الثالث (3)

188 25 13
                                    


ذبابة فضولية تروح وتجيء، تطاردها الأيدي بينما تتنقل بين الوجوه وتتالى عليها اللعنات أينما حطت.

واصلت طيرانها منبوذة من قبل الجميع حتى أثار فضولها جو إحدى الغرف الهاديء فحدثت نفسها قائلة لم لا اتفقد ما بتلك الغرفة عسى أن اقع على بعض طعام أو أسبح في كوب شراب؟

تمكنت من المرور بسهولة عبر الحراس الثلاثة وباب الغرفة الموصد الذي دلفت عبر فتحة القفل خاصته.

كانت الاجواء قد هدأت وعاد الجميع لصمتهم حتى بدأت نيكول القراءة من ملفٍ أمامها:
«مارثا هوكر، العمر: ٢٢ عامًا، عاهرة في مبغى، آخر مرة شوهدت فيها كانت من قبل عشيق لها وهي تغادر في سيارة بلا لوحة أرقام مع شخص غير واضح المعالم مرتدية فستانً أزرق قصير وجوربًا شبكي في التاسع من يناير عام ١٩٩٨. أي العام الماضي، عثرنا على بقايا من جثتها بشقة بيدرو أندريد، أنت، يبدو أن جواربها أعجبتك»
ثم صمتت تنظر له بحنق، ليبادلها الحنق بإبتسامة ويقول:
«جوارب...»

لتقاطعه نيكول بقلة صبر:
«ألم تتوقف عن تكرار هذه الكلمة قبل قليل؟»

لم يلق لها بالًا وواصل حديثه:
«منذ أن كنت صغيرًا كانت هذه الكلمة تصيبني بالنشوة فلقد كانت أمي دائمًا ما تغري والدي عندما كنت صغيرًا قائلة له بضحكة رنانة: «سأرتدي جواربي الحمراء اليوم يا أندريد» بعدها فهمت أنها كانت تدعوه لقضاء ليلة بعيدًا عن غرفتنا انا واخوتي»

صمت ليسود الهدوء الغريب على الحاضرين، بياتريس توقفت عن الكتابة ونظرت له بتعجب، فابيو حك أسفل رأسه وغير جلسته، نيكول قطعت الصمت سائلة:
«ما علاقة هذا بالجريمة؟»

ليرد بصوت أجش: «فعندما لمحت قدميها المزينتان بالجوارب الحمراء الشبكية طربت، سعدت، ورغبت» صمت ونظر لأعلى مبتسمًا.

«تابع!» صرخت نيكول ليتحدث مباشرة:
«ارتضت الذهاب معي لتثير حفيظة حبيبها. وللحظة، ترددت»

«لم؟» سألت بياتريس لينظر لها بيدرو مطولًا قبل أن يجيب:
«كانت قد شعرت بأن تلك كانت ليلتها الاخيرة» ثم قهقه، لتسرى قشعريرة في جسدها.

«أثناء تحرك السيارة شاقة طريقها نحو منايا ونواها، اقتربت وطلبت منها الطلب الذي لطالما حلمت به، طلبت أن تكرر جملة أمي ولكن، هذه المرة على مسمعي أنا»
تبدلت ملامحة، اتسعت عيناه وقطب حاجبيه وفرد فمه مبتسمًا. فزعت بياتريس من منظره أيما فزع؛ فضحكته الشيطانية تقتلع القلوب من الصدور.

«فقالت بكل سذاجة وخلاعة وبراعة: «سأرتدي جواربي الحمراء اليوم يا...» فقلت مقاطعًا: «أندريد» فسألتني قائلة: «أليس اسمك بيدرو؟» فأجبت: «لكن بعد قول هذه الجملة أتبعيها بأندريد» فرنت ضحكتها وقالت: «كما تشاء يا أندريد»
ضحك فابيو على تقليد بيدرو لمارثا ضحكة عالية، لتحدث بياتريس نفسها :
«الرجال، جميعهم سواء»

«ثم ماذا حدث؟» سألت نيكول آمرة له بأن يتابع.

«دخلت شقتي رقصًا ثم أنزلت ثقلها على إحدى ارائكي وثنت قدميها ثم أخرجت هاتفها لترد على حبيبها الذي كان يصرخ بشدة حتى تخطى صوته الهاتف ووصل لأسماعي، شعرت بتلذذها بصراخه وغضبه لكنها لم تشعر بتلذذي بصراخها حيننا مررت نصل سكيني الكبيرة على عنقها محدثًا خطًا أحمر سائلًا»

فتحت بياتريس عينيها أوسعهما وسكنت مكانها، كطريد آثر أن يمثل ميتًا على أن يتم ايجاده، كم تمنت أن يجعلها صمتها مخفية.

سعل فابيو بعد أن اطلق شهقة عالية، لكن نيكول لم تحرك ساكنًا ولم تهتز لها شعرة. ضيقت عينيها وطلبت من بيدرو أن يصف لها بتفصيل أكثر كيف قتل مارثا.

«أصبحت تتلوى وتشهق دمًا، غطى دمها أريكتي وأثارت حركتها الفوضى في أرجاء الغرفة فإضطررت لتثبيتها ثم قطع ما تبقى من لحم الرأس وكسر رقبتها هكذا...»
وكور يديه الاثنتين على شكل قبضتين، وقربهما من بعضهما ثم أمال احداهما محاكيًا فعل الكسر.

«ثم تابعت عملي حتى اقتلعت الرأس بالكامل وقد امتلأت بالدم وأُفسدت تسريحة شعرها من كثرة شدي له وتلطخ تبرجها بالدم، فأعدت تعديل تسريحتها وهندمة تبرجها حتى أصبح جيدًا نوعًا ما»

رفع رأسه ونظر يسارًا ويمينًا وقال وعيناه تحملان بريقًا غريبًا:
«كانت ملامح الفزع قد تجمدت على وجهها؛ فلا يتوقع شخص كيف ستكون نهايته، وحتمًا نهايتها كانت مفاجأة بالنسبة لها»

عم الصمت الجو، إلا من صوت طنين الذبابة الذي سرعان ما توقف لأنها قد حطت على يد فابيو، صمتت قليلًا وهي تفرك يديها استعدادًا لتذوق طعم الصحفي الذي سرعان ما أبعدها لتكمل طيرانها في باقي نواحي الحجرة.

«وماذا بعد؟» قالت نيكول لكنه لم يناولها ردًا.

لم تتمالك نيكول نفسها وضربت الطاولة صارخة:
«تحدث!»
نظر لها بيدرو باستفزاز، فقد نجح في جعلها تفقد اعصابها أكثر من مرة اليوم.

«انتقلت لجزئي المفضل وقمت بفصل قدميها ووضعهما في برادي لأيامٍ قادمة وانتهى بالرأي وباقي الجسد في وعاء الحمض»
أجال نظره بين الجميع فوجد صمتهم المتواصل فأكمل:
«لقد شاهدت الحمض يأكل وجهها الجميل وملامحه، لقد تلاشى جلدها وتضررت شفتيها وفقئت عينها وأخرجت مادة...»

«توقف!هذا يكفى» قالت نيكول وقد وصل بها الاشمئزاز اقصاه:
«لقد انتهى الاستجواب لليوم، خذوه للزنزانة»
وسرعان ما فتح الباب ليدلف الحراس وتخرج ذبابتنا وتتابع رحلتها في ارجاء السجن.

جواربWhere stories live. Discover now