الفصل الرابــع عشر.

3.6K 158 10
                                    

آسفة يا جماعة ع التأخير دا، بس كان عندي ظروف ومقدرتش أنزل وكمان الباقة خلصت ولسه شاحنين.

يلا بقا فوت وكومنت حلو كدا تشجيع ليا. ♥️
#الفصل_الرابع_عشر.
#مملكة_الشياطين.

"بسم اللّٰه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم." ٣🧡

كانت تنعم بفراشها الوثير ودفء لحافها المدثرة به، دخل عليها الغرفة وتقدم من فراشها وهتف بها: ورد، ورد فزي عاد.
همهمت وهي تتململ بنومتها، عاد يهتف بها مرة أخرى، تمتمت بسخط وهي تضع اللحاف على رأسها: بكفاياكِ يا هند عاد بعدي عني.
زفر بضيق ومال عليها يهزها بعنف: بت فزي دلوج.
نهضت فزعة من تحريكه لها بهذا العنف وصاحت به: مالك زوعتني يا منصور؟ عايز أيه؟
_ فزي يا واكلة ناسك حضري الوكل لأجل معوقش ع الزرع.
اعتدلت فى جلستها على الفراش وتخصرت قائلة: وأني مليش صالح بوكلك يا بن الهواري.
قبض على رسغها بقوة بعدما أشعلت فتيل الغضب بجسده: يعني أيه ملكيش صالح يا بت كريمة!
أبعدت يده عن رسغها وقالت ببرود يحطم ذرات التعقل المتحلي بها فى حضرتها: يعني بعد عني وشوف حرمة غيري تحضرلك الوكل، وأني ورد، ورد بت الصعيدي.
تفاقم غضبه وغيظه منها وأقترب منها بشدة ليستطرد بغضب أهوج: أني عوريكِ كيف تجولي ملكيش صالح.
اهتزت حدقتا عيناها وهلع قلبها فكاد أن يتساقط من ضلوعها عندما رأته ينزع عنه جلبابه، جهرت شفتيها بحروف يتخللها الهلع: عتمل أيه يا منصور، لاه اللّٰه يرضى عنيك متجرب مني واصل.
تلاشت المسافة بينهما فلم يبقى إلا إنشًا واحدًا يطل عليها من الأعلى بينما هي مطرحة على الفراش تضع يديها على وجهها بخوف فقال بهدوء مرعب ونظرات مظلمة: هعمل كل خير يا واكلة ناسك، عكمل اللي معملتوش يوم الفرح.
لم تجد أمام غضبه وإصراره إلا الخضوع له ومجاراته فقالت بتوسل: خلاص يا منصور، عنفذ اللي عتجول عليه، نازلة أهه أحضرلك الوكل بس بعد عني.
لا يعلم لما لا يضرها بأي شيء، كلما عزم على تلقينها درسًا صارمًا، حروفها المترجية له تشفع لها فيتركها فورًا، كان مازال يطل عليها من الأعلى شاردًا متخبطًا، انتبه لذاته عندما أبعدته برفق بقبضتيها الصغيرة الناعمة، وقالت بهدوء عكس الهلع الذي كان يتملك كلتيها منذ قليل: عبدل خلجاتي وعادلى وراك طوالي.
هز رأسه بسكون وإلتقط جلبابه ليرتديه، وتركها ونزل لأسفل.
نجدها الآن فى المطبخ تقف أمام الموقد تحضر له الطعام، انتقلت بذاكرتها إلى ليلة زفافهما..
فلاش باك..
أدخلها الغرفة وأوصد الباب خلفه بإحكام، وهي تتمسك بأخر ذرات شجاعتها، وأوشكت على الفناء، خلع جلبابه وألقاه أرضًا وتقدم منها بينما هي انزوت فى أخر الفراش، وصاحت بهلع عندما تقدم منها، وعندما وجدته يشمر عن أكمامه صرخت برعب متوسلة: باللّٰه عليك يا منصور لاه، ميصحش إكدة أني عيلة إصغيرة برضك..
ابتلعت باقي حديثها عندما وجدته يلتقط شفرة صغيرة من على المنضدة من خلفها الموضوعة بجانب السرير، فانزلقت الحروف من شفتيها بخوف وتوجس: عتعمل أيه؟ لاه إياك تجرب عليا.
تشدق: أني مطايقيش واصل، كيف عقرب منيكِ وأنا مغصوب ع الجوازة دي.
هدأت أنفاسها المتلاحقة قليلًا ولكن عادت تسأله: طب عتعمل أيه بالسكينة ديه؟!
اتسعت مقلتيها وانفرجت شفتيها على أخرهما عندما رأت الدماء تتدفق من معصمه، شهقت عندما استوعبت ما فعله، جرح معصمه وجعل بعض النقاط تتساقط على منديل أبيض ناصع، تلطخ بياض المنديل بذلك اللون الأحمر كما تلطخت حياتها بعدما وقعت فى جحيم الزواج منه.
ظلت تتابعه بعيناها المذعورة وهو يتحرك لخارج الغرفة بعد أن شعث شعره وخلع جلبابه، سمعت بعض الزغاريد عندما خرج وأيضًا صوت الأعيرة النارية دلالة على أنه تم مرادهم.
انتبهت من تذكرها على اللبن الذي يغلي فى الإناء أمامها، أغلقت الموقد وأحضرت صينية كبيرة من الطعام وخرجت بها لهم، ألقت عليهم تحية الصباح ووضعت الأطباق على السفرة بينما يتحدث منصور مع والده فهتف والده صادق: يا ولدي ملكش صالح بيهم، مش أرضك إمعاك ومحدش يقدر يقرب منيها واصل!
احتج منصور وصاح بغضب حاول وأده إحترامًا لوالده: كيف يا أبوي ديه عاد! وأرض الخلق الغلابة دكهما، معهملش حقوقهم واصل يا حاج، مطاريد الجبل واخدين راحتهم لمن العمدة مشغول فـ جوازة ولده، لكن أني معسكتش واصل.
برقت مقلتيها بسخرية على حديثه، تستقل به وبقوته، وهي لا تعلم منصور عندما يضع أمرًا نصب عينيه ماذا يفعل.
أردفت: يلا الوكل جاهز.
تعرجت بسمة خفيفة على تجاعيد وجه الحاج صادق الهواري وقال: تسلم يدك يا بتي، الوكل شكله زين.
ابتسمت ورد على إطرائه، بينما لوت زوجه سعدية شفتيها بغيظ لتتشدق: ليه أول مرة تشوف وكل عاد.
وأد منصور ضحكة كادت تنفرج من شفتيه ستؤدي إلى حنق والدته وزيادة غيظها إشتعالًا.
__________
نظرت تسنيم لنور وهي تقود السيارة وهتفت: فاكرة الطريق أوعي تتوهيني.
هزت نور رأسها بتأكيد: حافظاها يا بنتي جيت مع آسر قبل كدا وصلناها لما كانت تعبانة.
_ هي حنين دي صحبتك أوي يعني.
= أيوة صحبتي، بالرغم من أني فـ كلية وهي فـ كلية تانية بس ديمًا بعد المحاضرات بنجتمع مع بعض، قلقانة عليها أوي بطلت تيجي الكلية من أسبوعين يعتبر وموبايلها مقفول.
نظرت لها تسنيم تبث لها الطمأنينة: متخافيش هتكون بخير.
_ يا رب يا تسنيم، بس أنا خايفة لـجاسر يزعل لأني مقلتلوش ولا خدت آسر معايا.
= أنتِ هبلة يا نور ما أنا أهو معاكِ.
وصلتا أخيرًا تلك الحارة المقصودة، حارة تعج بالناس فى حالة حركة دائمة، تجد هناك محل للبقالة تتجمع الناس أمامه وأخر للحمة وهذا واضح من اللحمة المعلقة على عمود خشبي، وعدة محلات أخرى لكل شيء، بينما نظراتهما تتوزع هنا وهناك، فزعتا الفتاتين عندما تسرب لأذنهما صوت فتى وقف أمامهما من حيث لا يدريا: نعم يا أبلة أنتِ وهي عاوزين أيه؟
علقت تسنيم بدهشة: أبلة!
تابع الفتى الذي تظن من هيئته أنه لا يتعدى الثانية عشر من عمره: خلصونا بقا يا قمرات الواحد وراه مشاغل ياما وأنتوا متمسمرين كدا ليه؟ بنات تجيب الهم.
اختلط الغضب بدماء تسنيم فهدرت به: جرى أيه يا جدع أنت ما تحترم نفسك يالا....
هنا كتمت نور فمها ونظرت للفتى أمامها وقالت بلطف: ممكن يا عسل أنت تقولنا فين بيت حنين؟
نظر لها بإزدراء وردد: عسل! مالك يا أبلة ما تنشفي كدا اللّٰه، اللهم طولك يا روح، وبعدين في مليون حنين فـ الحارة، هدورلكوا أنا يعني فاضي عشان سعادتكوا.
هتفت تسنيم وهي مازالت على غضبها: أوعي يا نور سبيني عليه اللي مش طايقلنا كلمة دا.
همست لها نور برجاء: أهدي باللّٰه يا تسنيم مش ناقصين فضايح.
عادت بنظراتها للفتى: بص أحنا عايزين آنسة حنين، هي فـ كلية، اسمها حنين محمد.
_ أهااا، مش تقولوا كدا من بدري ياختي أنتِ وهي، تعالوا ورايا.
قالها وهو يذهب أمامهما، فاتبعتاه بصمت حتى وصل بهما إلى ورشة حدادة وصاح: يسطاا مصطفى يسطاا مصطفى.
كان يقف مواليًا لهم ظهره، إستدار وهو يلتقط "منشفة" صغيرة يمسح بها كلتا كفيه هاتفًا: مالك ياض يا زلطاا بتزعق ليه؟
نظر المدعو زلطاا خلفه لموضع الفتاتين فتساءل مصطفى: مين دول ياض، واتلميت عليهم فين؟
تحدث زلطا: الأبلتين دول بيسألوا عن الست حنين.
حدق بهما مصطفى قليلًا وقال بتوجس: وحضراتكم مين بقا وعايزين حنين ليه؟
نطقت نور بتلعثم وإرتباك: أا أنـ أنا صحبت حنين وجاية أشوفها، أنا نور.
هز رأسه وزال القلق منهما من قلبه وهتف بتهذيب: طب اتفضلوا معايا.
وللمرة الثانية تذهبا بطواعية دون حديث، وصل بهما بناية قديمة بعض الشيء ولكنها متينة، صعد الدرج وهما كذلك، وصل الشقة المعنية دق الجرس سرعان ما فتح الباب وخرجت فتاة جميلة رقيقة تضع الحجاب على شعرها بعشوائية دلالة على أنها لبسته سريعًا عندما استمعت لدقات الباب، تحدثت برقة وهي تسبح بسحر عيناه: في حاجة يسطاا مصطفى؟!
تنحنح مصطفى قليلًا وأجاب بصوت أجش وهو يشير خلفه على نور وتسنيم اللتين مازالتان تصعدان الدرج: بيقولوا أنهم صحباتك.
ألقت مقلتاها عندما رأت نور فركضت لها مطوقة إياها: نور ازيك يا بت واحشاني وربنا.
ضحكت نور وشدت على إحتضانها: وأنتِ واللّٰه يا ست حنين، أيه الغيبة دي يا بت؟
أجابتها حنين: معلش واللّٰه يا نور، بس أمي كانت تعبانة.
_ ألف سلامة عليها يا حبيبتي.
نظرت حنين لتسنيم فعاجلتها نور: دي تسنيم بت عمتي.
صافحتها حنين بلطف.
تنحنح مصطفى مرة أخرى وتحدث لـحنين: دخليهم جوه يا حنين بدل وقفة السلالم دي، بالأذن يا هوانم، لو احتاجتي حاجة يا حنين ابعتيلي، سلام.
حدجته بنظرات مهيمة به همست بنبرة رقيقة تخصه هو وحده: تسلم يسطاا مصطفى، بالسلامة يا رب.
أدخلتهما إلى شقتها وخلعت حجابها هاتفة بفرحة بالغة: منوريني واللّٰه يا بنات.
عانقت نور مرة أخرى من فرط سعادتها من زيارة رفيقتها لها: حبيبتي يا نور وحشاني أوي يا بت، اتفضلوا أقعدوا.
هتفت تسنيم بمرح: هو مين الحيلوة الطويل اللي وصلنا دا؟
لكزتها نور فى كتفها ولمعت عيناها بمكر وقالت: هو دا بقا أسطاا مصطفى الفارس.
ضحكت حنين بخجل وهزت رأسها مؤكدة، فصاحت تسنيم: أنتِ بتحبي الحيلوة دا! يا بختك بيه يا حنين واللّٰه.
تنهدت حنين بوجع وقالت بسخط: ياختي بلا نيلة لما يحس بيا الأول.
عقدت تسنيم ما بين حاجبيها: ليه؟ شكله مهتم واللّٰه.
ضحكت حنين بمرارة وغصة فى قلبها: يا حبيبتي دا بيعتبرني زي نيرة أخته بالظبط، أحنا الاتنين واحد عنده.
سألتها نور: طيب هو مش هيتجوز يعني؟
نفت حنين: لا، عاوز يجوزنا أنا ونيرة الأول، وبعدين هو مش بيفكر فـ الجواز، مش عارفة عاوز يترهبن ولا أيه!
قهقهت نور وتسنيم على حديثها، ربتت نور على كتفها: سيبك منه، واللّٰه هو اللي هيخسر، صحبتي ألف مين يتمناها.
عقبت تسنيم بمرح: دي ربنا نجدها نوسة.
تحدثت حنين: يا ريت يا نور قلبي دا ماسكاه بأيدي كنت شيلت حبه مني ورميته، لكني وقعت ياختي وهو مش حاسس، أصله البعيد جبلة بعيد عنك، طب واللّٰه يا نور وأنا كنت حكتلك أحمد ابن البقال اللي تحتينا هيموت عليا وفـ الطالعة والنازلة يوقفني ويتغزل فيا ومستعد يكلم أمي، وأنا أبدًا حتى التفكير فيه مش قادرة....
وتوالت أحاديثهن على هذا المنوال لمدة طالت حتى هتفت نور: يلا سلام يا حنين، عشان اتأخرنا.
هتفت حنين بحزن: ليه كدا يا نور ما لسه بدري، خليكِ معايا كمان شوية، وبعدين عشان القمرة اللي أول مرة تشرفنا دي.
ابتسمت لها تسنيم بلطف: تسلمي يا حبيبتي بس فعلًا اتأخرنا ولازم نروح.
عانقتهما حنين ونزلت معهما لأسفل البناية وهتفت: استنوا هندهلكوا أسطاا مصطفى يوصلكم لحد عربيتكم اللي ركنينها.
هزت تسنيم رأسها نافية: لا لا متتعبيش نفسك أحنا هنروح لوحدنا.
أصرت حنين: واللّٰه ميصحش هتخلي أسطاا مصطفى يزعل مني كدا لما يعرف أنكم مشيتوا لوحدكم.
رأت الفتى المدعو بـ "زلطا" فصاحت بأعلى صوتها حتى يسمعها: ياض يا زلطاا، يالا.
قدم إليها زلطا سريعًا قائلًا: خير يا ست البنات؟
_ روح قول لأسطا مصطفى حنين عاوزاك.
حدق بنور وتسنيم وقال بسخرية: عاوزاه يوصل المزتين دول ولا أيه؟
تأهب جسد تسنيم للإنقضاض عليه لتهتف: أنت عايز تتربى واللّٰه، وأنا اللي هربيك.
أمسكتها نور: بلاش فضايح دا عيل هتحطي عقلك بعقله.
نظر لـنور بحدة: دا مين اللي عيل يا ولية أنتِ!
هدرت حنين به: عيب كده يا زلطاا وربنا لأقول لأسطا مصطفى لو مسكتش دلوقت وروحت نادمته.
أومأ على مضض وركض حيث ورشة الحدادة.
عاد بعد قليل ومصطفى معه، قال: خير يا ست حنين؟
عادت لرقتها وقالت بنبرة خفيضة غير مفتعلة فهي فى حضرته تكاد تفقد صوتها: صحباتي هيروحوا ممكن توصلهم لعربيتهم.
هنا هتفت نور: ملوش داعي واللّٰه يسطا أحنا هنروح مع نفسنا.
هز مصطفى رأسه نافيًا: أيه اللي بتقوليه دا يا هانم
عيب عليا واللّٰه أني أخلي حضراتكوا تروحوا لوحدكم كدا، اتفضلوا معايا.
نظر لـحنين قبل أن يتحرك وقال آمرًا إياها: اطلعي فوق يا أبلة حنين ومتطلعيش من الشقة لحد ما أمك ترجع.
هزت رأسها موافقة وسرعان ما ركضت للبناية حيث شقتها حسب أوامره المجابة دائمًا.
_______
_ يوووه بقا يا حازم أنا قلتلك مش هقدر أسهر زي الأول أو أقابلكم.
قالتها نادين بضيق وهي تحدثه بالهاتف، فجاءها صوته الساخر: هي ست نادين اتكبرت علينا ولا أيه؟ هه، ولا فجأة كدا حبيتي أهلك اللي كنتي بتشكي منهم؟
_ ملكش دعوة يا حازم لا بيا ولا بأهلي، أنا خلاص قطعت علاقتي بيكم، سلام يا حازم ومترنش عليا تاني.
أغلقت الهاتف بوجهه، فنظر له بخبث يتقافز من عينيه الماكرة وقال بوعيد: براحتك يا نادين، براحتك أوي، بس هعرفك مين حازم الببلاوي وممكن يعمل فيكِ أيه!
قهقه بإنتصار لطالما حلم به، توغل الشر قلبه ليقسم على تدمير كل خيط بحياتها وجعلها تعاني وتذرف دمًا بدل الدموع.
______
عودة لـنور وتسنيم بالسيارة، بينما هما منغمستان بالحديث إذ ظهرت خلفهما سيارة فجأة كأنها نزلت من السماء توًا، كانت تتابعهما، لاحظت تسنيم ملاحقتها لهما، فأرادت أن تتأكد أن كانت تلاحقهما بالفعل أو هذا ما تظنه، فانحرفت بطريقها لطريق أخر، فتابعتها السيارة التي خلفهما أيضًا، وجل قلبها وأيقنت أن هذه السيارة تريدها هي، هي المقصودة بهذا اللحاق، عادت بذاكرتها عندما هاتفت رامي..
_ أيه يا رامي أبعتلك الأمانة ولا لسه.
نفى رامي بقوة: لا يا سنيوريتا البوس بيحاول يعرف مين اللي سرق الفلاشة، وممكن فـ أي وقت يمسكوكِ.
_ يعني أيه؟
هتف بنبرة يشوبها القلق: سنيوريتا خلي بالك من نفسك، أنتِ فـ خطر.
عادت على صوت نور المتساءل: مالك يا تسنيم؟ هي العربية دي بتلاحقنا ولا أيه؟
هزت تسنيم رأسها بثبات وقالت وهي تزيد من سرعة السيارة: أنا المقصودة يا نور.
هلع قلب نور ورجيف قلبها يتعالى وخاصة عندما ظهرت سيارة أخرى تلاحقهما بقوة وسرعة، فزادت تسنيم السيارة بسرعة جنونية ووضعت سلامة نور نصب عيناها فـنور لا ذنب لها بأعمال تسنيم، صاحت نور بنبرة مختنقة لائمة تسنيم: قلت يا تسنيم بلاش شغلك دا، هنروح فيها دلوقتي.
صرخت بها تسنيم بقوة: بس يا نور متضعفيش، هنكون بخير أنا وأنتِ، مش هيحصلك حاجة.
تعالت شهقات نور ولطخت عبراتها ملامح وجهها كاشفًا عن هالة الرعب التي تمكنت من جسدها بأكمله وسربت الرعشة لجسدها.
نظرت لها تسنيم بأعين يترقرق الدمع بها وهتفت بصوت خفيض يائس يتخلله الرجاء: نور ممكن تسامحيني.
ادرات نور رأسها لترى جانب وجه تسنيم الشاحب ودمعة تمردت وهربت من سجن مقلتيها لتسير مسرعة لوجنتيها، وهذا دليل على ضعف تسنيم فى هذه اللحظة، وقتها أحست نور بأنها النهاية القاضية، يا الموت يا الجحيم الذي سيعيشانه إذا وقعتا بين يدي من يلاحقونهما.
________
هبت واقفة بحنق وضيق شديدين، وقد أفكت رياحها الهوجاء: دي مش خطوبة دي زفت ع دماغنا، أقولك عايزة أقعد معاك نتكلم جبتني المكتب قلت ومالو مش مشكلة، لكن تسبني وتشتغل ليه أنا معنديش كرامة عشان اشحت منك وقت لينا!
تنهد بتعب يدرك أنه لا يعطيها حقها فى أن تجلس معه ويخرج معها ولكن عليها أن تعذره فهي تعلم بكم المسئولية التي تقع على عاتقه، نهض عن مكتبه وتقدم منها وأخذها من كفها على مقعد فى جانب غرفة المكتب، أجلسها وجلس لجوارها: آسف يا سيلا بس أنتِ عارفة أني مشغول طول اليوم.
ردت محتجة بقهر: طب وأنا فين! أنا فين من يومك دا، أنا مش طالبة كتير، أنا بس عايزة أسمع منك كلمة بحبك، عايزة أحس أني ليا مكان فـ قلبك وقت فـ يومك، اعتبرني مشروع من مشاريعك يا جاسر.
ضحك على حديثها وهتف: أيه حبيبتي هتغير من الشغل كمان.
_ أه هغير من الشغل ومن كل حاجة حواليك، حتى البدلة اللي أنت لابسها بغير منها، أعمل أيه ها؟
صرحت عن غيرتها بسهولة، فـسيلا لا تخشى فـ الحب شيء، إذا أحبت تدللت وتمكنت حتى تملكت، وحبها له تملك من نوع خاص.
_ خلاص يا حبيبتي تعالي نطلع نروح نتغدا فـ أي مطعم.
تراقصت الفرحة فى عينيها وتسللت تدريجيًا لقلبها المتلهف لقربه دائمًا ولكنها قضبت فرحتها وردمت تحت التراب عندما هب جاسر واقفًا بعدما استلم رسالة على هاتفه المحمول وهتف بصدمة: لا مش معقول، ازاي دا حصل!
كادت أن تسأله ما به ولكنها صدمت حينما ركض إلى الخارج سريعًا تزامنًا مع رنين هاتفه، أجاب بحدة: ألو...
رد الطرف الأخر ببرود مستفز: تؤ تؤ، أهدى يا جاسر بيه أعصابك، دا فيديو صغير قرصة ودن بس، نورسين هانم واللي معاها تحت أيدينا دلوقت، عاملين زي الفيران.
أنهى جملته المغلفة بالحقد والقسوة بقهقهات عالية يفوح منها الخبث والكره، ضحكات سوداء جحيمية تتجسد أمام جاسر كأنه يراها.
صاح جاسر بغضب وقد إزداد غليان الدماء فى أوردته كالمراجل: أنت عايز أيه، ليه بتعمل كده؟!
لم يصله الجواب لأنه وبكل بساطة أغلق الطرف الآخر المكالمة.
توجه حيث مكتب آسر ركضًا، فتح الباب بقوة، وكانت الصدمة الأخرى...
كان ياسين يجلس مع آسر فى مكتبه عندها رن هاتف آسر وما إن فتح الهاتف حتى أتاه صراخ نور المستغيث الذي تسرب لقلب ياسين كالسم يأكل أحشائه بضرواة، تأهب جسد ياسين واشتدت عضلات وجهه وأخذ الهاتف من يد آسر بلهفة عنيفة ارتجف جسده لها وهتف بقلق بالغ: نورسين، مالك؟
أخذت أنفاسها وهتفت بصعوبة وتلعثم: فـ في في عربية بتلاحقنا، أحنا خايفين يا ياسين.
تأوه ألمًا عندما نطقت حروف اسمه بكل هذا الخوف، وصله حالتها المذرية التي تمر بها كسهم أصاب صميم قلبه المتألم دائمًا بحبها!
إستعاد قوته بصعوبة وردد: نورسين أهدي تمام، أنتوا فين وأنا هاجي، أنتِ فين يا نورسين؟
غاب عنه صوتها فصرخ مجلجلًا المكان: نورسيــــن!
أتاه صوت تسنيم هذه المرة: أنا دخلت فـ طريق معرفوش، أنا مش عارفة أنا فين، ياسين حاول تعمل حاجة، أنقذ نور.
جن جنون ياسين وبجواره آسر فضلًا عن جاسر الذي دخل توًا وأدرك ما حدث، نظرا له بصدمة من هيئته فقص عليهما ما حدث، فصاح ياسين: ومين ديه وعيمل إكدة ليه؟
جلس جاسر بقلة حيلة مردفًا: معرفش، بعت الفيديو لعربية تسنيم ومعاها نور وبيهددني.
تعالى أزيز هاتف آسر مرة أخرى فنهض جاسر بسرعة وإلتقط الهاتف مجيبًا: تسنيم قولي أنتوا فين؟ طب أي حاجة نعرف بيها المكان.
حاولت تهدئته وتهدئة نفسها أيضًا: متقلقوش خلاص، هربنا من العربيات وجايين ع الشركة كمان، طلعنا من الطريق اللي دخلنا فيه ع الطريق العمومي وأهو راجعين.
إلتقط آسر الهاتف من جاسر وهتف: تسنيم، أنتوا بخير حصلكم حاجة؟ وفين نور يعني صوتها مش ظاهر!
_ أحنا بخير يا آسر، نور كويسة هي بس مصدومة شوية، سلام عشان أعرف أسوق.
مرت مدة ليست بالقليلة عليهم، كأنهم يمشون على الجمر، تتخبط بهم الأفكار، وماذا حدث، وكيف نجيتا الفتاتين من قبضة الموت المحتومة، أخيرًا وصل لمسامعهم بوق سيارة تسنيم أمام صرح الشركة، نزلوا سريعًا إليهما.
أوقفت تسنيم السيارة وتنهدت بعمق مخرجة كم القلق والخوف الذي عانتاه معًا، هزت نور المصدومة بجوارها لتهتف بصوت خفيض: نور فوقي، أحنا وصلنا خلاص.
هزت نور رأسها وأزالت عبراتها الملطخة وجهها لتقتبس القوة مرة أخرى، نزلتا من السيارة فرأتا الثلاث شباب يقفون بإنتظارهما.
ركض آسر لـنور هاتفًا بلهفة: نور أنتِ كويسة؟
رسمت بسمة مذبذبة على شفتيها وهتفت بنبرة حاولت جعلها مرحة: بخير أهو، دا أحنا مرينا بمغامرة كانت ناقصاك يا باشا واللّٰه.
تشدقت تسنيم: أه بأمارة الكتكتوت المبلول اللي كان جنبي من شوية.
لكزتها نور فى جانبها وقالت بسخرية: طب حوشي قوتك ياختي اللي هتغرقنا...
قضبت حديثها لصراخ جاسر بشدة وغضب متسائلًا: كنتوا فين يا هانم منك ليها، وطلعتوا إزاي من غير ما أعرف؟
إرتعدت أوصالهما وصمتتا بخوف، فهتف آسر مهديًا إياه: خلاص يا جاسر حصل خير.
صاح جاسر به: أبوك مش هيعديها، محمود الهلالي هيعاقبنا ع الإستهتار دا، وخاصة لأني مقلتلوش ع موضوع التهديدات.
زوت تسنيم ما بين حاجبيها وقالت مستفسرة والخوف يتراقص بين مقلتيها: تهديدات أيه؟
نظرت نور أيضًا لهم بإنتباه لتعرف عن أي تهديدات يتحدث!
ولم يكن صمت الأخر إلا إشتعالًا وغضبًا من جحيم يستعمر أنحاء جسده..

كاااات هايل يا فنان..
ممكن متنسوش حنين والأسطا مصطفى لأن لحياتهم بقية لكن فـ رواية لوحدهم.
رأيكم وتوقعاتكم فـ كل الأحداث، وموقف نور وتسنيم.
يلا قراءة ممتعة.
دمتم بخير أحبابي.

#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد.
#يتبع...

بكرر أعتذاري مرة تانية، وانتظروا بكرة إقتباس من الفصول الجاية هيعجبكم بإذن اللّٰه. 🧡

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد Where stories live. Discover now