رواية فرصة اخيرة .. الجزء الث...

By SolafaElsharqawey

138K 3.4K 411

أشار إليها بالاقتراب فأطاعت في مرح وعفوية سكنت حدقتيها تسأله عم يريد فيبتسم بمكر ويعدل من وضع نظارته الشمسية... More

المقدمة
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر ج١
الفصل العاشر ج٢
الفصل ال١١
الفصل ال١٢
الفصل ال١٣
الفصل ال١٤
الفصل ال١٥ ج١
الفصل ال١٥ ج٢
الفصل ال١٦
الفصل ال١٧
الفصل ال١٨
الفصل ال١٩
الفصل ال٢٠
صور الشخصيات
الفصل ال٢١
الفصل ال٢٢ ج١
الفصل ال٢٢ ج٢
تنويه هام 💫🌷
الفصل ال٢٣
الفصل ال٢٤
الفصل ال٢٥
الفصل ال٢٦
الفصل ال 27
الفصل ال ٢٨
الفصل ال ٢٩ ج١
الفصل ال ٢٩ ج٢
الفصل ال٢٩ ج٣
الفصل ال٣٠ ج١
الفصل ال٣٠ ج٢
الفصل ال٣١
الفصل ال٣٢ ج١
الفصل ال32 الجزء الثاني
الفصل ال ٣٢ ج٣
الفصل ٣٣ الأخير
تنويه ❤️🌹
الخاتمة
تنويه ✨💖
تنويه ✨💖
أعلان
بوست للتوثيق
اعلان نزول المعرض
معرض الكتاب
أعلان هام
حفل توقيع
اليوم العالمي للمرأة
فقرات رمضان
مفاجأة
العيدية 😉
نوفيلا العيد
بنات عرفان ( رواية ورقي جديدة)
(بنات عرفان) الاقتباس الاول
بنات عرفان
معرض دار الاوبرا
معرض السويس الاول
الصالون الدولي للكتاب بالجزائر
معرض الشارقة
أقتباس
عيد سعيد

الفصل الاول

9.5K 121 13
By SolafaElsharqawey

حلقاته برجالاته إن شاء لله يعيش  إن شاء لله يعيش

يكبر يبقى في وسط أخواته جن مصور زيه مفيش

يا رب يا ربنا .. تكبر وتبقى قدنا .. تلعب وتجري زينا وتبقى أشطر مننا

بريلا بريلا ضحكة أمة وفرحة أبوه

أصغر واحد في العيلة رشوا الملح عليه و ارقوه

تعالا صوت الزغاريد من العاملات بالبيت الكبير وهم يرددون كلمات الأغنية معها بصخب وسعادة تعالت في نفوسهم

تلك الأغنية المعتادة بسبوع المواليد الجدد والتي صدحت عاليًا عندما طل هو وزوجته التي حملت الصغير بين يديها واتسعت ابتسامتها وهي تتلقى التهاني بقدوم مولدها الجميل ،

احتضنه أخوه بحبور وهو يبارك لهما بسعادة حقيقية ، دفعهما بلطف ليدورا وبعض المتواجدين من خلفهم وخاصة الأطفال اللذين رحبوا بتلك الدائرة وهو يستقبلون الشموع التي وزعت عليهم بغزارة وهم يهتفون مع الأغنية بمرح طفولي أشعره بالسعادة

تطلع إلى والده الذي أخذ مكانه بجانب زوجته يكاد أن يقفز فرحًا وهو يحمل طفله ويدور به بجانب ياسمين التي ضحكت بسعادة على بعض كلمات قالها أباه .

نظر إلى باب القصر الكبير وبعض الشخصيات الهامة تتوافد منه ، ليبتسم بتوتر وهو يرى وائل الذي طل منه بملامح متجهمة ونظرات زائغة ، بجواره فاطمة التي تتأبط ذراعه بسعادة وهي تتأمل أجواء الحفل بحبور .

ابتسم وهو يتلقى عناق والدته التي باركت له باحتفاء وهي تنضم إلى والده الذي أهمل الجميع دون عاصم الحفيد الصغير الذي أتى بعد كثير من الانتظار

تهلل وجهه فرحًا وهو ينظر إلى أمير الذي دلف لتوه وبرفقته ليلى ليهم بالتحرك إليهما ولكنه تعثر بالصغيرة جنى و زوجة أخيه التي ابتسمت له بود عندما التقط جنى بين ذراعيه ليحملها فوق كتفيه عاليًا ويمرح معها  ،تأفف بغيظ  وهو يلتفت إليها بعد قليل  : ألم يستطع أخيك الحضور أبكر يومين عن موعد عودته حتى يحتفل معنا ؟!

ابتسمت برقة وهي تحيي الحضور برأسها : أنت تعلم أنه لن يتأخر عنك برغبته وليد فلا تغضب منه .

زفر قويًا : أعلم ولكني اشتقت إليه هذا السمج ،كيف حاله ألا زال كما هو ؟!

_ بخير والحمد لله ، آها كما هو لم يتغير البته صامد وقاسي كالجبال ، ألم يخبرك أحمد أنه سيأتي تلك المرة بعد إلحاح أمي عليه ، فهو لا يريد العودة وتحدث عن وظيفة هناك هي جل مبتغاه ، ولولا مرض ماما ما كان أتى ولا رفض تلك الوظيفة اللعينة .

لوى وليد شفته بضيق ليهمس : لازال على قناعاته القديمة إذن .

هزت رأسها بأسى لينفخ هواء صدره بأكمله ثم يبتسم باتساع للصغيرة التي تتحدث بكلمات سريعة لا يفقه منها شيئًا التفت للخلف عندما شعر بكف أخيه التي وضعت على كتفه وهو يقول : أرى أنك تهمل ضيوفك يا أخي العزيز وتقف هنا مع صغيرتي و والدتها .

ضغط وليد فكيه بقوة وقال : اصمت أحمد من فضلك ، فأنا ضائق من الأساس ، أخبرني ما الذي يفعله سيادة الوزير ؟ لقد شعرت وأنا أدلف الى القصر أني سأتزوج من جديد ، أهذا احتفال بقدوم مولود جديد ! أنه عرس على الطريقة المصرية القديمة ؟!

قهقه أحمد ضاحكًا وابتسمت ولاء برقة، في حين زفر بحنق ملأ عينيه وهو يتبع : توقفا عن الضحك من فضلكما وأخبرني أنت يا دكتور كيف عليّ التصرف مع تلك الأعداد الغفيرة من البشر الآتيين لتهنئتي وكأني أول من أنجب على سطح الأرض ؟!

تعالت ضحكات أحمد مدوية لتلتفت زوجته من حولها : توقف أحمد عن الضحك أنت تلفت الأنظار إلينا .

عبس وليد بغضب فعلي وقال وهو يهم مبتعدا عنهما : أكان ينقصني أنت  الآخر أحمد ؟!

تمسك أحمد بساعدة قويًا ليمنعه من الابتعاد عنه و يقول من بين ضحكاته : انتظر وليد .

نزع ساعده منه وقال وهو يتحرك فعليًا : ابتعد عني يا أخي ، أنا أشتكي إليك ضائقًا وأنت تضحك مستمتعًا .

تبعه أحمد بخطوات واسعة وقال بهدوء وهو يجبره على الوقوف معه :  انتظر فقط وسأخبرك

اكتسبت نبرته الجدية وهو يتبع : أنا أتفق معك في أن الحفل غير مناسب للاحتفال بقدوم صغيرك بل هو مبالغ فيه أيضًا من وجهة نظري ونظرك و لكن من وجهة نظر بابا أنه الاحتفال المناسب لقدوم أول حفيد ذكر لعائلة الجمال ، أنه حفيد جديد .. وريث جديد .. ذكر سيحمل اسم العائلة والإمبراطورية بأكملها .. ولي عهد لمُلك والدك الذي فقد الأمل في الحصول عليه .

عقد وليد حاجبيه وهو ينظر إليه مستفهما فابتسم أحمد بهدوء ليهمس : لقد فقد ابي الأمل في زواجك أنت أو وائل في نفس التوقيت الذي رفضت فيه أنا إرهاق ولاء بحمل جديد وخاصة أن حملها غير مستقر تقريبًا ومرهق لها نفسيًا وجسديًا .

نظر إليه وليد مستنكرًا وهتف بضيق : ما هذا الهراء ؟!

قاطعه أحمد بإشارة من يده بأن عليه الانتظار قليلًا: لا ألوم أبي فرغم سعادته بجنى إلا أنه صارحني بأنه يريد حفيد ذكر يرث ملكه كله .

ابتسم رغمًا عنه وهو ينظر إلى زوجته وابنته : فأجبته أنا بالرفض وأخبرته حينها أن لديه ولدين آخرين عليه أن يجبرهما على الزواج والانجاب من أجله .

التفت لينظر إلى أخيه ويقول: فكنت أنت أول من لبى النداء .

أشار إليه بيديه : وها هو يعبر عن سعادته بقدوم عاصم وليد عاصم الجمال وريثه اسميًا وفعليًا ، فشاركه سعادته واسترد ما تنازلت عنه منذ زمن يا أخي ،همس بجدية وهو يضغط بكفه على كتف وليد برفق - انظر من حولك ، أنت بكر عائلة الجمال أهدى للعائلة بأكملها ولي عهد جديد لعرشها فامتلأ زهوًا اليوم فهو يوم استردادك لمكانتك أنت الآخر كبكر آل الجمال .

اتسعت عينا وليد بدهشة امتزجت بعدم تصديق ليهمس بذهول بعد أن غادره أخيه : لقد جن أحمد لا محال .

.........

طرق الباب وانتظر قليلًا إلى أن دعته للدخول رغم أنه وجد الباب مفتوحًا ولكنه يؤثر ارضائها ، ابتسم بمودة : هل أنتِ متفرغة ؟!

__ تفضل يا باشمهندس ، كيف حالك ؟!

__ بخير والحمد لله ، تقدم للداخل إلى أن أصبح يطل عليها من عياؤه ، نهضت واقفة لتشير إليه بالجلوس فأشار بالنفي : لا أريد  ، بل جئت أطلب منكِ خدمة أتمنى أن تلبيها لي .

لمعت عيناها باستفهام وهي تمتم بأنها ستفعل ما يريده إذا كان بمقدورها

ومضت رماديتيه ببريق مبتسم : وجود تلك الدعوة سيسهل الأمر كثيرًا !!

نظرت إلى دعوة الحفل الذي لن تذهب إليه ، والتي وصلتها عن طريق ليلى لترمش بعينيها سريعًا وهو يتبع بأنه يريد منها مرافقته له ، فهو لا يحبذ تلك الحفلات ولكن من الضروري ذهابه ليس فقط من أجل المشروع الجديد القائم بين الشركة وبين مجموعة شركات الجمال ولكنه سيلبي الدعوة بدلًا من أبيه !!

ازدردت لعابها ببطء وهمت بالرفض ولكن ابتسامته الهادئة و رجاءه الحاني الذي لمع بعينيه جعلاها تومئ بالموافقة رغم عدم اقتناعها !!

.........

هتف بحبور وهو يخرج من دورة المياه يجفف خصلاته بمنشفه صغيرة فتتناثر قطرات المياه من رأسه : ديدي ، مديحة

أتبع وهو يقف أمام المرآه يمشط شعره ويهتف مرددًا : ديحة .

تأففت بصوتٍ عالٍ وهي تدلف من باب الغرفة : أوف محمود توقف عن مناداتي بتلك الكُنية الفلاحي .

ابتسم بسماجة ونظر إليها عبر المرآه لتتسع ابتسامته وهو يستمع إلى شهقتها المستنكرة وهي تندفع نحوه ، تحمل ملابسه وتقول بغضب فعلي : ألم أخبرك ان تتوقف عن الخروج من دورة المياه عاريًا ؟!

أتبعت وهي تسحبه من كفه لتجبره على الجلوس أمامها على حافة الفراش : ستصاب بالبرد يا دكتور، تأففت بضيق وهي تعاونه في ارتداء ملابسه- لا أفهم سر عدم استماعك للكلام  !

نظر إليها بعينين ضيقتين ليهمس وهو يكتنف خصرها بكفية : حتى أستمتع بدلالك أمنيتي .

قفزت كالملسوعة مبتعدة عنه وهي تغمغم بعصبيه : توقف .

مط شفتيه باستياء لينظر إليها من بين رموشه ويقول بصوت حاد رغمًا عنه : حسنًا ارتدي ملابسكِ لقد تأخرنا بالفعل .

لوت شفتيها وتبرمت : لا أفهم إصرارك على حضور هذا الحفل

تحرك باتجاه المرآه مرة اخرى ليقول وهو يمشط شعره : لابد من ذهابي إليه فأنا أوطد علاقات العمل .

هتفت سريعًا : حسنًا اتركني هنا فلا داعِ من حضوري معك .

زفر قويًا وهو يرمي فرشاة الشعر بنزق فترتطم بالمرآه وتسبب بعضًا من الفوضى بمنضدة الزينة  : سأنتظرك في الخارج .

قالها قاطعة غير قابلة للنقاش فارتجفت رغمًا عنها فهي باتت تعلمه جيدًا

تعلم متى عليها الصمت فهو وصل إلى ذروة غضبة ومتى عليها المضي في طريقها فهو لازال مستمتعًا بمشاكستها ، رمشت بعينيها وهي تتذكر كم كلفتها تلك المعرفة فهي دفعت ثمنها غاليًا في ذات يوم لم تستطع السيطرة على لسانها فأودى بها إلى طريق لا عودة منه !!

ازدردت لعابها ببطء وهي تنظر إلى نفسها بمرآة الزينة لتجبر دموعها على الصمود وهي تباشر ارتداء ملابسها حتى لا تغضبه أكثر من ذلك .

.........

تمسكت بساعده قويًا واقتربت منه متلمسة تلك الثقة التي تملأها بقربه وهي تراقب الأخرى التي خطت بخيلاء نحوهما متأبطة ذراع زوجها الذي يميل عليها هامسًا بشيء فتضحك بغنج متأصل بشخصيتها

رفرفت برموشها وهي تحاول السيطرة على ذاك التوتر الذي يعتريها لتتنهد بخفوت وهي تشعر بكفه يحط على يدها التي ضغطت على ساعده رغمًا عنها !!

رفعت نظرها إليه فابتسم لها بحنو وعيناه مملؤتان بعتب قوي أخفضت بصرها خجلًا وهي تتكأ بجبينها أسفل كتفه تريد الاختباء به همس برقة : ارفعي رأسك حبيبتي .

بللت شفتيها بتوتر لتمتثل إليه حينما دوى صوت رجولي ذو نبرة ماكرة من حولهما : مرحبًا يا سيادة الرائد كيف حالك ؟!

ابتسم أمير بفخامة كعادته ليصافحه بقوة بعد أن تخلت هي عن ساعده بضيق لم يغفل عنه : مرحبًا وائل ، أنا بخير والحمد لله كيف حالك أنت ؟!

أتبع وهو يقربها منه مرة أخرى يبث لها دعمه الخفي : مبارك ما أتاكم .

أطبق وائل فكيه بقوة ليبتسم بمجاملة ويقول: الله يبارك فيك العقبى لكما .

التفت ليبتسم الى ليلى باتساع ويتبع : تشرفنا بقدومك يا هانم .

__ الشرف لنا يا باشمهندس .

بللت الأخرى شفتيها لتهمس بلباقة : مرحبًا أمير ، أهلًا ليلى،  سعيدة برؤيتكما اليوم .

شبكت أصابعها بأصابعه بعفوية ، ليضغط على كفها بحنو ويقول بهدوء : نحن الأسعد يا هانم ، التفت من حوله ليتبع- أين أبا العريس لم أره إلى الآن ؟!

تنفس وائل بقوة ليبتسم أمير بارتياح وهو يستمع إلى الصوت القادم من وراءه : خلفك تمامًا يا أميرنا الهمام .

التفتا على الفور لتبتسم ليلى باتساع وعينيها تتألقان بسعادة حقيقة وهي تنظر لابنة عمها التي تحمل الصغير بين يديها وتقول بحماس : ليلى اشتقت إليكِ أيتها الخائنة .

اقتربت منها ليلى على الفور تقبلها بسعادة وتحمل الصغير بين ذراعيها تقبله بلطف وتقربه من صدرها في حنو ، في حين اقتربت ياسمين من الترحيب بفاطمة ووائل  وأمير الذي بارك لها بسعادة هي و وليد .

ابتسمت ياسمين وهي تقترب من ليلى : أرى أنكِ وقعت في غرامه.

ضحكت ليلى: من النظرة الأولى جاسي أنه رائع .

صاح وليد بمرح  : انظر يا سيادة الرائد أتى من سينافسك عند ليلتك .

ابتسم أمير بغيظ وهو يتابع حنو ليلى على الصغير : اصمت من فضلك  .

ضحك وليد ليرقص له حاجبيه بإغاظة فيبتسم أمير بخفة : مبارك قدوم ولي عهدك يا صديقي، حفظه الله وبارك لك فيه ، وجعله سندًا صالحًا لك .

__ اللهم آمين ،  العقبى لك يا صديقي ،نظر إلى أخيه ليتبع- ولك أنت الآخر وائل .

ابتسم وائل ابتسامة لم تسطع بعينيه : إن شاء الله في القريب العاجل .نظر إلى فاطمة من بين رموشه : أليس كذلك تامي ؟!

توردت وجنتيها لتنظر إليه بغيظ وتهمس بخفوت شديد : وقح .

قهقه ضاحكًا وهو يضمها من خصرها اليه ليهمس لها بمكر : اشتقت إليها يا ابنة السفير .

رمشت بعينيها سريعًا وتلك الضحكة التي التمعت على شفتيها تختفي ويحل بدلًا منها حزن آلم قلبه ، فيسب نفسه بقوة ثم يقبل طرف رأسها بحنو ويهمس : المعذرة تامي .

تمتمت بخفوت وهي تطرد هذا الخواء بعيدًا : لا عليك ويلي .

تنفست بقوة لترسم ابتسامة أجادت صنعها وهي تقول بمرح : هلا سمحت لي ياسمين بحمل الصغير .

اشتدت ذراعي ليلى حوله تلقائيًا في حين همست ياسمين بمرح : بالطبع فاطمة فأنتِ زوجة عمه حبيبتي .

نظرتا الاثنين إلى ليلى التي لاح الرفض على وجهها  وتمسكت بالطفل  فهمست ياسمين بخفوت : أعطيها إياه ليلى .

هزت ليلى رأسها برفض صريح وقالت : أخشى أن توقعه أرضًا .

نظر إليها وائل بصدمة  وهو يقترب من فاطمة بدعم ظهر جليًا  في حركة جسده المنتصبة ، في حين انتبها الرجلين الآخرين إلى الوضع الناشئ أمامهما وليلى التي صدح رفضها جليًا فاقترب أمير منها ونظر لها بعتب قوي ، لتتمتم بجدية وهي تقترب من فاطمة : احمليه جيدًا واحذري .

عقدت فاطمة حاجبيها بغضب لتقول بكبرياء : لا تخشي شيئًا يا أستاذة فأنا من حملت أحمد وهنا قبلما تحملهما منال نفسها .

أشاحت ليلى برأسها غاضبة و ياسمين تقف بالمنتصف تراقب الوضع بعدم فهم وتنظر إلى وليد الذي هز كتفيه بمعنى لا أعلم لينتبهوا جميعًا على صوتها الرقيق الذي صدح من خلفهم : من يأتي بسيرتي؟!

تنفست ياسمين بقوة وقالت : منال .

نظرت لها منال بتعجب وهي تشعر بشيء مريب حييت البقية برأسها وكلماتها المجاملة لتقترب من ياسمين وتبارك لها وتسألها بعينيها عما يحدث فأشارت الأخيرة برأسها إلى الاثنتين لتهمس : لا أفهم ما يحدث بينهما .

زفرت منال بقوة وقالت : لا عليكِ .

اتسعت ابتسامتها وهي تقترب من ليلى تقبلها وتسألها عن أحوالها تخبرها باشتياقها هي وأحمد وهنا وتدعوها للقدوم وقضاء يوم معهم جميعًا

قالت بثقة : ستسعدين أنا متأكدة ،أتبعت بدلال فطري - اسمح لها يا سيادة الرائد .

صدح صوت بجانبها ذو لكنه مميزة : لن يستطيع الرفض اليس كذلك يا بك ؟!

ضحك أمير بخفة وقال : وهل أستطيع يا خواجة ؟!

صافحه خالد بقوة وهو يقترب من الجمع يحي وليد ويبارك له ويومئ بالتحية لليلى وياسمين لتتسع ابتسامته والخبث ينضح بمقلتيه يشع بضوء أزرق ناري وهو يقترب من فاطمة ويهمس بلغته الأصلية : برفكت ، شكلك رائع يا صغيرتي وأنتِ تحملين الصغير .

ضحكت بدلال وهي تتجه إليه وتقول بعفوية : انظر إليه خالد أنه رائع وسيم كوالده وجذاب كوالدته .

تعالت ضحكة رجولية بنبرات مرحة من خلفها وصاحبها يقول : هناك من يغازلك وليد وعلنيًا أيضًا .

توتر جسد وائل وانتصب بوقفته وهو ينظر إلى عيني شقيقه الصغير الذي اقترب منهم وهو يحمل صغيرته فوق كتفيه ، في حين اضطربت عينا وليد بعفوية وهو يسترق النظر إلى ياسمين التي ابتسمت بطبيعية و قالت : إذن ففاطمة تغازلني أنا أيضًا أحمد .

تنحنحت فاطمة بخفة لتهمس : على الأرجح أنا أغازل عاصم الصغير فقط لا غير .

ضحك أحمد قويًا ليقول : دائمًا يعجبني ذكائك الحاد تامي .

أتبع بخفة وهو يبتسم بمكر ذكرها بوائل : وتمتعني ردودك سريعة البديهة.

رفعت له حاجبها بغرور لتهمس : لم ترى شيئًا يا دكتور إلى الآن .

صاح بقوة وهو يحدثها بالإنجليزية : مرحى يا زوجة أخي هذه الروح المطلوبة

ضحكت باستمتاع وهي تغفل عن هذا الواقف يراقبها بعينين ضيقتين يشعر بالغضب يجري بأوردته وهو ينظر إليها تقف بجوار خالد الذي يبتسم ببرود كعادته تضاحك شقيقه المرح بطبيعته ، تضم الصغير إلى صدرها وكأنها ملكت العالم باسره ، ضيق بصره وهو ينظر إلى هذا الصغير الذي استحوذ على الجميع حتى والده وهو يفكر بأنه كان من المفترض أن يكون طفله هو من يكون بمكانه ليكون ولي عهد مثالي لملك آل الجمال !!

انتبه من أفكاره الخاصة على صوت أحمد الذي صدح  قويًا : أيؤرقك شيئًا يا شقيقي العزيز؟!

رفع نظره على الفور ليرمش بعينيه مخفيًا هذا الآتون المشتعل بداخله ، ابتسم بسماجة وهمس : آها ، نعم أشعر بالغيرة من هذا الصغير الذي تحمله زوجتي.

أتبع بمكر اعتراه فلون ملامحه بطريقة فريدة لم تراها من قبل : فهو اقترب منها فعليًا أكثر بكثير مما فعلت أنا .

ران الصمت عليهم ثقيلًا بعد أن تحكمت ليلى في شهقتها الضائعة بداخلها ، منال وياسمين تنظران إليه بتعجب امتزج بدهشتهما في حين كتم أحمد  ضحكته بصعوبة بالغة وجمد وجه كلًا من أمير وخالد وهما يرمقانه بنظرات اشعلت أحداقهما ، ضغط وليد شفتيه بقوة وهو يلعن أخاه الذي تلبسه شياطينه اليوم في حين ابتسمت بغنج وهي تنظر إليه تحاول أن تستشف ما يعتمل برأسه لتهمس ببساطة  وتقترب منه ثانيةً تخطو إليه بدلال وتنظر إليه بمكر : ولن تقربها أبدًا يا ابن الوزير لازال على عرسنا ثلاثة أشهر فلا تظهر بمظهر البائس قبل الموعد على الأقل بأسبوعين .

انفجر أحمد ضاحكًا وهو ينظر إليها بإعجاب صادق في حين احتقن وجه ليلى قويًا وهي تخفضه أرضًا ، ازدانت وجنتي ياسمين باحمرار طفيف وهي تنظر إلى زوجها الذي كتم ضحكته بصعوبة – والتي سطعت من عينيه بتألق عسلي مميز ، احترامًا لخالد الذي انتفخت أوداجه غضبًا ومقلتيه يشتد سوادهما ، ضغطت منال شفتيها بحنق وهي تهز رأسها بياس في حين أشاح أمير برأسه بعيدًا ووجهه يعلن عن ضيقه مما يحدث !!

كح وليد بلطف ليقول محاولًا اضفاء بعضًا من البهجة في صوته : أين زوجتك يا دكتور ؟!

ضرب أحمد جبهته بيده : لقد نسيت ، فأنا أتيت لأصحب ولي العهد وأبويه فسيادة الوزير يطلب حضورهما لالتقاط صورة التشريفة الجديدة لوريثه الوحيد .

أطبق وائل فكيه بعنف وهو يلتفت إلى أحمد بحدة ويهتف رغمًا عنه : إلى الآن .

التمعت الابتسامة الماكرة على شفتي أحمد ليقول بمرح : آها بالطبع يا شقيقي العزيز إلى الآن ،

أتبع وهو يقترب منه مفتعلًا ضحكة رائقة وهو ينظر إلى مقلتي وائل اللتين اشتعلتا بغضب فعلي : ناهيك طبعًا أنه سيظل أبكر الوارثين وسيتمتع بحقه هذا أبد الآبدين .

احتقنت أذني وائل قويًا وهو ينظر إلى شقيقه بعينين اشتعلتا بغضب أهوج ليهمس أحمد بخفوت : أحببت ان أذكرك فقط يا وائل فعاصم سيظل أبكر أحفاد عائلة الجمال من الذكور .

تنفس بقوة ليردف : فالوقت يا شقيقي العزيز لا نستطيع الانتصار عليه أبدًا .

لمع الحقد بعينيه قويًا فالتفت أحمد مديرًا إليه ظهره ليبتسم لفاطمة ويقول : هيا أعطي الصغير لياسمين حتى تذهب هي وزوجها ليتوجا طفلهما ملكًا قادم .

ابتسمت فاطمة برقة وهي تناول الصغير لأمه في حين ابتسم أحمد وهو يراقب وائل بعينيه الذي ينظر إليه بغضب لم يستطع التحكم فيه ليقول أحمد بخفة : ألن تأتي وائل ، أنت تعلم التقاليد لابد أننا سنلتقط صورة كبرى تجمع أفراد العائلة كلها وبالطبع ستحتل الجانب الأيمن كعادتك بجوار أبي .

التفت ليبتسم إلى فاطمة بصدق : هيا فاطمة أنتِ الأخرى ، فأنتِ الآن فعليًا من آل الجمال ، حتى محمد خطيب إيمان سيشاركنا الصورة  .

حملت ياسمين عاصم بين يديها لتنظر إلى وليد المراقب لما يحدث أمامه ليس غافلًا عما يفعل أحمد ولكنه لم يشأ التدخل بين أخويه ،

همست له وهي تقترب منه : ماذا يحدث وليد ؟!

نظر لها بشرود ليهمس وهو يكتنف خصرها بكفه يدفعها برفق للسير بالفعل : لا أعلم ولكني سأفهم قريبًا .

.........

ترجلت من سيارتها لتقف باستعراض اعتادت عليه وهي تنظر من حولها عن كم السيارات المصفوفة بجوانب القصر جميعها ، لفت نظرها سيارة تعرفها معرفة جيدة فابتسمت وهي تنظر إلى المترجل منها ، يشد قامته بطريقة خاصة به وهو يرتدي سترته التي أكملت اناقة صاحبها !!

التقطتها رماديتيه قبل أن تخطو إليه فابتسم بخفة ليقترب منها بخطوات حاسمة : حسنًا ، أنتِ هنا ؟!

__ نعم كما ترى ، أنا هنا .

__ لماذا لم تخبريني عن ذهابك إلى حفل حفيد الوزير ؟!

مطت شفتيها باستياء : لم تأتي فرصة وأنت لم تسألني ، رغم وصول الدعوة لك منذ يومين

اقترب ليرتكن على سقف سيارتها الصغيرة بمرفقه : لم أتذكر إلا بالصباح وغادة تخبرني عن مواعيدي اليوم ، هاتفتك لأسالكِ إذا كنت ستحضرين ولكن سيادتك لم تعيريني أي اهتمام ؟!

رفعت حاجبيها بمكر : أتعاتبني الآن ؟!

__ بل أشرح لكِ . هيا بنا .

مد ساعده أمامها لتنظر إليه قليلا وتقول : أتعلم كم الصحف التي سيكتب عن وصولنا الحفل سويًا ؟!

تأملها قليلًا : نعم أعلم ، هل تهتمي بما سيقولنه وشائعاتهم الغبية عنا ؟!

زفرت بقوة : لا أهتم بالفعل ولكن ..صمتت فأتبع هو بتفهم : بلال .

أومأ ت برأسها ايجاب إيجابًا فقال بهدوء : على راحتك سأدلف أنا أولًا واتبعيني بعد قليل .

ضحكت بسخرية : سيتحدثون رغمًا عنا ، فالمسافة القصيرة بين دخولنا ستعطيهم مساحة أكبر للحديث ليس إلا !!

هز كتفيه بمعنى لا حل لدي لتشد جسدها بصلابة وتهمس بمكر : لنعطيهم بعض الصور نسكتهم بها .

__ هذه هي فتاتي ، صاح بمرح وهو يمد ساعده لها مرة أخرى فتأبطت ذراعه وهي تبتسم باتساع ، تظهر سعادتها وهي تسير بجواره ضاربه بكل شيء عرض الحائط .

........

نظر إلى طاقم العمل من حوله وهم يتحركون سريعًا يعملون بكل طاقتهم ، صاح بصوت مرتفع : اسرعوا قليلًا ، فموعد تقديم الطعام اقترب ، فهم الآن يتخذون الصور التشريفية للعائلة .

زفر قويًا ليشير إلى بعض الندل من أمامه : هيا أنتم تحركوا للخارج وقدموا بعض المشروبات والمقبلات .

خطى باتجاه رئيس الطهاة ليسأله بجدية : كم تبقى لك من الوقت؟!

ابتسم الرجل الوقور برزانه وقال : الطعام بأكمله جاهزًا يا مستر نحن ننتظر فقط اشارتك لنا بالتقديم .

ابتسم بثقة ليهمس : أنتم طاقم عمل من الدرجة الأولى يا عم حسني .

شكره الرجل بلباقة وهو يشيد بحسن إدارته للعمل على أكمل وجه ليومئ له برأسه ممتنًا ، اتسعت ابتسامته حينما لمحها تقترب منه ، تتهادى بقوامها الممشوق وملابسها البسيطة تبتسم باتساع وتشير إليه بحبور طفلة صغيرة وجدت ضالتها ، تحرك باتجاهها لتحتضن كفيه بيديها وتهمس بسعادة : من حسن حظك أننا وسط  الناس وإلا لكنت قبلتك على وجنتيك موني .

احتقنت أذنيه بقوة وهو يضيق عينيه بجدية هامسًا مثلها : توقفي عن المزاح من فضلك .

ضحكت بخفه : أعلم انك تخجل سريعًا يا اخي العزيز ولذا لن أفعلها

تجاهل حديثها عمدًا ليقول مراوغًا : أرى أنكِ أتيتِ .

تنهدت قويًا : آها نعم لقد هاتفتني ياسمين صباحًا ودعتني للحضور وأبلغتني أن لا سبيل لرفض الدعوة .

ابتسم بلا مبالاة :حسنًا اذهبي قبل أن يراك أحدهم معي ويتهامس عن تلك المدعوة التي تقابل أحد طاقمي العمل من الخدم .

اتسعت عيناها بغضب فعلي لتبتعد عنه في حدة : حسنًا ايمن لنا حديث آخر عندما تعود إلى المنزل فمن الواضح أنني أغرقتك دلالًا يا فتى .

لمعت عيناه بوميض ماكر سرعان ما اختفى وهو يدير ظهره إليها : حسنًا موعدنا بالبيت يا باشمهندسة .

كتمت صوتها بداخلها في صعوبة وهي تتوجه إلى ياسمين لتبارك لها وتعود إلى المنزل فهي لا تحبذ التواجد في تلك النوع من الحفلات !!

***

تنحت جانبًا بعد أن باركت لياسمين التي قابلتها بود اشعرها أنها قريبة منها ، وأزال توترها ولو قليلًا ، تأملت القصر من حولها بانبهار حقيقي لمع بعينيها وتساؤل خفي صدح بعقلها ، كيف وصلت إلى هنا ؟!

لا زالت تذكر ذاك اليوم البعيد الذي هاتفتها إحدى زميلاتها من شركة الديكور لتخبرها بأن هناك من يطلب فتاة تستطيع الرسم والتعامل مع اللوحات لتكن مسئولة عن جاليري يقع في الزمالك ، ورغم بعد المسافة عن مسكنها إلا أنها رحبت بالفكرة وخاصة عند علمها بأن من تمتلكه فتاه في نفس سنها تقريبًا ، ولم تكن تعلم أن سبب تركها لعملها في شركة المهندس مصطفى سيكون أقرب إليها من حبل الوريد عند عملها في الجاليري !!

__ مرحبًا يا آنسة .

بهتت قليلًا إلى أن تمالكت نفسها وابتسمت بلباقة : أهلًا يا باشمهندس ، مبارك ما أتاكم .

لمع ثغره بابتسامة رائقة حملت الفخر مجسدًا لها : العقبى لك إن شاء الله ، أين ياسمين عنكِ ، لماذا لا تهتم بك ؟!

ردت سريعًا : بل فعلت ولكني آثرت أن أتركها لضيوفها ، لم أكن لآتي لولا إصرارها.

-أنرت الحفل يا آنسة ، كنت لأغضب منكِ إن لم تأتي بالمناسبة .نطقها بود فاختنقت بهواء صدرها  احتقنت وجنتيها اللتين  لم تراهما ولكنها شعرت بسخونتهما تلهب بقية جسدها ، حدثت نفسها كثيرًا بأنه يجاملها ولكن ذلك الأحمق لم يكف عن الخفقان مدويًا !!

أخفضت وجهها وهي تدعو ربها أن ينصرف ولكنها عندما رفعت وجهها وجدته لازال هنا ، يبتسم ابتسامته الجانبية التي لطالما رأتها بالصحف والمجلات وعيناه تومض ببريق خاطف لأنفاسها ، صدح عقلها  "أنكِ تتوهمين " ولكن وجوده هكذا أمامها كان أطغى من الاستماع إلى عقلها وحديث نفسها .

حاولت التحرك بعيدًا عنه لكنها فوجئت به يحدثها بحنو : أنتِ بخير أليس كذلك ؟!

أومأ ت برأسها  إيجابًا وحاولت الرد ولكنها غصت بقوة جعلتها تكح بعنف ، أسرع بالإشارة الى أحد الندل فأتى سريعًا ، ناولها كوب من المياه وقال : اشربي بهدوء .

امتثلت صاغره الى ان شعرت بالتحسن فهمست : أشكرك .

حاولت إلا تنظر إليه مرة أخرى ولكنه كان دؤوب في الاطمئنان عليها ، وكأنما أحس بخجلها فابتسم بإعجاب وقال : حسنًا لا تخجلي سأبحث عن ياسمين وآتى بها لتساعدك .

__ لا داعِ سأنصرف .

هز رأسه بالنفي وقال بنبرة آمرة : لن يحدث يا آنسة ، أتبع بمرح : ألا تريدين رؤية عاصم بك وهو يتوج ملكًا للحفل ، انتظري حتى يدقون الهون على الأقل .

ضحكت برقة رغمًا عنها وقالت : حسنًا سأنتظر .

تحرك من جانبها ليتوجه إلى ياسمين يشير عليها وهو يتحدث مع زوجته فتأتي مهرولة ، تسألها عما ألم بها ، أجابتها بترو : أنا بخير لقد غصصت فقط ،لا شيء مهم ، أتبعت سريعًا : سأنصرف أنا حتى لا أتأخر بالعودة .

__ انتظري قليلًا فقط  حتى نلتقط بعضًا من الصور سويًا أنا وأنتِ وعاصم ، أم أنتِ لا تريدين رؤية عاصم ؟!

ابتسمت بود : بل لقد أتيت من أجله خصيصًا ولن أذهب قبل أن أراه .

هتف من خلفها بمرح : وها هو عاصم بك افندي يأتي إليكِ بنفسه ، هيا نصطف لنلتقط بعض الصور .

ازدردت لعابها بقوة وهي تنظر إليه مشدوهة ، يقف بالقرب من ياسمين يحملان الصغير ينظران إلى الكاميرا لتنتبه إليه يشير إليها بأن تنظر إلى الأمام وتبتسم حتى يلتقط لهما المصور بعضًا من اللقطات ، تنحى جانبًا بعد قليل ليتركها هي وياسمين يلتقطا بعض الصور ثم تعرض عليها ياسمين أن تحمل عاصم لتلتقط معه الصور بمفردها وكأنها أحد أفراد العائلة !!

ابتسمت بمودة وهي تعطي الرضيع لأمه وتبتسم لها مقدمة الهدية المتواضعة التي أتت بها ، وتبارك لها مرة أخرى وتنتهز فرصة انشغاله بعيدًا عنهما لتودع ياسمين مغادرة المكان بأكمله ، فهي لن تستطيع المكوث أكثر من ذلك !!

.........

__ واو ، هتفتها بانبهار وهي تتمسك بكفه قويًا ، القصر رائع الجمال ، لم أرى في حياتي شيء كهذا من قبل ، ولا حتى  في التليفزيون  .

ابتسم بخفة على أثر حديثها المبهج والذي لا يتغير أبدًا مهما مرت الأيام بينهما ، فهي طفلة كبيرة ، تتحدث بمرح وتنفعل بصخب ، وتنبهر من أقل الأشياء قيمة ، نقية .. خلابة .. وعفوية كالأطفال  ، ومزعجة مثلهم أيضًا .

عقد حاجبيه وهو ينهر نفسه بقوة عما يختلقه عقله من أشياء لا تمت للواقع بصلة ، يبتسم لها بحنو ويداعب أصابعها بأنامله في غزل هي الأعلم به فتحمر وجنتيها وهي تعيره انتباهها كاملًا فهمس لها بحنو : أخفضي صوتك قليلًا .

احتقنت وجنتيها خجلًا لتهم بالاعتذار عندما اقترب منهم هذا المهيب بطلته لتشهق بقوة وهي تنظر إليه بوجل ، لوى بلال شفتيه باستنكار ليحي سيادة الوزير بلطف : أعذرها يا سيدي فهي لم ترك من قبل وجهًا لوجه .

ابتسم الوزير بوقار : لا عليك يا بني ، مرحبًا يا جميله ، التفتت إليها سائلًا – ما اسمك ؟!

همست بخفوت : اسمي أسماء أحمد حجازي عبد العال .

شحب وجه بلال بقوة في حين تعالت ضحكات الوزير بخفة : أنتِ خفيفة الظل يا فتاة .

ارتبكت وقفتها ليبتسم بلال بتوتر فأضاف الوزير : مبارك عليك الزواج يا بني ، والعقبى لك بولد صالح يخلف اسم عائلتك من بعدك .

  تمتم بالشكر لسيادة الوزير الذي استأذنهم مغادرًا ليرحب بضيوف آخرين وصلوا بعده ، لينظر إليها بضيق ويهمس بحدة : ما بالك أسما ؟! إنه لا يستجوبك في القسم لتدلي باسمك رباعيًا ، لقد سألك عن اسمك فقط كنوع من الترحيب ليس إلا !!

شحب وجهها من عتابه الحاد والذي لم تعتاده منه نهائيًا ، لتعض شدقها بقوة وهي تنهر نفسها عن تصرفها الطفولي وارتعاد فرائصها أمام الوزير ، لا تنكر هيبته والرعب الذي شعرت به عندما طل عليهما ، أن شعورها به وهو أمامها  مختلفًا تمامًا عن رؤيتها له بالتلفاز ، لذا تصرفت بتلك الطريقة المخزية بدءًا من هتافها المنبهر وشهقتها العالية في وجه سيادته ، إلى أن أدلت باسمها كاملًا كمجرم يحقق معه !!

لا تنكر أن الاجواء ساعدت في انبهارها الزائد والقصر المهيب الذي لم تتخيل أنه حقيقيًا بالفعل وبمنطقة قريبة من مكان عملها ، زاد من انبهارها وتعلقها بتلك الطبقة التي تريد العيش بها ، انتبهت من أفكارها على صوت بلال يحدثها

__ هل أغضبتك ؟!

ابتسمت بمودة وهي تلتقط نظرته الحانية والتي يشملها بها دائمًا بعد كل مرة ينفعل بها عليها دون قصد منه لتجيبه هامسه بالمثل : لا حبيبي لم ولن أغضب منك أبدًا .

__ تعالى نذهب إلى  طاولة المشروبات فأنا أشعر بالعطش .

توقف فجأة عن السير وعيناه تتحجران بذهول على بوابة القصر والمصورين يحتشدون بكثرة لالتقاط الكثير من الصور ، لتنتبه هي أيضًا إلى دائرة الضوء المسلطة واهتمام الكاميرات المنصب على اثنين يقفان بجانب بعضهما بطريقة ودودة ، شهقت بذهول عندما تبينت أنها إيني التي وقفت بجانب مالك عابد بطريقة استعراضيه مبتسمة بثقة ومكر كعادتها !!

***

أشارت بيدها للمصورين أن هذا يكفي ، لتدلف إلى بهو القصر بكبرياء ورقي يليق بالأميرات ، تبتسم برقة وعيناها تومضان بمكر يصاحب نظراتها الآونة الأخيرة ، ابتسمت باتساع وهي تلتقط وجود ليلى وأمير يقفان سويا بصحبة خالد ومنال يتجاذبان أطراف الحديث لتهم بخطوات سريعة في اتجاههما ، توقفت فجأة وهي تنظر بوجل لقامته المديدة وابتسامته الماكرة همس بصوت رخيم : مرحبًا بك يا صغيرة .

ازدردت لعابها ببطء وهي تدير عينيها عليه مرة أخرى لتبتسم برقة : مرحبًا بك سيدي ، مبارك ما أتاكم .

لمعت عيناه بوميض وترها وخاصة أنها لم تفقه سببه رد عليها بصوت عميق أصاب حلقها بالجفاف لتنتبه على صوت مالك من خلفها يرحب به بحفاوة ، رف نظراته لمالك بعد قليل ليبتسم إليه محييًا : كيف حالك يا ولد ؟!

ضحك مالك بخفة : بخير وأفضل حال يا سيدي ، طالما سيادتك راضٍ عنا فنحن في كامل الرضا .

لوى شفتيه بسخرية ليهمس وهو يركز نظراته عليها : مخادع أيها النجم ، أليس كذلك ؟!

نظرت إليه وكأنها شعرت بأنه يحدثها هي لتبتسم بمكر : امم، أعتقد أنه أكثر من مخادع أيضًا .

اتسعت ابتسامته وحدقتيه تتفحصانها ببطء لم تنفر منه ، بل كانت طريقته راقية ومحببه إلى نفسها فوقفت باعتدال لتهمس له بخفوت قاصدة أن لا يستمع إليها غيره : هل أعجبك يا سيدي ؟!

تراقص المرح بحدقتيه : كثيرًا يا صغيرة ، صمت قليلًا غير منتبه إلى ذهولها ليجتذب كامل انتباهها وهو يردف بشرود – تذكريني بإحداهن .

عبست قليلا لتبتسم بحنو عندما أتبع : انها ذكرى جميلة وقريبة لقلبي .

__ أطريتني يا سيدي الوزير .

__أتمنى أن نتقابل مرة أخرى ، صافحها بود فأجابته بصدق : سيكون الشرف والحظ من نصيبي .

غادرها برقي ملك لتنتبه من تأمل مغادرته على صوت مالك الذي حك رأسه بعفوية : ما الذي حدث للتو ؟! فأنا لا أفهم شيء!!

ضحكت برقة : لا تشغل رأسك يا عزيزي .

جمد وجهها على الفور وهي تراقب اقتراب شقيقها العابس دائمًا لتلوي شفتيها بضيق حينما همس لمالك بفحيح غاضب : ابتعد عنها الآن .

رفع مالك حاجبيه بدهشة لينظر إليها فأومأت له برأسها إيجابًا : حسنًا ، سعيد بمقابلتك مرة أخرى يا سيد بلال ، أعذرني لدي صديق أريد المباركة له ، التفتت إليها – أراكِ قريبًا إيني .

ابتسمت رغمًا عنها عن تعبير وجهه الذي حاول فيه تقليد عبوس بلال فلم يفلح ليدور على عقبيه فيهمس معتذرًا وهو يتوقف قبل أن يرتطم بأسما التي تتبع بلال دائمًا : مرحبًا يا هانم .

أجابت بخفوت شديد فزمجر بلال بغضب أهوج تلك المرة لترتفع نبرة صوته عما قبل وهو يزجره بشده ، تأمله مالك ببرود لينصرف ببرود أشد مبتعدًا عنهم

__ ما الذي تفعلينه ؟!

نظرت إلى شقيقها من بين رموشها : لا شيء .

__ وظهورك معه علنًا وكأنكِ .. صمت مرغمًا  وهي تنظر له بتحذير قوي ، تتحداه بنظراتها فيزم شفتيه بقهر ليهمس بفحيح : لقد اكتفيت منكِ ومن أفعالك لذا من الآن لا تلومين إلا نفسك .

غادرها بعاصفة لترمش بعينيها وهي تنظر إلى الأخرى التي وقفت مسمرة تحت نظراتها ، مبعثرة وهي لا تعلم ماذا تفعل فهو ابتعد دون أن يأخذها معه ، وها هي تواجه إيني دون غطاء يحميها منها .

__ إلام تنظرين ؟!

هزت كتفيها بجهل فأتبعت إيني بجبروت : هيا اتبعيه كظله حتى لا تنكشفين وتظهرين عارية أمام الجميع ، فبدونه أنتِ لا شيء . صاحت بها عندما راقبت جمودها – هيا أغربي عن وجهي .

أغمضت اسما عينيها لتشيح بوجهها صامته ، ابتعدت عنها بالفعل ،  بخطوات متعثرة ورغم جهلها بمكان بلال وضياعها في هذا القصر المنيف إلا انها تحركت حتى لا تسمعها الكثير مما لا ترغبه لتنتبه على يد حانية وصوت مألوف يرحب بها بحفاوة ، وحضن عطوف يضمها إليه ويسألها عن أحوالها ، ابتسمت بتوتر وهي تنظر إلى وجه ليلى الملائكي فتتسع ابتسامتها تلقائيًا وهي تنظر إلى ابتسامة أمير الدافئة المرحبة بها وبوجودها لتسألها ليلى عن بلال

__ لا أعرف لقد كان هنا وتحرك مبتعدًا دون أن يعلمني بوجهته .

__ حسنًا يا عزيزتي فلتنضمي لنا إلى أن يأتي ، قال أمير لتكمل ليلى – أعتقد أنه انغمس في مناقشة دون أن ينتبه لتأخره عليكِ .

ابتسمت بامتنان لليلى التي اجتذبتها لها وقدمتها إلى رفيقتها ،التي رحبت بها برقي – وحرصت على تبادل الأحاديث معها .

*********

توقف بعيدًا عنها قليلًا غير سامحًا لشقيقها الغبي رؤيته ، يشعر بأن عليه أن يكون بالقرب منها كي يحميها من بطش هذا الأخ الغاضب دائمًا ، يعلم كيف يفكر هذا البلال ورغم عدم اقتناعه بتفكيره إلا أنه مضطر للتعامل معه فهو يحترم حبها لأخيها مهما حدث منه ، فقط هو يشعر بأن عليه حمايتها من بطشه الذي أصبح قريبًا للغاية !!

انتبه إلى صوت أنثوي يتمتم بخفوت متبعًا بضحكات رقيقة .. ناعمة .. مبهجه ، لا يعلم لم شعر بضوء قوي يرتطم به وهو يراقب تلك الفتاه بردائها العاجي والذي يغطي جسدها كاملًا ، فضفاضًا طويلًا منسابًا من حولها كغيمة سكر ، ترتدي حجابًا يلتف حول رأسها مكتنفا وجنتيها بحنو ويغطي مقدمة جبينها بعفة افتقدها منذ زمن بعيد !!

تثرثر بالهاتف في عفوية  ، غافلة عن وجوده من حولها ، تضحك ببهاء طفلة صغيرة اُهدت قالب من الحلوى المفضلة لديها ، اقتربت من طاولة المشروبات لتغمغم في الهاتف سريعًا وتسيطر على ضحكاتها ، تتحكم في ملامحها التي توقفت عن السعادة ولكن أضيئت بوهج فرح لم تستطع السيطرة عليه ، قابلت العامل بابتسامة لتطلب منه شيء لم يتبينه ، ولكن الآخر سارع في مناولتها طلبها " كوب من الماء " ارتشفت منه عدة رشفات ،لم ينتبه أنه اتبعها إلا عندما التفتت هي سريعًا تحمل كوبها فجفلت وهي تكاد أن ترتطم به ، أجفل هو الآخر من مدى قربه منها وخاصة عندما انبعثت رائحة ياسمين قوية من حوله ، تغلغلت إلى رئتيه فسكنت روحه ،رف بعينيه سريعًا لينتبه إلى ارتعاش كفها الحامل للكوب ، فخاف أن ينسكب فوق فستانها ليقبض على كفها الممسكة بالكوب بتحكم  ، فانتفضت بقوة على أثره .

لم تستطع انتزاع كفها من قبضته لتحرك يدها بعصبيه ملقية بمحتويات الكوب في وجهه صارخة بعصبية : ابتعد أيها الغبي .

وكأنها فكت تلك الهالة التي خيمت فوق رأسه لينتبه إلى ما يفعل فيغمغم معتذرًا بكثرة  عن حسن نيته وما كان يقصده من الإمساك بكفها هتفت به غاضبه: ألا تعلم من أنا ؟ أجرؤت أن تتحرش بابنة مضيف الحفل وفي وجوده أيضًا ؟!

رفع حاجبيه بذهول ليهمس متسائلًا : أنتِ أخت وليد ؟! ما اسمك ؟!

همسها بعفوية لترميه بكوب الماء فارتطم بصدره قويًا واقعًا أرضًا محدثًا جلبه بتهشيمها له لتجيبه بتوعد : سأجعلهم يرمونك خارجًا .

__ انتظري. هتفها سريعًا وهو يتبعها يمسح وجهه بكفيه مزيلًا آثار الماء ليتوقف بعدما توقفت بعد خطوات وهي تنظر إلى وليد الذي أقبل عليهما يبتسم باتساع وهو يرى من يهرول خلف أخته الصغرى فيقول بمرح : هل قابلتي نجمنا الغالي يا إيمي ؟!

ردد اسمها بعفوية لتجز على أسنانها بقوة وهي تنظر إلى وليد بغضب فعبس وليد وهو يسألها عما بها ليجيب الآخر : ارتطمت بها دون قصدي وها أنا أبلغها باعتذاري أمامك ، التفت إليها – أنا آسف يا آنستي .

تجهم وجهها لتشيح بنظرها بعيدًا عنه ، انتبهت إلى وليد الذي قربها منه ليعرفها إليه في بعض الكلمات البسيطة غافلًا عن نظرات الآخر التي ترمقها بعفوية قاصدًا عدم إثارة حفيظته .

ابتسم باتساع  لشيء أخبره به وليد فظهرت غمازتيه جليًا ، رفت بعينيها وأجبرت نظراتها على الابتعاد عنه ، ولكن رغمًا عنها تأملته بطول قامته ، وعرض منكبيه ، وجهه الأبيض بحمرته الخفيفة ملوحًا بشمس الصيف ، بشرته الذهبية  ، تدل على حمام شمس أخذه في وقت سابق على رمال الساحل الشمالي - رماديتيه بوميضها القوي ونظرته العميقة ، يختلس النظر إليها فتشعر بوخز قوي يتسرب إلى أعماقها ، هتفت فجأة : بعد إذنكم .

نظر إليها وليد بريبة ليرمقها هو بنظرة أجفلت منها ، معتذرة وهي تبتعد .. تخطو .. تركض مبتعدة عنه وعن  نظرته التي أجفلت منها ، تريد الابتعاد .. الهروب وتحس بأن الشياطين تطاردها !!

*********

دلفا سويًا لتنظر من حولها بذهول ، نعم هي ابنة الحسب والنسب ، أبيها من أغنياء المنصورة ولكنها لم ترى قصر بتلك الفخامة من قبل ،أنه مزين بالتحف التاريخية والتي تعرفت عليها على الفور فوالدها عاشق للتاريخ وهي ورثت عشقه لتاريخ بلدها ، أنه قصر منيف يدل على عراقة عائلة الوزير والذي لا تعلم إلى الآن صلته بزوجها !!

تمسكت بساعده قويًا دون أن تدري ليبتسم هو برزانة ويهمس لها : ما بالك حبيبتي ؟! هل أنتِ خائفة ؟!

هزت رأسها بشبه نفي ليربت على كفها الممسكة به ليكمل : لا تخافي وأنا بجانبك ، ولا تحكمي على الأمور بظواهرها أنهم أبسط مما يبدون .

ازدردت لعابها بتوتر وهي نظر للنساء من حولها ، يرتدون أفخم الثياب ، وأغلى المجوهرات ، يبدون كنجمات السينما ، لترتعد بخفة وهي تدرك أن بعضهن هنا بالفعل ، ولكنهن عاديات بالمقارنة مع نجمات المجتمع المخملي المتهاديات بفساتينهن المبهرة وجمالهن الخلاب .

ابتسم برقة وعيناه تفيض إليها عشقًا ليهمس بجانب أذنها : أنتِ أجملهن يا أمنيتي .

نظرت تلقائيًا إلى عينيه فيبثها الأمان ويهدهدها برفق ليقول بفخر : لا تنسِ أبدًا أنتِ مديحة المنصوري زوجتي وابنة عمي الجميلة ، درة قلبي الغالية .

أخفضت نظرها عنه تحارب تلك الثقة التي أهداها لها ، فهي لا تريد أن تستقوى به ، هي قوية بدونه ، رفت بعينيها كثيرًا وهي تحارب ذاك الصوت الذي يخبرها بمدى كذبها ، انتبهت من أفكارها على صوت ذكوري مرح يتحدث من خلفهم فالتفتا إليه سويًا  .

__ حللت أهلًا ونزلت سهلًا يا دكتور ، كيف حالك ؟!

ابتسم محمود باتساع وهو يقابل صديقه يصافحه بمودة ويحييه بترحيب ، أومأ برأسه محييًا لمديحة وهو يرحب بها لينظر من حوله ويناديها : لولو تعالى انظري من عندنا .

__ أووه ، هتفت بمرح – دكتور محمود بنفسه وشخصه ، مرحبًا بك ، كيف حالك ؟!

__بخير والحمد لله كيف حالك أنتِ والصغيرة الجميلة أين هي ؟!

عقدت مديحة حاجبيها وهي تنظر لزوجة الآخر والتي تعاملت مع زوجها بأريحية لم تبتلعها هي !!

عضت نواجذها وهي تسمع ترحيب محمود ورده اللبق عليها لتبتسم بتوتر والأخرى ترحب بها بحفاوة ، تحدثت بكلمات مقتضبة وهي تحاول أن تشير له بأنها تريد الابتعاد عنهما ولكنه لم ينتبه ، وهو يشارك الزوجين في حديث ودي ضاقت هي به ، انتبهت من أفكارها على صوت الأخرى تتحدث اليها فرمشت قليلًا لتهمس : عفوًا لم أكن منتبهة .

__ كنت أسألك ، ألم يخبرك محمود عنا من قبل ؟!

رددت بدهشة وهي تنظر إلى زوجها بحدة : محمود !

تأبطت الأخرى ذراعها لتهتف : نعم

لم تنتظر ردها لتقول : عيب عليك يا دكتور ، أصدقاء منذ فترة طويلة وأنت لم تخبر الهانم عنا !!

ردت مديحة بحدة : وهل كلف نفسه الآن بتعريفي عليكما ؟!

__ أووه ، قالها أحمد وهو يغمز لمحمود بعينه – أنت بالفعل مخطئ يا صديقي ، وأنا أتشارك معك في الخطأ

التفت إليها : أعذريني يا هانم ، أنا أحمد عاصم الجمال وزوجتي ولاء ، زميل زوجك و صديقه . أكملت ولاء – بل صديقيه .

ذهلت بقوة وهي  تردد داخليًا " ابن الوزير ، محمود صديق لابن الوزير "

تنظر إلى ضحكاتهم سويًا وتشعر بالارتباك يتزايد ليبتسم هو بوجهها ويهمس وهو يكتنف كتفيها بذراعه : مديحة المنصوري زوجتي وابنة عمي وحبيبتي أيضًا .

__ هذه من أخبرتني عنها ؟!

ابتسم بمكر وهو يومئ برأسه إيجابًا لتقترب منها ولاء : أنا أعرف عنكِ الكثير يا ديدي .

__ ديدي !

رقصت ولاء حاجبيها – ألم أخبرك أني أعلم عنكِ الكثير ؟!

التفتت إلى محمود : ألم تخبرها عن أي شيء يا دكتور ؟!

__ أنتِ تعلمين يا حبيبتي محمود قليل الكلام ، ولذا عليكِ أن تخبريها بكل شيء حينما أعرف محمود ببقية إخوتي وأقدمه لبابا أيضًا ، هيا بنا يا دكتور .

أشارت له برأسها ألا يذهب ويتركها من خلفه ليبتسم هو مطمئنًا ويهمس لها : لن أتأخر ، زوجتي بعهدتك يا ولاء حذار عليها.

__ لا تقلق يا دكتور عندما تعود ستجدنا أصدقاء مقربين أيضًا .

*********

زفر بقوة وهو يشعر بالغضب يملأ أوردته ، لا يستطيع أن يمحي صورتها وهي تقف بجانب الآخر لتلقط الصور الذي يعلم جيدًا أنها في الغد ستملأ الصحف وعناوينها الرئيسية تحكي قصة غرامهما المشتعل ، المغنية الجديدة حديثة السن و زير النساء المشهور ، وما الذي يجمعهما في الخفاء وكيف وصلا إلى  حفل الوزير سويًا وكأنهما عصفوري الحب الجديد .

ضغط فكيه قويًا وهو يشعر بأسنانه تكاد أن تتفتت من وطء الضغط العصبي الذي يشعر به ، فهو لم يستطع أن يؤدبها عن تصرفها الغير محسوب ، أو ينهرها لفعلها الطائش بل كل ما فعله هو الصمت ، فالصمت يجدي أحيانًا كثيرة حتى لا يتحول الأمر لفضيحة كبرى ترصد في لقطات الفلاش المضيئة

قبض كفيه تلك المرة يحث نفسه على الهدوء ليعود ويصحب اسما ويغادر هذا الحفل المشؤم والذي لم يكن يريد أن يحضره  ، التفت من حوله ينظر إلى الحديقة الواسعة بأزهارها الخلابة ليتنفس بعمق طاردًا ضيقه بعيدًا ، جمد وجهه فجأة وهو ينظر أمامه غير مصدق لما يراه ،

" إنني أحلم " حدث نفسه – "بل هي حقيقة "

همس بذهول : سوزان !!

*********

ابتسمت برقة وهو يلف حول السيارة ليفتح لها بابها : تفضلي يا عزيزتي .

__ كف عن أدائك السبعيني يا باشمهندس فالرجال توقفوا منذ زمن عن تلك الأفعال المريبة .

__ مريبة ! رددها بدهشة – لا أرى فيها أية ريبة إنها

صمت لتكمل : أخلاق فرسان انقرضوا من زمان يا يحيى .

__ من وجهة نظري لازالوا متواجدين ولكنكِ لم تلتقي بهم .

__ بل التقيت أحدهم وإلى الآن أحمل جميله فوق رأسي ،نظر لها متسائلًا فأتبعت بابتسامة ألم – في يوم من الأيام سأقص لك كل شيء .

__ وأنا سأنتظر .

ابتسمت بود لغمزته الشقية والتي نادرًا ما يفعلها فهو جاد أغلب الأوقات ورزين في الأوقات الأخرى ، ولكن في فسحة من الزمن تطغو عليه تلك الشقاوة فتشعر أنه شخصًا آخرًا غير يحيى الذي باتت تعرفه !!

تسمرت فجأة وهي تنظر لذاك العابس وحدقتيه تشتعل بثورة بركان خامد ، همس بفحيح غاضب هي أكثر من تعرفه : مرحبًا يا ابنة العم ، كيف حالك ؟!

شعرت بارتباك لا تعلم سببه، فأجابته بصوت خفيض ليصدح من خلفها صوت يحيى الواثق مُرحبًا به

__أوه بلال ، أنت هنا أيضًا ، ألم تخبرني أنك لن تحضر ؟ لو أعلم أنك ستأتي لكنا أتينا سويًا .

لم يرفع نظره من عليها ليبتسم ببرود : غيرت رأيي في آخر لحظة ، أتبع بتهكم قصد طعنها به – فاسما أبدت رغبتها في الحضور ولذا لبيت لها طلبها على الفور .

ضحك يحيى بخفة : لا حرمها الله منك يا بلال ، متى عرسكما بإذن الله ؟!

نظر لها لعله يلمح تبعثر في نظراتها ولكنه أخفق بقوة وهي تظهر تجلد تشبثت به كغريق بين أمواج متلاطمة ليهمس أخيرًا دون روح : قريبًا  إن شاء الله

نظر إليها مرة أخرى ليسألها عما يشغل عقله : هل وصلتك أنتِ الأخرى دعوة الحفل ؟!

رفعت أنفها بأنفة وهي تدرك ما وراء سؤاله ليسبقها يحيى ويجيب : بل أنا ترجيتها أن تأتي معي وهي من كرم أخلاقها وافقت .

طحن فكيه وهو ينظر إليها بغضب أهوج فأشاحت بنظرها بعيدًا دون أن تعيره اهتمامها ، ليتبع يحيى غافلًا عن تأجج الآخر : ساعدني في ذلك وجود الدعوة لديها ، فشجع كلانا الآخر على القدوم .

__ حسنًا استمتعا بالحفل معًا ، تركهما وانصرف بخطوات سريعة حانقة لتزفر هي بقوة فنظر إليها يحيى بدهشة لتبتسم بود مرة أخرى : هيا بنا يا باشمهندس فلقد تأخرنا بشكل كافي .

__ حسنًا يا أميرتي هيا بنا .

*********

تلفتت من حولها تبحث عنه ، لتبتسم بغموض وهي تنظر إليه يقف مستندًا براحيتيه على السياج الحديدي لشرفة البهو ،تبعته بخفة لتقف بجانبه ، تستند بظهرها إلى السياج  ، انتبهت إلى ملامح وجهه المتشنجة وأعصاب جسده النافرة ، لتنظر مليًا إلى حدقتيه المعتمتين بظلام دامس نغز قلبها بشدة.

بللت شفتيها لتقترب منه خطوة واحدة فتلامس كفه القريبة منها بذراعها العاري فينظر إليها وكانه انتبه للتو إلى وجودها !!

تشنجت شفتيه بشبه ابتسامة لتنظر إليه باستفهام جلي فزفر قويًا وهو يؤثر الصمت مشيحًا بوجهه بعيدًا ، يركز بصره على نقطة في اللا شيء .

لكزته بمرفقها : ما بالك يا ابن الوزير ؟!  لم أعتد الصمت منك .

ابتسم بمكر وهو يخفي ضيقه في أعماقه كالعادة : هل أعتبر ما تفعلينه الآن تحرشًا ؟!

رفعت حاجبيها بصدمة فأشار إليها عن احتكاك ذراعها بكفه لتحتقن وجنتيها وتهمس : كف عن قلة الأدب .

مط شفتيه باستياء : تلك الجملة ، لا تروق لكِ .

__لماذا ؟! اقترب ليقف مستندًا بجانبه إلى السياج فأصبحت أقرب إليه من أنفاسه – أعشق الأخرى من بين شفتيك ، كلما نطقتها ، أفكر بأنكِ لم ترين شيئًا إلى الآن من وقاحتي.

ضمها من خصرها إلى صدره ليلامس وجنتها بأنفاسه ويهمس بجانب أذنها : وأنا أريد أن أريكِ الكثير .

لكزته بمرفقها قويًا لتهمس بدروها : تأدب فنحن لسنا بمفردنا ، يوجد الكثير من حولنا .

__ حسنًا ، لنغادر ذاك الحفل البائس .

ضحكت بخفة وهو يسحبها من يدها خلفه لتحاول أن توقفه وهو يتجه بالفعل إلى الخارج : توقف وائل فأباك سيغضب لو علم بمغادرتنا للحفل .

__ لا يهمني .

أجبرته على التوقف وهي تثبت قدميها بالأرض : انتظر وائل .

زفر قويًا وهو ينظر اليها بغضب : أخبرني الآن عما يضايقك وتريد المغادرة من أجله ، وإياك أن تعيد ذاك الحديث عن وجودنا بمفردنا ، فأنت أصبحت لا تجيد الهائي كالسابق ، اقتربت منه لتلامس صدره بأناملها الحرة : أصبحت أعرفك كنفسي ، فلا تنكر من فضلك وأخبرني عما يعتمل بصدرك .

__لا أريد .

عضت شفتها بضيق ، وحلقها يجف فأتبع سريعًا وهو يرى حزنها واضحًا – أنتِ من طلبتِ صراحتي .

ابتسمت بألم لتهمس بمرح : ونسيت أن صراحتك هي وقاحة مغلفه بصدقك .

ضحك بخفة وهو يشعر بضيقة يتبدد ليقترب أكثر منها يحتضن وجهها بكفيه : لم أكن ألهيك تامي ، أنا بالفعل أريدك والآن ، هنا أو بمكان أخر ، لكن بُعدي عنكِ يفقدني عقلي .

همست وهي تذوب بأنفاسه الحارة ونظراته التائقة : لم يتبق الكثير .

لامس وجنتيها بإبهاميه وهو يقترب من وجهها ينظر إلى عمق عينيها: أعلم ولكن هذا القليل يثير جنوني .

كتمت أنفاسها وهي تشعر بشفتيه تلامسنها بخفة ، يقبل ذقنها برقة أذابت أطرافها لتهمس وهي تشعر بأنفاسه تقترب : توقف وائل من فضلك .

تصلب جسده ليبتعد عنها بحدة : على راحتك .

__ لا تغضب ويلي فأنت تعلم سبب رفضي جيدًا .

__ أصبحت تتمنعين علي كثيرًا يا فاطمة ودائمًا لديكِ أسباب مقنعة .

لوت شفتيها بتبرم عندما تلمست ضيقه : وأنت أصبحت أكثر ضيقًا ونزق عن أي وقت مضى !!

صاح بغضب : لأني ضقت ذرعًا بهذا الانتظار الذي لا أخر له .

__ أخفض صوتك من فضلك .

هم بالرد عليها ليقاطعه صوت أباه الرخيم : ما بالك يا ولد ؟! هل جننت لتصرخ هكذا في حفل سبوع ابن أخيك .

__ وهل هذا حفل سبوع يا بابا ؟! إنه أقرب للاحتفال بزواج سيادتك .

تأملته بصدمة وهو يتحدث بتلك السخرية المريرة ليرمقه سيادة الوزير بحدة : تأدب يا ولد .

__ سمعًا وطاعه يا أبي ، فلطالما كنت أنت الآمر وأنا المطيع ، ولدك الأقرب إليك من نفسك ، أم ترى الأمر تغير ؟!

__ لم يتغير شيئًا ولكنك أحمق عنيد كالثور لا تفهم إلا ما تريد فهمه !!

أشاح بوجهه بعيدًا ليهمس بعد قليل : أرى أن الاحتفال قارب على الانتهاء ، هلا سمحت لنا بالانصراف .

عم الصمت قليلًا وهي تنقل نظراتها من بينهما بذهول ، تشعر بأنهما يتصارعان على شيء لا تفهمه ، أم أنه عتاب قوي من وائل لأبيه الذي يتجاهل احتياجه المضنى إليه ، والذي لم تراه قبل الآن !!

همت بالحديث لتصمت عندما قال الوزير باقتدار : لا لن تغادر ، رفع وائل نظراته الغاضبة لأباه ليتبع سيادة الوزير آمرًا – لن تغادر كالضيوف بل ستنتظر كالأخوة إلى أن ينتهي سبوع ابن أخيك البكري ، ويفرح هو وزوجته بهدايا طفلهم الأول ، لابد أن تشارك العائلة فرحتها بقدوم أول أحفادها الذكور .

أطبق وائل فكيه بحدة ليهمس بالموافقة عندما تحدى والده بنظراته القاتمة أن يعترض على أمره ، ازدردت لعابها وهي تعي بذهول حجم الشبه المهول بينهما ، نعم هو لم يحمل من ملامح أباه الكثير بل وليد الأقرب في الشكل إلى حموها ، إلا أن وائل يحمل صفاته الشخصية ، هيبته الحازمة .. جبروته المخيف .. واقتداره المرعب ، يحمل ملكه وكأنه الوريث الوحيد ، وكأن لا يوجد ذكرين آخرين يحملان اسم عائلة الجمال ، بل ما لم يرثه من صفات حماها،  اكتسبه بالتربية والعشرة واقترابه القوي منه، فهو ابن أبيه المفضل كما قال .

انتبهت الى سيادة الوزير يحدثها : عفوًا عمي لم أسمعك جيدًا .

__ تعالى يا فاطمة أريدك بجواري قليلًا يا فتاة .

__ اتركها ، صدح صوت وائل قويًا فانتصب جسدها توترًا ليتبع وائل بفورة غضب – إذا أردت  مني الانتظار وتكملة هذا الحفل السخيف فلتترك لي زوجتي، فأنا أريدها إلى جواري .

دار سيادة الوزير على عقبيه ليقف أمامه ، حائلًا بينهما ينظر إليه بغضب : بل ستتركها وتذهب ترى الأعمال التي أهملتها الفترة الماضية ، لم أنجب طفلًا يستكين بجانب زوجته كلما شعر بالغضب ، بل أنجبتك رجلًا تقف كالجبل لا تهتز إذا مادت الأرض بين قدميك ، لا تخيب ظني بك يا ولد

__ لست ولدًا . نطقها بقهر

__ إذًا تصرف كالرجال وكن كما أردتك دومًا ، هيا ابنتي .

وقفت تنظر إليه مشتتة أتتبع حموها أم تظل بجواره ؟! ترددت قليلًا وهي تراقبه بمقلتين مرتعشتين تريد أن تنتزع عنه ضيقه ، لا تريد رؤية القهر يلتمع بحدقتيه فيسبغهما بالأسود المعتم فلا تستطيع تلمس طريقها بداخل روحه همست برجاء : وائل .

التقت عيناه بحدقتيها المضطربتين فيتبعثر الكراميل فيهما بعشوائية ، لم يرها من قبل !!

رفرف قلبه كعصفور صغير وهو يخبره أنها قلقه عليه .. تهتم لأمره ، خفق قلبه بقوة يريد طمأنتها ، ليبتسم رغمًا عنه ويجيبها هامسًا بدوره : اذهبي يا صغيرتي ، أنا بخير لا تقلقي .

نظرت إليه تستأذنه بعينيها ، تخبره أنها تتركه رغمًا عنها فأومأ لها برأسه أن تذهب ، تحركت ببطء بجوار حموها وهي تتركه وقلبها معلق معه .

انتبهت إلى سيادة الوزير يحدثها فالتفتت إليه تنظر إليه بعتب لم تحاول اخفاءه : لا تغضبي مني يا بنيتي ، أنا أقسو عليه لصالحه ، عندما تصبحين أمًا ستعلمين .

__ وائل يحتاج إليك ولكنه أعند من أن يعلن حاجته تلك .

__ بل يحتاجكِ أنتِ ، ولا يريد الإعتراف بذلك .

نظرت اليه بدهشة فأومأ إليها بالإيجاب مؤكدا : لا تتعجبي ، أنه يخفي شعوره جيدًا ولكنها مهمتك يا صغيرتي ، أنتِ الوحيدة القادرة أن تخرجيه من جموده الذي طال كثيرًا .

رفت بعينيها فهمس لها قبل أن يلتحما بمجموعة من الضيوف : فكري جيدًا ستصلين للإجابة بنفسك يا فاطمة .

*********

لوت شفتيها بنزق وهي تستمع إلى ثرثرة بعض صديقات تلك المدللة المتحررة والتي لم تعجب بها على الإطلاق ، تشعر بمدى تفاهة أحاديثهن فتتوعد حكيم الجفون بليلة سوداء ستصب فيها الويلات فوق رأسه !!

انتهت الفتيات أخيرًا من الحديث لتستأذنهم زوجة ابن الوزير بلطف وتدفعها للسير معها بعيد عنهن ، لتهمس بخفوت ق : أوف إنهن مملات لأبعد الحدود ،كل ما يشغلهن أحدث خطوط الموضة والأزياء ، لقد سئمت منهن !!

رفعت مديحة حاجبيها بتعجب لترد برعونة : لماذا إذن تصادقينهن ؟!

توقفت ولاء عن السير قليلًا لتبتسم برقة : أنهن ليسوا صديقاتي ، ولكنهن معارف العائلة ، ولذا علي أن أضيفهن فهن ضيوف ببيتي .

بللت شفتيها بحرج لتسأل : أليس هذا قصر السيد الوزير ؟!

__ نعم أنه بيت حماي ،ولكنه بيتي فأنا أسكن معه هو وخالتي .

__ خالتك ؟!

__أووه ، محمود لم يخبرك أي شيء عننا بالفعل ، نعم إنها خالتي شقيقة أمي الكبرى ، ورغم أن أحمد الأصغر في الذكور إلا أنه متمسك بالسكن في بيت العائلة ، أنه مرتبط بوالدته أكثر من اللازم .

ابتسمت مديحة وهي تشعر باستيائها الذي حاولت أن تخفيه ولكنه ظهر رغمًا عنها لتهمس بمشاكسة : لا تخبريني أن خالتك حمى كالحموات الفاتنات .

ضحكت ولاء بمرح : لا والله أنها طيبة جدًا ولا تتدخل في أمورنا ، بل تنصرني دائمًا على أحمد ، لكن يظل بيت سيادة الوزير مهما حدث .

تأبطت مديحة ذراعها تلك المرة : لقد صدمتني يا فتاة .

عقدت ولاء حاجبيها لتتبع ديدي – ظننت أنكم مختلفين بمشاكلكم الحياتية ولكنكم تشبهوننا إلى حدٍ ما.

ضحكت ولاء : أشعر بأنك تحدثينني كالأغراب ، سأهمس لك بسر يعرفك إلى أي مدى نشبهكم

التفتت إليها مديحة بترقب لتتبع ولاء بمرح : خالتي من تطهو الطعام بنفسها !!

انفجرتا ضاحكتين لتقول ديدي بمرح طغى عليها : هيا أخبريني كيف تعرفتم إلى زوجي العزيز ؟ فهو الآخر ابن عمي .

__ أعلم بالطبع ، انا أعلم عنكِ الكثير ديدي ، فمحمود لم يخبرنا عن أحد سواك ، فأنتِ أمنيته الأغلى .

اتسعت عنيا مديحة بذهول فأتبعت ولاء بلطف : إنه يحبك كثيرًا ، ولا يخشى أن يعلنها للعالم أجمع .

ران الصمت عليهما قليلًا لتسألها تلك المرة بجدية : كيف تعرفتما عليه ؟!

تأبطت ولاء ذراعها وهي تدفعها للسير معها : تعالي سأخبرك .

*********

__ مرحبًا يا دكتور محمود ، سعدت بمعرفتي بك .

__ أنا الأسعد يا باشمهندس .

__ حدثني أحمد عنكِ كثيرًا ، وسنكون سعداء بانضمامك لنا كشريك أساسي في مشروع المشفى الخاص ، والذي سيقام تحت رعاية آل الجمال .

ابتسم محمود بلباقة وهو يرد عليه بكلمات مجاملة لينتبه إلى يد أحمد الذي وضعت فوق كتفه وهو يقول بمرح : لا تخفه يا شقيقي العزيز ، توقف عن ذكر آل الجمال وكأننا من العائلة المالكة ، أنه مجرد مشفى كبقية  المشافي  الخاصة الأخرى !!

نظر له وائل قليلًا :لا  يا عزيزي لن يكون كالبقية سيكون أفضل مشفى على مستوى الجمهورية بل الخطة الموضوعة أن يكون أفضل مشفى على مستوى الشرق الأوسط ، فقط أنتما اهتما بالطب واتركا لى تجهيز المشفى وبناؤه .

__ إذن عليه العوض ومنه العوض في حلم العمر يا محمود ،

نطقها أحمد بسخرية فنهره محمود بعينيه أن يتوقف عن العبث وخاصة عندما لاحظ جمود وجه وائل وغضبه اللائح بملامحه ، فقال بمهادنه : أنت الأعلم بشقيقك يا باشمهندس ، لا يتوقف عن المزاح حتى في أضخم الأمور .

تمتم وائل باقتضاب " أنه يعلم مرح أخيه الزائد عن اللازم " لينتبه إلى شخص ما فيشير إلى محمود بأنهم عليهما أن يذهبا إليه ، وهو يشير إلى الآخر برأسه فتحرك باتجاههم هو الآخر .

صافحة وائل بتهذيب ليبتسم قصير القامة بلباقة : مرحبًا يا باشمهندس .

__ مرحبًا بك يا بك ، كيف حالك ؟!

__ بخير والحمد لله ، مبارك ما أتاكم .

ابتسم وائل دون أن يكلف نفسه عناء الرد ليهلل أحمد من جانبه وهو يرد عليه بالمباركات والمجاملات الخاصة بمباركته لهم ، تأفف وائل بخفوت ليخبرهم ، بأنه صاحب إحدى الشركات الهندسية التي تشارك في بناء المشفى ، وشركته أيضًا المسئولة عن حملة الدعاية لها .

أشار لهما : أحمد أخي ودكتور محمود صديقه وشريك أساسي بالمشروع .

__ أنا الآخر طبيب ، رغم عدم اعتراف شقيقي بذلك

ابتسم بلال بود وهو يصافح محمود : تشرفنا ، ليضحك بخفة على جملة أحمد المرحة ويجيبه : تشرفت بك يا دكتور .

__ وأنا الاخر يا بك ، أنت مهندس ؟!

__ لا أنا صاحب الشركة فقط ، لمعت عيناه بمكر ، ولكن المهندس المسئول عن التصميمات ومسئولة الدعاية هنا أيضًا ،

ضحك أحمد بصخب : أبي دعا مصر كلها .

نظر له وائل بغضب في حين تابع أحمد وهو يشير إلى وليد بيديه : تعال يا أبا العريس ، لتنضم إلى مناقشات العمل .

نظر له وليد بعدم فهم وهو يقترب بالفعل ليجمد وجه بلال ، ويلتفت إليه وائل في حدة قائلًا بهدوء رغم آتون الغضب المشتعل بداخله : وما دخل أبا العريس بمناقشات العمل ؟!

انضم وليد إليهم وهو يرى الوضع السيء بين أخويه ليبتسم أحمد بمكر : كيف لا دخل له ، ألن يكون شريكًا أساسيًا هو الآخر ؟! ألن تشترك في إقامة ذلك المشروع الضخم ديدو ؟!

تنحنح وليد بلطف ، لينظر إلى الآخرون من حوله : مرحبًا بكم جميعًا ، مرحبًا بك يا سيد بلال ، كيف حالك ؟!

نظر له وائل بتعجب: أنت تعرفه ؟!

ابتسم وليد بلطف : أنه اخو السيدة  ليلى ، زوجة أمير صديقي .

هز وائل رأسه بتفهم ليكمل تعريفه بمحمود الذي بارك له قدوم صغيره فيبتع أحمد من حيث صمت : نحن نتحدث عن مشروع المشفى وأنا أرى أنه يمكن المشاركة بواسطة شركة الديكور الخاصة بك أنت ومصطفى .

__ أمور العمل لا تناقش هكذا يا دكتور ، أنها أمور تحتاج لتروي وهدوء ، أنها ليست كعكة تقسم فوق طاولة .

نظر له أحمد من بين رموشه ليقول بترو : أعتقد أن بابا حثنا جميعًا على المشاركة ، ولكن وليد لم يهتم بالأمر كعادته ، وأنا أنبهه فقط ليس أكثر .

رمقه وائل بغضب ليجيب وليد بهدوء : أعتقد أن وائل محق يا أحمد ، إنه ليس بالأمر السهل لأقرره في حفل سبوع ولدي ، سأتناقش معكم في وقت لاحق ، سررت بالتعرف عليك يا دكتور محمود ،و سعيد برويئتك سيد بلال ، وأشكركم على  تواجدكم بالحفل .

دار على عقبيه ليغادرهم ولكنه توقف وهو ينظر إلى وجهه البشوش وابتسامته الواسعة : مبارك يا أبا العريس .

__ أوووه ، عاش من شافك يا رجل .

_ اشتقت إليك يا صديقي .

__ وأنا الآخر ، تصافحا بود ليحتضنا بعضهما بأخوة ، ليسأله وليد : إذًا انت هنا لأن أباك لم يلبي الدعوة ؟!

حك الآخر رأسه : بالطبع فأنت الأعلم ، لا أحبذ الاختلاط بمجتمعكم البراق .

ضحك وليد بقوة : ممتن أنا لوالدك ، مرت فترة طويلة لم أرك بها .

ربت الآخر على كتفه : وأنا الآخر ، أخبرني عن أحوالك .

__ بخير والحمد لله ، ها أنا ذا متزوج ولدي طفل ، أعيش في حياة مستقرة إلى حدٍ ما بغض النظر عن صراخ عاصم الصغير الذي لا يتوقف .

__ بارك الله لك به يا صديقي .

انتبها لصوت وائل : مرحبًا بك يا باشمهندس ، اقترب منهما : أعتقد أنني من كنت زميلك بالجامعة

__ كنتما زميلي قبل أن يترك وليد كلية الهندسة ويذهب إلى كلية الفنون .

صافحه وائل بمودة : مرحبًا بك يا يحيى ، بالفعل اشتقنا إليك .

تنحنح بلال : إذًا أنتما تعرفانه ، أنه المهندس المختص بالشركة .

رفع وائل حاجبيه بتعجب في حين هتف ليد بمرح : مرحى إذًا سنراك كثيرًا يا رجل  ،

تمتم يحيى بكلمات كثيرة لبقة ليكمل وليد تعارفه بالبقية وينضم إليهم في حديث جاد حول العمل ، حديث تجنب وليد المشاركة فيه رغم عدم انصرافه .

توترت عضلة صدغه وهو ينظر إليها، تخطو اتجاههم بخطوات متمهلة ، تتلفت من حولها ، تبحث عن شخص ما ،رمق بلال بطرف عينه فشعر بغضبه الكامن بحدقتيه وخاصة مع وقوفها على بعد خطوتين منهم ، خيم الصمت عليهم وهم يتوقفون عن الحديث جميعًا ، ناظرين لها بتساؤل وكأنهم يعلمون أنها تريد أحدهم !!

__ مساء الخير ، مرحبًا وليد .

شعر بالدم ينسحب من رأسه ليهمس بخفوت مُرحبًا بها ، مقتربًا منها تحت وطأة نظرات الآخر الغاضبة ، باركت له برقة لتبتسم وهي تنظر إلى يحيى: بعد إذنك باشمهندس دقيقة من فضلك .

هم بالاستئذان منهم ليعلو صوت الآخر حادًا قويًا : تعالى يا سوزان ، فنحن نتناقش بأمر خاص بالعمل أعتقد أنكِ ستشاركين فيه .

تخضبت وجنتاها بقوة لتردد : العمل .

نظر إلى وائل : الآنسة سوزان ، المسئولة عن حملة الدعاية ، التفت إليها يصفعها بنظراته الغاضبة – الباشمهندس وائل ، ودكتور أحمد و دكتور محمود شركاء أساسين في مشروع المشفى ، وأنتِ طبعًا تعرفين يحيى بحكم عملكما سويًا ، و وليد بك ، صديق العائلة .

ازدردت لعابها ببطء لتبتسم برقة : تشرفنا .

قال أحمد سريعا : بل كل الشرف والسعادة لنا ، سيغدو من أفضل  المشافي بما أنكِ ستشرفين على الدعاية الخاصة بها .

احتقن وجهها قويًا ليلكزه وليد بمرفقه قويًا : لا تؤاخذيه يا سوزي ، أنه يمزح معك .

تمتم بلال بسخرية : أعتقد أن سوزي تتفهم الأمر .

أطبقت فكيها بحدة لترمقه بلامبالاة : بالطبع أنا أتفهم ، ولذا أستميحكم عذرًا فأنا لم آتي للعمل بل أتيت للمباركة للسيدة ياسمين والتي لم أرها إلى الآن فسأذهب للبحث عنها والمباركة لها ورؤية الصغير ولكني أتيت لأتحدث إلى الباشمهندس يحيى أولًا  ، التفتت إلى يحيى فاقترب منها مبتسمًا بتساؤل فتابعت – أتيت لأخبرك أني سأعود برفقة إيني فهي الأخرى هنا ،

نظر إليها بتشوش : لماذا ؟ سنعود سويًا كما أتينا سويًا

__ لا أريد أن أثقل عليك .

تململ بنفاذ صبر : لا داعِ لذلك يا سوزان ، من فضلك لا تذهبي معها ، فاتفاقنا سارٍ إلى الان ، سأنهي تلك المحادثات وسآتي باحثًا عنكِ .

ابتسمت برقة : حسنًا ولكن أرجوك لا تدع الأمر متوقفًا علي .

__ اذهبي يا أميرتي ولنا حديث آخر .

تحركت بخطى واثقة لتغادرهم بعد أن استأذنتهم بالانصراف ، ابتسم له وائل بمكر  وهمس بخفوت: لا تخبرني أنها خطيبتك .

امتقع وجه يحيى ليرمق بلال ويرد بنفس الخفوت : أنها ابنة عمة بلال و زميلة عمل ليس أكثر .

__ أنت تكذب يا باشمهندس ، ضحك وليد لمشاكسة أخيه ليهمس وائل : أليس كذلك يا ديدو ؟!

__ أوافقك تمامًا .

تململ بلال في وقفته ليهمس يحيى : توقفا من فضلكما فبلال هنا .

تمتم وليد من بين أسنانه : معه حق فهي قريبته وهذا لا يصح .

__ حسنًا لنعد لمناقشات العمل .

*********

ضحكت بصخب وهي تمازح أمير لتمتم ليلى : أخفضي صوتك قليلًا يا فتاة .

عبست بطفولية ليضحك أمير ويشاكسها مقلدًا ملامحها فتضحك مرة أخرى بصوت أعلى من ذي قبل ، تأففت ليلى تلك المرة وهي تنظر من حولها فيقترب منها أمير يحاوط كتفيها بذراعه : لمَ تتأففين يا ليلتي ؟!

__ أيعجبك ما تفعله ؟! لقد لفتت الأنظار لنا .

ركن رأسه بجبهتها : من يجرؤ على النظر إليكما وأنا معكما ؟! بالتأكيد شخص دعت عليه والدته قبل أن يرفع عينيه إليكما .

ابتسمت برقة وهي تقترب منه تتلمس تلك القوة التي يزرعها بداخلها لتهمس : لا يستطع أحدهم على التفكير فقط يا أمير ولكن ليس هذا معناه أن تضحك بتلك الطريقة .

سيطر على ضحكته بصعوبة ليقول بجدية افتعلها : حسنًا توقفي عن الضحك إيني فليلى غاضبة بسببك وأنا لا أقوى على غضبها .

رفعت إيني حاجبيها بدهشة ليغمز لها بطرف عينه حتى لا تلتقط ليلى غمزته لها فابتسمت بشقاوة لتقترب من أختها تقبل كتفها : ولا أنا أيضًا يا سيادة الرائد .

ضم ليلى إلى صدره أكثر لتضحك لايني ببشاشة فتهمس بقهر مفتعل : لماذا أنت لست أخي ..شقيقي ؟!

عبس أمير لتقول ليلى بجدية : هو بالفعل كاخاكِ أليس زوج أختك ؟!

__ حرف الكاف هذا يعني الكثير يا ليلى ، كم أتمنى أن يختفي بلال ويظل أمير .. فقط أمير .

شهقت ليلى بحدة لينظر إليها أمير بعتب قوي قبل أن تبدأ ليلى في وصلة تأنيبها المعتادة والتي يعلم أنها محقة في كل حرف تقوله بها .

دفعتها ليلى برفق في جانب جبهتها وهي تنهرها قويًا قبل أن تختتم حديثها بأنها ستذهب لتبحث عن أسما التي تأخرت في دورة المياه أكثر من اللازم ، خوفًا من ان تكون الأخيرة ضلت طريقها وتاهت في ذاك القصر المنيف !!

نظر لها أمير بطرف عينه ليقول : تعلمين أنها محقة .

هزت رأسها إيجابًا ليكمل – وتعلمين أنني أيضًا لست راضيًا عن طريقتك مع بلال فكل ما يفعله نابعًا من خوف عليكِ

__أعلم . نطقتها بصوت محشرج لتتبع بحدة – أنظر الي أمير ، ماذا ترى أمامك ؟!

__ فتاة صغيرة .. جميلة .. شقية .. ومتمردة !!

ابتسمت رغمًا عنها : توقف عما تفعله فتمتص ثورتي كلما حاولت تفجيرها .

__ولماذا تحاولين تفجيرها ؟!

__لأني ضائقة من تلك المعاملة التي يعاملني بها شقيقي الوحيد ، نطقتها بقهر – ما لا ترونه أنتم ، أنه يتعامل معي وكأني فتاة سيئة السمعة أو هكذا سأصبح إن لم ينتبه هو لي !!

اتسعت عينا أمير بصدمة لتتبع هي بقوة : لا أفهم كيف يفكر بتلك الطريقة ألا يثق بي أبدًا ، ألا يستطيع أن يتفهم أنني لن أفعل أبدًا ما يسيء إلي أو إليه أو إلى العائلة عمومًا ، ألا يثق بشقيقته الصغرى التي تربت على يداه وترعرعت أمامه ، من يثق بي إذن ، إن لم يفعل هو ؟!

أطبق أمير فكيه قويًا ليجيبها بصوته الرخيم : ولماذا تتهمينه هو بعدم الثقة ، لماذا تشعرين بأنه يشك بتصرفاتك وبكِ ، ولا تتفهمين دوافعه في أنه خائف عليكِ حد الجنون وهو يعلم أنكِ أنقى من هذا الوسط الذي زججت نفسكِ به زجًا ، ضاربة بكل التقاليد والمعتقدات عرض الحائط ، لم تأبهي لرأيه ولا رفضه علام انتويته أنتِ ،

نظرت إليه بعدم استيعاب ليسألها بجدية : أخبريني إيناس ، إذا أخبرتك أنني الآخر غير راضٍ عن ما تريدينه ، هل سيغير هذا شيئًا من قراراكِ في امتهان الغناء والتمثيل ؟!

شحب وجهها قويًا لتمتم وهي تتحاشى النظر إليه : لكنك لست رافضًا

ابتسم بخفة ليهمس : لماذا توقعت ذاك رغم أنني لم أخبرك برفضي أو موافقتي ؟!

رمشت بعينيها كثيرًا لتلوي شفتيها في عدم معرفة لتسأله بقلق زرع بحدقتيها : هل أنت رافض بالفعل ؟!

__ لا تسألينني عن رأيي إيني ، فقط اعلمي أنني اثق بكِ كثقتي بنفسي فلا تخذليني أبدًا .

ترقرقت الدموع بعينيها لتهمس بصوت باك : هلا تسمح لي باحتضانك ؟!

هز رأسه نافيًا : بل أمانع يا صغيرتي ، ليس لأجلي فقط بل لأجلكِ أنتِ أيضًا ، لا يصح أن تحتضني أي شخصًا آخر غير شقيقك الغاضب هذا و زوجك المستقبلي .

تمتمت : ليتك كنت أخي أمير .

انتبها على صوت ليلى الغاضب على غير العادة تهتف بحدة : هل عدت لذلك الحديث الغبي ؟ توقفي يا فتاة بحق الله فلدينا أخ تتمنى الكثيرات لو رزقت بواحد مثله .

عبست بطفولية فضحك أمير بقوة وهي تشكل ملامحها بطريقة مرحة ساخرة من ليلى .

توقف عن الضحك لينظر إلى زوجته : أين اسما ؟!

__ لم أجدها بالفعل ولكني أبحث عن ياسمين فهي تعلم خفايا القصر عني أريدها أن تبحث معي .

قالت إيني ساخرة : اتركاها ستأتي الآن وإن لم تفعل فهذا أفضل من وجودها

رمقتها ليلى بغضب لتشيح برأسها بعيدًا ، قال أمير :لا تشغلي ياسمين بالبحث عن اسما فأنا سأفعل ، احتضن كفها بيده – تعالي معي .

راقبتهما إيني يغادران لتبتسم بغيظ وهي تراه يدلف للتو من بوابة القصر تتأبط ذراعه شقراء ، تعلم جيدًا أنها صديقته الأجنبية الجديدة!!

*********

__هل تبحثين عن أحدًا ما ؟!

شهقت بخوف فطري لتزفر بقوة وهي تنظر إلى وجهه المألوف ،عبست فجأة وهي تسأله بتعجب : ماذا تفعل هنا ؟!

ابتسم حتى ظهرت غمازته ليشير إليها على ملابسه : أعمل بالطبع .

رفعت حاجبيها بتعجب : أووه إذن سأتذوق طعامك أخيرًا أيها الشيف .

هز رأسه نافيًا ليعبس بغرور : توقفت عن صنع الطعام منذ زمن يا عزيزتي ، أنا الآن أدير الحفل ، أعمل كمدير لصالة الطعام ومسئولًا عن التقديم .

انحنت كتفيها : لن يكتب لي تذوق طعامك إذن .

__ بلى ستفعلين ، نطقها بمكر لتنظر إليه بحماس –ولكن في المنزل سأصنع لكِ شيئًا خاصًا بكِ .

صفقت جزلًا: أووه أخيرًا انتزعت منك وعدًا بصنع الطعام .

تأملها قليلًا ليهمس بصوت أجش : أنتِ قادرة عن نيل ما تريدين اسما .

اتسعت ابتساماتها بسعادة لتنتبه فجأة أنها كانت تبحث عن دورة المياه فتسأله سريعًا دون تفكير ، أشار إليها بالطريق ليهمس بجدية : سأذهب معك حتى لا تضلين الطريق مرة أخرى .

هزت رأسها بنفي وهي تفكر فيما سيحدث لو رآها بلال معه لتهمس : لا عليك سأذهب بمفردي ،

توترت نظراتها سريعًا وهي ترى ليلى التي ظهرت من أمامها بجانبها أمير لتبتعد عنه سريعًا وهي تشير إليه بالوداع وتقترب منهم لاهثه.

__ حمدًا لله لقد وجدناك .

حدق أمير بها وهو ينقل نظره بينها وبين هذا الشاب الذي لم يخفض بصره عنها لتهمس بتوتر : لقد ضللت طريقي وكنت أبحث عن دورة المياه أكملت وهي تلتقط نظرات أمير المتسائلة : كنت استفسر منه عن الطريق .

أشارت على أيمن وهي تتحدث سريعًا لتسألهما : أين بلال ؟! ألم يظهر إلى الآن ؟!

أخفض امير بصره عنها عندما شعر بأنه يوترها لتجيبها ليلى بأنه يقف مع أولاد الوزير وبعضًا من الأشخاص لابد أنه منغمس بعمل هام ولذا تأخر عليها .

ازدردت لعابها ببطء وهي تشعر بالخوف ينتشر بجسدها عندما همس أمير بجدية : أنا أعرفه .

نظرت له ليلى باهتمام لتهمس : أنا الأخرى اشعر بأنني أعرفه .

اقترب منهم بخطواته ليصافح أمير بترحيب ويومئ لليلى بالتحية : كيف حالكما ؟!

نظر له أمير باهتمام فابتسم أيمن بسخرية : ظننت أنكما لن تتذكراني .

__ بل تعرفت عليك منذ الوهلة الأولى ، أنت جار اسما ، أستاذ أيمن ، أليس كذلك ؟!

ابتسم أيمن بامتنان : بالفعل يا بك .

رحب به أمير بحفاوة ليشكره بجدية على مساعدته لاسما ثم يستأذنه ليبتعد هو وزوجته وتلك التي تموت رعبًا من معرفتهما سويًا !!

أطبق فكيه بقوة ليتمتم بخفوت لاعنًا غبائها : حمقاء .

*********

__ مرحبًا ايني .

نظرت له وعيناها تلمعان بسخرية تجلت قاسية في ملامحها : أهلًا نجم الجيل ، كيف حالك ؟!

نظر لها برقة : بخير طالما أنتِ بخير ، همس بصوت أجش وهو يقترب منها متوددًا – اشتقت إليكِ .

تأففت بطريقة ظاهره : توقف عن العبث يا حاتم ،

__لا أعبث

نطقها بحنق فأكملت – وماذا عن الصاروخ الأشقر التي أتت برفقتك ، أليست عبثًا ؟!

اقترب منها خطوة واحدة ليعض شدقه بقوة ويتأملها بنظرات تائقة : فقط امنحيني نظرة واحدة وسأفجر جميع الصواريخ وأتركهن كلهن من أجلك أنتِ ، أنتِ فقط إيني .

ضحكت بسخرية لتقف بطريقة استعراضيه وتنظر إليه بمكر : فعلًا؟!

أومأ برأسه سريعًا وكأنه يتمسك بطوق نجاة قبل الغرق لتتبع هامسه باستهزاء : للأسف أنت لست نمطي المفضل يا نجمي العزيز .

وقفت باعتدال : كف عن اللحاق بي من الأفضل لنا سويًا .

زفر بحنق ليجيبها بجدية : حسنًا إيني ولكن تذكري أنني ركضت وراءك كثيرًا وأنتِ لم تأبهي بي .

__ ولن آبه فابتعد عن طريقي .

رفع رأسه بكبرياء جريح ليتابع خطواتها بنظرات مغيمة بعشقه الأبدي لها ابتلع تلك الغصة التي استحكمت حلقه ،همس ببرود : سنرى يا ابنة سليم ، سنرى .

انتبه إلى تلك اليد التي حطت فوق كتفه : أنت هنا .

جمد وجهه وهو يتعرف على صاحب الصوت ليتلفت إليه : ماذا ترى ؟!

زفر الآخر بضيق : توقف عن تلك المعاملة يا حاتم .

__ توقف أنت عن اللحاق بي كلما رأيتني .

نظر له الآخر مليًا : عندما وجدتك ، أتيت لاطمن عليك وأسألك عن أحوالك .

قال بنفور : أنا بخير حال ، لا تشغل رأسك بي .

أتبع وهو يغادر فعليًا : بعد إذنك سأذهب لأبحث عن صديقتي وأستمتع بالحفل قبل أن تفسده علي .

غادره متمتًا بحنق وكان الشياطين تطارده : ما كان ينقصني إلا رؤيتك أنت ؟!

*********

ضحكتا سويا لتهمس لها بأن تأتي معها لتعرفها على بقية العائلة ، توقفت أمام بضعة من الفتيات لتبتسم ديدي بتوتر وهي تقدمها لهن : هذه خالتي " السيدة أنعام " حرم السيد الوزير ، ياسمين  كامل ابنة المستشار كامل توفيق وزوجة الباشمهندس وليد أخو أحمد الأكبر ، الآنسة فاطمة الخشاب " ابنة سيادة السفير أحمد الخشاب رحمه الله ، وزوجة الباشمهندس وائل الأخ الأوسط لأحمد ، وأخيرًا الجميلة إيمان آخر العنقود والابنة الوحيدة للعائلة وأصغرهم جميعًا ، أتبعت – السيدة مديحة المنصوري زوجة الدكتور محمود المنصوري

همهموا جميعًا بالترحيب  لتستأذنهم حرم الوزير في الذهاب والترحيب ببعض المدعوات  اللائي وصلن لتوهن ، استفسرت فاطمة : أنتِ تحملين لقب زوجك مثلما يفعلون في الخارج عندما يتزوجون !!

ضحكت ولاء لتهمس ديدي : لا أنه لقب عائلتي أيضًا ، فأنا وزوجي أولاد عم .

هزت رأسها بتفهم : آها كأحمد و ولاء ، إذن أنتما حب منذ الصغر مثلهما .

ازدردت لعابها : ليس كل زواج الأقارب نتاج حب منذ الصغر بل في بعض الأحيان يكون نتاج أشياء كثيرة آخرها الحب منذ الصغر .

قالت ياسمين : نعم أتفق معكِ بعض العائلات في الصعيد يجبرون فتياتهم على عدم الزواج من خارج العائلة حتى لا ينفرط إرث العائلة ويذهب للأغراب .

__ والعائلات الكبرى في الفلاحين أيضًا ، قالتها ديدي بمرح- الأمر لا يقتصر على الصعيد فقط .

عبست فاطمة بعدم فهم : لا أفهم ما تتحدثان بشأنه .

__ أنهم يتحدثون عن بعض التقاليد التي لم تعد موجودة تامي . قالت إيمان

__ بل بعض العائلات تقاليدها لا تتغير ، يظلون محتفظين بتقاليدهم مهما مر عليهم الزمان . قالتها ياسمين بحدة .

فنظرت فاطمة لديدي وسألتها مباشرة : لستم من تلك العائلات .

تحاشت ديدي النظر إليها لتصيح ولاء بمرح : لا طبعًا يا تامي ، دكتور محمود مغرم بديدي منذ الأزل .

ابتسمت ديدي بخجل أتقنته وهي تخفض نظرها لتتجمد ملامحها عندما رفعت عيناها لتجد تلك الفاطمة تنظر إليها مليًا ، ابتسمت فاطمة بإدراك لما يعتمل بداخلها لتقترب منها وتهمس : سعيدة بالتعرف عليكِ ، وأتمنى أن نتقابل مرة أخرى ،

شعرت بأطرافها ترتجف لتبتسم بلباقة : وأنا الأخرى سعيدة بالتعرف إليكم جميعًا .

تبادلت بعض الأحاديث معهن حتى انخرطت مع فاطمة في حديث خاص عن الأدب بعدما اكتشفا ولعهما المشترك بالأدب الإنجليزي ، لتصمت فجأة وهي  تراه يقترب مع شخص آخر طويل القامة قليلًا عنه ، يخطو باتجاههن كملك متوج يبتسم بمكر وهو يقترب من فاطمة يحتضن خصرها بذراعه يقربها منه يهمس لها بكلمات كثيرة خافته لتبتسم الأخرى وتتملص من ذارعه قليلًا فيضمها إليه مرة أخرى ، احتقنت أذني ديدي بقوة ، لكنها تنبهت لوجوده معها والآخر يتحدث بصوت رخيم ذو بحة قوية : تعال يا دكتور لأعرفك بزوجتي السيدة فاطمة الخشاب .

__  آنسة ولازلت خطيبته ، صححت له فاطمة بمرح ليعبس هو –عُقد قراننا منذ عام وحفل زفافنا بعد ثلاثة أشهر .

__ولكني لازلت خطيبتك .

تأملها بغيظ لتضحك بمرح في حين أخفض محمود عينيه عنهما ليقول وائل : انتظري قليلًا ودعيني اكمل التعارف بينكما ، تامي هذا هو دكتور محمود طبيب وشريك في مشروعنا القادم   .

__تشرفنا يا دكتور ولكني أعرفه

رفع محمود عينيه سريعًا إليها في حين عبس هو لتتابع هي بعفوية : أنه زوج ديدي أليس كذلك ؟!

ردد محمود بدهشة وهو ينظر إلى زوجته : ديدي ، ابتسم بمرح – نعم أنا زوج ديدي .

رفع وائل حاجبيه بتعجب  ليومئ إلى تلك الواقفة أمامه تحتقن خجلًا : مرحبًا بك يا هانم

تمتمت بالرد الخافت ليقترب منها محمود  ويتحدث معهما قليلًا يبتسم على مشاكسات وائل لخطيبته وينظر إلى وجهها المحتقن بقوة على  مشاكسات الثنائي أمامهما ليقول أخيرًا بعد أن أشفق عليها من خجلها القاتل : حسنًا ، استأذن انا فلابد أن ننصرف .

صافحه وائل بقوة في حين صافحتها هي بود وهما يودعان بعضهم بكلمات لائقة .

__تعالِ لأودع أحمد قبلما ننصرف ،همس لها وهما يسيران سويًا - أرى أنكِ اندمجت مع الجميع هنا .

هزت رأسها سريعًا فأتبع بفخر لمع بحدقتيه : كنت أعلم بأنكِ ستفعلين ، أرأيت لا داعِ لتوترك

__ نعم كنت محقًا فهم عكس ما يبدون من الخارج .

ابتسم بخفة : لا تغترين أبدًا بالمظاهر ديدي فالبواطن تختلف كثيرًا عما تظنين.

نظرت إلى حدقتيه اللامعتين وهي تشعر بأنه يريد شيئًا من وراء حديثه لتهز رأسها سريعًا وتأجل التفكير لما بعد فهي لا تريد إفساد ليلتها ، فرغم كل شيء هي استمتعت بحفل سبوع حفيد الوزير كثيرًا !!

*********

لوت شفتيها بضيق وتلك السيدة المملة تخبرها بأن الهاتف الذي تحاول الاتصال به غير متاحًا حاليًا ، ركنت الهاتف فوق شفتيها وهي تتسأل عن مكان وجوده ولماذا لا يجيب هاتفه منذ الصباح ، قلقه هي عليه ومشتاقه إليه ، انتفضت بقوة عندما صاح نزقًا فيها : إلى من تتحدثين الآن ؟!

ازدردت لعابها بقوة وهي ترتجف خوفًا ، هزت رأسها وهي تستجمع بعضًا من صوتها لتجيبه قبل أن ينهال فوق رأسها بتقريعه المهين لها ، ليسحب من يدها الهاتف ناظرًا به ثم يلوي شفتيه بلا مبالاة : لا تهاتفيه ثانيةً اليوم فهو بحفل خاص بعمله ولن يستطع الرد عليكِ .

نظرت له بدهشه لتمتم بخفوت : هل عرفت من ديدي ؟!

__ بل محمود من أخبرني عندما حدثني اليوم يسألني عن أحوالي ، يقرئك السلام .

__ سلمك الله أنت وهو ، أتبعت – لماذا لم تأتي بديدي لتمكث معنا فهو من المؤكد سيعود متأخرًا وليس من الأفضل أن تجلس بمفردها ليلًا .

ضحك هازئا :لماذا ؟! أسيلتهمها عفريت الليل إذا بقيت بمفردها ؟!

رمشت بعينيها كثيرًا وهي تحنى رأسها بصمت ليتبع هو بغضب مكتوم : ليس الجميع مثلك يا ابنة العم .

غادرها بخطوات كسولة وهو يمنحها تحية المساء ، يتلاعب بهاتفه كعادته ملتقطًا إحدى ثمرات التفاح  الناضجة والتي ابتاعتها من أجله صباحًا وتحرص على تواجدها الدائم على طاولة الطعام أمامه فهو مولع بالتفاح الأحمر كما اكتشفت بعد زواجه منه !!

نهضت واقفة وهي تشعر بالملل يتسرب لعمق روحها فتتجه إلى شرفتها بعد أن ارتدت اسدال الصلاة خاصتها ، تريد استنشاق بعض الهواء المنعش والاطمئنان على عصافيرها النائمة بهناء .

انتفضت مرة أخرى على صوته الجهوري يصيح بها : لا تقفين الآن الشرفة حتى لا تمرضين فأنا لا مزاج لدي لأركض بكِ إلى الطوارئ كالمرة الماضية .

كتمت تنهيده حارة كادت أن تزفرها بداخلها لتعود إلى الداخل بهدوء مميت ، همست وهي تمر بجواره : تصبح على خير .

أجابها بلا مبالاة وهو يتشاغل بانتقاء ثمرة أخرى من ثماره الحبيبة متجاهلًا احتياجها الصامت له ، ليزفر بقوة عندما استمع إلى صوت إغلاقها لباب غرفتها كالمعتاد فيهمس بحنق : ليلة أخرى مملة كسابقيها !!

Continue Reading

You'll Also Like

4.1K 283 15
لم تفق وأستمر هو بصفع خدها إلي أن مل!، فذهب إلي المطبخ وأتي بكوب مياه باردة وسكبه علي وجهها بحده فاستيقظت تشهق وكأنها تغرق بالمحيط تحاول جلب الهواء إ...
11.1K 1.2K 16
ماذا لو كان ما تبحث عنه غير موجود في عالمك؟ ولكنه متواجد بعالم آخر موازي لعالمك. ماذا لو تمكنت من العبور لعالم مختلف عن عالمك؟ ولكن يوجد به كل ما تت...
5.2K 173 31
الأخطاء لا تُطمس والذنوب لا تُمحى! نحن نتوب عنها... نتقبلها.. نتعايش معها... ثم نسعى لإصلاحها ما استطعنا... فإن أخطأت يوما كن قويا.. قل فعلت ولكن...
3.6M 54.2K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...