاح..

لكنها لم ترحمني حين مطت شفتيها سريعا تسترسل بأسى: لكن.. لم أفرح جيدا أبدا أخي إنه..

بدى صوتها مرتجف جدا مما سبب لي ذلك رغبة في البكاء أنا أيضا وزاد علي الطين بلة فتنهدت أغمض عيناي وأرفع يدي التي تمسكها لأحاوط جذعها أواسيها فأمسكت بيدي تشد عليها وكأنها تهدأ نفسها..

_أخاف أن نفقده ياسمر.. لطالما كان يقف معي بكل الأحوال.. السيئة والجيدة.. لاأدري ماذا سأفعل بغيابه لاأدري..

عضضت على شفتي أوقف من إظطرابي وأنا أسمع حديثها الذي فتك بي.. فشددت بدوري على يدها لأطمئنها ولاأدري إن كنت أفعل ذلك لنفسي أم لها..

_لاتقلقي.. الله معه سينجوا إن شاء الله..

سمعنا صوت طرق على باب الغرفة فنظرت نحوه بغرابة..من قد يأتي إلي بمثل هذا الوقت..! أبعدت كتفي عن فكتوريا وقمت لأفتحه وأرى من الطارق..

قطبت جبيني لما إتضح ألبرت من وراءه يضع يديه خلف ظهره وعينيه تراقبني..

_آه.. جدي تفضل بالدخول..

إبتسم نحوي بلطف فأفسحت له المجال ليتجاوزني ويدخل الغرفة..

_أهناك شيئ ما ياجدي..؟

سألت فكتوريا لما لمحته بإستغراب ليتقدم ألبرت ويجلس على الأريكة أمام المائدة: تعالي لتجلسي ياسمر..

رفعت حاجبي بحيرة ولم أعلق بل تقدمت لأجلس بجانب فكتوريا على الأريكة أمامه حيث كنت قبل مجيئه..

راقبت أنا وفكتوريا كيف أخذ نفسا عميقا وأشبك يديه أمامه: كما أخبرتكِ ياسمر.. أنا سأشرح لك جميع الأمور التي تشغل بالك.. وسأبدأ من البداية وبالنسبة لسؤالك في المشفى نعم.. أنا ووالديك نعلم بكيفية زواجك السريع وكذلك كاثرين تعلم أما البقية فلا..

آه بالنسبة لتوضيح الأمور لي كدت أنسى.. ولكن لحظة.. أمي وأبي وحتى كاثرين..! جميعهم يعلمون وأنا خارج الإطار تماما..!

ماهذا..! لقد بدأت فعلا أقلق..!

_ماذا تقصد بهذا ياجدي..؟ طريقة زواج سريعة ماهذا..! أتخفون شيئا عني..؟

تحدثت فكتوريا بجانبي تعقد حجابيها بتساؤل جدي..

_ستعلمين يافكتوريا فقط تريثي..

زمت شفتيها وأومأت بموافقة ليكمل: عندما كان حفيدي وضاح لايزال يدرس بالجامعة قبل سنوات.. أذكر في شهر ديسمبر حيث قد خرج ليلعب كرة القدم مع أصدقائه وفي طريق عودته كان يقود السيارة بأصدقائه.. وطبعا كشاب متهور لم يكن يركز جيدا بالقيادة بقدر مايمزح مع رفقائه.. وبسبب ذلك حدث خطأ ما وإنحرفت سيارته لتصطدم بالرصيف.. ولم ينتبه للشخص الذي كان واقفا هناك بعيدا عن سيارته المركونة جانبا وللأسف إصطدمت السيارة به فسقط مكانه هناك يتخبط في الأرض بين دمائه.. وعند ملاحظة وضاح لذلك نزل سريعا هو وأصحابه ليتفقدوا الرجل وقد كان وللأسف مجددا إبني..أي أب وضاح..

شهقت برعب أضع يدي على فمي بينما شعرت بفكتوريا تعصر يدي بقبضتها وتضع جبينها على كتفي وكأنها تخفي ملامحها المتألمة..

ع.. عندما سمعته يحدث جده تلك المرة.. ل.. لقد قال أنه السبب في مقتل والده..

إذا فقد كان يقصد أنه تسبب بمقلته بهذه الحادثة المريعة..لاشك أنها كانت مؤلمة جدا عليه ولازال يلوم نفسه عليها..

عضضت على شفتي بقوة حتى إستشعرت طعم الدماء بفمي.. حاولت تهدئة نفسي وتنفست بوضوح أبلل شفتاي..

لقد عاش سابقا متألما وحتى اليوم.. لايزال يتألم..!

وصلتني تنهيدة الجد ألبرت وهو يكمل: الأمر كان صعب.. صعب جدا عليه تقبله فلقد شعر بالألم الشديد وإعتزلنا جميعا يجلس وحده في غرفته.. أحيانا أسمع صراخه بأنه لايصدق مافعل.. ومن يطرق عليه الباب يصرخ أكثر ويطلب منا أن ندعه وشأنه.. بأنه قاتل لامكانة له بيننا.. دفع والدته وأخته والجميع عنه رافضا رؤيتهم، لازال صوته البائس ذاك والجارح للقلب يرن بأذني.. حتى بكاء أمه والجميع لكنني.. بذلك الوقت لم أستطع تركه وحيدا، شعرت وكأنه شيئ ثمين تركه لي إبني فلم أقف مكتوف الأيدي وإنما قمت نحوه أنبهه أن فعلته تلك خاطئة وأنها لاتعيد الزمن أو تعيد إليه أباه.. ذكرته بالله وقمت بنصحه، حاولت الوقوف معه كثيراً إلى أن بدأ يرفع كتفيه أخيرا فإزدادت رغبتي بمساعدته حتى أتم صيام الشهرين المتتاليين وحتى عاد مجددا ليقف على قدميه ويكمل دراسته، لاأنكر أنه وجد صعوبة في تقبل الأمر ولكنه شيئا فشيئا إعتاد وأكمل حياته لكن الذنب لايزال يسري في شراينه..

كلامه يقتلني في الثانية ألفا.. ينهشني ويدمر كيناي.. يذبحني من أوردتي.... يقسم قلبي..

شعرت بدموع فكتوريا التي سالت على كتفي بماأنها تدفن وجهها هناك وإرتجاف يديها الواضح أنهكني أكثر..

شعرت بأني غير قادرة على الصمود أكثر.. إرتخت كتفاي وتدلت بجانبي تعلن ضعفها..

لم يكن ذلك يظهر عليه معي.. كان يخبأ آلامه.. كان يضعها خارج عقله مؤقتا... وبعدها يشرد بها مجددا..

رفعت يدي أمسح بظهرها الدموع التي نزلت من عيني تخونني ثانية.. لقد عانى كثيرا وتجرع آلاما شديدة وعاد ليقف مجددا.... بشموخ..

يد ألبرت إمتدت لكأس الماء فوق الطاولة ليرتشف منه قبل أن يعاود الحديث..

_أصبحت حينها مقربا منه.. أسير معه جنبا لجنب ليفتح لي أخيرا مجال أسراره وأصبح صديقه.. أضحى يحكي لي ألمه المميت ويصفه بطريقة مرهقة أذتني جدا.. لاأزال متفاجئا من صمودي أمامه وعدم الإنهيار لأني فكرت بأنه ليس وقتي لأقع وبجانبي من يحتاج ذراعا تسنده ليقف.. توكلت على الله في كل شيء وإستمريت أساعده وأخذت أعمل بالشركة التي كانت لولدي المتوفي رحمه الله.. صحيح أنها بالبداية كانت لي وقد أعطيت لإبني الكرسي لكن بعد موته عدت مجددا لأجلس عليه وبعدما تخرج وضاح من جامعته وأصبح رجلا يعتمد عليه إقترح أن يترأس الشركة.. بدى لي وقتها أنه يحاول أن يكمل مابنى والده وأن يتمسك به وكأنه... يضمد جروحه قليلا من خلال إكمال عمل والده مع العلم أن الجرح يبقى مفتوحا للأبد.. لكني لم أرفض بل وجدتها فرصة لتعليمه المسؤولية لكن بشرط أن أساعده بأعمالها فوافق لكن مع الوقت بدأ يرفض أن أساعده بكل شيئ ويوكل لي فقط المهام السهلة ويرمي فوق أكتافه الصعبة... لايزال يحمل نفسه الذنب ولكنني أوضحت له مرارا أن مافات قد مات وأنه قدر الله.. فأخبرني أنه يؤمن بقدر الله وراض عنه تماما لكنه يريد أن يحمل نفسه المسؤولية ويعوض عن خطئه وكان ذلك بإنهاك نفسه في العمل..

وضعت يدي على فمي أمنع غصتي من الخروج والرؤية تشوشت أمامي.. ذراع فكتوريا إشتدت حولي وسمعت صوت بكائها الخافت المتألم..

من كان يدرك ويحكم عليه من المظهر فقط أنه رجل غني ويمتلك المال والأهل.. السعادة دوما طريقه ولامكانة للحفر بحياته..!

وهو كان يبتلع كل هذا بصمت غائب عن الحظور ويخفي خلف وجهه البشوش الكثير والكثير.. مالايستطيع المرء تحمله..

لقد ثابر وصبر وإحتسب..لهذا كان يبدوا قويا ورزينا دوما..

لقد تغذى من ماض سيئ ليغدوا هكذا..!

رفعت ناظراي مجددا للجد ألبرت حين إسترسل بنبرة متعبة ومرهقة ولازال الكأس بيده: لقد حاولت مخالفة قراره ولكن بدون جدوى.. بل كنت أتجادل معه وأكاد أتشاجر معه بسبب هذا الموضوع ثم أكون المنسحب الوحيد في النهاية وهو المصر.. على كل هو قد أتم حياته بهذا ورويدا بدأ يعود مثل وضاح الذي إعتدناه لكن ليس طائشا كالسابق حتما.. فالماضي إن كان بذاك السوء سيأخذ ويسرق منك شيئا حتما وسيفعل ذلك عنوة بدون سابق إنذار أو برغبتك الشخصية.. سواءا بتغير شخصيتك من الضاحك للجاد أو البارد أو أي صفة كهذه.. لكن طباع الشخص تبقى مغروسة فيه دوما لاتتزحزح من مكانها فإن كانت جيدة فحدث بالتهاني وإن كانت سيئة فلا أدب ينفع ولاأديب.. كل على حد سواء، ولنشكر الله أنه لم يتغير مئة بالمئة بل فقط بعض العادات به تغيرت وبقى الجزء الغالب منه الآن كما كان عليه قبلا..

عاد يرتشف من الماء مجددا ويضعه فوق المائدة حيث كان وأردف: الأمور كما هي إستمرت بلا تغير حتى السنة الماضية حيث أتى لي وضاح يحمل ملامح مسرورة لأستبشر خيرا وإذا به يخبرني أنه وجد أخيرا من تناسبه كزوجة..فسألته عن هويتها ليجلس أمامي ويسرد لي ماحدث له اليوم.. أنه كان يتجول في الشارع ليصادف أمامه متجرا قد إشتعلت النيران به فتقدم هناك وسط الحشود ليجد فتاة بعيون خضراء قد أنقذت صبيا من ذاك المتجر ودفعته ليخرج وتركض أمه نحوه وعندما أرادت هي اللحاق به لتخرج لم تستطع وبدأ جسدها يتهاوى أرضا فأسرع هو نحوها ليلتقط جسمها فنظرت نحوه بخضراوتيها اللتان أغمضتهما فور أن رأته ليخرج بها من ذاك المكان ويقودها للمشفى.. أخبرني أنها نالت إعجابه ويرغب أن يتزوجها وقد تحرى عنها ليجد إسمها الكامل.. سمر ووليامز..

شهقت نتيجة بكائي في لحظة وعيوني إتسعت لأقصى أقصى حد ممكن..و.. وضاح كان هو منقذي أيضا قبل سنة.. لهذا عندما أنقذت لاري وكرزة من تلك الغرفة التي إحترقت بسبب لعبهما بالولاعة ذلك اليوم وقد أتى هو لمساعدتي وحملي فور خروجي بهما وإغمائي.. عندما إستيقظت وأخبرته أن مشهد إمساكه لي يشبه الذي كان قبل سنة حين أنقذت الطفل من المتجر بقي ينظر لي بطريقة غريبة والتي لم أفهمها أناذاك ليتضح أنه هو من حملني لذلك نفس المشهد تكرر أمام عيناي..

أغمضت عيناي أنفي بقوة.. هذا كثير جدا علي.. كثير لأعرفه دفعة واحدة، من ماضيه السيئ ثم لهذا الخبر لأعرف أن وضاح قد عرفني مسبقا وقد أعجب بي وأراد أن يتزوجني حينها..

وأنا التي شككت به وتشاجرت معه وصرخت بوجهه.. غافلة عن كل هذه المعلومات وقد تسرعت جدا بالحكم عليه..

لكني أنا.. لم أقصد ذلك حقا... لم أقصد إيذاءه بكلماتي فقد كان يرفض التوضيح لي وأنا خفت جدا وقلقت.. لكني أتفهم لماذا غضب.. ماشعورك حيال شخص نويت الخير نحوه وأعجبت به ليقابلك بشكوكه..! وكأنه يغرس أشواكا بقلبك ويدعك تنزف وحدك..!

ويؤلمني أكثر أنني ذلك الشخص الذي فعل له ذلك..

ياإلاهي..!

لقد تعبت.. هذا كثير جدا علي لأتحمله بيوم واحد.. شعرت بفكتوريا التي إبتعدت قليلا تمسح دموعها بذراعها قبل تضع يدها على كتفي تواسيني بينما أنا..

لم أجد ماأقول وأخفضت جفناي للأسفل أنظر أرضا وأمسح دموعي بعنف..

أردف ألبرت بنبرة حنونة يتابع حديثه: أخبرني بعدها أن والد هذه الفتاة يعمل بشركة والد المدعو إدوارد الذي له إتفاق مع شركتنا وقد إلتقى بوالدك فعلا وطلب يدك ولأن أباك كان يعرفنا بشكل سطحي لكن يعلم أي أناس نحن وأننا نحمل طباع خير وافق.. لكن لاتجري الرياح كما تشتهي السفن ففي ذلك العام حدثت أمور سيئة عديدة.. لم يخبرك والدك ياسمر أن إدوارد قد أتى عنده وطلب منه أن يساعده بإختلاس الأموال لقد أراد أن يخون والده وبما أن والدك رفض فعل أمر شنيع كهذا هدده بك.. أخبره أنه سيأتي ويخدعك ويتزوجك وبعدها تقعين بين يديه لذا أتى والدك وأخبر وضاح بكل هذا وطلب مساعدته.. أذكر أن حفيدي قد غضب جدا وكاد يذهب لقتل ذلك الإدوارد لكنه إقترح أن يتزوجك سريعا لينقذك من يدي ذلك الطاغية وإزداد غضبه لأنه لم يحصل على فرصة مناسبة ليتزوجك جيدا وأتى زواجكما بتلك الطريقة..

لاأصدق.. لاأصدق ماتسمعه أذناي لاأصدق.... أهذا سبب زواجه بي بتلك الطريقة.. أنه أنقذني من ذلك الإدوارد..!

كل هذا حدث وأنا بعالم آخر غافلة تماما.. لذلك كان أبي يبدوا شاردا جدا وخائفا في العام الماضي وأنا كالبلاهاء ظننته أمر عادي يتعلق بعمله ولم أسأله أو أستفسر شيئ..

كل هذا التهديد حولي قد حدث ولم أشعر بشيئ.. بل ظننت أني أعيش بعالم مسالم بعيد جدا عن كل هذا...

رفعت نظري سريعا نحو الجد ألبرت لأجده يحدق بي بلطف فقلت سريعا: أرجوك أكمل ياجدي.. ماذا حدث بعدها..

إبتسم بهدوء وتابع: كما أخبرتك.. قد تزوجك سريعا ولم يخبر أحدا بحقيقة الأمر فقط أنا وأمه من كنا نعلم وعائلتك.. وقد أخبرني أنه طلب منك التريث قليلا ومنحه الوقت وسيخبرك بأسبابه ومنع عنك مكالمة عائلتك لأنه خاف أن تختلط عليك الأمور فهو قد إتفق معهم على هذا الزواج السريع بدون إخبارك.. بعدها جعل والدك يعمل بشركتنا وهدد إدوارد بعدم التدخل مجددا بحياته أو سيفسخ العقد مع شركة والده والأخير إنسحب وحمل حقدا كبيرا تجاه وضاح.. إستمرت الأحوال كما هي وقد تعرفت عائلتنا أكثر علىٰ عائلتك حتى حين أتى لي ذات يوم يخبرني أن إدوارد قد عاد مجددا وإتفق مع إيميليا على أن تقيم صفقة معه بشرط أن يخرب علاقته بك.. وقد أرسلوا تلك الرسالة ليجعلك تشكين به وفي يوم أن سلمتيها له وقد غضب حينها وذهب مسرعا نحو إدوارد كان الأخير قد إتصل بك لتسمعي مكالمتهما فشككت أنت وتشاجرت معه بذلك الوقت.. ووضاح قام بالتبليغ عن كل مافعله إدوارد وهو الآن يحاكم..

ه.. هذا.. هذا كثير.... لقد كنت غافلة ومازلت حول مايجري حولي من أحداث.. أنام وأشرب وآكل بدون علم لما يهدد حياتي ولم أتحرى عن تلك الهمسات التي حولي وإستمريت أعيش بلا مبالاة..

أو معرفة أني أعيش مع منقذي الذي لم يتهاون في الإعتناء بي وفعل المستحيل لأجلي..

وبدون علم بما واجه والدي من تهديد وخوف..!

وضاح قد عانى من أجلي.. قد صبر وفعل الكثير وأنا إتهمته وغفلت عن كل هذا..

ياربي أسعفني فقدت طاقتي لم أعد قادرة على الوقوف بعد الآن..!

بقيت أحدق في الجد ألبرت بدون تعبير والذي لايزال يبتسم نحوي بتلك الإبتسامة الأبوية الدافئة.. لم أعرف ماأصنع بملامح وجهي حينها بل بقيت كالخشب متيبسة قبل أن توقظني فكتوريا التي شدت على ذراعي وعيناها على جدها..

_لكن ياجدي ماهذا..؟ حدوث مشاكل جعلت أخي يتزوج سريعا بهذه الطريقة ووو.. حدث الكثير، أين كنت أنا..؟

سألت بإستنكار ليحول ألبرت نظره نحوها ويجيب: لقد كانت مشاكل متعبة فإظطررنا إلى التستر حتى لايشك الجميع وتتفاقم الأوضاع وتنحدر للأسوء أكثر مما هي عليه..

زمت شفتيها وكأنها لم تجد سبيلا للإعتراض قبل أن تحتد ملامحها فجأة: وماذا عن تلك الإميليا ياجدي هل ستتركونها تفر بسهولة بعد أن إفتعلت المشاكل وطعنت وضاح.. ألن تعاقبوها كما فعلتم لذلك الإدوارد..؟

_لقد توليت أمرها ولم أتركها تهرب.. ستتقاضى في المحكمة أيضا وتأخذ حقها ولن نتساهل مع أي منهما.. ليس بعد مافعلوه بنا وجعلونا نعيش ماعشنا..

أومأت برضى نحوه قبل أن تتذكر وجودي بجانبها وماسمعته فعاودت تنظر نحوي ولازالت تشد على كتفي..

_سمر أرجوك لاتفكري كثيرا.. أعلم أن ماحدث صعب ولكن..

_أريد البقاء وحدي..

نبست بهذا وأنا أشيح بوجهي للجانب أتحاشى النظر لكليهما فلم تبقى لي طاقة لمواجهة أحد الآن..

_ولكن..

بدى صوتها مرتجفا وهي تحاول الإعتراض ليقاطعها الجد ألبرت وهو ينهض: دعيها يافكتوريا فالأمر ليس بهين عليها وهيا لنخرج..

رفعت رأسها بتردد نحوه لكنها لم تعلق وتركت كتفي لتنهض وتتقدم للوقوف بجانبه في حين نظر هو نحوي وهمس بلطف وبأسف..

_أعتذر ياإبنتي ما كان علي إتعابك بهذا الكلام وأنت أساس أخذت مايكفيك من اليوم ولكن.. كان يجب عليك معرفة ذلك..

رفعت يداي أقاطعه وأنفي: كلا لست منزعجة منك ومعك حق.. كان يجب أن أعلم..

حاولت أن أبتسم نحوه ونحو فكتوريا التي ذبلت ملامحها وهي تنظر نحوي لكن لم أقدر..

أومأ وأشار لفكتوريا برأسه أن يخرجا وماإن إمتثلت هي لطلبه وإتجها للباب ليخرج هو أولا وبعدها هي بعد أن ألقت نظرة أخيرة علي وخرجت مغلقة الباب خلفها إنهارت طاقتي تماما وخارت قواي..

أغمضت عيناي بوهن أعيد جسدي للخلف ليتكئ على ظهر الأريكة..

كل شيء أصبح واضح.. لم تعد هناك أسرار بعد الآن فلقد تم كشف كل شيئ لي.. كل ماأردت معرفته قد عرفته اليوم..

وياليتني لم أعرفه..!

ضغطت على أسناني وكلام الجد ألبرت يعاد مجددا بذهني، سحقا لكما يإميليا وإدوارد سحقا..!

***********************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيفكم..؟

يارب تكونوا بخير دوما 😊 إشتقت لكم جدا😭

مارأيكم بالفصل عامة..؟

ووضاح وماحدث له..؟ والله تفطر قلبي بسبب المسكين 😭😭

والأسرار التي كشفت وحل الغموض🙂 هل كنتم تتوقعون شيئا كهذا..؟

أسباب الزواج.. ووضاح منقذ سمر دوما.. 🤩🤩

تفاجأتم صحيح 😁 لقد حللت غموض القصة كلها في فصل واحد أرجوا ان يعجبكم😭

إيميليا وإدوارد الوغدين 👽 يستحقون الذبح😶

لقد قاربنا للنهاية فكيف تشعرون؟ أشعر بفراشات😭

توقعاتكم للفصل القادم..؟

حفظكم الله أحبائي ♥

Continue lendo

Você também vai gostar

136K 917 94
هأكتب هنا الروايات المصرية اللي قريتها وعجبتني وانا بحب الخيال والفنتازيا والخوارق
303K 13.6K 125
قصص ترجمتها عن ون بيس
90.4K 9.7K 21
مكان مهجور ظلام دامس، الهدوء فضيع مينسمع اي صوت عدى صوت الكلاب الي بالمكان.. خوف، رهبه، قلق.. شنو حيصير شنو نهاية هالطريق؟.. ثواني وسمعت صوت خطوات...
415K 14.5K 19
زينب اني كملت جملتي وشفته عيونه حمر شرار كلت هوا شمورطني غير الساني وماحسيت غير لما اندفعت وايدي تثبتت وهوا يحجي وعيونه دم تريد تطلع م̷ـــِْن العص...