بنصف القلب

By R-yana_20

144K 9.7K 4.3K

.... ماهو شعور كلوديا، عندما تتفاجئ بعد مرور سنواتٍ على وفاة والدها برغبة عائلته؛ في التكفل برعايتها هي وشقيق... More

.الفصل الأول.
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن..
الفصل التاسع
الفصل العاشر
.. الفصل الحادي عشر..
الفصل الثاني عشر
. الفصل الثالث عشر.
.الفصل الرابع عشر.
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر.
..الفصل الثامن عشر..
.. الفصل التاسع عشر..
الفصل العشرون.
..الفصل الواحد والعشرون..
..الفصل الثاني والعشرون..
|الفصل الثالث والعشرون|
{الفصل الرابع والعشرون}
﴿الفصل الخامس والعشرون﴾
﴿الفصل السادس والعشرون﴾
{الفصل السابع والعشرون}
(الفصل الثامن والعشرون..)
|الفصل التاسع والعشرون|
|الفصل الثلاثون|
[الفصل الواحد والثلاثون]
«الفصل الثاني والثلاثون»
«الفصل الثالث والثلاثون»
{الفصل الرابع والثلاثون}
✦الفصل الخامس والثلاثون✦
|الفصل السادس والثلاثون|
{الفصل السابع والثلاثون}
﴿الفصل الثامن والثلاثون﴾
{الفصل التاسع والثلاثون}
«الفصل الأربعون ما قبل الآخير»
الفصل الواحد والأربعون والآخير.
Note
احداث اضافية الفصل الأول.
احداث اضافية الفصل الثاني
احداث إضافية الفصل الثالث
احداث اضافية الفصل الرابع
﴿أحداث إضافية الفصل الآخير﴾

.الفصل الخامس عشر.

2.8K 210 92
By R-yana_20

قراءة ممتعة لطفًا منكم لا تنسوا التصويت 💛

....

«وما شأن الإهتمامات بالعمل سيدة لويزا؟.. ما أثار اهتمامي أمرٌ آخر بعيدًا تمامًا عن كل ما نقل لك، وبما أن حضاراتكم هنا فيسعدني حقًا أن أعلن عنه.»

ترددت كلماته في خلدي برعب، وكأن الوقت توقف بي هنا.
حول الجميع بصرهم نحوي عندما تقدم ايفان مني وأحاط خصري بيده.

تجاهلت اضطرابي من قربه ومن كل شيء وحاولت رسم مبسمٍ هادئ غير مرتبك بقدر الإمكان، بينما قال هو مبتسمًا بكل راحة: أظن أن الأمر بدى جليًا لكم.

ثم تظاهر بالضحك بإرتباك ونظر لي مبتسمًا بسعادة مزيفة وكأنه يناظر الفتاة التي يحبها وقال: أنا وكلوديا قررنا الإرتباط.

اطلقت ضحكة خافتة بسيطة، وازداد ارتباكي بعد صمت الجميع المطبق.

كان أول من شهق بذهولٍ ونهض من مكانه وهو يبتسم بسعادة مارثا التي قالت: يا الهي كنت أعلم أنكما سترتبطان.

جيد لقد جعلت الأمر يبدو وكأننا اظهرنا اعجابنا أمام الجميع، علي التحدث معها في أسرع وقت.

عانقت كلانا وهي تعبر عن مدى ساعدتها، وقد جاء دور جدي هنا الذي لم أصدق حقًا أنه سيسعد إلى هذا الحد.
فردة فعله كانت غريبة للغاية، وكأنه كان ينتظر هذا الارتباط من قبل أو حتى كان يتوقعه؛ مما زاد من حيرتي حقًا، فعندما عانق ايفان أخذ يردد جملة كنت أعلم أنك ستختار كلوديا.

بالنسبة لعمي جورج وعمتي سكارليت، كان كلاهما مندهشًا من هذا الموقف، وكأنهما لم يصدقا الأمر، ولكن رغم اندهاشهما كانت السعادة ظاهرةً على ملامحهما.

أما الضيوف فكاسبر وزوجته كانا شديدي اللطافة حقًا، وأخذا كلاهما يقول لايفان أحسنت الاختيار، وقد جعلني ذلك أشعر ببعض السعادة، فكلاهما يرى أنني فتاةٌ جميلة؛ تليق بوسامة الفارس ايفان.

لاحظت ارتباك عائلة جوهان بأكملها !  والمدعوة بلويزا راقبتني بإشمئزازٍ تام وهي تزم شفتيها بقرف، واكتفى زوجها بتهنئتنا بتوتر.

وكان آخر من قام بتهنئتنا جوش الذي تقدم لمصافحة ايفان بحفاوة وقال مبتسمًا: يبدو سببًا أكثر من كافيًا للتتخلى عن المنافسة هذا العام.

ابتسم الآخر له بهدوء وقال: من يدري لربما وجدت وقتًا يخولني للمشاركة.

انتقلت عينان جوشوا لي، ثم التقط يدي وقبلها بنبل وقال وهو يبتعد: أطوق حقًا للتعرف عليك أكثر آنسة كلوديا.

ــ لي كامل الشرف.

أجفل ثلاثتنا عندما توقف لوك بالقرب من جوش وقال بعدم تصديق: أيها الخائنان كنت أخبركما بكافة اسراري العفنة ولم تتطرقا للتلميح عن علاقتكما لي حتى، يا الهي وأنا الذي كان يتساءل عن سبب نظراتكم اللعوبة طوال الوقت.

قطبت حاجباي غير مستوعبة حديثه ولكنه تقدم ليعانقني وهو يقول: لن اسامحكما حتى تعيدانني أنكما ستسميان ابنكما الأول على اسمي.

همس في اذني بإشكراني لاحقًا، ثم قال لايفان: وأنت لن اعانقك ولا تهنئة لك، لقد كنت أخبرك بجميع درجاتي، كيف لك أن لا تطلعني على هذا الأمر رغم أنني سألتك عن سبب النظر لها طوال الوقت؟..

لم يكلف ايفان نفسه عناء الرد فقد لاحظت أن عيناه انشغلت برمق دين بكل استفزاز وابتسم في وجهه بسخرية.

أحاط جوش كتف لوك بذراعه وقال: لو كان هانتر هنا لنشر خبر علاقتهما من قبل حتى أن يحبا بعضهما حتى.

ـــ اوه هانتر منذ أن ذهب والجميع هنا يسيء معاملتي.

راقبت أنا أيضًا دين بقلق متجاهلة حوار لوك وجوشوا، فتعابير وجه دين المحمر لا تبشر بخير، لا أفهم ما سبب غضبه بهذا الشكل في كل مرةٍ يراني بها مع ايفان.

ولأنني تلقيت ما يكفيني منه طوال هذه الأيام وبت أعلم كيف يكون قبل أن ينفجر بغضبٍ عارم ومحطمـًا أي شيءٍ يقابله.

علمت أنه سينفجر في هذه اللحظة عندما نهض من مكانه بإندفاع، ونظر لنا بحقدٍ وكأنه لا يمانع الشجار معنا هنا وأمام الجميع.

ارتبكت العائلة بأسرها وبالأخص جدي الذي نظر له برعبٍ وترقب.
عض الآخر على شفتيه متمالكـًا نفسه ثم قال: هنيئًا لكما، وبالأخص أنت ايفان لقد أحسنت التخطيط.

إتسع مبسم ايفان هنا وقال بهدوء: بالطبع شقيقتك مذهلة كيف لي أن لا أنتهز الفرصة وأظفر بها.

ارتبكت إثر حديثه وشعرت أن الخجل في طريقه إلي، خاصةً وأنه أنهى حديثه وهو ينظر لي بشغفٍ وحب.

تبًا له أنا على شفا حفرةٍ من تصديق هذا الكاذب.

كشر دين بغضب وتوقعت أنه سيهجم علينا كعادته، فتمسكت برعبٍ دون أن أشعر بايفان، ولكن الآخر سارع في الخروج من الغرفة.

تنفست الصعداء فور خروجه، ونهضت خطيبته هي الأخرى، كانت مرتبكةً أيضًا ووجهها الخمري شديد الإحمرار، ابتسمت لنا بلطفٍ وقالت: هنيئًا لكما، سعدت من أجلك ايفان، وكلوديا اتمنى أن نصبح صديقتين.

ابتسمت لها مرددة أنني أرجو ذلك، حقًا هذه الجميلة تبدو في قمة اللطف، من الظلم أن تبقى مع وغدٍ مثل دين.

خرجت بعد أن استئذنت من الجميع ولحقت بخطيبها المريض.

بعد أن خلف دين هذا الجو المربك نطق كاسبر مبتسمًا بحماس: انظر لنفسك أيها العجوز ارثر احفادك على وشك الزواج بينما أنا لم أرى أحفادي بعد.

ـــ اوه كاسبر من يراك الآن سيُكذب أنك تقف في وجه كل شخصٍ يرغب في الإرتباط ببيري.

علقت زوجته كاميليا بإنزعاج فأجابها جوشوا هنا: حسنًا كنت أطمح لأن ترتبط بيري بأحد حفيديك يا سيد ارثر، ولكن وللآسف كلاهما على وشك الزواج، هيه كاسبر ما رأيك في لوك لبيري سيكونان رائعان أليس كذلك.

دفعه لوك عنه وقال بتقزز: بيري مهووسة الذات تلك بحق السماء أنا لا أود ايفان آخر داخل حياتي.

ضحكت على تعليقه وشعرت ببعض الحماس لسماع رد السيد كاسبر الذي تظاهر بالذهول وقال: جورج رضيعك الصغير يسخر من ابنتي الجميلة تصرف معه قبل أن أكلف جوش بذلك.

زم لوك شفتيه ونظر لايفان الشارد وقال بسخرية: يا للخزي مقارنتك ببيري، اعتبرها السيد كاسبر سخرية أنه يراك شخصًا مريعًا.

إحمر وجه السيد كاسبر بإحراج وسارع عمي جورج في نهر ابنه والاعتذار منه بينما وضح الآخر بارتباك أنه يحب ايفان وكان يتمنى أن يرتبط ببيري حقًا.
ورغم كل هذه الضجة التي أحدثها لوك كان القابع بجانبي شارد الذهن تمامًا ولم ينتبه لحديث الجميع هنا.

أفاق من شروده عندما رن هاتفه المحمول، استئذن وخرج بسرعة إلى الحديقة.

توالت الأحاديث وجدي كان في قمة سعادته وهو يردد بأنه فخورٌ بكلانا وأنه منذ أول يومٍ لي هنا تمنى أن أرتبط بايفان، بالمختصر نجح ايفان في جعلنا محور احاديث هذه الليلة التي لا زالت تطول والعشاء لم يقدم بعد.

ولأنني على وشك الإغماء من شدة الجوع خرجت من الغرفة قاصدةً المطبخ، ولسوء حظي تم طردي منه بعد أن سرقت قطعة مقبلاتٍ صغيرة كاد الطباخ أن ينتحر لسرقتي إياها.

تفحصت من بعد ذلك بيتر فالجو بدأ يبرد واخشى أن يكون قد ألقى بالغطاء جانبًا كما يفعل عادةً فهو لديه عادة غريبة لا يشعر بالنعاس إلى عندما يشعر بالبرد لهذا دائمًا ما يزيحه عنه.

خرجت من غرفته وفي طريقي إلى الأسفل خرج لي دين بشكلٍ مفاجئ من مكتب جدي.
تظاهرت عدم الإكتراث وأكملت سيري بهدوء.
ولسوء حظي التعيس لم يهدأ غضب المختل بعد وهجم نحوي فور رؤيته لي.
سارع في إمساكي من رقبتي بقوة ودفعني على الحائط وهو يقول بحدة من بين اسنانه: أيتها اللعينة المعتوهة، يبدو أنك لم تتعلمي درسكِ بعد ولا زلتِ تجهلين عواقب غضبي.

لم أشعر بالإختناق بقدر ما شعرت بإلم قوي بسبب قبضته حول عنقي، خرجت خطيبته من الغرفة أيضًا وهجمت بسرعة وهو تقول بفزع: بحق السماء دين ما الذي تفعله؟..

حاولت هي سحبه بعيدًا وحاولت أنا أيضًا دفعه وكلتانا لم تنجح في ذلك، فلم أجد نفسي حينها سوى وأنا أضغط على قدمه بكعب حذائي بقوة.

تأوه وهو يبتعد عني بينما أخذت أكبر كمية من الهواء يمكنني استنشاقها ثم دخلت في نوبة سعالٍ قوية.

أمسكت خطيبته بذراعي وساعدتني على الإعتدال في وقفتي وقالت بقلق: يا الهي هل أنتِ بخير؟..

لقد حاول قتلي من المؤكد أنني لستُ بخير.
لم أكن قادرة حينها حتى على مراددته هذه أول مرةً أشعر أنني سأبكي أمامه من شدة الخوف.

قبضت على يدي التي ترتجف بقوة وحاولت أن أنطق بحدة ولكن صوتي خرج مضطرب رغمًا عني: من المؤكد أنك مضطرب عقليًا، أيها المجنون أتظن أنني سأصمت على محاولة قتلك وعبثك بمدرسة بيتر؟..أقسم أن أبلغ عنك وألقي بك في السجن.

تقدم مني بنفس الغضب، فتوقفت بريندا تعيق بيني وبينه وصاحت به: دين من فضلك توقف عن التهور.

ـــ ما هذه الضجة هنا؟..

صدح صوت ايفان في الطابق واقتربت خطواته منا.
ثبت زمرد عيناه علينا وسحبني من يدي بعيدًا عنهما عندما وصل إلي.

نظر إلى دين تحديدًا وقال: ماذا ما الذي تريده منها؟..

زم الآخر شفتيه محاولًا تمالك أعصابه ثم دار في المكان بتوتر وقال: لا شأن لك ولا تتدخل فيما لا يعنيك.

ابتسم الآخر بسخرية ثم أمال رأسه نحوي وقال: كلوديا ألم نخبر الجميع بالأسفل أنكِ أمرٌ يعنيني؟..

أومأت له كالحمقاء أهز رأسي بقوة:أجل إنني أمرٌ يعنيه وأنا أريده أن يتدخل ويحطم رأسك السميك هذا.
تقدم الآخر ناظرًا لي بكره والجنون يتطاير منه ولكن أيفان قام بدفعه عني: قف بعيدًا وكف عن الحماقة حتى لا أطبق ما قالته لك.

تابع وهو يعدل قميصه ببساطة: منذ الصغر كنت أحمقـًا بذاكرة عطبة، لذا لا بأس سأذكرك مجددًا، لمصلحتك، لا تحاول العبث معها مجددًا فأنت تعلم جيدًا أنني أحب أن أكون شخصًا سيئًا عندما يتعلق الأمر بك.

قطب الآخر حاجبيه بغيظ وأراد الصراخ في وجه ايفان ولكن بريندا سبقته وهي تقول بهدوء: لا داعِ للتهديد فأنت تعلم أن دين ليس بالشخص الذي سيؤذي أحدًا ما.

ماذا بحق السماء؟..ألم تشهد هذه الفتاة على محاولة قتلي قبل قليل؟..

تجاهل ايفان اجابتها بعد أن نظر إليها ببرود، شعرت بها ترتبك وتبعد عيناها عنه وتراجعت للوراء لتقف بقرب دين.

بدلت بصري بينهما ببعض التساؤل، التقط ايفان يدي ونظر لدين الذي أشعر حقًا أنه لن يمانع أيضًا بمحاولة قتل ايفان معي.

ألقى الآخر بنظرة باردة على دين ثم جرني وراءه.
من ضغطه الشديد على يدي شعرت أنه كان غاضبًا عكس الهدوء الذي كان يظهره أمامهما.

ولا أدري لماذا شعرت بالغباء من طلب أن يفلت يدي وفضلت الصمت حتى خرج كلانا إلى الحديقة.

أفلتها آخيرًا ثم نزل أول أربع درجات وجلس على الخامسة، كانت حركته سريعة للغاية عندما أخرج علبة السجائر من جيبه.

وضع أحداها بين شفتيه ويبدو أنه لم يجد القداحة فنظر لي وقال متظاهرًا بالبرود: أيمكنك جلب قداحة لي من المطبخ؟..

كتفت يداي ونظرت إلى السماء قائلةً بإنزعاج: إن كنت مدخنًا شرهًا إلى هذا الحد، لماذا تنسى في كل مرةٍ أن تضع قداحتك في علبة السجائر؟..أنا لن أقضِ عمري بأكمله وأنا أسرق لك القداحات من المطبخ.

ـــ لقد طلبت ذلك منك لمرة واحدة فقط، واتذكر جيدًا أنكِ كنتِ على وشك قتلي حينها.

علق بتهكم ويده تتخلل شعره الأسود بإنزعاج فدحرجت عيناي وتحركت نحو المطبخ بقلة حيلة وقلت بغيظ: سأحرقك بها إن تم توبيخي من قبل ذاك الطباخ المزعج.

وهذا ما حدث حتمًا فالطباخ هذه المرة ركض ورائي لخارج المطبخ وهو يصرخ متواعدًا لي بعد أن سرقت القداحة وقطعتان من مقبلات المحار الشهية.

عدت إلى الحديقة وهذه المرة كان ايفان يجلس على النافورة.
توجهت نحوه وجلست بقربه بعد أن ناولته القداحة وقطعة محارٍ وقلت بفخر: ربث على رأسي فقد سرقتها بسهولة من ذاك الطباخ السمين الذي أراد صفعي بعصا التقليب.

نظر للمحارة بين يداي وأخذ القداحة وأبى أخذ المحارة وقال: هل غسلتي يداك قبل أن تلمسي الطعام بهما؟..

حشوت القطعتان في فمي ثم خلعت حذائي واستدرت لأغمر قدماي بالماء وقلت وأنا أنظر لتمثال الإوزة: لم أفعل فأنا لا أعانِ من الوسواس القهري، يداي نظيفتان كما ترى.

بلعت آخيرًا المحارات اللذيذة ثم شعرت بالاستمتاع لملمس الماء البارد الذي يحيط بقدماي المتورمة من الكعب العالي وقال هو بتقزز: فقط احذري لمسي بهما.

قام بإشعال سيجارته فشعرت بالإنسجام أكثر، أعلم أنها أمرٌ مضرٌ للغاية ولكن رائحتها تستهويني حقًا.

تنهدت وأنا ابتسم ثم قلت: ألم تفكر في الإقلاع عن التدخين من قبل؟..

نفث بعضًا منه وقال وهو ينظر للبدر الكامل هذه الليلة: ماذا الآن بدأتي في تقمص دور الحبيبة القلقة بهذه السرعة، لا تخبرنِ بعد قليل أنكِ ستهجريني إن لم أقلع عنه؟..

دحرجت عيناي من سخريته وحركت قدماي داخل الماء وأنا أقول بإمتعاض: حتى وإن كنتُ حبيبتك حقًا فلن أطلب منك ذلك، فأنا أعشق رائحة الدخان، في كل مرةٍ استنشقه بها أشعر بالسعادة فرائحته تجعل من اعصابي تسترخي للغاية، هل لي بواحدة فأنا لم أجربه من قبل؟..

تراجع قليلًا للوراء لينظر لي بوضوح، كان يقطب بريبة من حديثي وقال: لابد من أنكِ تمزحين؟..

ـــ لسنا اصدقاء لأمزح معك.

كررت جملته السابقة فهز رأسه مبتسمًا بهدوء حتى بانت نواجذه المثالية، وأشاح بوجهه بعيدًا عني وحينها فقط تمكنت من زفر الهواء الذي كنت اكتمه بعد مبسمه هذا.

التعامل معه يصبح أصعب مع الأيام.

نفضت بعض الأفكار المزعجة عن عقلي وقلت بتساؤل: ايفان، ما سبب خلافك مع دين؟..أعني هو مختلٌ عقلي وأعلم أنه هو مريض قصتكما، ولكن الجميع هنا يحبه عداك أنت، ويبدو أنه يحب الجميع أيضًا عداك أنت وأنا وبيتر.

أطلق الدخان وهو يرسم على وجهه البرود ثم ثبت زرقاوتيه الداكنة على عيناي وقال: لماذا تتحدثين بثقة وكأنني سأمنحك إجابةً على سؤالك؟..

ـــ ولما قد لا تفعل؟..هل الخلاف بينكما كبيرٌ إلى الدرجة التي تجعلك تأبى حتى الحديث عنه؟..

ــــ لا هو أتفه حتى من أن أهدر وقتي بتذكره، ولكن شقيقك تحول بين يومٍ وليلة من لقيطٍ قذرٍ يجوب الشوارع بحثًا عن زقاقٍ لينام به، إلى رجلٍ ثري يحصل على ما يريده بالنظر إليه وحسب.

لقيطٍ قذر !..ماذا يقصد؟..

أعقب ببرود ولكنني لاحظت الاستخفاف في نبرة صوته: تعلمين أن يملك الانسان كل شيء بعد أن كان لا شيء أشبه بإلقاء الحطب في النيران، دائمًا ما يريد المزيد ليزداد لهيبه ولمعانه، متناسيًا أن الحطب سيتحول إلى رمادٍ في لحظة ما وتخمد كل تلك النيران التي حاول أكل كل شيءٍ بها.

شعرت برسالة مبطنة من حديثه هذا، وكأنه يقصدني أو يلمح انني سأصبح كدين في أحد الأيام.

نظفت حلقي بتوتر وشعرت بإحمرار وجهي من شدة الحنق وقلت ببرود: وهل نجحت تلك النيران في حرقك؟..

ضحك بخفة واستهزاء ثم أبعد السيجارة عن فمه وقال: يظن أنه فعل ذلك، ولكن أخبرتك أنه شخصٌ تافهٌ بالنسبة لي ولا امتلك الوقت لأفكر بتصرفاته الرعناء بشكلٍ جديٍ حتى.

ضربت الماء بيدي ورفعت حفنة منها أخذت أنظر إليها بتأمل ثم قلت: وماذا عن جدي في أي صفٍ يقف؟..

ـــ هيه أنتِ سئمت اسئلتك أيمكنكِ الصمت؟..

كيف لي أن أصمت وأنا أشعر أن حلقة ما مفقودة في كل هذه الأحداث التي أقف في منتصفها؟..وأيضًا ألم يحن الوقت بعد لمعرفة سر والداي وسبب عدم ترعرع دين معنا؟..

ألمتني معدتي فور تفكيري بالأمر وشعرت بالتوتر والخوف الشديد من معرفة حقيقة قد تجعلني أغير نظرتي لوالداي، أفصل البقاء هكذا كما أنا بجهلي لكل شيء وتكذيب المدعو بدين عوضًا عن كرهي لهما.

ـــ ألن تمنحني سيجارة؟..

تحدثت بمللٍ وقد تجاهل هو إجابتي بالكامل، فتحركت يدي بسرعة لتسرق السيجارة من بين يديه وحشوتها في فمي.
ولأنني أعلم أنه سيسارع في أخذها مني مجددًا أسرعت أسحب الدخان إلى داخل رئتي وقد كان ذلك أمرًا سيئًا لفتاةٍ تجرب التدخين للمرة الأولى.

فقد دخلت في نوبة سعالٍ قوية وشعرت أن الدخان الذي استنشقته دخل إلى مجرى تنفسي وسبب لي ألمًا لا يطاق.

سحب ايفان السيجارة مني وألقى بها أرضًا وقال مبتسمًا: ممتعٌ حقًا رؤية عدالة السماء تأخذ مجراها من حماقتك.

قلت من بين سعالي وأنا أقاوم رغبة غرف القليل من الماء والإرتشاف منه لتهدئتها: بحق الجحيم أي نوعٍ من المخدرات القوية تتعاطى؟..

وللآسف ضعفت أمام رغبتي هذه فقد ازدادت نوبة سعالي وشعرت أنني سأموت إن لم ارتشف ماءً في الحال.

تنهدت براحة وقلت: هذه المرة الثانية التي تشاهدني أموت بها دون أن تساعدني.

كانت تعابير وجهه المذهولة كفيلة بإخباري أنني تصرفت تصرفًا غير لائق، ابتعد عني وقال وهو يهز رأسه بعدم تصديق: من المستحيل أن تكونِ بكامل قواك العقلية، هل أنتِ مدركة لكم البكتيريا والجراثيم التي دخلت إلى فمك الآن؟..

ـــ لا تبالغ أنه مجرد ماء.

ـــ ماءٌ تغمرين به قدميك بحق السماء لا تفتعلِ هذه الأمور المشمئزة برفقتي مجددًا.

حقًا يا له من طفلة مزعجة، لقد كدت أن أموت أمامه ولم يكترث سوى لكوني ارتشفت الماء من النافورة.

وجهت سبابتي نحوه وقلت: عليك الإسراع في معالجة وسواسك القهري هذا، ثم البشر فيما سبق كانوا يشربون من الأنهار والأبيار القديمة ولا اتذكر أنه ذكر في التاريخ أنهم كانوا يموتون من الماء، علمًا بأن النهر مليءٌ بجيف السمك وفضلاته، وأيضًا في النهاية هو سمك تخيل معي أنك تشرب من كأس ماء كانت بداخله سمكة؟..

شعرت بالتقزز يظهر على ملامحه ثم طلب مني أن لا اتحدث معه مجددًا وقام بإشعال سيجارة أخرى.

مرت دقيقتان من الصمت المطبق كنت أقاوم فيهن فضولي حول ماضي دين، لا أدرِ حقًا من أين سأكتسب العزيمة لتجاهله.

«اوه أنت بالخارج مع فتاةٍ ما، يبدو أن ما قاله الجميع بالداخل صحيح لقد ارتبطت يا ايفان.»

التفت كلانا إلى مصدر الصوت، كانت فتاةٌ شقراء أيضًا بعينان رماديتان تنظر لنا بغضبٍ شديد، يقف بقربها المدعو بهاري.

لم يكن يبدو على هاري أيضًا اللطف وكان ينظر لنا بضيقٍ وهو الآخر.

أخرجت قدماي من الماء والتفت لهما، وأصبت ايفان بالقليل منه، رمقني بحدة وغيظ ثم سارع يمسح ذراعه الذي أصابته الماء وقال مبتسمًا: بيري يبدو أنني لستُ بحاجة لأعرفك عن كلوديا  فالجميع وعلى ما يبدو أخبرك عنها.

رمقتني بتقزز وهي تنظر لي من رأسي حتى أخمص قدماي وقالت: عجبًا، لا تبدو حتى من الفتيات التي قد تفكر أن تصاحبهن.

ـــ هيه أنتِ، أتقصديني بحديثك؟..

تجاهلت إجابتي، ونظرت لأيفان وقالت: وأسلوبها فظٌ أيضًا متوقعٌ منها.

هل أبدو كفتايات الشوارع أم ماذا؟.. لماذا الجميع يتوقع السوء مني دائمًا.

تفاقم الغضب لدي ووجدت نفسي أحاول النهوض لإخراسها ولكن ايفان سارع في الإمساك بيدي وقال ببرود: لا اتذكر أن علاقتنا كانت عميقة للدرجة التي تخولك للتدخل في شؤون حياتي؟..وأيضًا أنا لم أرَ فظًا هنا سواك بأي حقٍ تسمحين لنفسك بالتواقح معها؟..

شعرت بإرتباكها وازدياد وتيرة انفاسها وقالت وهي تضع خصلة متمردة وراء أذنها بتوتر: ايفان بحق السماء من هذه الفتاة هل نظرت لها قبل أن تفكر بالإرتباط بها من الأساس أرجوك أخبرني أنك فعلت ذلك من أجل...

قاطعها وهو يزفر بإنزعاج ثم رفع زمرد عيناه الداكنة نحوها وقال: وأنتِ هل فكرتِ قبل أن تقفي أمامي وتجادليني في أمور حياتي الشخصية بكل ثقة وكأنكِ فردٌ من عائلتي؟..

أنهى حديثه بضحكة ساخرة جعلتها تغتاظ أكثر بينما أعقب بحدة محذرًا إياها: وقبل أن تتطرقي للحديث أكثر وتقودينني للإنفعال وإيقافك عند حدك بأسلوبٍ يفوق وقاحتك، خذي عشيقك واغربي وجهك عني.

شحب وجهها هي والمدعو بهاري في جملة ايفان الآخيرة ونظرا لبعضهما بعدم تصديق، أما أنا فرمقته بحب ثم التفت للمزعجة التي تنظر لي بإشمئزازٍ ممزوجٍ بكره وبالطبع لم أفوت على نفسي الابتسام في وجهها بسخرية ثم اقتربت من ايفان أعانق يده وكأنني محبوبته حقًا.

كادت أن تتحدث ولكن هاري سحبها من يدها وقال مبتسمًا بلطف: نرجوا المعذرة، لم نقصد التطفل.

لوحت بيدي لها عندما ابتعدت ونظرت هذه المزعجة تشبه نظرة الشيطان دين، كان ينبغي لها أن ترتبط به هو عوضًا عن تلك الملاك.

ـــ أتعلم أنا مدينةٌ لك بعشاءٍ لذيذ، لقد احسنت إخراس تلك المستفزة يا الهي ايفان جعلتني أشعر برغبة عارمة في الغناء الآن، هيا انهض لنذهب ونقوم بإزعاجها مجددًا.

نهض فابتسمت بحماس وارتديت حذائي بسعادة بينما قال هو باستنكار: أخبريني ما سر افكار متنمرين المدرسة التي تتفوهين بها باستمرار، أكنتِ واحدة منهم؟..

مشيت بمحاذاته وتظاهرت الضحك بملل، ولم أجبه.

سرنا في الحديقة معًا حتى وصلنا إلى شرفة الغرفة، كانت لويزا وبيري وبريندا يقفون معًا أمامها، كان على ما يبدو أن المدعوة بلويزا في قمة غضبها وتصرخ على بريندا التي تكتف ذراعيها وعلى وجهها حزنٌ يليق بملامحها الفاتنة.

وبيري تقف بالقرب من لويزا وتتحدث بإنزعاج هي الأخرى.
الصورة المناسبة التي كونتها لها في عقلي هي الشيطان، كانت وكأنها تزيد من حدة غضب لويزا بوساويسها.

تمسك ايفان بيدي قبل أن يلاحظننا وعندما فعلن ذلك توقفن عن الحديث ونظر ثلاثتهن لنا.

الوحيدة التي ابتسمت في وجهي هي بريندا أما لويزا وبيري كانتا على وشك الهجوم نحوي ونتف شعري.

مررنا من قربهن وحينها القى ايفان بسيجارته أمام لويزا وسحقها بقدمه وهو ينظر لها بتحدٍ ويبتسم بسخرية.

اتسعت عيناها الخضراء بدهشة ونظرت على الفور لابنتها.
شعرت بوقاحة وحدة موقفه خاصتًا عندما شهقت بيري بعدم تصديق بينما رمقهن الآخر بإستخفاف وجرني وراءه إلى الداخل.

همست له وأنا اتمسك بذراعه برعب خوفًا من أن تجر احداهن شعري بقوة: أين ذهب مدير المدرسة الذي حذرني من التنمر؟..

زم شفتيه وقال ببرود: لا اتذكر أنني حذرتك افعلي ما يحلو لك.

ابتسمت بشيطانية وتخيلت نفسي أصارع تلك البيري المقرفة وانجح في التغلب عليها فضرب جبيني بسبابته وقال: لا، ما بدر بذهنك للتو غير مسموحٍ لكِ بفعله.

ثم ترك يدي وتوجه حيثما يقف عمي جورج والسيد كاسبر.
لا تبدو كحركة رومانسية، لماذا شعرت بالخجل؟..
لمست مكان سبابته وابتسمت بشرود و...

أجفلت متراجعة للوراء عندما دخلت لويزا تمشي بسرعة وضربت كتفي بكتفها.
كورت فاهي بدهشة من فعلتها بينما أعقبت عليها بيري التي رددت كلمة متسولة وهي تمر من جانبي.

توقفت بريندا أمامي تبدل بصرها بيننا بتوتر ثم قالت بلطف: اعتذر حقًا.

وتحركت هي الأخرى بعيدًا عني.

لم يبدو أن احدًا من الحظور قد لاحظ فعلتهن هذه، ولذلك شعرت بالإحراج من الصراخ.

توقف جوشوا بقربي وأجفلت قليلًا من صوته فأنا لم أشعر بوجوده:  يبدو أنكِ لم تنالِ استحسان لويزا وبيري.

قهقه بخفة واعتذر مجددًا وناولني كأسًا من المشروب.

اردت إخباره أن ابنة شقيقته هذه تشبه قردة شقراء تقفز بلا عقل ولكنني عوضًا عن ذلك تظاهرت البرود وقلت: لا أهتم حقًا، ولكن أجد بعض الغرابة في كون أنه لم تمضِ ساعتان على رؤيتي للويزا وربما خمسة دقائق على ابنة شقيقك وكلتاهما تتصرف وكأنني ألد عدوة لهن.

ابتسم بهدوء وقال: لا أفهم حقًا تفكير النساء، فأنا أيضًا أتساءل لماذا قد يحقدن عليك وهن بالكاد يعرفنك، خاصتًا بيري صدقيني هي في غاية اللطف وتسيء فقط لمن أساء لها.

أظن أنه يجب علي إخباره أنها قردة مقرفة.
ارتشفت من المشروب وقلت مبتسمة وأنا أنظر لها: أتقصد أنني أسئت لها؟..

زم شفتيه وكأنه يخبرني لا أعلم وقال: أنا لا أعرفك، ولكن تلك الفتاة كبرت على يدي وأعلم جيدًا أنها لن تسيء لك من دون سبب.

ـــ حقًا؟.. هل أنت من قام بتربيتها؟..

أومأ وهو يبتسم بفخر فارتشفت ما بداخل الكوب دفعة واحدة وناولته الكأس وقلت بفتورٍ ساخر: اهنئك على فشلك الذريع في ذلك، شكرًا على المشروب.

والتفت تاركة إياه يقف بمفرده فإن بقيت لوقتٍ أكثر مع هذا المستفز لا استبعد أن أفقد أعصابي صارخة في وجهه هو وتلك المزعجة المدعوة ببيري.

وآخيرًا هاقد أتت اللحظة المنشودة العشاء، كم صبرت حقًا للوصول لهذه اللحظة، جديًا أنا أعشق الجوع الشديد الذي يليه وليمة شهية كهذه التي أمامي، وأنا بالكاد هنا أمنع نفسي من الهجوم على الطاولة التي لم يفرغ من ترتيبها بعد.

وعند الثانية عشر ليلًا اجتمعنا حول الطاولة، وجلست أنا بين ايفان ولوك وأمامي مباشرتًا دين وخطيبته الجميلة ووالدتها التي ورغم مكرها ولكنني لا انكر أنها تتمتع بجمالٍ وجاذبية فائقة.

المزعج هنا أن جميع الإناث حول الطاولة اكتفوا بأكل كمياتٍ صغيرة، وكم كان أمرًا شاقًا أن اتظاهر بأنني لست جائعةً أيضًا واكتفي بقوت العصافير الذي أمامي.

خاصتًا وأن المقرفة بيري قد استلمت وظيفة دين اليوم وأخذت تراقب طريقة أكلي بتركيزٍ شديد.

بجانبها كان عمها جوش ينظر لي أيضًا  وعلى وجهه تعابيرٌ منزعجة، وبجانبه هاري الذي يبدل بصره بيني وبين ايفان بارتباك، وبعد أن فرغت لويزا من لقيماتها الصغيرة تراجعت بظهرها إلى الوراء وثبتت بصرها علي بتحدٍ.

نظراتهم كفيلة بجعلي اتسمم من الطعام، وبالكاد تمكنت من بلع ما في فمي.
تبًا لهم لماذا ينظرون لي هكذا، لقد جعلونني أشعر أن أنفًا آخر نمى بالقرب من أنفي، ما الخطب بي بحق السماء؟..

....

حلت الساعة الواحدة صباحًا ولم يبدو على أي أحدٍ منهم النعاس أو حتى الرغبة في العودة إلى المنزل.

ما هذا العشاء العجيب إنها الواحدة صباحًا ولا يزال الجميع يتبادل اطراف الحديث دون كسلٍ أو ملل.

هذا كوب القهوة الرابع الذي أشربه في هذه الليلة المملة، نظرت للوك بقربي وقلت بضجر: لوك ألن يعود الضيوف إلى منزالهم اليوم؟..

ـــ بلى سيفعلون ولكن لا يزال الوقت مبكرًا على العودة.

ـــ حقًا إنها الواحدة صباحًا !..

زم شفتيه وارتشف القليل من قهوته وقال: عادتًا ما تستمر هذه التجمعات حتى الرابعة صباحًا.

ارتسم الاستنكار على ملامحي هنا، ما الذي يفعلونه حتى الرابعة صباحًا؟..

سحبت صحن المقمرشات الصغير الذي كان أمامي على الطاولة وبدأت الأكل منه بملل، شاركني لوك في ذلك وهمس لي: بيري لم تتوقف عن رمقك بكره، هل تشاجرتما؟..

حشوت الكثير من المقرمشات داخل فمي وقلت بغيظ: أخبرني تلك المزعجة معجبة بايفان أم ماذا؟.. لماذا تبدو وكأنها تنتظر أن تختلي بي وتقتلني؟..

قهقه بخفة وهو يلتقط قطعة شكولاتة داخل المقرمشات وقال: أشم رائحة غيرة هنا، ولكن أجل إنها كذلك، وكانت تطمح لأن يلتفت لها ويعجب بها ولكن الآخر لم يبدِ اهتمامًا.

رفعت حاجباي بدهشة فأعقب هو: أنا وهانتر من لاحظنا ذلك فقد كانت دائمًا ما تتصرف بغرابة عندما تكون بقربه، وأيضًا دائمًا ما تحاول أن تظهر أنها تحبه كعمها جوش وتريد مصلحته وتتدخل في كافة شؤونه.

كتفت يداي بضيق وقلت: ما مدى عمق علاقتها بكم؟..وأيضًا هذه المراهقة كم تبلغ من العمر؟..

قطب بانزعاج وقال: هيه هي في مثل عمري، وكونها تعشق حبيبك المتغطرس لا يعنِ أنها طفلة صغيرة.

ـــ ماذا أتدافع عنها الآن؟..

ــــ لا أدافع عن نفسي فأنا لستُ مراهقًا، من السوء أن تخبري شخصًا خاض تجاربًا مؤلمة كالتي خضتها أنه مراهق.

تنهدت بنفاد صبر وقلت:  وما شأنك أنت بتلك المقرفة؟..

رفع كتفيه ببساطة وعبث بخصلات شعره الكستنائي وقال: شعرت بالإهانة من حديثك، واجابةً على سؤالك الأول السيد كاسبر صديقٌ قوي لعائلتنا بالمختصر جدي يعتبره فردًا من هذه العائلة ودائمًا ما نجتمع معًا، وعائلة السيد جوهان كذلك، ولكن بعد مشكلة العام الماضي لم يعد هو وعائلته كما بالسابق والشيء الوحيد الذي لم يسمح لرابطة الصداقة هذه بالتفكك هو خطبة دين لبريندا.

مشكلة العام الماضي !.. لما لم أسمع أحدًا من قبل يتحدث عنها؟.. وأيضًا ألم يكن جدي معارضًا لزواج دين منها؟..

ـــ ظننت أن جدي يعارض هذا الزواج !..

أومأ وهو يتنهد بضيق: لا يزال يفعل، ولكن ما باليد حيلة، دين يعشق بريندا؛ وفقد عقله عندما عارض الجميع زواجه منها.

أردت سؤاله عن سبب الخلاف الذي قاد الجميع لرفض هذا الزواج، ولكن تحدثت لويزا وقد ابتسمت توًا فقط في هذه الليلة: إذن سيد ارثر لم يتبق سوى اسبوعان على زفاف ابنتي الجميلة وحفيدك العزيز دين، وأنت لم تقرر بعد مكان إقامة الزفاف.

انتقلت عيناي لتنظر إلى دين، وفعليًا هذه أول مرةٍ أراه يبتسم فيها، تمسك بيد خطيبته ونظر بحماسٍ لجدي ولا يزال المبسم الهادئ السعيد على ملامحه.

شعرت بلمحة حزن في عينان جدي ولكنه سارع يبتسم بلطفٍ ويقول: أين يود العروسان إقامة الزفاف؟..

اتسع مبسم دين السعيد ونظر لبريندا التي ابتسمت له بهدوء وقال: بالنسبة لي أفضل أن أقيمه هنا في حديقة المنزل.

تدخلت عمتي سكارليت قائلة بحماس: ولكن الجو سيبرد في الأسابيع المقبلة ومن المحتمل أن تهطل الأمطار.

ضحك بخفة وشعرت بإحمرار وجهه، من المستحيل أن ردة الفعل اللطيفة هذه قد بدرت منه.

تدخلت بيري وهي تحتضن بريندا المبتسمة من الخلف وقالت: وما المانع في ذلك يا سكارليت؟.. تخيلي معي كلاهما يرقصان ببطء أسفل الأمطار يا الهي سيكونان رائعان.

لاحظت أن مبسم بريندا كان باهتًا قليلًا ولم تشارك أفكار زفافها مع الجميع هنا، فلويزا اقترحت أن يقام على أحد الجزر ودين المتحمس لا يزال على رأيه.

شعرت بالملل من ثرثرتهم وبالحنق الشديد من بيري التي تنظر لي وهي تبتسم بنصر وكأنها تظن أنني لا أريد لهذه الزيجة أن تتم.

تسحبت من الغرفة وخرجت للحديقة بعد أن أخذت صحن المقرمشات معي.

قابلني فور خروجي ايفان كان يقف متكئًا على الجدار، لم انتبه أنه لم يكن معنا داخل الغرفة فقد اعتدت على تجمعات العائلة من دونه.

دين الذي وصل إلى المنزل قبل اسبوع بتُ اراه أكثر منه، اتساءل حقًا أين يقضي جل وقته؟..

ـــ لماذا خرجتي، الأجواء في الداخل تبدو مشرقة عكس البرد الذي هنا.

نطق بهدوء وهو ينفث دخان السيجارة رقم المئة في هذا اليوم.
نظرت ليده بضيق ثم قلت: ليست بالنسبة لي، لا زلت أشعر أنني لا انتمي إلى هذا المكان،  كما أن تلك المزعجة لم تشح بصرها عني.

لاحظت إنقباض وجهه وإحمراره وكأنه غاضبٌ من أمرٍ ما ولكنه يتظاهر الهدوء كعادته، كما أنه يضغط بقوة على كأس الشراب الذي بين يديه.

نفث الدخان وقال بهدوء: أنا أيضًا أشعر أنكِ لا تنتمين لهذا المكان.

ثبت زمرد عيناه الزرقاء علي، لا يزال يدعي الهدوء والبرود رغم ملاحظتي لكونه يغلي من الغضب.
وعيناه النعاسة كان الحزن أو ربما الخيبة واضحة بها.

ابتسمت على حديثه وقلت: ولماذا تجدني كذلك؟..

ـــ تبدين فتاةً غريبة بعيدة كل البعد عن هذه الحياة.

كتفت يداي وقلت بضيق: ولماذا أبدو غريبةً بالنسبة لك؟..وهل هذه الغرابة أمرٌ سيء أم جيد؟..

ارتشف من شرابه وقال وهو يزم شفتيه بلا مبالاة: أنتِ لا تبدين غريبة من وجهة نظري وحسب، أنتِ غريبةٌ بالفعل فطباعك جميعها تتصف بالغرابة، وبالنسبة لي أجده أمرٌ سيء فغرابتك هذه دائمًا ما تدفعك للتصرف بحماقة واندفاع وتضعك في مواقف محرجة أنتِ في غنى عنها.

الكاذب، ألم أكن مثيرة للإهتمام في نظره منذ أسبوعٍ مضى؟..

أشحت ببصري بعيدًا عنه وقاومت رغبة البصق في وجهه بسبب وجهة نظره بي.
هل حقًا يراني بهذه السطحية؟..تنفست بضيق مفكرة بالنظرة التي أراه بها، تبًا أنا حقًا أراه شخصًا مثالي مجرد من الأخطاء، رغم أنني أعلم جيدًا أنه ليس كذلك.
يا له من تنقاض فكرٍ مريب.

لم انتبه إلى أنه تحرك ليذهب حتى مر من جانبي، فسارعت أقول: لعلمك أنت أيضًا أغرب شابٍ قابلته بحياتي، وأيضًا أجد الأمر مزعجًا ومثيرًا للإستفزاز أيضًا.

التفت لينظر لي وضيق حاجبيه بتلك الطريقة الخاطفة للأنفاس وقال: هل سبق وتصرفت بحماقة معك؟..

فكرت قليلًا ولكنني لم أجد، زميت شفتاي وقلت: لا ولكن...

ـــ إذن لماذا تقودك غرابتي للإستفزاز؟..

هاهو ذا يفعل هاهو يقوم باستفزازي دون أن يتعمد ذلك.
عضيت على شفتي بحنق وقلت: أتعلم فقط أغرب وجهك عني ولا تتحدث معي سوى في وقت الضرورة.

كان من الواضح أنه يحاول نسيان غضبه وضيقه بالثرثرة معي، فايفان الذي أعرفه كان سيرمقني ببرودٍ شديد ويذهب متجاهلًا إجابتي بكل بساطة، ولكنه الآن اقترب مني أكثر وتوقف أمامي مباشرتًا وقال: ها أنتِ ذا تتصرفين بإندفاع وعدوانية، لمجرد أنكِ شعرتي بالضيق من وصفي لكِ بالغريبة.

ــــ  كان من المفترض أن تصفني على أساس أنني فريدة من نوعي وغريبة بشكلٍ جيد، لا أن تجعلني أشعر أنني ككائنٍ عجيب يمشي من دون عقل.

ـــ لا أراك فريدة من نوعك تبدين شخصًا أقل من عادي بتصرفاتٍ غريبة.

تحدث ببساطة قادتني للغضب هذه المرة، فاقتربت منه أكثر وقلت بغيظ: هل أنت ثمل، أم تدعي الغباء؟..ثم أنا لستُ شخصًا عاديًا أنا فتاةٌ رائعة مميزة عن جميع الفتيات بفكري وجمالي ولبقاتي ولا انتظر شخصًا مثلك ليقيمني.

ضحك بخفة وهو يتراجع برأسه للوراء فحبست انفاسي في تلك اللحظة، لم أكن أعلم أنه يوجد من ينافس القمر جاذبية.

اتسعت عيناي برعب على فكري المنحرف واسرعت أقوم بصفع وجنتاي بخفة بينما هو تقدم أكثر مني فاصلًا المسافة الضيئلة التي كانت بيننا.

أمسك بخصلة من غرتي وقال وهو يتأملها بهدوء: ما الذي حدث لها؟..

ـــ حسنًا أنا جميلة ورائعة بإستثناء غرتي فقد أسئت قصها منذ شهران وأصبحت أعاني منها.

ـــ أوافقك الرأي.

نظرت له بعدم تصديق، هل وافق على كوني جميلة ورائعة بإستثناء غرتي؟..

فغرت بدهشة تزامنًا مع صدح أصوات ضحكات الجميع ومن ثم سمعنا بيري تصيح قائلة بإستمتاع: لا يمكننِ وصف كم كانت تعابير دين غبية وهو يرى بريندا تجرب فستان الزفاف كان أحمقًا حقًا وهو يفغر فاهه بعدم تصديق.

بلل هو شفتيه وشعرت بقبضته تزداد قوة على غرتي وقال بفتوره المعتاد وهو ينظر للسماء: إذن أيتها الجميلة بغرة مريعة ما رأيك أن نجعل هذه الكذبة أمرًا حقيقي؟.

#يتبع..
اعتذر عن الأخطاء...

رأيكم بالبارت؟..

Continue Reading

You'll Also Like

3.9K 336 7
قال لي والدي يوماً: "أنتِ تعيشين في يوتوبيا، في عالمٍ مثالي، حيثُ الناس لُطفاء ولا أحد يؤذي الآخر، حيثُ السلام الدائم. وهذا مُستحيل. هذه الفكرة وحدها...
45.4K 3.6K 41
- مكتملة - تبدأ قصتنا في عصر توحد فيه العالم تحت راية واحدة يحكمها إمبراطور قام بصنع ما يعرف ب «الجنود الخارقين» حتى يضمن بقائه في الحكم. هؤلاء الجن...
164K 19.6K 32
سأنتظرُ الواحد و الثلاثين من ديسمبر، سأنتظرُكَ. - هاري ستايلز. { قصة قصيرة }
164K 14.9K 19
- مكتملة- × بريطانيا العظمى تتآلق في حلة العصر الفيكتوري، بداخل أرجاء قصرٍ جميلٍ ومترامي الأطراف في ريف ويلفيرتون تدور روايتنا... كانت سارا ويلفيرتون...