الفصل الســابع والعشرون.

3.4K 130 12
                                    

#مملكة_الشياطين.
#الفصل_السابع_والعشرون.

"سبحان اللّه والحمد للّٰه ولا إله إلا اللّٰه واللّٰه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّٰه العلي العظيم."🧡

أبعدها عنه برفق يتلمس موضع صفعة خالته سميحة بحنان لترتعش بشرتها تحت لمسته فتسري بجسده قشعريرة جعلته يبعد كفه فى الحال وهو لا يصدق أنه فعلها حقًا، إرتوى قلبه من قربها، أصبحت زوجته ملك له، يتشبع من ملامحها التي حللت له ينظر لها كيفما شاء وكلما شاء!
أراد أن تمنحه عناق أخر يشبع فيه قلبه المتطلب أن تسكن جسده حتى تبث الطمأنينة له، بأنها وأخيرًا أصبحت له.
_ ياسين آسفة أني حضنتك أنت ممكن تكون مش عايز كدا، بس أنا كنت محتاجة حد يطمني، محتاجة كتف أميل عليه..
كاد أن يوقفها تلك البلهاء، هذا جل ما أراده أن يشعر بإنتمائها له بعناقها، ولكنها واصلت سريعًا:
_ ياسين أحنا الاتنين مخترناش دا، أقصد يعني أننا نتجوز، تعدي فترة بس وبعدها نطلق.
أحس بكم التشتت والألم الذي تعانيه، فرض عليها الزواج مرتين على التوالي، ابتعد خطوتين للخلف يدقق النظر بها ولأول مرة لا يشعر بالذنب، تنهد قائلًا:
_ تمام يا نورسين، حياتنا هتمشي كيف ما أنتِ رايدة..
لم يستطع قول أي شيء أخر، ولكنه اقترب ليضم وجهها بين كفيه ليجد وجهها شديد البرودة وعبراتها تتزاحم فى جفنيها، همس بصوت متحشرج هادئ:
_ نورسين اطلعي لأوضتك ارتاحي.
هزت رأسها وابعدتها عن مرمى كفيه فتعلقت يداه بالهواء ونظراته تلاحق طيفها بأسى وبفرحة أيضًا، كأنه خلط مع بعض الملح سكر!..
______
انتهت الليلة بكل صدماتها التي صعقت قلوبهم، ليلجئوا إلى غرفهم لينالوا قسطًا وفيرًا من الراحة بعد هذا اليوم المشدود.
تضغط على شفتيها من فرط خجلها وسعادتها معًا تحلق الآن كالفراشة بألوانها المبهجة التي تفرد ذراعيها للحياة فى غرفته تتمعن بكل جزء منها وعيناها تبرق بفرحة جارفة تنتظره ووجيف قلبها يتعالى ترسم أحلامًا وردية معه، ستشق من وسط حزنهما وفجوتهما ذكريات تنير طريقهما..
دخل ببطء يدعك جبينه بأصبعيه الإبهام والسبابة، تائه فى خيوط حبها، وقلبه ينازعه بعضه يتوق للمسها والبعض الآخر يأمره بجفاها فما ارتكبته لن يغتفر، وبعضه لا يرحم بعضه!
توجه تجاه خزانته بصمت تجاهلها كأنها لم تكن وهذا ما أرهق قلبها، ابدل ملابسه وتوضى وخرج يصلي تحت أنظارها التي تتفاقم غيظًا من بروده تجاهها.
لا لا لن تصبر بعد الآن، فهو تجاهلها تمامًا وتوجه إلى فراشه مغلقًا الإضاءة، نهضت بعنف تشعل الإضاءة لتقف بجانب رأسه هاتفة بغيظ:
_ جاسر مش هو أحنا كان فرحنا النهاردة!
لم يرد عليها أو يتحرك حتى، لتصيح باسمه معترضة:
_ جاسر!
رفع رأسه لها يقول ببرود استفزها:
_ وأيه يعني، هو إحنا عالجنا خرم الأوزون، ولا حررنا فلسطين! دي ورقة وهتتقطع بسهولة يعني.
رفعت كفيها فى الهواء تقبضهما بغيظ لتقول تستعطفه:
_ جاسر هو أحنا مش زي أي عريس وعروسة فـ ليلة دخلتهم.
_ وبعدين؟
قالها مستفسرًا بإقتضاب، لترد عليه بعصبية وعفوية:
_ مش هنلعب عريس وعروسة؟
قهقه جاسر بقوة على ما تفوهت به وتدفق الحمرة الخفيفة التي غزت وجنتيها وأنفها، اعتدل يرمقها بمكر يقول وهو يخلع "تيشيرته":
_ شكلك مستعجلة وأنا معنديش مشكلة إطلاقًا.
غمز لها بوقاحة لتضع كفيها أمام وجهها تخفي خجلها هادرة:
_ أيه اللي أنت بتعمله دا!
لم يجيبها ولكن شعرت برياح ساخنة تعصف بجسدها لتستدير مصتدمة بصدره العاري لتصيح به:
_ أيه قلة الأدب دي! قرب تاني كدا، ااا قصدي ابعد كدا.
لم يستمع لها، وهي مضطربة من قربه الذي يزداد ليعذبها، همس بأذنها بصوت أجش:
_ أيه قلبتي قطة يعني! خرستي خالص.
اجفلت عندما امتدت يده تجذبها من خصرها وجسدها أصابه صعقة كهربائية، دنا منها بشدة ومازالت أنفاسه تزداد سخونة تلفح بشرة وجهها..
شهقت بعنف عندما اصتدم جسدها بالفراش خلفها وجاسر يهددها:
_ نامي يا سيلا أحسن لك، لأني لو قربت هأذيكِ ودي مش أخلاق جاسر الهلالي.
تكورت على نفسها بخوف تسحب اللحاف على جسدها، تتمتم بنزق ليصرخ بها:
_ مش عايز اسمع نفس.
ابتلعت حروفها مع أنفاسها، لتلجأ للنوم سريعًا أما هو فتوجه للحمام ليأخذ دوش بارد، فقربه لم يكن يعذبها وحدها فهو كاد أن ينتزع قلبه منه من شدة طربه..!
_________
هذا الزفاف كان محطة وقف عندها ليحسب خطواته القادمة، أدرك اليوم فداحة فعلته أو لنقل أزاح غشاوة الجنون والتملك عن قلبه ليترك لها كامل الحرية لترسم طريق علاقتهما بنفسها، فلو أحبته تكمل معه طريق حبهما، وإن رأت أنها مجبرة للآن فـ.....
فماذا! ستكون لديه القدرة لتحريرها من قيود العشق الذي يكبلهما!
سيقطع وثاقهما الغليظ الذي يربط خيوط قلبيهما!
دخلت الغرفة بهدوء تتقدم منه، فنهض هو يدخل الحمام لتقف على بابه تسده عليه تسبل عينيها تقول  مستفهمة:
_ زمقان ليه يا صعيدي عاد؟
وارى نظراته الحائرة عنها ليتنحنح مجيبًا:
_ مازمقانش ولا حاجة، عايز أريح هبابة.
كاد أن يتحرك خارجًا مغيرًا طريق سيره لتسرع ممسكة بكفه تقول بتذمر متدللة:
_ وه هتهملني لحالي يا منتصر عاد!.
عاد إليها قائلًا بإقتضاب:
_ رايدة أي يا وداد؟
عبست بوجهها لتدفعه برقة قائلةً:
_ روح يا منتصر، ما ريداش حاجة منيك واصل.
تركها بقلب محطم وهو يتذوق الويل من ضميره وقلبه الذي يعشقها.
_____
نزلت لأسفل ومازال عبوسها يطلي وجهها لتستقبلها ليلى:
_ صباح الخير يا وداد، عامله أيه يا بنتي؟
_ زينة يا خالة ليلى.
قالتها وهي تجلس لتلاحظ ليلى عبوسها لتسألها بحنو:
_ مالك يا وداد، في حاجة مضيقاكِ.
هزت رأسها نافية تقول:.
_ لاه كل حاجة تمام.
ربتت ليلى على رأسها لتميل وداد على كتفها متنهدة لتعود ليلى تسألها:
_ قولي يا بنتي لو في حاجة مزعلاكِ؟ ممكن أساعدك.
صمتت وداد، فهي لا تحب الشكوى لتستدرك ليلى:
_ أنتِ متخانقة مع جوزك يا وداد!
لم تلقَ أي رد منها لتواصل:
_ منتصر طيب وحنين يا بتي مش أنا اللي هقولك.
اعتدلت وداد تنتبه لها قائلةً:
_ حاساه عيبعد عني يا خالة، وحديته إمعاي بقى قليل واصل، وأني معرفاشي أسوي أيه واصل.
ربتت ليلى على ظهرها تقول برفق:
_ قربي منه يا وداد، الراجل لما يحس أنه الوحيد اللي بيبذل فـ العلاقة هيمل أو هيفتكر أن مراته مش بتحبه، لما يكون زعلان منك متسيبهوش خالص، اتكلمي معاه أعرفي السبب، ومتستنيش أنه ييجي ويشكيلك أو الأمور تتعدل لوحدها، حسسيه أنك محتاجاه وأنك بتحبيه، قدمي ليه حنيتك وحبك، حافظي ع جوزك يا وداد.
ربتت على ظهرها مرة أخرى ونهضت تاركة إياها تجمع شتات تفكيرها، وعزمت على حل أمورها بنفسها ولا تتركها للصدف.
_______
انزوى فى أحد أركان الغرفة بخوف مضحك وملامح وجهه منقبضة يتمتم بسخط:
_ أيه أيه هو كلكم عليا ولا أيه!
شمر جاسر عن أكمامه يتقدم منه بخطر وملامحه لا تبشر بالخير إطلاقًا يقول بهسيس من بين أسنانه بغضب مكتوم:
_ بتتصرف من غير ما ترجعلنا يا يوسف؟ عامل فيها سبع رجالة فـ بعض تاخد نور من الفرح!
نفى يوسف سريعًا وكاد أن يلتصق بالجدار خلفه من تراجعه:
_ لا يا جاسر أنت الكبير والعاقل اللي فينا هتمد أيدك عليا دا غلبان وبجري ع كوم لحم.
_ أنت خليت فيا عقل من جنانك أنت وست نور.
قالها جاسر بإنفعال حاد وكاد يوسف أن يمت رعبًا.
_ لا سبهولي أنا يا جاسر.
هدر بها ياسين، لتزوغ حدقتا يوسف ليقول بخوف:
_ لا والنبي يا عمدة بلاش أنت اللّٰه يسترك، اضربني أنت يا جاسر.
كتم ياسين ابتسامته على هيئة يوسف ليواصل تقدمه ببرود يرعبه ليحاول يوسف أن يجد أي مبرر لإيقاف هذا الوحش الذي سينقض عليه ليقول سريعًا:
_ الحق عليا يعني، كل واحد خد اللي هو عايزه ودلوقتي هتضربوني.
وقفا جاسر وياسين بإهتمام يستمعا له ليكمل حديثه:
_ لو كنت مساعدتهاش مكنتش هتتجوز سيلا يا جاسر ولا أنت يا ياسين كنت هتتجوز البنت اللي بتحبها.
صدم جاسر لينظر لياسين منتظرًا تعليقه، ليردف يوسف:
_ فاكرني أهبل ولا مختوم ع قفايا عارف كويس قوي مين بيحب مين، ياسين بيحب نور من وإحنا عيال بس هو تقيل وجبلة مش بينطق.
تنحنح جاسر يسأل ياسين:
_ أنت بجد بتحبها؟ طب مقلتليش ليه.. دا أنا كنت هتجوزها!
صمت ياسين وليس له مبرر لحماقته وإستسلامه للأمر الواقع فهو لم يحارب لأجل الفوز بحبيبته، بل ابتعد فحسب.
اجلى حنجرته يقول:
_ الحمد للّٰه، سبحانه غير كل الأمور وقلبها عشان تاخد اللي بتحبها وأنا كمان.. وأنا كمان نورسين بقيت من نصيبي.
تمتم يوسف بخفوت:
_ لكِ اللّٰه يا نور، أنا لازم أخد بالي كويس وأبعد عنها دا صعيدي وممكن يطخني عيارين.
_______
استيقظت تفرك عينيها كأن ثقل عليها، فيوم الأمس كان حافلًا بالصدمات وأخرهما زواجها من ياسين!
ياسين رجل بحق يهتم بها يوجهها، لا ترى أي مشكلة به، فهو رغم قسوته عليها فى بعض الأحيان إلا إنه حنون جدًا يعطي بلا مقابل.
نهرت نفسها بشدة قائلةً:
_ لا لا... ياسين أيه؟ دا بيحب رضوى، أكيد هو زعلان دلوقتي عشان متجوزهاش.. ورضوى كمان كانت مش طبيعية إمبارح، أكيد هي كمان بتحبه وزعلانة أنه اتجوزني.
نهضت عن فراشها وتوجهت للمرحاض، وبعد نصف ساعة كانت تنزل لأسفل وضربات قلبها تدق كالطبول، تمرر نظرها على الجميع لتلقي تحية الصباح وبعدها جلست بمكانها أمام ياسين الذي برقت عيناه بفرحة عندما رأها، أطال النظر بها بغير وعي منه ليلكزه يوسف:
_ خف يا عم وارحموا أمي أنت وجاسر، هتاكلوا البنات بعينكم اللّٰه يخربيتكم.
رد ياسين له لكزته يقول من تحت أسنانه:
_ حد قالك أتصرمح وأرفض فـ البنات اللي أمك جابتهملك.
غمغم يوسف بإزدراء:
_ هم دول بنات!
حادت عيناه لتلك الصغيرة التي تجلس تتحدث مع تسنيم بإندماج غير عابئة به ولا بالجنون الذي تسببت به فى قلبه، تجمعت بعض الخيوط بقلبه سريعًا ليقع فى أسر عشقها، صرف نظره عنها حتى لا يلاحظ أحد.
بينما عند تلك الفتاة هند، كانت تميل إلى تسنيم تسألها بخفوت:
_ هو دا يوسف أخوكِ؟
_ أيوة أيه رأيك فيه؟
قالتها تسنيم وهي منشغلة مع طعامها، لترد هند بلامبالاة:
_ مش بطال.
نكزتها تسنيم بحنق:
_ أيه هو اللي مش بطال!  دا يوسف مفيش منه اتنين ع فكرة.
ضحكت هند قائلةً:
_ أهدي يا حبي فيه أيه.. بهزر واللّٰه.
_ هند خلينا ناكل الأول وبعد كدا نتخانق براحتنا أصل أنا جعانة مووت.
___
الأمر جديد عليها، تجلس مع أشخاص علاقتها بهم لم تكن غير عملية ولكنها شعرت بالألفة معهم؛ فهي كانت تخشى أن يتجنبوها ويبعدوا عنها، ولكنهم أظهروا محبتهم وأخلاقهم السامية، هتفت ليلى:
_ مالك يا سيلا مش بتاكلي ليه يا حبيبتي؟
ابتسمت سيلا لها قائلةً:
_ باكل أهو يا طنط.
_ لا طنط أيه بقا، الكل هنا بيقولي يا ماما.
فرحت سيلا بلطفها لتهز رأسها بسعادة وعادت لتناول طعامها بنهم غافلة عن ذلك الشارد فى طرق حبها، عيناه معلقة بها، لا ينكر شعوره بالراحة من حنان والدته ولطفه معها، وهذا ما أراده.
_______
جاكيته ملقى بإهمال على الأرضية وكرافته ملقاه على الفراش وعيناه تحاكي سواد الجحيم، وتنفسه يزداد سعيرًا، ويداه تقبض على الصور الممسك بها بشدة كاد أن يمزقها، يضغط على شفتيه بغضب أهوج ليخرج تأوه مكتوم يغمغم بفحيح شيطاني:
_ نادين!

_________

يا ترى أيه نهاية قصة منتصر ووداد؟ هو ممكن يسيبها فعلًا؟

ونورسيــن وياسين.. ياسين هيستسلم للوضع دا ولا هيجبرها تعيش معاه زي ما هو عايز؟

أيه حكاية الصور دي؟
انتظروا نادين بقا والجحيم...

يلا قراءة ممتعة.
دمتم بخير سُكراتي. ♥️

#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد.
#يتبع...

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد Where stories live. Discover now