الفصل ال٢٩ ج٣

2.4K 72 6
                                    

عائد بسيارته وهي تجاوره يرمقها بطرف عينه ، يبتسم براحة وسعادة تشع من داخله ، فرح بوجودها إلى جواره ، رغم اعتراضها على حضورها حفل الزفاف معه ولكنه انتزع موافقتها وخاصة حينما وافق أخيها على ذهابها معه ودحر أسبابها في عدم ارتباطهما الرسمي ، بتحديد موعد عقد قرانهما أخر الأسبوع ، وأن الخاتم الذي دسه هو في إصبعها بوقت سابق يعلن عن شبه ارتباط سيصبح رسميًا قريبًا .


لقد كانت متشنجة بأول الأمر ، يتصلب جسدها بتوتر كلما اقترب منهما أحدًا ، كان خجلها جليًا وخاصة حينما كان يبلغ معارفه عن ارتباطهما الوشيك ، ولكن مع الوقت تأقلمت مع وضعهما الجديد ، اعتادت إمساكه لكفها .. قربه منها .. حديثه عنها ومعها ، تنهد بحرارة وهو يشعر بقلبه يهدر بصخب يعلن عن فرحته الجلية بوجودها معه ، ليبتسم برقة ويتوقف بسيارته أسفل البناية : ها قد وصلنا .


ابتسمت وهي تتحاشى النظر إليه : شكرًا لك .


__ علام ؟! سألها متعجبًا لتهز كتفيها بلا رد فيتابع ضاحكًا - بل شكرًا لك ، لأنك وافقت على الحضور معي ، شكرًا لك لأنك دخلت حياتي .


غمغمت باسمه في صوت خُنق بخجلها منه فيهمس : تريديني أن أتوقف عن الحديث ، أليس كذلك ؟!


ضغطت شفتيها سويًا لتهمهم : فقط لا أستطيع التعامل معك وأنت تتحدث هكذا .


ابتسم باتساع فلمعت غمازتيه وأنارت وجهه : اعتادي على تغيري يا حبيبتي .


احتقن وجهها بقوة لتخفض رأسها بقنوط أزعجه فيسألها عم أصابها لترفع رأسها وتنظر اليه بجدية : هل تتوقع أن يوافق أباك على الزواج ؟!


جمدت ملامحه ليتمتم بعد قليل : لم أطلب رأيه ولا موافقته .


شحبت ملامحها : كيف ستتزوج مني وهو رافض لزيجتنا ؟!


هز كتفيه بتمرد اعتلى هامته : لا يهمني رفضه أو موافقته ، أنا رجل كبير على مشارف الأربعون ، وأتخذ قراراتي بنفسي ، وهو غير معني بالأمر .


رددت بذهول : غير معني بالأمر !! غير معني بزواج بكره من فتاة لا يريدها زوجة لابنه ، وهل من المفترض أن أوافق أنا على انضمامي إلى عائلة ترفض وجودي .


نظر إليها بجدية : أنا العائلة يا دعاء ، ولا وجود لأحدًا غيري ، وعائلتي التي تهمني سآتي بها بأخر الأسبوع لعقد قراننا رسميًا ألا تعترفين بعائلتي تلك ؟!


__ أية عائلة ؟ ! صاحت بثورة فأجاب بهدوء - أنا وأخي ووالدة أخي و زوجة أخي ومربيتي وأمي ، ألا يكفيك هؤلاء ؟! هل وجود أبي ضروريًا لهذه الدرجة التي تجعلك ترفضين الزيجة لعدم وجوده ؟!


سحبت نفسًا عميقًا لتهمس : لا يا يحيى ، بل وجودك بمفردك يكفي ولكني ..


صمتت قليلًا لتتبع بهمس مرتعش : خائفة ، بل مرتعبة أباك ذو نفوذ كبير وإذا قرر أن يحارب زواجنا ، سينفيني من على وجه الأرض ، لقد أخبرتك من قبل حتى لو تغاضيت عن الفارق الاجتماعي بيننا ، عن تربيتك الفخمة بقصر كبير محاط بالعناية والتدليل الشديد من كل الناس حولك ، وتربيتي الفقيرة الكادحة ، لا يغرك تلك البناية الحديثة بشكلها العصري فبيتنا القديم كان بسيطًا ولونه شاحب ولكنه هُدم فوق رؤوسنا وعليه نقلنا إلى تلك العمارات الجديدة ، إذا أغمضنا عيوننا الناس لن تصمت ولن تدعي عدم المعرفة ، أباك لن يقبل بي ، سيسأل عني ويعرف أصلي وفصلي ونسب عائلتي الكادحة.

رواية فرصة اخيرة .. الجزء الثاني من سلسلة حكايا القلوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن