خوفك (9)

94 17 38
                                    

«كم عدد لوحاتي؟»
سأل بيدرو بياتريس مستطردًا.

كانت بياتريس تحاول التماسك، فمنذ أمس لم تذق طعم النوم؛ قد أفزعتها كلماته أيما أفزاع، لقد وقعت في نفسها وأصبحت ترافقها طوال روتينها ذلك الصباح، عندما كانت تنظف أسنانها، تصفف شعرها، ترتدي ملابسها. كانت تشعر بأن كلماته تتحسس جسدها وتخترق أذنها لتغوص في عقلها، كانت تشعر بالقشعريرة وهي تترجل من السيارة.

وهي تتوجه نحو زنزانته.

وهي تستمع لسؤاله ذلك...

«لقد وجدنا ست لوحاتٍ لجرائمك» أجابته وهي تعيد زرًا مارقًا إلى عِراوته.

_«صحيح! وكم عدد جرائمي؟»

_«أحد عشر جريمة... تقريبًا» أجابت وهي تراقب تعابير وجهه وتجتهد لقرائتها.

قهقه ورد: «كما ترين ليست كل جريمة مناسبة للرسم»

_«كيف ذلك؟» سألت بياتريس وأعينها لا تفارق من أمامها.

_«عندما أستحسن شكل فتاة ما بعد أن أزهقت روحها، أرسمها»

_«أستحسنت؟» تسائلت ليطرق المجرم رأسه ويجيب:
_«الموت مخيف، وأعين الميتين خير دليل، إنه يفرغ المرء من كل شيء، نزع الروح يترك الجسد مجوفًا خاويًا»
صمت لبرهة ثم تايع:
«معظم من قتلتهن كن جميلات، ربما ليس بالمقاييس السائدة للجمال لكن على الأقل كن جميلاتٍ في ناظري، وبعد أن قمت بقتلهن وأخذ ما أريد، كن يبدين قبيحات، بل مرعبات قد رسم الموت على وجوههن علاماته، أما بعضهن... قد ظللن جميلاتٍ كما هن، بهيات الطلعة، رائعات المنظر، وكأن الموت قد قرر هذه المرة أن يرحم جثة من علاماته، قرر أن يرسم هذه المرة لوحة تخصه، وكانت هذه مهمتي.
أن اقوم بإلقتاط لحظاتٍ تجلى الموت فيها وأبدع لأظهر لنفسي أن الموت ليس قبيحًا معظم الوقت وأن النساء لسن سيئآتٍ دائمًا»

سكت ثم نظر لها نظرة ذات مغزى، بادلته الطبيبة النظر، التحمت عيناهما لبرهة قبل أن يتسائل ويجعلها تنسى ما قاله أمسًا من شدة التشتت:
«أتسأل يا طبيية، إن قتلتكِ... أستبدين جميلة أم تظلين قبيحة؟»

_«هل أنا قبيحة؟» سألت مستنكرة.

ابتسم ثم غطى وجهه بيده واستطرد:
_«يا نساء، إنكن غريباتٌ. تجاهلتِ إمكانية قلتي لكِ وأهتممت بكوني أراكِ جميلة أم قبيحة؟» ثم ضحك بصوتٍ عالٍ «أنتما الأثنتان قبيحتان، لكنكِ أقبح من نيكول، وإذا أردت أن أقتل إحداكما لن تكوني أنتِ بالتأكيد. والآن توقفي عن التحديق بي وارفعي هذه اللوحة لأريكِ تحليلًا فنيًا لها، لأ أريد أن يفسرها عمال المتحف بصورة غير التي ستسمعينها الآن»

اتجهت انظار الطبيبة نحو اللوحة ثم قامت برفعها وجعلتها تتكئ على صدرها، كانت اللوحة كبيرة حتى كادت أن تغطي بياتريس كلها، أسندت ذقنها على إطار اللوحة بيننا تستمع له بإهتمام.

جواربWhere stories live. Discover now