بنصف القلب

By R-yana_20

138K 9.4K 4.2K

.... ماهو شعور كلوديا، عندما تتفاجئ بعد مرور سنواتٍ على وفاة والدها برغبة عائلته؛ في التكفل برعايتها هي وشقيق... More

.الفصل الأول.
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن..
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الثاني عشر
. الفصل الثالث عشر.
.الفصل الرابع عشر.
.الفصل الخامس عشر.
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر.
..الفصل الثامن عشر..
.. الفصل التاسع عشر..
الفصل العشرون.
..الفصل الواحد والعشرون..
..الفصل الثاني والعشرون..
|الفصل الثالث والعشرون|
{الفصل الرابع والعشرون}
﴿الفصل الخامس والعشرون﴾
﴿الفصل السادس والعشرون﴾
{الفصل السابع والعشرون}
(الفصل الثامن والعشرون..)
|الفصل التاسع والعشرون|
|الفصل الثلاثون|
[الفصل الواحد والثلاثون]
«الفصل الثاني والثلاثون»
«الفصل الثالث والثلاثون»
{الفصل الرابع والثلاثون}
✦الفصل الخامس والثلاثون✦
|الفصل السادس والثلاثون|
{الفصل السابع والثلاثون}
﴿الفصل الثامن والثلاثون﴾
{الفصل التاسع والثلاثون}
«الفصل الأربعون ما قبل الآخير»
الفصل الواحد والأربعون والآخير.
Note
احداث اضافية الفصل الأول.
احداث اضافية الفصل الثاني
احداث إضافية الفصل الثالث
احداث اضافية الفصل الرابع
﴿أحداث إضافية الفصل الآخير﴾

.. الفصل الحادي عشر..

2.7K 215 93
By R-yana_20

قراءة ممتعة، ولطفًا منكم لا تنسوا الڤوت💛

فور دخولي إلى المنزل، استمعت إلى ضجة قوية مصدرها غرفة المعيشة على يسارنا.

كان صوتٌ لشابٍ ما يصرخ بقوة وعمتي سكارليت تصرخ معه.
يبدو أنهما يتشاجران، وقد ازداد ارتباكي فور سماعي لصراخهما.

وقد شعر عمي جروج بالمثل وقال وهو يدفعني من كتفاي لنتوجه إلى الدرج: دعينا نصعد إلى الأعلى بسرعة.

ـــ تمهل اللحظة، من هذا الذي يصرخ؟..

لم يجبنِ، وأكمل دفعي حتى صعدت أول درجتين ولكنني توقفت عن الحركة عندما سمعت الشاب يقول:  بحق الجحيم ما الذي تريدونه مني؟.. بدايتًا تعارضون سعادتي لأنني سأتزوج من فتاةٍ أحبها، والآن تستغلون غيابي بضم هاذان المتسولان إلى عائلتنا.

ـــ انتظر قليلًا، انه يقصدني أنا وبيتر بحديثه هذا أليس كذلك؟..

تساءلت وأنا أنظر لعمي بريبة، انتظرت أن ينفي حديثي هذا؛ ولكنه لم يفعل وصرخت عمتي سكارليت هنا بحزم: أرى أنك تصبح أكثر وقاحةً مع  الأيام يا دين، هاذان اللذان دعوتهما بالمتسولان هما أشقاءك ي...

ــــ اللعنة توقفي عن تكرار هذه الكلمة.

رمقت عمي جورج برعب انتظر منه تبرير ما نطقا به قبل قليل، ولكن الآخر أطرق برأسه ينظر للأرض بأسى وقال: اعتذر حقًا، لم أقصد إخفاء الأمر.

لستُ بقادرة على فهم ما سمعته قبل قليل، ولا أشعر أنه حديثٌ قابلٌ للفهم أساسًا

نزلت الدرجتين وتوجهت إلى الغرفة بخطواتٍ مبعثرة، أشعر بحرارة تغزو جسدي الذي بدأ في الإرتجاف بقوة، كل ما ينتابني في هذه اللحظة هو الخوف وحسب.

دفعت باب الغرفة ودخلت إليها، كان جدي يجلس بكل هدوءٍ على الأريكة الزرقاء ولم يبدو لي أنه مكترث بصراخ هذا الشاب.

رفع زرقاوتيه نحوي ورمقني ببعض الأسى ثم تنهد وعاد ببصره إلى كفيه المتشابكتين.

انتقلت عيناي بالنظر نحو الشاب الطويل ذا الشعر البني المحمر، بدى نسخة ذات طرازٍ فخمٍ وحديثٍ عن أبي، شعرٌ يشبه شعر بيتر وأبي وعينان خضراوتان وبشره بيضاء وطولٌ فارع، ولكن نظرته كانت سيئة للغاية كانت مرعبة لم تكن تشبه نظرة أبي العطوفة.

هجم الشاب نحوي فور أن رأني وصرخ بي بهستيرية: اوه أنتِ إذن ابنة ذاكين المجرمين،  لستُ مسرورًا بمعرفتك والآن خذي شقيقك الصغير وأغربي وجهك بعيدًا عن عائلتنا.

دفعني بقوة خارج الغرفة حتى كدت أن أسقط ولكن عمي جورج أسرع في امساكي وادخلني مجددًا إلى الغرفة وهتف به بغضب: دين توقف عن هذه التصرفات الرعناء، بيتر وكلوديا جزءٌ من عائلتنا أعجبك ذلك ام لا، لن أسمح لهما بترك المنزل ولن أسمح لك أنت تحديدًا بمحاولة إزعاجهما.

ضحك الشاب الذي أمامي بسخرية واستغرق الضحك لعدة لحظات حتى رددت عمتي سكارليت اسمه ببعض القلق.
مسح دموعًا كثيرة من عيناه ثم تنهد وهو لا يزال مبتسمًا واحمر وجهه بالكامل وأخذ يحوم في الغرفة بتوتر.

خلع سترته السوداء ورماها أرضًا وركل طاولة صغيرة بجانب احدى الأرائك ثم بدأ في الصراخ بقوة.

تمسكت بعمي جورج بخوفٍ دون أن أشعر،  ورددت ببعض القلق: من، من هذا؟..

رمقتني عمتي سكارليت ببعض الشفقة بينما توقف هو عن الصراخ والتفت بسرعة نحوي وكأنني فريسة ما انتبه لوجدها توًا وينوي الإنقضاض عليها.

تحرك نحوي وقال مبتسمًا بكره: تردين معرفة من أكون، دعيني أخبرك أنا المسخ الذي لفظاه والديك المجرمين وألقيا به بعد أن قتلت والدتك العزيزة أمها لتفر هاربة مع عشيقها والذي يصادف هنا أنه والدك..

عن ماذا يتحدث ومن يقصد باتهاماته هذه؟.. هل يقصد والداي بهذا الكلام المريب؟... محال لابد من أنه يكذب.

افلت شهقة دون أن أشعر وقلت بحدة:  كاذب أنت لست سوى مجرد كاذبٍ لعين.

ـــ الكاذب اللعين يا عزيزتي هنا هو أنتِ، أغربي وجهك عن منزلنا وعن حياتنا واذهبي لتكملي حياة الجوع والفقر التي صنعها لكما والديك العاهري...

لم يكمل حديثه فقد هجمت عليه بكل قوة وصفعته، أردت إكمال هجومي وقتل هذا الوغد الذي يفتري الكذب على والداي ولكنني لم افلح فقد أسرع عمي جورج في إمساكي وسحبي إلى خارج الغرفة.

كان الآخر ينوي رد الصاع أيضًا والهجوم علي وهو يردد كلمة سافلة لولا جدي الذي صرخ باسمه بحدة.

بدأت في البكاء بقوة، بكيت كما لم أبكي من قبل حاول عمي عناقي ولكنني ضربته هو الآخر ودفعته عني وأنا أنعته بالكاذب.

تحركت أنوي العودة إلى الغرفة لقتل حفنة الأوغاد التي قامت بخداعي ولكنني فوجئت ببيتر يقف في ركنٍ صغير بجانبها ويبدو أنه استمع لكل شيء.

توقفت عن ذلك وأسرعت نحو أخي وأمسكت بيده أجره معي إلى الخارج.

لم يعارض ولم يتحجج بالبقاء ولم يسألنِ عن سبب هذه الجلبة، أرجح وبقوة أنه في صدمة مماثلة لصدمتي.

لم أبصر أي شخصٍ منهم، حاول لوك كثيرًا منعي من الخروج وكذلك عمي جورج وربما عمتي سكارليت أيضًا ولكن دموعي كانت تحجب الرؤية عني.
كل ما كنت أبصره هو وجه ذاك الدين الحاقد، وكل ما قمت به هو الصراخ بقوة وضرب أي شخصٍ يعترض طريقي للخروج.

وقد نجحت آخيرًا في الخروج من منزلهم القذر هذا، وأخذت أقسم أنني لن أعود له مجددًا مهما كلفني الأمر.

....

لا أدرِ إلى أين أخذتني قدماي، كل ما أعرفه أنني أخذت أمشي وأبكي حتى شعرت بالتعب منهما.
التقطت عيناي نافورة كبيرة في ساحة للحمام كان قد أخذني إليها لوك في أحد المرات.

جريت أخي ورائي وذهبت إليها، جلست فوقها بعد أن خلعت حذائي وغمست قدماي بها غير مكترثة بنظرات الناس من حولي.

أرجح أنهم يظنون أنني مجنونةٌ ما فأنا أراهن أن وجهي تورم بالكامل بسبب البكاء ولا أدرِ لماذا أشعر بأت شعري مبعثر.
جلس بيتر بقربي بطريقة عكسية ونظر لقدماي وقال بريبة: هيه كلوديا أفهم حزنك ولكن أنتِ تسببين احراجًا لي اخرجي قدماك من مياه النافورة القذرة.

مسحت دموعي ولم أجبه، بينما تابع هو بهدوء:  أشعر بالجوع الشديد، كان علينا سرقة بعض المال قبل أن نخرج من المنزل.

ـــ بيتر توقف عن الثرثرة ارجوك.

رفع خضراوتيه نحوي وقال وهو يتنهد بقلة حيلة: لقد سمعته يقول أن والداي قتلا شخصًا م...

وضعت يدي على ثغره وقلت بحدة: انسى أمر هذا الكاذب، وانسى أمر هذه العائلة بالكامل سنعود إلى منزلنا ولن نرَ وجوههم القذرة مجددًا.

ــــ ماذا إن لم يكن يكذب؟..أهذا يعني أننا مطالبون من قبل العدالة؟..أقصد هذا يدل على أننا ابناء مجرمان و...

قاطعته وقد بدأت في البكاء بقوة وقلت: بيتر توقف أرجوك، أنا لا أعلم إن كان كاذبًا أم لا ولا أعلم من يكون حقًا، لقد قال أنه شقيقنا وقال كلامًا مريبًا للغاية، لا يمكنني تصديقه، ولا يمكنني تجاوز حديثه هذا أيضًا.

زم بيتر شفتيه بذهول ثم مرر أنامله على مياه النافورة وقال: هو كبيرٌ للغاية كيف له أن يكون شقيقنا؟..

راقبته ببعض الريبة كان هادئًا للغاية وغير مكترث بما حدث، بل بعد أن التزمت الصمت ورفضت إجابته أخذ يثرثر عن رغبته في السباحة داخل مياه البحر التي أمام الساحة التي نجلس بها.

مسحت دموعي وقلت: لماذا أنت هادئٌ هكذا؟.. ألست غاضبًا منهم؟..لقد أخفوا عنا أمر هذا المدعو بدين، وقاموا بخداعنا بكل بساطة.

تجاهل اجابتي عن سؤالي وأسرع يطرح سؤالًا آخر: يبدو أن شقيقنا الجديد لا يحبذ أمر وجودنا، أتعلمين أشعر بالحماس لمصادقته،  أتظنين أنه سيعتبرنا كأخوةٍ له عندما نعود إلى المنزل؟..

ــــ لن نعود إلى منزلهم، وستتجنب التحدث مع ذاك الوغد المسمى بدين و...

ــــ ألم تقولي أننا لن نعود إلى منزل جدي؟..إذن كيف سأتجنب الحديث معه ونحن لن نراه مرتًا أخرى؟..

صمت قليلًا ثم تأففت بغيظٍ ودفعته عني فهو دائمًا ما ينجح في اظهاري في صورة الفتاة الغبية ثم عادت دموعي بالنزول مجددًا وقلت: سنعود إلى منزل أبي، وستعود حياتنا السابقة كما كانت، قدومنا إلى هنا كان خطئًا فادحًا ما كان يجب علينا الوثوق بهم.

ـــ كلوديا نحن لا نمتلك مال العودة إلى مدينتنا، وأيضًا مفتاح منزلنا لا يزال في منزل جدي وهاتفك أيضًا وملابسنا و...

صرخت بغيظٍ وقلت: بحق السماء لماذا لم تخبرنِ بكل هذا قبل أن نخرج من منزلهم؟..

رفع كتفيه وتمتم بهدوء وهو ينهض من مكانه: محقة سيبدو مظهرنا محرجًا ونحن نعود لمنزلهم لطلب المال بعد أن خرجنا منه متظاهرين بالغضب، وأيضًا أنتِ كنتِ غاضبةً للغاية وخفت أن تقومي بضربي بقوة إن طالبتك بالتوقف.

ثم أخذ يقلدني عندما كنت أصرخ في وجه الجميع وأدفعهم عني بعنف.

أعلم أنه يبالغ في وصفه الآن فقد قام بصنع تعبيرٍ لوحشٍ ما وجعل نبرو صوته مخيفة وأخذ يسرد علي ما قمت بفعله قبل قليل.

ورغم ذرفي للدموع ولكنني لم أمنع نفسي من الضحك، بيتر هو الشيء الوحيد الذي أعيش لأجله، ولم أوافق على قدومي معهم سوى لرغبتي في منحه حياتـًا أفضل.
والآن وهاقد عدت إلى نقطة البداية كيف سأمنحه هذه الحياة؟..

ربما علي العمل بجدٍ أكثر ربما علي العودة لرجاء صاحب متجر الأحذية الذي تركت العمل لديه بعد أن وبخته على معاملته الكريهة معي وأنني لم أعد بحاجة إلى ماله بعد اليوم الذي ذهبت لجمع حاجياتي أنا وبيتر من منزلنا.
أو ربما أقوم ببيع منزلنا والقدوم إلى هنا وأبحث عن شقة صغيرة للإيجار وأبحث عن عملٍ ما لأوفر مالًا أكثر لحياة بيتر، فثمن منزلنا يعتبر بخسًا نوعًا ما لوقوعه داخل مدينة نائية.

فكرة تليها الأخرى ولم أشعر بالوقت من حولي وبيتر بدأ يتذمر ويزعجني وهو يردد أنه يشعر بالنعاس والجوع بدأ يتمكن منه.

ماذا سأفعل الآن، أيجب علي العودة إلى هناك لأخذ أغراضي؟..لا رغبة لي حقًا في رؤية وجوههم، ولكن إن لم أعد سأنام أنا وشقيقي على الرصيف.

شعرت بشخصٍ ما يجلس بجانبي ولكنني لم أعره اهتمامي، فخلال الساعات التي قضيتها هنا جلس الكثير من الأشخاص بقربي، وبعضهم ألقى نكاتٍ تافهة على مظهري وطريقة جلوسي، والجالس الجديد هنا كان واحدًا منهم.

«اتساءل حقًا، عن العلاقة التي تجمعك بمياه النافورة»

نظرت على يساري حيثما جلس ايفان بقربي، لم أتمكن من رؤية عيناه فنظارة سوداء كانت تغطيها ولكنني التسمت  السخرية في نبرة صوته.

ـــ هذا ليس من شأنك أغرب وجهك عني؟..

أسرع بيتر هنا يقف أمامه ويقول: كيف وجدتنا؟..

ناولته اهتمامي هنا فزم شفتيه وهو يرفع رأسه للسماء وقال: اوه لم أفعل ذلك، خالي أرسل أحد عاملي الإسطبل لتتبعكما منذ البداية وهو الذي اتصل بنا وأخبرنا أن كلوديا تفكر في الإنتحار مجددًا داخل النافورة.

هذا حقًا ما كان ينقصني، سخرية هذا المستفز بجانبي.
زمجرت بحدة وأنا أحاول دفعه بعيدًا عني: إن كنت هنا للمزاح والسخرية فأغرب وجهك عني.

أبعد يدي عن كتفه بكل هدوء ثم نفضه وكأن ملمسي له خلف غبارًا ما ثم قال ببرود: لستُ هنا للمزاح، أنا هنا لإعادتكما إلى المنزل.

ــــ اوه حقًا أنت رائع أرجوك سأموت من التعب والجوع ه...

ـــ بيتر أصمت، وأنت أذهب من هنا نحن لسنا في حاجةٍ لك.

رفع حاجبيه وابتسم بسخرية وقال: لشقيقك الصغير رأيٌ مختلفٌ عن رأيك.

نظرت إلى بيتر الذي كان يرمق ايفان وكأنه متسولٌ ما ينتظر أن يشفق ايفان عليه، فتنهدت بقلة حيلة بينما أشار ايفان بيده لشخصٍ ما وهو يقول: أفهم غضبك، ولكن في ظل ظروفك هذه الفرار وترك المنزل أسوأ قرارٍ يمكنك اتخاذه.

ــــ أخبرتها ولكنها لم تستمع لي وقالت أننا سنعود إلى منزلنا و...

أخرسته وأنا أنظر له بحدة، فأطرق رأسه ينظر إلى الأرض بينما شعرت بألمٍ في رقبتي لإلتفاتي لهم،  ورغبت حقًا في تعديل وضعية جلستي ولكن مظهري سيكون محرجًا أمام ايفان.

توقف رجلٌ ما يرتدي بدلة سوداء أمام ايفان وتحدث الآخر بهدوء: خذ بيتر إلى المنزل وأخبر جدي أن كلوديا ستبقى معي لبعض الوقت.

أومأ الرجل العملاق بهدوء وأمسك بكف بيتر فأسرعت أخرج قدماي من النافورة وقلت وأنا أنهض بإندفاع: تمهل لحظة من أنت وإلى أين تأخذ أخي؟..

ارتبك الرجل أمامي وحاول التحدث ولكن ايفان أسرع يقول بانزعاج: لا تعرهَ اهتمامك فقد خذ الفتى إلى المنزل.

التفت له بغضب أنوي قتله بينما كان هو يجعد وجهه بقرفٍ وإنزعاج فعندما خرجت من النافورة يبدو أنني قمت ببله دون أن أقصد.

تملكني الإحراج في هذه اللحظة وتراجعت عن فكرة الشجار معه، أخذ الرجل بيتر معه وأردت اللحاق بهما ومنعه من أخذ أخي ولكن ايفان نهض من مكانه وسحبني من يدي لأجلس وقال بنفاد صبر: أيمكنك الهدوء قليلًا، والتوقف عن افتعال هذا الشغب في كل مرةٍ اتحدث بها معك؟..

سحبت يدي منه بعنفٍ بينما نظر هو إلى حذائي وأشار له: من فضلك ارتدي حذاءك ودعينا نذهب من هنا.

ــــ  أريد البقاء بمفردي.

ــــ ألا تودين سماع قصة شقيقك البكر؟..

تساءل وهو يبتسم بهدوء فامتلئت حدقتاي بالدموع مجددًا هنا، لقد حاول منذ البداية تنبيهي لأن عائلة أبي تخفي أمرًا ما عني، ولكنه لم يخبرنِ بذلك بشكلٍ  واضح.

رفعت عيناي نحوه وقلت: لماذا لم تخبرنِ؟.. كنت تلقي بتلميحاتك طوال الوقت ولم تكن صريحًا معي، كنت سأتقبل الأمر لو علمت به منذ البداية م...

إنحنى ليمسك بحذائي وسحبني من يدي مجددًا لأنهض وتحرك بي وهو يقول: ليست مشكلتي أنكِ حمقاء لم تستنتج الريبة من اسئلتي والآن هيا لنذهب من هنا.

تمسكت بذراعه وأخفيت وجهي بها وأنا أشعر بالإحراج من المارة فأنا أمشي حافية هاهنا.
شعرت بتصلب جسده بعد حركتي هذه فأسرعت أهمس من بين دموعي: أكمل سيرك وكأنني لم أفعل شيء.

واصلنا سيرنا حتى توقف وطلب مني الإبتعاد لركوب السيارة، ابتعدت عنه فوجدت سيارة سوداء مرتفعة من الواضح أنها حديثة الطراز
تذكرت حديث لوك في أول لقاءٍ لي بهم عن سيارات ايفان فقد حذرني الوغد من تلويثها بقدماي المتسختان.

صعدت بهدوءٍ داخلها، كانت رائحتها تشبه عطره وامتزجت مع معطرٍ لطيف الرائحة، شعرت بالراحة وأنا استنشقها بينما جلس هو بجانبي وقال: أيوجد مكانٌ محدد تردين الذهاب إليه؟..

ـــ لا أعرف المناطق هنا، ولكن خذني إلى مكانٍ يمكنني الشعور بالهدوء به.

حتمًا أنا بحاجة ماسة إلى قسطٍ من الراحة أو ربما النوم في مكانٍ دافء لساعاتٍ طويلة أنهض من بعدها لأجد أن كل شيءٍ على ما يرام وأن ما مررت به لم يكن سوى حلمٍ طويلٍ مزعج.
التزم الصمت طوال الطريق، وقد كان ذلك مريحًا بالنسبة لي، فتبادل الحديث معه دائمًا ما يربكني.

سلكت سيارته طريقًا مختلفًا عن الطريق العام، كان طريقًا واسعًا وقد بدى لي أنه منطقة سكنية فقد كانت المنازل على يميني ويساري.
انعطف يسارًا في نهاية المنطقة ومشى قليلًا إلى الأمام.

أحبت عيناي تأمل هذه المنطقة فقد كانت المنازل هنا فخمة وذات طرازٍ حديث، لطالما أحببت الفنون المعمارية وعشقت تصاميمها ولكن ظروفي المادية ومستواي الدراسي لم يسمحَ لي بدخول كلية الهندسة.

توقفت سيارته أمام منزلٍ جميلٍ للغاية،  نزلت له قبل أن يأذن لي بذلك.
كانت أمامه مساحة لا بأس بها لا يمكننِ وصفها كحديقة بقدر ما كانت تحفة فنية يتوسطها حوضٌ كبير تتسرب المياه بداخله من حائطٍ ذا خلفية رخامية سوداء وإضاءة زرقاء.

كانت الصخور الخضراء الشبيهة بصخور البحر قد ملئت الحوض وحقًا رغبت كثيرًا في ادخال قدماي بداخله وقد قرأ أفكاري عندما مر من جانبي وقال ساخرًا: لا، لا يمكنك الإنتحار بداخله.

ــ حقًا يبدو جميلًا دعني أبقى قليلًا هنا.

تجاهل إجابتي فتبعته وأنا أنظر لباقي تفاصيل المنزل، مساحة عشبية على اليسار واليمين توسطها طريقٌ حجري يشبه الرصيف وأحببت كثيرًا الإضاءة الخافتة التي كانت تنير قاعدة الممر الحجري الذي أمشي فوقه.
قادني الممر إلى المنزل الذي سبقته درجتين على مساحة الشرفة ذات الرخام السكري قبيل الباب، أحببت تفصيل منزله الذي بدى لي أن أغلب جدرانه من الزجاج وهذا أكثر تصميمٍ أحبه.

توقفت أمام الباب البني العملاق ذا الحواف الذهبية وقام هو بفتحه، دخلت من بعده فهذا الوقح لم يدعونِ إلى الدخول قبله.

فغرت بإندهاش وأنا أنظر للمكان وقلت: جديًا هذا أجمل منزلٍ رأيته بحياتي كلها.

ألقيت بحذائي عند الباب وتقدمت لأتفحص تفاصيل المنزل بإهتمام، بدى مثالًا مدهشًا عن التصميم العصري الأنيق.
مطبخٌ كبيرٌ في أقصى يسار المنزل ذا لونٍ رماديٍ باهت وآخر داكن، تمكنت من رؤية تفاصيله بوضوح فقد بدى لي أنه أجمل شيءٍ هنا.
رغبت كثيرًا في العبث بإكسسوارته الفضية ولكن لفت انتباهي أمرٌ أروع منه.
الآرائك الوردية الباهتة التي شغرت منتصف المنزل أحببت تناسق وسائدها الردماية والتحف الفضية التي وضعت فوق طاولتها الزجاجية.
التفت مبتسمة لأنظر إلى ركنٍ واسع أسفل الدرج وضع به بيانو رمادي كبير وسبقه كنبة بيضاء طويلة.

مر من جانبي ونزل الدرجتين التي أمامي وقال: أعجبكِ حقًا؟..

أومأت وأنا أتحرك نحو المطبخ وقلت: أنه رائع، يبدو أنك تمتلك ذوقًا رفيعًا.

توقفت عند الرخامة التحضيرية وجلست على أحد مقاعدها بينما دخل هو إليه وقال متجاهلًا ثنائي: ماذا تشربين؟..

ـــ صودا إن توفرت لديك.

أخرج علبة صودا من الثلاجة ووضعها أمامي مع كأسٍ زجاجي أيضًا.
فتحتها ورويت بها حلقي بينما جلس وسكب من الصودا في كأسه الزجاجي.

ارتشف منها بهدوء والتزم الصمت لعدة لحظات، فضلت فيهن عدم التحدث أيضًا. لا ادرِ لماذا دائمًا ما أجد نفسي عاجزة عن التحدث عندما أكون معه، أشعر أن أي شيءٍ سأتفوه به سيبدو غبيًا في نظره.

انتشلني من شرودي عندما وضع الكأس بقوة على الرخامة متعمدًا إصدار صوتٍ مزعج ثم قال بضجر: ستلتزمين الصمت كثيرًا؟.. أنتِ حقًا في غاية الملل.

ارتشفت من الصودا وقلت: من الذي جلبني إلى هنا وأراد التحدث معي؟.. أنا أم أنت؟..

ـــ أنتِ هي الشخص الذي كان نهاره عصيبًا اليوم، عليك البدأ بالثرثرة والبكاء ثم تقومين بعناقي وتخبريني أن لا أتركك بمفردك وبلا بلا، تعلمين تلك الأمور التي تحدث بالتلفاز.

ضحكت على سخريته رغم شعوري بالغيظ منه وقلت: عشت لثلاثة وعشرون عامـًا ولم يسبق لي مشاهدة هذا الهراء في أي عملٍ تلفزيوني، جديًا عليك معالجة خيالك المريع هذا.

تبسم ضاحكًا بخفوت فشعرت حينها بإضطراب قلبي، ه‍ذه المرة الأولى التي يضحك بها على حديثي.
ربما كانت ضحكته ليست جدية ولكن هذا لم يمنعنِ من الشعور بطيفٍ من السعادة.

رفع زرقاوتيه الداكنة نحوي وقال مبتسمًا بهدوء: إذن لا عناق لي اليوم؟..

ـــ بكيت لمئات المرات في حياتي ولم يسبق لي أن أعانق أحدهم، أشعر أن الأمر مقرف أتعلم دموعك تسيل وأنفك كذلك ويبدو مظهرك مريعًا وسيبدو موقفًا محرجًا للغاية عندما ألاحظ تلوث قميص الشخص الذي بكيت على كتفه.

هذه هي وجهة نظري ودائمًا ما ارفض عناق أي شخصٍ لي عندما أبكي، ويبدو أنه شعر بغرابتها من تعابير وجهه المستنكرة، التزمت الصمت انتظر تأييده لحديثي ولكنه قال بتقزز: وصفك مقرفٌ حقًا.

زميت شفتاي بلا مبالاة بينما تنهد وهو يعبث بخصلات شعره السوداء ثم قال وهو يثبت بصره على كأسه: إذن، ألن نتطرق بالحديث عن دين؟..

بللت شفتاي بإرتباك، حقًا لا رغبة لي في الحديث عنه أو سماع اسمه ولكنني وجدت نفسي أقول: لماذا أخفيتم الأمر عني؟..

ـــ جدي أراد ذلك، فشقيقك العزيز كان يتوعد بترك العائلة إن قام جدي بضمكما لها ولم يكن موافقًا على تواجدكما بها.

ــــ ألهذا السبب لم يكن متواجدًا طيلة الأسابيع الماضية؟..

تبدلت ملامحه في هذه اللحظة لأخرى غامضة لم أتمكن من قراءتها ولكن من المؤكد أن هذه التعابير الغريبة لم تكن تبشر بأنه يشعر بالراحة.

زفر وهو يقول بفتور: أجل

ضغطت على العلبة بغضب شديد كم رغبت حقًا في العودة إلى ذاك المنزل القذر وقتله،  من يظن نفسه ليرفض وجودنا أنا وبيتر: فلينعم بعائلته إلى الأبد منذ صباح الغد سأخذ أخي وأعود إلى مدينتنا بعيدًا عن كل هذا الهراء الذي حدث معنا هنا.

تبسم بإستخفاف وقال: ظننتك لن تفرطِ في حياة الرفاهية التي خضتها في الأسابيع الماضية بعد الفقر الذي كنتِ تعشين به.

أيحاول التقليل من شأني أم ماذا؟.. تقدمت قليلًا لأقوم بزجره بغضب ولكنه أعقب على الفور بنفس ملامحه الساخرة: أخبريني كيف ستعيشين؟. ستعودين إلى البيع في متجر الأحذية العتيق ذاك؟.. أم للعزف في الشوارع؟.. مهلًا لحظة ماذا عن مستقبل شقيقك الصغير كيف ستضمنين أنه لن يهدم كمستقبلك؟..

ألجمتني كلماته حقًا، رغم قساوتها ولكنها واقعية أكثر من اللزوم، ولكن مع هذا لن استسلم سأعمل بجدٍ و...

ضحك بعد أن ارتشف من كأسه وقال وكأنه قرأ أفكاري لتوه: جديًا كلوديا العمل بشكلٍ مضاعف لن يوفر لكِ الحياة التي وفرها جدي لشقيقك دون أي مجهودٍ منه، أتردين منه أن يحظى بشهادة سخيفة لا قيمة لها من معهد الموسيقى الصغير في قريتكم التي تلقبينها بالمدينة، كوني أكثر تفهمًا للحياة كلوديا بوظيفتك وشهادتك هذه لن تتمكنِ من منح بيتر الحياة التي تحلمين بها له.

تراجعت لأجلس ببعض الإنكسار، فهو محق لا يمكننِ تحقيق أي شيء مهما عملت أو اجتهدت لن أصل إلى رفاهية حياتهم هذه.
استرسل وهو يحرك كأسه والعلبة بملل: كما أنكِ لم تعدِ الوصي الشرعي الوحيد على ذاك الصغير، بإمكان دين الآن بكل سهولة أن يحظى بوصايته أيضًا، هذا إن أراد الإنتقام منك فهو من بعد صفعة اليوم سيعتبرك من ألد أعداءه، بالإضافة إلى أن جدي لربما يتطرق إلى هذا الحل أيضًا إن بقيتي على موقفك هذا، كما أن منزلك الصغير هناك لم يعد ملكًا لكِ أنتِ وبيتر وحسب لدين أيضًا حصة به ولا استبعد أن يطالبك بها ويقوم ببيعه لكي فقط ينتقم لنفسه.

شحب وجهي هنا برعبٍ من كلماته، كيف لي أن لا أفكر بكل هذا، أو بالأحرى كيف فكر هو بكل هذا؟..

ابتسم على تعابيري تلك ثم قال وهو يخفض نبرة صوته ويتقدم مني: وكل هذه الخيالات لن تتحقق إن فكرتي قليلًا بالمنطق قبل إتخاذ قرارك بالرحيل، ووافقتي على مساعدتي لك.

رددت كلماته الآخيرة بتساؤل فبلل هو شفتيه ورفع حاجبيه وقال: لا تظنِ أن التعامل مع دين سيكون بتلك السهولة، خاصتًا وهو يكن حقدًا شديدًا نحو والديكما بعد أن تركاه رضيعًا وراءهما، وسيكون انتقامه عبرك وعبر بيتر الصغير، ولأنني أدرى الناس به فأنا يمكنني توقع تصرفاته الرعناء ويمكنني أيضًا حمايتك منها فما رأيك؟..

حديثه هذا يفتقر المنطق، لم أفهم شيئًا منه ولم اتخيل يومًا أنني سأجلس جلسة كهذه وشخصٌ ما يعتبرني ألد أعداءه.

مسحت دمعة فرت من عيناي وقلت: ألا يمكننا سلك طريقٍ آخر بعيدًا عن لغة الإنتقام التي لا أفهمها؟.. أعني في نهاية الأمر لا أظنه سيؤذي أخويه بعد كل...

ــــ إن كان حقًا يعتبركما كأخوين له لما قام برفض قدومكما ولما قامت العائلة بأسرها بإخفاء أمر وجوده عنكما، جدي بنفسه كان خائفًا من إخباره بقدومكما لأنه يعلم أي الأمور السيئة هو بقادرٌ على فعلها، لذا لا تظنِ أن تفكير عالمك الوردي هذا سيجني نتيجةً معه.

تحدث بإنفعال أجفلني، بدى وكأنه يحاول غزو رأسي بهذه الكلمات ولا يمكننِ نكران نجاحه في ذلك.
تمكن الرعب مني أكثر وقلت: أهو سيءٌ إلى هذا الحد؟..

ابتسم هنا ولم يتحدث، وقد بدى مبسمه هنا هو الأمر السيء بالنسبة لي، رفع حاجبيه وقال: الخلاصة من حديثي هذا، أتردين مني أن أساعدك أم لا؟..

ـــ لماذا ترغب في مساعدتي؟..

نظف حلقه وصمت لعدة لحظات، كتف ذراعيه وظل ينظر لي بشكلٍ مطول اربكني حقًا، وقد قرر الآن أن يتحدث آخيرًا وقال: لا يمكننِ نكران أنكِ أثرتي اهتمامي منذ أول ليلة لكِ بمنزلنا، لقد أعجبت بك حقًا وفكرت بيني وبين نفسي طالما أنني سأتزوج من فتاةٍ يريدها جدي، فلما لا أتزوجك أنتِ فتاةٌ جميلة وذات شخصية فريدة والأهم أنها تثير أعجابي، لذا كلوديا أتقبلين الزواج بي؟..

أيًا كان ما ثرثر به الآن، من المؤكد أنه يكذب علي أم أنني أحلم.

#يتبع

اعتذر عن  الأخطاء
رأيكم في البارت؟..

وماهي توقعاتكم للبارت القادم؟.. 

Continue Reading

You'll Also Like

1M 18.6K 58
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" الذي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...
3.8M 56.8K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
549K 17.9K 34
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
499K 22.6K 34
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...