الفصل الرابــع والعشرون.

2.9K 134 6
                                    

#الفصل_الرابع_والعشرون.
#مملكة_الشياطين.

"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت." 🧡

وطئت قدماه أرض أوطانه تاركًا قلبه المحطم وراءه، ولج السرايا بخطوات متسعة يبحث عن مأمنه بحضن والدته كريمة وما إن رأى ذراعيها المرحبة به ألقى بنفسه بأحضانها يستمد قوته البالية يتمتم:
_ اتوحشتك جوي يا أماي، اتوحشتك جوي.
إستهلت بالبكاء حنينًا لولدها لتربت على ظهره بحنان ثم أخرجته قائلةً:
_ كيفك يا ياسين، كيفك يا ولدي؟
رفع كفها يلثمه مرددًا:
_ زين يا أماي، لمن شوفتك بقيت زين.
أخذ يجول بأنظاره فى السرايا لتضحك كريمة قائلة:
_ عتدور ع هند إياك؟
هز رأسه مؤكدًا ليصيح بصوت عالي:
_ هند، يا هند.
ركضت هند عندما سمعت صوته لتقفز في أحضانه مرحبة به:
_ الحمد للّٰه ع السلامة يا أخوي، نورت النجع يا دكتور ياسين.
أخرجها من أحضانه بصعوبة مشاكسًا إياها:
_ أنزلي عاد يا هند، وأنتِ تخنتي إكدة وبقيتي مربربة.
لوت شفتيها بتذمر مغمغمة:
_ أني تخنت اللّٰه يسامحك يا عمدة.
رنت الكلمة بأذنيه فهي كلمة نورسين الدائمة، ابتسم بتوتر ليغير الحديث قائلًا:
_ أخبار دراستك أيه يا هند؟
هزت رأسها بضيق تقول بمرح:
_ دراسة دراسة دراسة، أني مش عايزة أتعلم واصل.
قرص وجنتها ورفع حاجبه الأيسر متشدقًا بسخرية:
_ أمال ست هند عايزة أيه؟
_ عايزة أتجوز أني.
قالتها ببساطة وهي تتحرك من أمامه لتستعد للفرار من أمامه.
ليصيح ياسين متفاجئًا:
_ نعمممممم!
ركضت ليركض خلفها يضحك على شغبها الدائم، لتقف رافعة يديها بإستسلام:
_ خلاص خلاص، أني آسفة.
وقف يأخذ أنفاسه يقربها من أحضانه يضمها بحنان لتقول بصوت هادئ:
_ عاودت ليه يا ياسين؟
صمت يستوعب سؤالها ليجيبها متنهدًا:
_ شغلي خلص فـ المستشفى.
رمقته بقوة لتقول بمكر:
_ المشتشفى برضك!
رفع حاجبه بإستنكار وكاد أن يرد عليها لولا تعالي رنين هاتفه لتهتف هند وهي ترفع حاجبيها بتلاعب:
_ رد ع المشتشفى يا أخوي، شكلها أتوحشتك جوي.
ضرب على رأسها بخفة يبتسم على مكرها ومعرفتها بالأمور التي تدور حولها.
تحرك وهو يجيب ليأتيه صوت نورسين المتسائل:
_ ياسين وصلت؟
اغمض عيناه يتحكم فى خفقاته مجيبًا بإقتضاب:
_ وصلت.
إستغربت نبرته لتسأله:
_  ياسين مالك؟
_ معلش يا نورسين، أني لساتي واصل دلوج وهريح هبابة.
أغلق الهاتف يزفر بضيق، يحارب ذاته ليبعد عنها ولكن هيهات فحبها يتغلغل فى روحه وتهرع نفسه إليها!
ولكن عليه البعد فهي ستصير زوجة لرجل أخر وهذا الرجل ليس سوى جاسر لكان شخص أخر لما تركها له.
_____
تجلس بضيق يعتلي خلجات وجهها، تنظر لهاتفها من فترة لأخرى تنتظر مكالمة منه، منذ أكثر من أسبوع لا تراه ولا يتحدث إليها، أهو ملها، كره وجودها وهو من تكبد الشقاء حتى تنظر له فقط!
تنهدت رضوى وكادت تبكي لتأتيها النجاة من البكاء، نبض هاتفها باسمه، لتلمع عيناها بفرحة عارمة لتجيبه بلهفة وشوق:
_ مالك أزيك؟ مشتقالك أوي ع فكرة.
ابتسم مالك بإنتصار فغيابه أثر عليها وبدأت بتعرية مشاعرها له، صمت ليزيد قلقها حتى تصرح بالكثير، رددت بلهفة أكثر:
_ مالك فيك حاجة؟ أنت تعبان ولا أيه؟
_ رضوى.
همس باسمها بصوت مرهق لتقول وعيناها تذرف دموعها:
_ مالك طمني عنك..
_ ممكن نتقابل يا رضوى؟ أنا محتاج أتكلم معاكِ.
مسحت عبراتها قائلةً:
_ تمام أنا هستناك فـ الكلية.
_ بعيد عن الكلية ينفع، هبعتلك رسالة بمكان كافيه نقعد فيه شوية.
قالها وهو لا ينوي خيرًا أبدًا، تحكم الحقد والإنتقام منه، ليخطط بدناءة أن يتقرب منها يخلع ثوب الفضيلة عنها ليكسرها أمامه ويظفر بخيبتها به ليذل أخيها كما كسر أخته وذلها.
فى أقل من ساعتين كانت تدلف ذلك المقهى بخطى سريعة تحركها اللهفة والشوق لمقابلته، وقف لها ليرحب بها وجلست أمامه تتسائل:
_ فيه أيه يا مالك؟ قلقتني عليك واللّٰه.
صمت يرتب حديثه ليقول:
_ رضوى، أنا كرهت وضعنا دا، ومش عارف أعمل أيه.
شحب وجهها ووقفت الكلمات بحلقها ليستأنف مالك حديثه:
_ أنا عايز أتقدملك رسمي، واللي بينا يكون قدام كل الناس.
تشوشت الرؤية أمامها وجحظت حدقتاها، وما هي لحظات حتى إستدركت حديثه لتنظر له بخفر قائلةً:
_ بجد يا مالك! هـ.. هتتقدملي؟
أومأ لها عدة مرات لتتسع إبتسامتها وهي تنظر له بعدم تصديق، لتنكمش ملامح وجهها فجأة عندما أحست بتسلل كفه الكبير لأناملها لتحاول سحبها منه ولكنه شدد عليها، نهضت بعنف ليقف هو مقابلها يسألها:
_ مالك يا رضوى؟ أيه اللي حصل؟
_ أاا نـنت أزاي تعمل كدا؟ أزاي...
بتر حديثها بنفاد صبر عندما لاحظ تلعثمها:
_ أعمل أيه؟!
_ تمسك أيدي، مينفعش كدا دا غلط.
أجلسها بقوة يقول:
_ نعم يا أختي، دلوقتي مينفعش وغلط! أنتِ هتستعبطي، أنتِ ديمًا معايا وكل اللي فـ الكلية عارفين بكدا، يعني عارفين أن بينا علاقة.
تفاجأت من عنفه بالحديث وغضبه هذا لتقول بإستنكار:
_  لا لا طبعًا، أكيد مخدوش الفكرة دي، أحنا مفيش حاجة بينا.
قهقه بلا مرح ليهمس بفحيح:
_ غلطانة يا حلوة، الكلية كلها خدت عنك فكرة شمال، وأنا أكدت دا بتصرفاتي الخاصة.
صدمت من حقارته، وهي لا تعلم كيف وصلا لهذه النقطة، فى هذه اللحظة فقط أدركت خطئها الكبير، أصبحت مثل الفتيات اللاتي يتقربن منه ويتمنون نظرة منه وهي كانت بكل غباء تسخر منهن!
تخلت عن مبادئها وإحترامها لتقع فى عشقه المزيف ليسحب قلبها ببطء لتقع بين أنياب شره فريسة لإنتقامه.
سألته ببلاهة:
_ مالك أنت بتحبني؟
عاد إلى قهقهته ليدنو منها هامسًا بأنفاس تلفحها تكاد تموت إختناقًا من قربه:
_ ولا للحظة واحدة يا حلوة، كنت بنتقم منك وبس.
أرجع رأسه للخلف ومازال أثار ضحكه يزين وجهه، وهي تائهة، مشردة فاقدة للأمان، بعدما أحبته بصدق مشاعرها ينتقم منها!
سألته بنبرة واهنة محترقة من القهر:
_ ليه؟!
_ عشان أنتِ الوحيدة اللي كنتِ متكبرة وفاكرة نفسك ملاك مبتغلطيش، لكنك دلوقت يا حلوة شوفي نفسك وصلتي لأيه؟
صمت يشبع نظره من هزيمتها الواضحة وإختناقها بحقيقته أمامها، زاد صمتها ليسترسل:
_ قاعدة مع راجل غريب فـ كافيه من ورا أهلك، لا وكمان قولتيله مشتقالك ومسك أيدك كنتِ بتكلميني وأنتِ قافلة باب أوضتك، وأنتِ كل دا ومش ممانعة...
كان عليها أن تلاحظ فى كل مرة تغلق بها بابها أنها تخون ثقة والديها وتغضب ربها، لكن لهفة الحب وتجربته أعمتها عن حقيقته وأنها ترتكب خطأ فى حقها قبل أي أحد أخر، كانت على وشك تسليم ذاتها لشيطان من جحيم أسود فكت أغلاله توًا!
نهضت تلملم ما تبقى لها من كرامة وقوة تغادر تحت أنظاره التي لا ترحم وملامحه التي أصبحت كريهة بالنسبة لها بعدما كانت تشتاق لكل إنش به!..
_____
طال بعاده وإشتياقه لهم، ألقى بحقيبته أرضًا بسخط من عمله الذي أبعده مدة طويلة عنهم، ليبتسم حينما رأى شقيقته تلقي بجسدها فى عناقه:
_ وحشتني أوي يا يوسف.
ضحك يوسف بمرح قائلًا:
_ لا واللّٰه دلوقتي وحشتني يا يوسف! دا أنتِ كنتِ محسساني أني واكل أكلك يا شيخة.
ضحكت تسنيم لتأتي نور تضحك هي الأخرى تقول مشاكسة إياه:
_ أيه اللي جابك يا بارد أنت؟ القصر كان هادي من غيرك.
تقدم منها ليضربها مشاكسًا إياها وكاد أن يرفع يده ليتذكر تحذير أو بالأحرى تهديد ياسين الصعيدي له:
_ عارف يا يوسف لو قربت من نورسين هقطع دراعك فاهم.
انكمشت ملامح يوسف بخوف قائلًا:
_ أنت أيه اللي حصلك؟ عشان دكتور جراحة يعني هتستقوى عليا!
_ قرب بس منها أو إلمسها وأنا هعملك عملية جراحة متعملتش فـ العالم قبل كدا، هتبقى تحفة فنية.
صرح عن تهديده بعنف وهو يجز عن أسنانه، ليتراجع يوسف قائلًا بخوف مضحك:
_ لا يا عم الشيطان الطيب أحسن، أنا مش مستغني عن دراعي يا أخويا.
ضم ذراعيه لجسده بخوف من ذلك الصعيدي وأفعاله الواعرة.
منذ متى وياسين بكل هذا العنف والغضب!
كيف أصبح شيطان بهذه الدرجة من الهلاك!
عاد من تذكره على صوت نور التي تقول بضحك مستنكرة فعله:
_ أيه يا يوسف فين عضلاتك اللي مقوية قلبك، شايفة أنك خوفت يعني!
تنحنح يوسف قائلًا بنبرة غامضة:
_ أنا لسه صغير ومش حمل عمليات وجحيم أبعدي عني أحسن.
_ أيه!
تحرك من أمامها يغمغم بنزق لتتعالى ضحكات نورسين وتسنيم عليه.
نظرت نور لـتسنيم سائلة:
_ عملتي أيه يا سيموو؟
تنهدت تسنيم بتعب تجيب:
_ هسافر يا نور، مفيش حل تاني.
عاتبتها نور قائلة بلوم:
_ أنا قلتلك يا تسنيم شغلك غلط، ومينفعش، لكنك عنيدة أوي.
ابتسمت بشحوب تقول:
_ مكنتش أعرف أن الموضوع صعب كدا.
_ تسنيم ممكن متسبنيش لحد بس ما أتجوز وبعدها سافري.
هزت تسنيم رأسها:
_ حاضر يا نور، هكلم رامي وأشوف عمل أيه.
هاتفته ليجيبها قائلًا:
_ أخبارك يا سنيوريتا؟ لا لا دا كتير عليا بتشتاقي ليا كتير الأيام دي.
زجرته بعنف:
_ رامي بلاش كلامك دا وركز معايا، عملت أيه فـ موضوع سفري؟
إستعاد جديته ليقول:
_ قربت أخلص، بس أنتِ عارفة أن كل دا مش ببلاش يا روحي.
ضغطت على شفتيها بغيظ وقالت:
_ اللي أنت عايزه يا رامي هبعتهلك.
هتف ضاحكًا:
_ إذا كان كدا ماشي، خلال أسبوع كل حاجة هتم، المهم الفلوس بس أبعتيها ع حساب واحد صحبي هبعتهلك عشان ميشكوش فيا.
طمنته أنها سترسل له ما يريد بشرط أن يخلص لها أوراق سفرها سريعًا لتتخلص من هذا الكابوس وللأبد.
هتفت نور قائلة:
_ أنتِ واثقة فـ رامي دا؟
جلست تسنيم بجوارها متنهدة:
_ هو كلب فلوس وطماع لكنه بيساعدني فـ كل حاجة، مقدرش أستغنى عن خدماته.
ضمت نور كف تسنيم بين قبضتيها فى حركة منها لتبث الأمان لها.
_________
_ الحمد للّٰه ع السلامة يا أخوي.
قالها منتصر وهو يحتضن أخيه بقوة، ليبادله ياسين قائلًا بنبرة حزينة فقها منتصر سريعًا:
_ اللّٰه يسلمك يا صعيدي، اتوحشتك يا أخوي.
أخرجه منتصر من أحضانه يرمقه بنظرات قوية كادت أن تخترق وجهه:
_ تعال يا ياسين نشوط ع الزرع هبابة ونتحدتوا كيف للاول.
سار معه ياسين بعقل شارد ومنتصر مازال يرمقه بقوة يشعر بتذبذب شقيقه الصغير، جلس الاثنين وسط الزرع فى صمت وكان أول من يخترقه منتصر:
_. مالك يا ولد أبوي؟ شايل ليه فوق جلبك وساكت؟
طرف إليه ياسين يبتسم إبتسامة لم تصل لعينيه يجيبه:
_ أنا زين يا أخوي وكل حاجة مليحة..
هتف منتصر بمكر:
_ ونورسيــن؟
صمت ياسين وتشنج جسده ليعقد حاجبيه قائلًا:
_ مالها؟
_ زينة هي كانت؟!
يحاول أن يصل لنقطة واحدة وهي أن يعترف أنها شقائه ومن تؤرقه دائمًا.
صمت ياسين ليضيف منتصر:
_ ياسين أني وياك فـ أيتها حاجة يا أخوي، وعكررها لو رايدها صوح مستعد أعقدلك عليها النهاردة قبل بكرة.
ضحك ياسين بمرارة يقول:
_ مبقاش يصوح يا منتصر، خلاص نورسين هتتجوز جاسر.
صدم منتصر ليدير رأسه ينظر لأخيه بقوة:
_ عتتجوز!
هز ياسين رأسه بقلب يغلي من شدة الغضب، لاحظ منتصر ما يعتمر بقلب أخيه فهو جرب مرارة الحب قبله ليقول مواسيًا إياه:
_ ولا تزعل يا أخوي، بكرة عجوزك ست البنتة.
طقطق ياسين أصابعه يزيل توتره يهمس بصوت وصل لمسامع منتصر:
_ هي بس ست البنتة يا منتصر، هي بالبنات كلهم يا أخوي.
صمت يأخذ أنفاسه المتهدجة من إزدياد غضبه ثم أضاف بإنفعال:
_ أنت خابر زين أني بغض بصري..
لكن فـ حُضرتها هي مهعرفش أغض بصري، عقدر أغمض عيني عنيها..
لكن كيف قلبي هيغض حبي عنيها هجبر قلبي كيف يغض طرفه وهي عيني اللي أني عشوف بيها
أني مطروفة عينى بيها يا ولد أبوي!
تأثر منتصر لحب أخيه الذي عانى من لوعة الحب وذاق مرارته، فهي تعتبره أخ لها وفوق كل هذا ستتزوج برجل أخر!.
ربت منتصر على كتفه قائلًا بعزم:
_ أني عتصرف يا ياسين..
أوقفه ياسين قائلًا:
_ لاه يا منتصر اللي حوصل حوصل خلاص.
________
تقربت منه فى أخر فترة فكانت تعتني به كأنه طفلها، كبرت تلك الصغيرة المدللة لتصبح إمرأة يافعة وزوجة ناضجة تهتم بزوجها.
جثت بربكتيها على الفراش بجواره، وأخذت تنظف جرحه وتضمده بأيدي مرتعشة خائفة، وأخيرًا زفرت بصوت عالي بعد تلك المعاناة التي إجتثت قطعة من قلبها، نهضت من جواره وعيناه معلقة بها، تلك المدللة التي يسخر منها تعاني معه الآن لتريحه!
جمعت الأدوات التي إستخدمتها وأحضرت صينية الطعام وأخذت تضع اللقيمات بفيه بحنان أم تطعم طفلها والسكون هو سيد الموقف، أنهت إطعامه وحملت الصينية ووضعتها بعيدًا وعادت له تضع الغطاء على جسده، وما إن لمس كفها صدره العاري دون قصد إنتشرت الحرارة فى جسده، وأصابتهما قشعريرة فرفعت كفها بسرعة تبتلع ريقها، كادت أن تتحرك من جواره فسارع بإمساك كفها قائلًا بصوت حاول أن يخرج هادئًا غير قلبه الذي يهتاج من شدة المشاعر:
_ رايدك.
كلمة بسيطة من خمسة أحرف تنبع منها آلاف المشاعر والإختلاجات، كلمة خرجت بكل اللوعة والشوق، وإهتياج الشوق إليها.
أما هي إتسعت حدقتاها وفغرت فاها بصدمة لم تستوعب حروفه بعد.
قربها منه بشدة حتى امتزجت أنفاسهما ليردد بنبرة متحشرجة يهمس:
_ رايدك يا ورد، رايدك مرتي...
____________
هوت على فراشها وشريط ذكرياتها الأليمة يلسعها ويحرق قلبها، نعم صارت أليمة الآن بعدما إكتشفت خداعه لها وحبه وغزله الزائف، وأكثر ما يؤلمها سيرها على هواه وتخليها عن إحترامها وثقة أهلها وهي من كانت ترفض الإختلاط بشدة وتعاتب الفتيات اللاتي يتحدثن مع الرجال، ويا حسرة عليها أصبحت مثلهن.
أين كان عقلها وهي تغلق باب غرفتها لتحدثه، أي كانت مبادئها وهي تقابله وتضحك على ذاتها بحجة الدراسة؟
أين كانت هي من كل هذا الذي حدث؟!
بكت بقوة وقلبها يصرخ كأنه يعنفها ويلومها على وجعه الآن، تحطمت لشظايا صغيرة لا تلتئم، زهقت روحها بحب خادع من شخص خادع مثله.
رضوى الهلالي تلك الفتاة الرقيقة التي يتغنى البشر بأخلاقها دنستها هي بكل غباء على يدي ذلك المالك!
_______
هي أيضًا لج بها الشوق وتطاير قلبها سعادة من قربه منها، وذاب قلبها من مشاعره المتدفقة لتحلق كفراشة فى سماء حنانه ولطفه.
كانت تتوسد صدره بخفر تهدئ من أنفاسها المتهدجة، أما هو فكان شاردًا وذراعه يحيط بجسدها يخلل شعرها بأصابعه، وذراعه الأخر مسدل على الفراش بجانبه تمرر ورد أناملها الصغيرة الناعمة على طول ذراعه متحسسة عروقه البارزة، يضطرم قلبها بعدة مشاعر وعقلها يأج بأفكار تخيفها.
هل هو نادم الآن؟!
كانت لحظة ضعف منه والآن يستحقر ذاته لقربه منها! وما حدث كان ابن ساعته!
وهي! هي كالبلهاء تصرفت تحت طوعه وأوصدت باب عقلها لتترك لقلبها القرار الذي طالبها بقربه.
توقفت حركة أناملها وشرعت فى النهوض فأسرع منصور يقربها من صدره مرة أخرى مقبلًا أعلى رأسها بحنان جارف، وأغمض عيناه مقربًا جسدها لأحضانه أكثر.
وكانت هذه الإشارة كافية بالنسبة لها؛ لتؤكد على أنه لم يندم قط، لتغوص فى نوم عميق يهنئ عقلها قبل جسدها براحة بالغة.
________
دخلت المكتب بتوتر تفرك في كفها وانبلجت بعض حبيبات العرق على جبينها، طلبها جاسر ليتحدث إليها وهذه هي مرتها الأولى لتقابله وجهًا لوجه بعدما تقرر زواجهما.
حثها على التقدم لتقف أمام مكتبه مسدلة رأسها لأسفل، نهض جاسر وإلتف حول المكتب ليجلس مقابلها ويأمرها بالجلوس فإنصاعت له.
تنحنح قائلًا بهدوء:
_ نور أنا حبيت أتكلم معاكِ قبل أي شيء، عارف أن كل حاجة حصلت بسرعة لكني بسألك دلوقتي أنتِ موافقة نكمل حياتنا مع بعض؟
ودت لو تصرخ بأعلى صوتها رافضة، ودت لو تتمرد على عقلها وتتبع قلبها وتهرب بعيدًا، ولكن هذا لن يجدِ أبدًا..
هزت رأسها بنعم، ليتنهد جاسر براحة وأضاف ليطمنها:
_ نور أنا مش هظلمك وأوعدك أني عمري ما هأذيكِ خالص وهكون خير زوج ليكِ، وعمرك ما هتشكي مني، لكن مش هقدر أقدملك الحب اللي أنتِ عايزاه.
حديثه اعتصر قلبها ومزق روحها، فهي تتمنى أن يحبها أحدهم بكل ما أوتي من قوة، أن يتمسك بها ولا يخجل وهو يصرح بحبها.
طمست تأوه خرج من أعماقها لتضغط على شفتيها حتى لا تتسرب عبراتها محرقة وجنتيها.
_ ياسين.
جال بخاطرها فجأة ولا تعلم السبب، ربما قلبها يستنجد به؟
فهل سينجدها من دمارها المحتوم فهي لن تستطيع أن تعيش من دون حب؟
أم ستتأقلم مع جاسر لربما يحبها؟
فهي كانت تحبه وربما حبها تبقى منه وميض تشعله مرة أخرى ليقع بحبها ويسطر القدر حكايتهما فى العشق لتحيي قلبه من رماده من جديد....

أنتوا واثقين فـ رامي؟ أصل أنا مش ضمناه الحقيقة.
اتعاطفتوا مع رضوى؟
رأيكم فـ جاسر؟

يلا قراءة ممتعة.
دمتم بخير سُكراتي.♥️

#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد.
#يتبع...

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن