عائد بسيارته وهي تجاوره يرمقها بطرف عينه ، يبتسم براحة وسعادة تشع من داخله ، فرح بوجودها إلى جواره ، رغم اعتراضها على حضورها حفل الزفاف معه ولكنه انتزع موافقتها وخاصة حينما وافق أخيها على ذهابها معه ودحر أسبابها في عدم ارتباطهما الرسمي ، بتحديد موعد عقد قرانهما أخر الأسبوع ، وأن الخاتم الذي دسه هو في إصبعها بوقت سابق يعلن عن شبه ارتباط سيصبح رسميًا قريبًا .
لقد كانت متشنجة بأول الأمر ، يتصلب جسدها بتوتر كلما اقترب منهما أحدًا ، كان خجلها جليًا وخاصة حينما كان يبلغ معارفه عن ارتباطهما الوشيك ، ولكن مع الوقت تأقلمت مع وضعهما الجديد ، اعتادت إمساكه لكفها .. قربه منها .. حديثه عنها ومعها ، تنهد بحرارة وهو يشعر بقلبه يهدر بصخب يعلن عن فرحته الجلية بوجودها معه ، ليبتسم برقة ويتوقف بسيارته أسفل البناية : ها قد وصلنا .
ابتسمت وهي تتحاشى النظر إليه : شكرًا لك .
__ علام ؟! سألها متعجبًا لتهز كتفيها بلا رد فيتابع ضاحكًا - بل شكرًا لك ، لأنك وافقت على الحضور معي ، شكرًا لك لأنك دخلت حياتي .
غمغمت باسمه في صوت خُنق بخجلها منه فيهمس : تريديني أن أتوقف عن الحديث ، أليس كذلك ؟!
ضغطت شفتيها سويًا لتهمهم : فقط لا أستطيع التعامل معك وأنت تتحدث هكذا .
ابتسم باتساع فلمعت غمازتيه وأنارت وجهه : اعتادي على تغيري يا حبيبتي .
احتقن وجهها بقوة لتخفض رأسها بقنوط أزعجه فيسألها عم أصابها لترفع رأسها وتنظر اليه بجدية : هل تتوقع أن يوافق أباك على الزواج ؟!
جمدت ملامحه ليتمتم بعد قليل : لم أطلب رأيه ولا موافقته .
شحبت ملامحها : كيف ستتزوج مني وهو رافض لزيجتنا ؟!
هز كتفيه بتمرد اعتلى هامته : لا يهمني رفضه أو موافقته ، أنا رجل كبير على مشارف الأربعون ، وأتخذ قراراتي بنفسي ، وهو غير معني بالأمر .
رددت بذهول : غير معني بالأمر !! غير معني بزواج بكره من فتاة لا يريدها زوجة لابنه ، وهل من المفترض أن أوافق أنا على انضمامي إلى عائلة ترفض وجودي .
نظر إليها بجدية : أنا العائلة يا دعاء ، ولا وجود لأحدًا غيري ، وعائلتي التي تهمني سآتي بها بأخر الأسبوع لعقد قراننا رسميًا ألا تعترفين بعائلتي تلك ؟!
__ أية عائلة ؟ ! صاحت بثورة فأجاب بهدوء - أنا وأخي ووالدة أخي و زوجة أخي ومربيتي وأمي ، ألا يكفيك هؤلاء ؟! هل وجود أبي ضروريًا لهذه الدرجة التي تجعلك ترفضين الزيجة لعدم وجوده ؟!
سحبت نفسًا عميقًا لتهمس : لا يا يحيى ، بل وجودك بمفردك يكفي ولكني ..
صمتت قليلًا لتتبع بهمس مرتعش : خائفة ، بل مرتعبة أباك ذو نفوذ كبير وإذا قرر أن يحارب زواجنا ، سينفيني من على وجه الأرض ، لقد أخبرتك من قبل حتى لو تغاضيت عن الفارق الاجتماعي بيننا ، عن تربيتك الفخمة بقصر كبير محاط بالعناية والتدليل الشديد من كل الناس حولك ، وتربيتي الفقيرة الكادحة ، لا يغرك تلك البناية الحديثة بشكلها العصري فبيتنا القديم كان بسيطًا ولونه شاحب ولكنه هُدم فوق رؤوسنا وعليه نقلنا إلى تلك العمارات الجديدة ، إذا أغمضنا عيوننا الناس لن تصمت ولن تدعي عدم المعرفة ، أباك لن يقبل بي ، سيسأل عني ويعرف أصلي وفصلي ونسب عائلتي الكادحة.
أنت تقرأ
رواية فرصة اخيرة .. الجزء الثاني من سلسلة حكايا القلوب
Romanceأشار إليها بالاقتراب فأطاعت في مرح وعفوية سكنت حدقتيها تسأله عم يريد فيبتسم بمكر ويعدل من وضع نظارته الشمسية ويسبل أهدابه مخفيًا نيران شوقه التي اندلعت بقوة فأضاءت حدقتيه بلون كهرماني مخيف . جذبها من كفها بخفة ليحتجزها بين ذراعيه وعجلة القيادة فسأل...