الفصل ال١٣

2.5K 79 5
                                    



خطت إلى خارج باب منزلها وهي تزفر بضيق ، لو كان الأمر بيدها لما ذهبت اليوم إلى العمل ، لا تريد رؤيته ، ولا رؤية الأخرى التي تنغص عليها حياتها ولكنه شر لابد منه ، إلى أن تصل إلى كل ما تحتاج ستتركه دون عودة ، ولكن تريد أن تفهم .. تدرك .. تتأكد من حقيقة شكوكها وتتيقن من صحة حدسها .

أغلقت الباب من خلفها لتتسمر قدميها وهي تراه خارج من باب شقته هو الآخر ، عضت شفتها وأخفضت بصرها وهي تهمس بنبرة مرتعشة وقلب واجف : صباح الخير .

كتمت تنفسها وهي تنتظر رد فعله لترمش بعينيها وهي تستمع إلى تحيته الجوفاء فترفع رأسها بردة فعل صاعقة وهي ترى خطواته السريعة ، لم تستطع منع نفسها من الصياح باسمه وهي تتبع خطواته السريعة شبه راكضة لتجبره أخيرًا على الوقوف في آخر السلم من أسفل ، نظر إليها بملامح جامدة ونظرات مستفهمة ، فزاغت حدقتيها وهي تهمس باسمه في نبره شبه متوسلة فيجيب بصوت جاف : نعم يا آنسة ، هل أستطيع أن أخدمك بشيء ؟!

نظرت إليه في ذهول لتجيب بتلعثم : لا ، أنا فقط ..

صمتت قليلًا قبل أن تهمس بصوت مخنوق : أردت الاطمئنان عليكِ .

أتتها ضحكته القصيرة المستهزئة كصفعة فوق وجهها وهو يردد : الاطمئنان علي ؟!

عبس بتعبير ساخر : مما ؟! هل أخبرك أحدهم بأني تعرضت إلى حادث لا قدر الله ؟!

تمتمت سريعًا بعد أن هزت رأسها نافية  : بعد الشر عنك ، ولكنك اختفيت فلم أعد أراك ، لذا أردت أطمئن أنك بخير .

اتسعت ابتسامته الساخرة ليقول  بعملية : بل أنا بألف خير ، لا تقلقي ، شكرًا على سؤالك .

نظرت إليه بذهول وهو يسرع خطواته ، يغادر دون أن يلق بأي حرف آخر بعد شكرها ، لتشعر بالصقيع يدب في أوصالها ، والبرودة تتمكن من خفقات قلبها ، لقد ابتعد كما أخبرها ، فهو سأم من عدم فهمها ،سأم من حماقتها ، غادرها بعد أن تعلق به قلبها !!

أسرع بخطواته وهو يغلق شفتيه بصرامة ، ينهر نفسه وخافقة الذي ابتهل إليه أن ينهل من ملامحها بعد أن كاد الشوق يفتك به ، ولكنه أبى أن يركع إلى سلطانها من جديد ، يكفيه ما تحمله بسببها ، يكفيه تلك النيران التي حرقته على مدار ليالٍ طويلة وهو يفكر في شخص آخر يملكها .. تنتمي اليه .. تخصه ، بينما - من المفترض-  أن تنتمي إليه هو ، تخصه هو ، ويملكها هو ، يتمتع بحقوق لم تكن أبدًا ملك لآخر ، لأن ببساطة هذا الآخر –أبدًا- لم يملك قلبها !!

***

تأففت بضيق وهي تصف سيارتها في ساحة الجامعة لتنزل الهاتف من فوق أذنها وهي تتوعده بحدة : حسنًا يا ابن الوزير سنرى كيف لا تجيب اتصالاتي .

زمت شفتيها بقوة وهي تتذكره البارحة كيف أوصلها إلى المنزل دون أن يشاكسها كعادته بل ظل صامتًا .. غامضًا بملامح وجهه الجامدة ، لم ينظر إليها وهي تمنحه تحية المساء ليهز رأسه ويغمغم بشيء لم تستطع تبينه ، زفرت حينها بضيق وقالت بدلال تعمدته : وائل لم يحدث شيء لكل هذا ، كف عن غيرتك الغير مبررة .

رواية فرصة اخيرة .. الجزء الثاني من سلسلة حكايا القلوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن