بين نبضة قلب وأخرى

By Bellaa71

44.8K 523 75

الكاتبة: أغاني الشتاء More

.
1
2
3
4
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45

5

940 12 7
By Bellaa71

♥▄الـنـبــ«5»ــضـــة▄♥

:
:
:

فـي الـغـــــد..~

دخلت لجناحهما الواسع...لتجده في صالته...يجلس على ذاك الكنب الطويل و بين يديه كتاب يقرأ فيه...

ابتسمت له بمودة و هي تتقدم منه...و بين يديها صينية تحمل كوباً من الشاي الأخضر الذي يحب أن يشربه كل مساء حين يعود من عمله...

احس بخطواتها تقترب منه..و رفع رأسها ليبتسم لها بهدؤ...و يغلق كتابه...ليزيح لها مكاناً بجانبه...

جلست و ناولته الكوب / قرت عينك برجعة مالك..و أبو بدر
أبومالك يبتسم بحزن / لو إنها متأخره هالرجعه..بعد قطيعه مالها سبب..بس الحمدلله اللي ردهم بيننا
أم ساري مواسية/ ما قطعوا فيك يا سعود..هذا أنت كنت ترو......
أبومالك يقاطعها بقهر / ايه أنا..لو مو أنا اروح لهم هم ما يجون لنا لا بعيد و لاصلة رحم..لا بفرح و لابحزن..أبوبدر الله يهديه مطاوع مرته و مبعد عيالنا عن بعضهم ولو مازرته كان مازارني_بغيض أكبر_و مالك كأنه حالف ما يطب الرياض و لايزورنا حتى عزى عمته من سنتين تحجج بالسفر و لاحضر!!
أم ساري تحاول أن تمتص حزنه / يعني أنت تكره نجاحهم..و تقدمهم؟
أبومالك / يا بنت الحلال ما اكره لهم الخير..بس الشغل عمره ما كان سبب عشان الناس تقطع بأهلها..على هالقطيعه كأنهم مسافرين آخر الدنيا..مو في جده كلها كم ساعه و هم عندنا!!
أم ساري منهيه حديثاً ضايقه / الحمدلله على رجعتهم..و كل شي يتعوض.._و بأمل تعلم أنه لن يتحقق_و الله يلم القلوب على بعضها مثل أول و احسن

تنهد...وهو يرتشف من كوب الشاي الذي بين يديه...
و أفكاره تتركز على أخاه و عودته...و أكثر على تلك الخلافات التي احتدت بينهم حتى سببت القطيعة لهم...

حتى بعد تلك السنوات الطوال...و انجابهم كل هؤلاء الأولاد...و من المفترض أن يكون لديهم الآن أحفاد...
و حقد موضي و كرهها لم ينضب...أو يخف..!!

حين عاد لأهله منذ سنوات كانت قد تزوجت بمساعد بعد وفاة زوجته والدة طفليه...لا يريد أن يجزم أنها لو لم تكن حاملاً منه بطفلها الأول...لفكرت أيضاً بالطلاق من أجله...

لكنها أصبحت ساكنة لاهية بحياتها عنه...حتى عادت إليه العنود...فتجددت برؤيتها كراهيتها...
حتى و هي تبني عائلتها...و تعيش بهناء...حرمت عليهم الراحة...و الصفاء...

استمرت تلك الخلافات بين مد و جزر...حتى شتت صبر أخيه و أثارت غيرته...و غضبه...
لكن حقد موضي و كرهها لا يردعه شيء..فابتعدت...و ابعدت أبناءها...عن أبنائه...لتلحق أخيراً أخيه أيضاً...

هذه أسباب أخيه لهذا البعد...
لكن ابنه...مالك...لا يجد أي تفسير لبعده...لمقاطعته زيارتهم نهائياً...

♥▓♥▒♥▓♥

ما إن اغلقت هاتفها و رمته على السرير للحظة...حتى عاود الرنين مرة أخرى...

قفزت بلهفة إليه...على أمل أن يكون هو المتصل...لكنها تلقت ذات الخيبة كلما رن هاتفها و تخيلت أن يكون هو...

ضي / هـلا بدور
بدور / لي نص ساعه ادق عليك مشغول..مين كنتي تكلمين؟؟
ضي / امم
بدور بصدمه / لا تقولين باسل؟!
ضي / ايه
بدور بقهر / و لا تقولين إنك أنتي اللي دقيتي عليه
ضي بتردد / .....ايه
بدور / أنتي غبيه؟ اللحين يزعلك و يقفل الخط بوجهك بعد الكلام اللي سمعه لك..و تدقين ما يرد..و بعد كل هالوقت تروحين تدقين عليه؟؟ ليه ما انتظرتي لين هو اللي يدق؟؟
ضي بحزن / لأني متأكده إنه ماراح يدق
بدور بغيض / أنا مو فاهمه أنتي وش عاجبك بهالباسل؟ وش تحبين فيه؟ غير شكله والله ما فيه شي يسوى..يا ربــي مغرووور! مادري كيف تتحملينه؟
ضي بضعف / وش اسوي؟ احبه..حتى غروره علي يعجبني..مادري؟ بس معه اتحداه و اتحدى نفسي..تذكرين يوم كنت اكلمك عنه..كنتي تقولين لو تموتين ما يحس فيك و لا يعبرك..لكن اللحين شوفي وش صار؟
بدور / الله يعافيك وش صار يعني؟ تكلمينه و بعدين؟؟ ارخصتي نفسك على الفاضي ولو ما فكر فيك قبل ماراح يفكر فيك اللحين بعد هالمكالمات
ضي بعصبيه من هذا الموضوع / بدوور كم مره قلت لك لا تقارنين اللي بيني و بين باسل بمكالمات المعاكسات
بدور بسخريه / لا والله! وش الفرق؟
ضي / الفرق إن باسل ولد عمي و سمعتي من سمعته و ماراح يضرني بشي..و مكالماتنا كلها ما فيها أي قلة حياء أو كلام يتعدى الحدود..أنا حتى كلمة يا عمري ما قد قلتها له
بدور تتنهد / بس والله مالها فايده هالمكالمات اللي بينكم..غير تعلقك فيه على الفاضي..و بصراحه ما ظنيت لو بيتزوج بيفكر فيك
ضي / بدووور قولي كلام زين أو باسكر احسن..لا تغثيني
بدور / خلاص اغير لك الموجه..بس برضو عن باسل..حنا مو اتفقنا بعد زعلتك ما تدقين عليه..تخلينه يفقدك..يحس بقيمتك..بوجودك...ضي حرام عليك غيري اسلوبك معه..خليه يراعي إحساسك لا تخلينه يغلط عليك و انتي كل شي تمشينه له!

كلامها يلامس وتراً حساساً...لطالما تجاهلت أنينه...
نعم كانت بين خيارين...باسل أو كرامتها...فاختارت باسل...

لكن لا أحد يفهم ذاك المغرور سواها...
تعلم بوحدته...ببعده عن أهله...بعده عن المرح...و الضحك...
و متأكده أنه وجد في كلامه معها متنفس له...رغم لا مبالاته...رغم تجريحه لها...تعلم أنه يحتاجها...و سيدرك ذلك يوماً ما...أو هذا ما تتمناه...

♥▓♥▒♥▓♥

سكـان جده سيعودون...بعد خمسة سنوات...من غياب...و قطيعة لا سبب لها...

قد تجد أسباباً لعمها و أولاده...و إن كانت غير مقنعة...

لكن مالك...أخاها الأكبر...لما كان غيابه؟؟ لأي سبب إنقطاعه؟؟

زواجه السريع...المفاجيء...من فتاة بعيده عنهم...
بعدها رغبة مفاجئة بفتح فرع لشركته هو و أعمامه في جده...ليرحل...و يوافقه الرحيل عمها و أولاده...

فلا يكتفي بهذا الغياب فقط...ليقطع أي إتصال بينهما بالأخص...

و الآن يعود..!!

لكن مالذي غادر معه؟؟ و مالذي سوف يعود به؟؟

سؤال لا تريد طرحه...عن ذاك الماضي...
هل يذكره ليعودا كما كانوا سابقاً أخته الوحيدة...و فتاته المدللـه...
أم أن عليها الآن إتخاذ صورة جديدة تسحق بها تلك القديمة...
فتكون له...مجرد أخت غير شقيقة...يربط بينهم الدم لا أكثر...

انقطعت تساؤلاتها...و ذكرياتها...لينتشلها من شرودها صوت نغمات هاتفها...
لتقوم من سريرها بتثاقل...تلتقطه من مكتبها...و تبتسم و هي ترى اسم (توأم روحي) يلوح على شاشته...

سمو تتصنع مرحاً لاتحس به / مررحبتين يا كلي
كادي / هلا بالغلا..وش أخبارك؟
سمو / تمام
كادي بفرح / أكيد وصلتك الأخبار؟
سمو بتنهيده / ايه
كادي بإستغراب / و ليه مو متحمسه؟
سمو بسخريه تخفي فرحتها / و لمين تبين اتحمس؟

صمتت كادي بعد أن تذكرت...ما غاب عنها في ظل حماسها...

كادي بهدؤ / جود دقت علي..متحمسه لرجعتهم..و قالت لي اسلم عليك
سمو بضيق / تسلمين علي!!...لا والله ما قصرت..سلامها ما أبيه يومها ما تكلفت هي تدق تقوله؟
كادي بتردد / واللـه تكلمنا بهالشي و هي تتمنى ترجع علاقتنا مع بعض مثل أول..بس خافت إنك تصدينها..لا تنسين إنك أنتي اللي انقطعتي عنها......
سمو بقهر / مثل عادتها ماتغيرت تحب تحط الغلط علي!..تذكرين بعد هوشات أمي و أمها..اتفقنا إن هالشي ما يأثر علينا..بس كل ما رحت لها في البيت سمعتني أمها كلام يقهرني..و تسب أمي قدامي..مابي أرد عليها و ما أقدر اسكت بعد عنها..و يوم قلت لها هي بس اللي تجي لأني متأكده إن أمي ماراح تضايقها..بعد ما أعجب أمها تجي عندي..و هي ما ترضى اقول عن أمها غلطانه و أمها هي كل الغلط..وش كنتم تبوني اسوي..نبعد عن بعض احسن و نريح أمها..يكفي اللي تحملته أمي من أمها..و يكفي كسرة خاطر ساري من أختها..حتى عمي تغير و مو مهتم فينا من هالعقربه أمها_تكمل بغضب_تدرين ليتهم مارجعوا مو مرتاحه لهالرجعه..و غيري الموضوع لأني مابي اتكلم عنهم أكثر و اخسر حسناتي
كادي تغير الموضوع / زين و مالك مو متحمسه لرجعته بعد؟
سمو و عيناها تطفر بالدمع مع ذكره / مــادري! صدمتني رجعته.. تصدقين خايفه
كادي بإستغراب / من ايش؟؟
سمو / احسه تغير..احس حتى ناسينا..كارهنا..أو ما كان قطعنا كذا! لو شفته مادري وش بأشوف فيه..أخوي اللي اعرفه و أحبه..و إلا اعود نفسي على أخو جديد
كادي بتعاطف / أكيد بترجعون مثل أول و احسن..و إلا نسيتي مالك
سمو تمسح دمعة انسلت / ما نسيت و لا عمري نسيت..بس شكله هو اللي نسى

♥▓♥▒♥▓♥

عاد باسل إلى المجلس...بعد أن انهى مكالمته...التي كانا يسمعان أغلبها بلا إهتمام منه...
ليستمع لذات التعليقات من طارق...عن تلك الفتاة التي يحادثها...
من هي التي تجاوزت حصنه المنيع لتدخل إلى شيء من اهتمامه...

و سامي يسمع على مضض...تلك التعليقات و يكتم غيضه...في حين باسل يكتفي بإبتسامة متعالية...و تعليقات مستخفة عنها...

لا يعلم كيف يرضى أن تكون ابنة عمه حديثاً في مجلسه...حتى لو لم تُعرف هويتها...يكفي أن الكلام الذي يقال يطال شيء من شرفها...تهاونت به...

♥▓♥▒♥▓♥

كانت ستخرج من غرفتها...حين أعادها رنين هاتفها مرة أخرى...لتلتقطه من السرير مبتسمة و هي ترى اسم أختها على شاشته...جلست على طرف سريرها لتجيبها...

سلام / أهليــن
سمو / سلااااام
سلام تضحك / تسلمين علي أو تناديني؟؟
سمو تضحك معها / والله إن اسمك مشكله..السلام عليكم يا سلام
سلام بإبتسامه / و عليكم السلام و الرحمه
سمو تتنهد بقوه / عندي خبر مفاجيء..لا مو مفاجيء إلا صدمه..ماتتوقعينه
سلام بحماس / وش عندك؟
سمـو / مالك و عمي أبوبدر خلاص بيرجعون يسكنون في الرياض و...........

مــــــــــاااالك..!!!

اكملت سمو كلامها...و فرحتها...و عتبها...و خوفها...

لكنها لم تكن تسمعها...يصلها صوتها مجهول المعنى...و المفردات...
تصلب عامودها الفقري و تجمدت أطرافها...التي عجزت عن أي حركة..!!
حتى الهواء حولها بدأ يثقـل...لم تعد تستطيع التنفس...و هي تشعر بضيق يتعاظم سريعاً في حلقها...ليخنقها...

أعادها الوجع إلى الوراء...
لتلك الأيام المجحفة...التي ظنت أن السنين طوتها بالنسيان...
حتى باتت تسترجعها الآن...و كأنها لـم تعشها هي...
لم تلعب دور البطولة بنفسها..!!

لم تكن هي تلك الصبية العابثة التي تهوى اللعب بالنيران...
و التي هامت به بجنون...فثارت بها عواطفها...لتغويها عن أي عقل...
لقد تعلقت روحها فيه...حتى صارت لا ترى الدنيا إلا به...و معه...
أرادت أن تمتلكه لوحدها...بكل شعوره...و كل وقته...
اصبحت أجمل له...أجرأ له...أجن به...
هامت لسنوات بربوع غرامه و بنت قصوراً من سراب..حتى زرعته في كل ركن داخلها...و أملكته نفسها كلها برضا...

قصة حب جائرة...طائشة...عابثة...عاشتها بالخفاء...
ما كان لقلبها الصغير أن يحتويها...فتدنس حياتها...و برائتها...بكل ما قترفته...معه...و من أجله...

ابتلعت غصتها الموجعة...تجاهد إرتجافاً داخلياً ينبيء بإنهيار...
حاولت أن تتكلم...أن تجد حروفاً موزونة تحمل معنى ترد بها..على أختها التي ادركت للتو انها تنادي بإسمها بإستغراب...
لكن لم يستجب أياً منها لها...
سوى تمرد إبهامها لتضغط على زر الإقفال...مرتاحة من تساؤلات سمو...و ندائاتها...

رمت هاتفها على السرير و قفزت مبتعدة عنه...و كأنه سلاحاً يذكرها بتلك الجريمة التي اقترفتها...

تحركت من مكانها بخطوات مرتجفة...مشتتة...تذرع غرفتها ذهاباً و إياباً لترسل الحياة لأطرافها المجمدة...
لتتأكد أنها قادره على الحركة بعد أن شلها ما سمعته...

تصاعدت نغمات هاتفها من جديد لترمقه برعب...فذهبت حانقة لقفله...و رميه بعيداً...

ارتمت على سريرها ضائقة...مرتجفة...بأنفاس ثائرة و بركاناً يهدر في صدرها...و أعاصير ذكرياتٍ مخجله تتقاذفها...
كانت قد رمت بها في هوة سحيقة بأقصى نسيانها...و لم تتصور أنها قد تستعرضها من جديد حتى بينها و بين نفسها...

لقد مشت درباً طويلاً بعده...بعد أن ازاحها من طريقه و قمعها من حياته دون رحمه...
تغيرت و غيرت كل شي...
تلك الليالي التي قضتها...باكية...مريضة...نائحة على بعده...لقد طهرتها منه...و من عشقه...
تعيش الآن حياة جديدة...و روحاً جديدة...

لم عليـه أن يعووود..؟؟
لـم عـليــه أن يـعـوووود..!!

♥▓♥▒♥▓♥

دخل إلى الصاله ليجدها كالعادة...تجلس هناك وحيدة...شاردة...
مشى بخطوات هادئة...من خلفها...ليغمض عيناها...

سامي / مين أنا؟
كادي تضحك / ما اعرفك
سامي يترك عيناها ليقرص اذنها مازحاً / من كثر اخوانك يوم تنسيني
كادي ترد عليه بخبث لايشبهها / من كثر ما اشوفك يوم اذكرك
سامي يجلس جانبها / كأنها سمو اللي تتكلم!
كادي تبتسم لذكرها / من عاشر القوم
سامي / وش أخبار الدراسه؟
كادي / الحمدلله كل شي تمام..ادرس عني و عن سمو
سامي يبتسم / عرفتي إن خالي أبوبدر بيرجع يسكن هنا
كادي ببرود / ايه
سامي بإستغراب / كأنك مو فرحانه؟
كادي / والله كنت فرحانه..بس تضايقت عشان سمو
سامي / وش فيها سمو؟
كادي / تعرف كيف العلاقه بينهم مقطوعه..و أنا أبي نجتمع أنا و سمو و جود..لكن سمو ما تبي تسمع عنها شي...ماتعودت اعرف أحد ما تعرفه سمو..لو اروح لهم اطلع معها..كيف و سمو.....؟؟

يستمع لها بصمت...يراقب ضيقتها...و حيرتها...
يحمل إمتناناً عظيماً لسمو...و وجودها بكل وقتها...و إهتمامها...بجانب شقيقته...
فهي الوحيدة التي تخرجها من أحزانها...و وحدتها...لتشعل الحياة فيها...
لكن لا يعجبه...كيف تلغي كادي شخصيتها خلف سمو...كيف تعتمد عليها بكل صغيرة و كبيرة...لا تتحرك خطوة بدونها...لا تعرف إلا من تعرف هي...
حتى حين تختلف معه على أمر...تذهب لتشتكي لسمو...فتتصل سمو لتعاتبه بدلاً عنها...

سامي / بس جود بنت خالك مثل ما سمو بنت خالك..ادري إن سمو اقرب لك من كل الناس..بس ما يصير تقاطعين جود عشان سمو مقاطعتها..المفروض تحاولين تصلحين بينهم
كادي / حاولت بس سمو ما عطتني فرصه حتى أبدأ
سامي / أنتم قريبات لبعض..يعني بتعرفين كيف تقنعينها
كادي / مستحيل..أنت ما تعرف سمو إذا حقدت على أحد..بعدين أنا ما أعرف اقنعها لو اتكلم من هنا إلى سنه..عكسها بكلمه وحده تقنعني بأي شي

♥▓♥▒♥▓♥

تجلس في غرفتها...على مكتبها الصغير...محنية ظهرها للأمام بتركيز...و عيناها تتبع خطوات تلك المسألة الحسابية...لتنتج حلاً لها...
لكنها تعقدت أكثر...لتصل لنقطه تكتشف فيها خطأها...
تأففت بعجز...و هي تفتح صفحة أخرى لتبدأ الحل من جديد...

صبح / لاحول و لاقوة إلا بالله

انشغلت من جديد بتلك المسألة...لكن سرعان ما شتت إنتباها...إندفاع فجر المفاجيء للغرفة...

فجر / السلام عليكم
صبح / و عليكم السلام و الرحمه..خوفتيني أحد يفتح الباب كذا؟؟
فجر / آسفـه

ابتسمت صبح بمحبة...لذات الأعوام العشرة...و التي تتشبه بها بكل قول...أو فعل...

صبح / خلاص مسموحه يا قلبي..وش كنتي تبين؟
فجر / بأقولك النشيد اللي بأقوله بكره بالإذاعه..قولي حلو أو لا؟؟

صبح تترك إهتمامها بما أمامها...و تلف بكرسيها الدوّار لها...

صبح / يله سمعيني

تقف فجر مستعده...ملوحه بيديها و هي تنشد / الإنساااان المؤمـــن الشيطاااان ماااايخلييييه..
يآآكل قلبـه هم هم هم..يحرررق دمــه تشش تشش تششش
وبذكر اللـه الشيطان يخنس ويصيرصغير صغير صغير
صغر النمله نمله نمله
كبر الذرره ذرره ذرره
صبح تصفق لها / ماشاء الله حلوه
فجر بفرح / صدق؟ بأروح أقولها لسلام

ركضت خارجاً...لتعود هي مبتسمة إلى مسألتها...
لكن القلم لم يبدأ بالكتابة...حتى توقف بالهواء صدمه..!!

هل هذا الذي تسمعه صوت سلام الصارخ...الغاضب..؟؟
منذ سنوات لم تسمع تلك النبرة له...لا...لابد أنها تتوهم..!!

لكن وجه فجر أطل عليها بعد لحظة...بشفتين مرتجفتين تميلان للأسفل...و دموعاً تملأ عينيها البريئتين...لتنزلق على خدها حين بدأت بالكلام...

فجر / سلام صرخت علي..و طردتني

تركت صبح كرسيها وتقدمت لها بسرعة...لتستند على ركبتيها لتساويها طولاً...و تمسح دمعتها...

صبح مواسيه بقلق يملأها / ما عليه يا قلبي..لا تزعلين بس يمكن مشغوله و....
فجر بضيق / لا أنا مسامحتها..لأنها هي كانت زعلانه و تصيح
صبح بقلق يتعاظم / تصيح؟؟!
فجر بإهتمام / ايه..روحي لها صبح
صبح تبتسم مطمئنة لها / خلاص فجووره أنا اروح اشوفها..بس أنتي لا تقولين لأحد
فجر / إن شاء الله

غادرتا الغرفه معاً...و ما إن رأت فجر تغادر الممر...حتى طرقت باب سلام بقلق...
لكن لم يأتها أي جواب...

صبح تكرر الطرق / ســلام..ســـلام

لم ترد...و لن تنتظرها...
فتحت الباب بهدؤ...و أطلت بنصف جسدها في الغرفة...لتقطب جبينها و هي لا ترى لها وجوداً بغرفتها...رغم أنها لم تسمع بابها ينفتح بعد مغادرة فجر التي كانت للتو...

قبل أن تخرج...لمحت قدميها تمتدان...من وسط دولابها المفتوح...
تأملتها للحظة بإستغراب...منذ زمن تركت سلام عادة البكاء في دولابها...
مالذي يضايقها لتلك الدرجه..؟؟

تقدمت لداخل الغرفة...بعد أن أغلقت الباب بهدؤ كما دخلت...لتقف قريباً من الدولاب...و تطرق عليه...

لم تفتها الحركة الصادرة من وسط الدولاب...لابد أنها فاجأتها...اطلت عليها برأسها...لتراها بين ملابسها...و آثار دمع سخي بلل وجنتيها...تمسحه على الفور لحظة ظهورها...

اطرقت رأسها للأسفل...ساكنة...لتجلس صبح أمامها تستند بيديها على ركبة سلام...

صبح تتأملها بقلق / بسم الله عليك..سلوومه وش فيك؟؟ أحد كلمك؟ صاير شي؟؟
سلام مازالت مطرقه برأسها..لتهمس / أكره نفسـي..أكرهها

تنهدت صبح بقلق...لما هذا الشعور المفاجيء...الذي طالما كررته تلك السنوات...و لما الكره..؟؟

صبح بحنو / سلوومه ما فيه أحد كامل..لو كل واحد فيه عيب أو اثنين..أو غلط غلطه..كره نفسه كان الكل عقد حياته..(أكملت ضاحكه) بعدين ماراح اسمحلك تكرهين أكثر وحده أحبها
سلام تبكي بضيق / ليه كنت كذا؟؟ أنا تربيت معك بنفس البيت..ليه ما كنت مثلك..مثل ضحى..حتى سمو مو مثلي؟؟ ليه كنت أسوي اللي أسويه..ليه غلطت بحقي..و بحقكم..ما احترمت أحد و ما احترمت حتى نفسي....وين عقلي؟ كيف كنت أفكر!!

صبح تنصت لها بصمت مستغرب...
مالذي حدث لتتذكر تلك الأيام...بهذا الندم...و كل هذا اللوم..؟؟
لكنها لم تسأل...لن تفتح جروحها أكثر و هي تثور...
ستبرد الجرح...حتى لو لم تعرف سبباً لإلتهابه...

صبح / سلومه يا قلبي كنتي مراهقه و شي طبيعي....
سلام تقاطعها / لا موو طبيعي..ما فيه شي من اللي كنت اسويه طبيعي..أنتي كنتي مراهقه ما سويتي اللي سويته سمو ضحى اللحين مراهقات ما سووا اللي كنت أسويه..مااا...مااا.....

لم تستطع أن تكمل...مع أن ما بداخلها يتوق للإنفجار...
لكن كيف تنثر سواد خزيها...أمام طهر مسامع صبح...
و هي التي يرعبها مجرد التخيل أن أحداً قد يعرف بما كانت تفعل تلك السنوات...

سلام تكمل بلا شعور / أخاف ارجع مثل ما كنت..._صمتت مرتجفه_
صبح بثقه / ماراح ترجعين

تأملتها بعينين مذعورتين...غارقتين بدمع الندم...
لو تعلم أن السبب الأوحد لجنونها ذاك قد عاد..؟؟

صبح بهدؤ / سلام..لا تفكرين باللي راح..أنتي عوضتي الكل عن اللي سويتيه ذيك الأيام..محيتي الصوره بصوره أحلى..هي حقيقتك و هي اللي نشوفها اللحين و بنتذكرها دائما..سلوومه لا تحملين نفسك الذنب..كنتي مراهقه ذيك الفتره كلنا مشاعرنا تصير فيها مضطربه و حساسه..و أنتي متشتته بين بيتين..و هالشي مو سهل لأي أحد..حنا كنا بعيدين عنك و أبوي كان قاسي شوي معك..التفاهم بيننا كان صعب و.....

اكملت كلامها...و سلام تبتسم لها من بين دموعها...(تركبين نفسك الغلط يا صبح عشاني؟ لا أنتم كنتم قريبين بس أنا اللي كنت أبعد عن الكل و مابي غيره)

قطعت أفكارها بذعر قبل أن تنساق إليه...و إلى أي ذكرى لها معه...
لتزفر بألم...محاوله طرد الضيق من داخلها...ستقوى على هذا الوجع...على هذا الماضي المخزي...
لا يعنيها رجوعه...
لا يعنيها أبداً...
لقد قطع كل وصل بينهما...مزق القلب و أوردته..و رحل ليبني حياة مع غيرها...و عودته بالتأكيد لا تعنيها...

نعم لن ترجع لما كانت عليه أبداً...
لم تعد تحبه بعد اليوم...
ايقنت ذلك الآن...
مات ذاك العشق المجنون بقلبها...
نسيته الآن كما نساها...
تكرهه الآن كما تعلم أنه يكرهها بعد ما فعلت...
لن تتذكره و لا تظن أنه يرغب بتذكرها...
كل ما يجمعها به الآن الكره..الندم..القهر..الخزي...و الخوف...
لقد تشوه كل ما كان جميلاً...و بريئاً بذكرياتهما...
لا شيء يهم بعودته من جديد..
سوى ذاك الخزي الذي سيثقلها و هي ترى زوجته...بعد كل ما فعلت أمامها...و بها...

♥▓♥▒♥▓♥

جلست في الصاله...تقرأ كتاباً في التربية...وهو يتمدد بإسترخاء بجانبها يشاهد فيلماً كوميدياً...تقاطعه ضحكاته بين حين و آخر...

سمعا وقع خطواته على البلاط...ليلتفتا منتظرين دخوله عليهما كعادته...
لكن تلك الخطوات توجهت لأعلى بدون أن تمر عليهما...

جواهر بإستغراب / هذا ساري؟
تميم / أكيد ما بقى غيره مارجع للبيت
جواهر / غريبه! ما مر علينا؟
تميم / يمكن تعبان و يبي ينام
جواهر بعد صمت / .......ساري عرف إن أبوبدر بيرجع؟
تميم يترك فيلمه ليلتفت لها / مادري؟ اليوم عرفت برجعته..و من عرفنا ما شفت ساري...ليه؟
جواهر بنظره ذات مغزى / .........
تميم يرفع حاجبيه مستنكراً / يعني تظنين للحين يفكر بدانه؟ ما اتوقع
جواهر / ليه هو قالك هالشي؟
تميم / مايبي لها قول..خطبها مرتين و رفضت..و مرت اللحين اربع سنين..تبينه للحين يفكر فيها..أكيد لا.._يكمل محدثاً نفسه_وش هالغباء!!

عاد لفيلمه...و جواهر مازالت تفكر بساري و حلم تمنى أن يكتمل مع دانه و لكنها أبت...
تفكر بحاله الذي تغير...بروده...و سكونه...و جديته...
لقد تغير من بعدها...فهل ستؤثر عودتها عليه...
أم أنه نساها كما يقول تميم...الذي يستبعد أن يفكر فيها بعد تلك السنوات...

لكن ساري ليس كتميم...فتميم يأخذ الحياة...و المشاعر...ببساطة...بسطحية...بتناسي...
يمل من تعظيم الأمور...من الحزن...و الخلاف...و الذكرى...
فكل شيء عنده بسيط...و واضح...لا يعقد الأمور أبداً...

لكن ساري...كان عميق بكل شيء...و تتسائل لو لا يزال كما كان...

♥▓♥▒♥▓♥

صعدت درجات السلم...و الضيق يتعاظم داخلها حتى يحبس أنفاسها...
لم تشتهي لقمة واحدة مما ابتلعته...لكنها نزلت للعشاء معهم فقط إرضاء لصبح و لكي لا تقلقها عليها...
ما إن خطت للردهة الصغيره التي تجمع غرفهن...غرفة ضحى مقابلها غرفة فجر...فغرفتها هي مقابل غرفة صبح...و في آخر الردهة حمامهن المشترك...
حتى سمعت صوت صبح العذب...كعادتها...تذيب سود لياليهن...بتلك الآيات العطرة التي تتلوها على مسامعهن قبل النوم...
لتتنهد براحة...و هي تبتعد بنور تلك الآيات عن أفكارها المظلمة...
مرت بغرفة ضحى التي فتحت بابها على إتساعه...كي يصلها صوت صبح...أما فجر فقد جلست على الأرض على سجادتها قريباً من الباب و بين يديها مصحف...تتلو الآيات مع صوت صبح بهمس خافت...

كانت ستفتح باب غرفتها...لكنها تراجعت...الليلة بالذات لا ترغب أن تبقى لدقيقة وحدها...
تلك الذكريات التي كانت تقيدها بأغلال نسيانها...لن تعطيها حرية التجول في خاطرها...مرة أخرى...
لتضعفها...لتكسرها...و تشوه صفحةً بيضاء كتبت بها حياتها و مشاعرها...و ظنت أنها طهرتها من كل ما قد شابها...

تراجعت و دخلت إلى غرفة صبح...و استلقت على سريرها...و اغمضت عيناها مستمعة بعمق لتلاوتها...و أنفاسها تخرج ببطأ و تثاقل...و عيناها تذرف الدمع ما إن اطبقت جفناها...

حقاً تخشى الغد...
تخشى عودته و ما ستحمله من وجع...و ذل...

♥▓♥▒♥▓♥

دخلت إلى غرفتها المظلمة...و أقفلت الباب...استندت عليه والغرفة تغرق في الظلام...
أيام فقط و يعودون...تعود قريبة منه...من أخباره...ليعود يتجسد بأفكارها...و هي التي حاولت جاهده نسيانه...
لكن هو...هل نساها..؟؟
هل سامحها على رفضها..أو سيسامحها يوماً..؟؟

تنهدت بضيق...و هي تشعل الأنوار و تذهب لترتمي على سريرها...
كم تتمنى لو تبقى هنا...تسكن عند أخيها الذي تزوج و استقر هنا...
لكنها انهت دراستها و إلا كانت تحججت بها للبقاء...و لا عذر يبقيها هنا...و لابد من الرجوع...

♥▓♥▒♥▓♥

في الغــد....~

مشت بين أروقة الجامعة صباحاً...لأول مرة منذ سنوات...وحيدة...
لقد دخلت الجامعة...و سلام في سنتها الثانية بها...اعتدن على الذهاب سوية...الجلوس مع نفس الصديقات...حتى لو غابت إحداهن...فالأخرى تتثاقل الذهاب بدونها لتشاركها الغياب...(مدري كيف بأداوم السنه الجايه بدونك يا سلومه)

تنهدت بقلق...و هي تتذكر ثورة أحزانها بالأمس...
نومها المتقطع الذي احست به وهي تنام معها على ذات السرير...تنهيداتها الثقيلة...و دموعها التي كانت تمسحها بين دقيقةٍ و الأخرى...
حتى هذا الصباح حين صلت الفجر...و ذهبت إلى غرفتها لتدفن نفسها في سريرها...بدت مرهقة...خامدة...لا حيوية اعتادت عليها تسكنها...نظرة إنكسار غريبة سكنت عيناها...تشبه تلك النظرة التي كانت تسكنها منذ سنوات...(وش صار لك يا سلومه؟ ربي يبعد عنك هالضيقه و يشرح صدرك)

/ صبوووح...

وقفت لتلتفت بإبتسامة...لزميلتها التي كانت تتقدم نحوها...حتى و صلت إليها...

/ السلام عليكم
صبح / و عليكم السلام و الرحمه..هلا والله وش أخبارك؟
/ الحمدلله تمام..وين أختك الحلوه؟
صبح بإبتسامه / ما جت اليوم
/ ليه عسى ما شر؟
صبح / الشر ما يجيك يا قلبي..بس تعبانه شوي
/ سلامتها..سلمي عليها..ايه صح اليوم فيه درس بالمصلى..تجين؟
صبح / إن شاء الله..جزاك الله خير ياعمري
/ ويااااك

♥▓♥▒♥▓♥

رأتها تدخل الفصل و تتقدم منها...فأقفلت دفترها الأزرق الصغير..الذي يحمل رسمة لغيمة بيضاء نقش عليها...أول حروف اسمها...و الحرف الأول لإسم سمو...و الذي يصاحبها دوماً...و بكل وقت...

و بداخله دونت مشاعر مختلطة...فرحها...أحزانها...أمانيها...أيامها...كل ذكرياتها هنا...

سمو تجلس / تدرين إني أغار من هالدفتر..و شكلي شكلي بديت اكرهه! ما يشفع له إلا إن حرفي عليه
كادي تضحك / لا تصيرين ملقوفه..عطيني مساحه خاصه...(تمثل الغضب) كل شي بحياتي داخله فيه غصب!
سمو بإصرار / إلا هالدفتـر
كادي بهدؤ / خلاص إذا مت اسمح لك تقرينه

سمو تضربها بقوه آلمتها...

كادي / آآي اوجعتيني!!
سمو / احسن..من زينك أنتي و دفترك..خلاص مابي اقراه..ولو متي بأدفنه معك
كادي بدلال / قولي إنك تخافين علي
سمو تضحك / وش اسوي بعدك؟ ما عندي أحد أربيه هههههه

♥▓♥▒♥▓♥

بعد أن صلت العصر...جلست في الصاله تنجز تقريراً دراسياً ستقدمه في الغد...و ضحى و فجر يشاهدن التلفاز بالقرب منها...

لم تصدق و هي ترى سلام...تدخل الصالة مسرعة...تحمل بين يديها...عبائتها...و حقيبتها...و وجهها مازال يحمل ذبوله...و إرهاقه...

الجميع التفت ينظر إليها بإستغراب...فهي منذ الأمس لم تغادر سريرها...

ضحى / ويــن؟؟
سلام ترد عليها بسؤال / وين أبوي؟؟
فجر / في المجلس

كانت ستذهب له بسرعة...لكن أوقفها سؤال صبح...و نبرة القلق التي تملأه...

صبح / سلام خير وش فيك؟ إخوانك فيهم شي؟؟
سلام تقف لتلتفت إليها / لا ما فيه شي..بس ساري يبيني بموضوع

تركتهم بقلق...و سؤال مازال يلح في خاطرها...لترتجف أطرافها بحثاً عن جواب له...
مالذي يجعل ساري يطلب أن يراها...
بهذا الإلحاح؟؟
بهذا الوقت؟؟
لوحدهما؟؟

ذهبت إلى المجلس لتستأذن والدها للخروج...و ما إن خرجت منه حتى اتصل بها ساري يخبرها أنه الآن أمام المنزل...فارتدت عبائتها بيدين مرتجفتين...و ذهن مشتت...

حالها...إرهاقها...نفسيتها...هي أبعد ما تكون اليوم برغبة للكلام مع أحد...
كيف و إن كان مع أحد أخوتها...لكنها لم تستطع رفض الخروج معه...وهو يطلب منها هذا للمرة الأولى...بذاك الإصرار...

فكرت برعب...هل يعقل أنه سمع شيئاً من مالك عنها...(اهدي يا سلام اهدي..أنتي بس اللي خايفه من هالموضوع و تذكرينه..مالك و عذاري أكيد عاشوا حياتهم و نسوا بعد كل هالسنين..مو معقول يوم رجعت بتتكلم عن اللي صار! يآآآرب)

تنهدت بقوه قبل أن تفتح باب سيارته...و تجلس جانبه...

سلام تزفر بتوتر / مساء الخير
ساري يبتسم بهدؤ / مساء النور

كانت تراقب ملامحه من خلف طرحتها التي انزلتها على عينيها...ارتاحت مبدئياً لإبتسامه بوجهها...
لكنه ساري...مهما عظم الموضوع تعلم أن لا شيء مما في داخله سيظهر على ملامحه...
حقاً كم يتقن إخفاء كل ما يدور في عقلـه...و قلبـه...

ساري بعد أن أدار المحرك / وش أخبارك؟
سلام / الحمدلله تمام..بتروح البيت؟
ساري بإقتضاب / لا
صمت للحظه...و لكنه عاد ليسأل / وش فيه صوتك؟
سلام / تعبانه شوي..و ما نمت زين امس
ساري بضيق/ كان قلتي إنك ما تقدرين تطلعين و.....
سلام تقاطعه / لااا مو لهالدرجه..-و تصنعت المرح و هي تكمل-بعدين مو كل يوم تعزمني عشان افوت هالطلعه

صمت...و عادت ملامحه للجمود...
و هي لم تعد تطيق هذا التوتر الذي بدأ يظهر حتى على صوتها...
هناك شيء...بالطبع لن يكون هذا الطلب...لمجرد شوقه لها...أو للتنزه فقط...و كأنه يملك الوقت...أو الرغبة لذلك...
ستسأل...نعم ستتجرأ و تسأل...

سلام بقلق / وش فيك ساري-و بصراحه انفلتت-خوفتني؟؟
ساري يبتسم بهدؤ / وليه تخافين؟ ما يصير اتكلم مع أختي يعني؟
سلام لا تخفي دهشتها / يوم في وسط الأسبوع..و أنا عارفه إنك مشغول..أكيد هالموضوع مو عادي!!
ساري / أول خلينا نروح لكوفي نجلس فيه..أو تبين نتكلم في السياره؟

تنهدت بقلق...و ضيق...و صمتت مجبرة على الإنتظار...



بعد نصف ســاعه..~

كانت تنظر لكوب القهوة أمامها...و تحرك بيدها الملعقة داخلة...مدعية تحريك السكر...
لكنها حقيقة لم تستطع أخذ رشفة منه...و هي ترى ملامح ساري تطغى عليها هذه الجدية...و الضيق...

رفع نظراته الباردة إليها...لتبادله التحديق بخوف...و تساؤل...

ساري بلا مقدمات / قررت اتزوج

كان من المفروض أن ترتاح لأن الموضوع بعيداً عنها...و عن ما يرعبها...
لكن ذهولها من ما سمعته انساها قلقها...تعبها...و مخاوفها...

سلام بدهشه / تتزوج!

ربط خيالها بسرعة...بين هذا الطلب...و رجوع دانه...
أيعقل أن يكون.....؟؟

سلام / وش معنى اللحين؟
ساري بهدؤ / و ليه مو اللحين؟؟.._اكمل بإستهزاء بارد-المفروض كنت متزوج من زمان..عمري اثنين و ثلاثين..أصدقائي اللي معه ولد و اللي اثنين..و أنا.....

ترك جملته معلقة في الهواء...و لكن سلام اكملتها عنه...بداخلها...(و أنت ضيعت سنين عمرك تحب وحده ما قدرت هالشي)

سلام تبتسم بحب و راحة / زين اجل اقول مبروك من اللحين..و مين سعيدة الحظ؟؟

تريد أن تعرف...إن كان ساري للآن متعلق بذاك الحب...و لم يفقد الأمل...
و هي مازالت مستغربة أيعقل أنه سيخطبها من جديد..؟؟

ساري / هاذي عليك عاد..أبي تدورين لي وحده تناسبني
سلام بدهشه / أنـا؟؟!
ساري ببرود / ايه..مو أختي الكبيره مين بيخطب لي غيرك؟؟
سلام مفكره / بسسس..يعني أمي و عمتي جواهر.....!!
ساري بلامبالاة / ماراح يعترضون هم بيفرحون إني بأتزوج و ماراح يهتمون بشي ثاني..و.....

تردد قليلاً...و احست هذا بصوته...
بالتأكيد هناك سبب لهذا الطلب منها بالذات...و بهذه السرية بينهما...

سلام / كمل ليه سكت؟
ساري / أنا قلت لك أنتي تدورين لي..عشان اخطب بسرعه..لو قلت لأمي و عمتي بتمر أسابيع و هم يتنقون..و يتشاورون..و يطلعون الحلوه و الأحلى
سلام / و هذا المفروض كم ساري عندنا؟ عشان نزوجه أي وحده
ساري ببرود / ما يهمني..أنا المهم بالكثير نهاية هالأسبوع أكون خطبت و خلصت
شهقت سلام / تبني أدور لك بيومين بس؟!!
ساري بتأكيد / ايه..و وحده تكونين ضامنه موافقتها..و بسرعه
سلام / ما يمدي و .....

انقطع صوتها...و المعنى يصل متأخراً قليلاً لذهنها...
كل هذا بسبب رجوعها بالتأكيد...
كانت تظن أن أخاها للآن يأمل بذاك الحب الذي ينشده منذ سنوات...
لكن اتضح لها أنه تغير...كما تغيرت...

فساري المحب...الحساس...الذي يملك رومانسية تحلم بها أي فتاة...
تحول لذاك الرجل...البارد...العملي...الجاد...
تلاشى إحساسه...قل كلامه...و قل إهتمامه بكل شي عدا عمله...
وبالتأكيد...لا يريد أن ترجع و تراه للآن غارقاً في أطلال حبه المرفوض...

مهمة صعبة أوكلها لها...
ليس فقط لأنها لن تستطيع تنفيذها...أو قد لا تجد عروس بهذه السرعة...
الأصعب من ذلك...أنها ستختار له حياة تتحمل مسئوليتها...حياة تراه يقدم عليها بكل برود...و لا مبالاة...
و حياة إنسانة أخرى ستأخذ على عاتقها ذنبها...و هي تخطب لها شخصاً روحه ما زالت مجروحة...معلقة بفتاة لم يحصل عليها...

و هذا ما جعل تلك الفتاة تقفز لمخيلتها...
تعلم أنها هي بالذات مستحيلة...
لكن قلبها لم يطاوعها على خذلان ساري حين لجأ لها بهذه اللهفة و الحاجة لتساعده...
أيضا لأنه زواج بالطبع لن يتم...لن يرضى هو بها...و أكثر من ذلك لن ترضى بها والدتها لساري بالذات...و الكل سيعارضه...
و هي بذلك تكون قد ساعدته...لكنها متأكدة أن هذا الزواج لن يتم...

سلام بعد صمت / ما فيه غيرها..مِنوَه..أكثر وحده تناسب طلبك..و بتوافق على طول

تجعد جبينه مفكراً...يحاول أن يتذكر هوية لذلك الإسم...
بالتأكيد ليس غريباً عنه...لقد مر على مسامعه...

و تذكرها...!
ليرفع نظرات مصدومة...غير مصدقه...لسلام..!!

Continue Reading

You'll Also Like

1.8M 37.7K 66
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
785K 10.9K 139
روايه منقوووله لكاتبه فاقدة غالي روايه أعجبتني شاركت أبطالها في كل لحضه اليوم حبيت أنقلها لكم عسى تنال رضاكم واستحسانكم وعسى يكون محد سبقني ونشرها...
2.5M 40K 98
روايه أما غرام يشرح الصدر طاريه و لا صدود و عمرنا ما عشقنا للكاتبة المبدعه . صدووود ========= تجميع . بياض الصبح ======== بسم االله الرحمن الرحيم ٬٬ ...
5.5M 214K 51
قد يؤخر الله الجميل لجعله أجمل بنت يتيمه الأم من هيه طفله تعيش معا مرت ابوهه وتنحرم من كلشي وذوق العذاب بس القدر يلعب لعبته ويجي منقذه يتبع..