|14|• بيت العنكبوت

675 40 36
                                    

Dedicated for 17xlli

قد تستيقظ بسبب كابوس لعين، ويبقى أثره حيًّا لبعض الوقت، وتفزع من أيّ تفصيل يذكرك به.

كوابيسي كانت أمامي طوال الوقت، ترقص على ما بقي بي من العقل.

والدي توفيَ عندما كانت أمّي حاملا بي، لا أذكر عنه سوى وجه مبهم، طول فارعٍ، وإبتسامة دافئة إستوطنت الصور وذهبت كلّها حين تمّ سحبنا من منزلنا وإلقاؤنا في ميتمٍ بائس يتبع المعبد الذي إحتجز أوجيني.

لا أنكر أنّ بعض الأيّام حملت السعادة والراحة حتّى مع نسائمها. ولكنّ العالم كان داكنًا في أعيننا أنا وأوليفيا بعد أن إختفت والدتنا في صبيحة أحد الأيّام دون أيّ أثر أو رسالة وداعٍ.

تُركنا وحدنا لينهشنا جدّي حين تمّ إستدعاؤه من قبل الشرطة يوم لجأنا لهم وأخبرناهم عن إختفاء والدتنا.

رفض الوصاية وألقانا وكأننّا لسنا لحمه.

اللحم إذا نتنت رائحته لن يحمله غير أهله، كان هذا المثل الشعبيّ خاطئا بالكامل.

إذا فسد اللحم أوّل من يلقيه سيكون أهله.

كانت أوليفيا تقول أنّ أمّنا قد رحلت إلى وطنها في الدرك الأسفل من العالم، العالم الذّي ضاع ضياءه ذات يومٍ ولم يعد.

الوطن الذّي كانت تجعلنا نحفظ إسمه وأننّا يجب أن نعود إليه في آخر المطاف.

لم أذهب إلى العمل في اليومين الماضيين، ولم أعد إلى المنزل منذ ثلاثة.

كنت أهوم داخل المدينة دون أيّ هدف، كنت أنحدر وأسقط نحو الحضيض يوما بعد يوم.

يلاحقني شعور بعدم الأمان، وأسقط داخل الوهم بين الفينة والأخرى فأخشى ضياع عقلي في لحظة سهو منّي.

قبل أسبوع، كنت قد إتّفقت مع ماريان على الذهاب إلى بنياريا في زيارة لأوجيني.

كنت بخير، ولا أدري متى بدأت علمات السوء تظهر.

جسدي قد شقّته شرايين سوداء نابضة، تثور أحيانا فتزرع بي الألم وترديني صرِيعا لها.

لم أشأ أن تراني ماريان فتخشاني، لم أكن أشكّ في ولائها وحبّها؛ ولكنّ عقدتي من الكهنوت بعد موت أوليفيا قد عادت بقوّة بعد أن إستيقظت بؤر النحس في جسدي.

نفس البؤر التي جعلت أمّي ترحل، وجعلت المعبد يقتل أوليفيا.

حدّقت بالأفق، حيث صلة السماء بالأرض تختفي وراء البنايات العاليَة.

كنت أسير في أحواز المدينة، حيث يقلّ البشر، وتتوزّع قصور الأغنياء المنمّقة بأشجار مقلّمة على الجانبين.

كان المارّة من ساكنيها يحدّقون بي في توجّسٍ بينما ينزّهون كلابهم التي تمشي بزهوٍ كأنّها تدرك أنّ مالكيهم من الطبقة المخمليّة.

وسمٌ منذ الأزل Where stories live. Discover now