أسلوبك (8)

113 14 23
                                    

«أنا مهووسة بالجوارب، أنني حتى أرتديهم عندما آوي للفراش»
-أوديت آنابيل.

دلفت داخل الزنزانة وهي تحمل في يدها لوحًا مستطيلًا كبير الحجم ملفوفًا بقماش.

«أحضرتها» قالت بنصر وهي تضع اللوح بجانب كرسيها.

توقفت ترنوه وهو يحرك يده بين أوراق دفترها وعيناه الخضراوان تحومان بين السطور.
كان لون عينيه غريبًا، أخضرٌ قاتم، ليس بفاتح اللون فيجعلها لا تنظر سوى لعينيه، ولا أسود لكي يتساوى لون عينيه وشعره فتغرق حدقتاه في محيط وجهه.

كان لونهما مميزًا، يخبو في الظلمة ثم يسطع مع لحظات لمعان، عيناه تجعلانها تنظر لوجهه عالمة أنهما تتربصان بها خلف أهدابه السوداء كتربص الفهد خلف الدغل، كانتا ذواتا حضورٍ هاديء، كتهديدٍ غير معترفٍ به.

جلست مقابلة له ونزعت منه دفترها فيعبس وبدأت تسجيل الجلسة.

_«خطكِ لزج» قال بلا مبالاة.

_«هذا وصفٌ غريبٌ» أجابت وحاجباها مرتفعان، اقتربت بجسدها منه علامةً على أنها تهتم برده.

_«أنا هكذا، غريب» ثم تلفت حوله بتعجب «أين تلك المحققة وذلك الأبله؟» سأل وهو ينظر نحو اللوح الملفوف بالقماش.

_«المحققة نيكول تم استدعائها للتحقيق في جريمةٍ ما، ليست متفرغةً لك فحسب. لديها أشغالٌ أخرى أيضًا» قالت ناظرةً للأوراق التي أمامها.

_«أجل، أشغالها تتلخص بأن تزج بأمثالي خلف القضبان»

_«بالضبط!» قالت واضعة قلمها بين شفتيها«وفابيو... لا أعلم أين هو» أنزلت رأسها وتحدثت بينما تتابع تفقد دفترها.

ابتسم حتى ظهرت أسنانه وقال:
_«لا بل تعلمين. إنه معها أليس كذلك؟ أتشعرين بالغيرة؟»

_«لا»

_«لا «ليس معها» أم لا «لا تشعرين بالغيرة» أيهما تقصدين؟»

_«فقط لا» اقترن حاجباها وزُمّ فمها  بحزم.

جحظت عيناه وظهرت المفاجأة على وجهه، ابتسم ثم تحدث بصوتٍ رقيق:
_«ياللهول! هل تكنين له المشاعر؟ أتبحث بياتريس عن بديلٍ لخطيبها؟»

_«لا بالتأكيد! ما هذا الهراء» قالت وقد أثار كلامه حفيظتها.

_«الإنكار والسب، علاماتٌ على صدق ما يقوله الآخر» أجاب ناظرًا لها يترقب ردة فعلها.

_«لست متهمةً بشيء لأنكر، ولست مدينةً لك بإجابة»

كان ينظر لها بصمت وهي تجيبه، جال بفكره لبرهة ليقول بخفوت:
_«إنكِ غامضة»

قامت الطبيبة برفع اللوح وإزاحة الغطاء عنه وهي تقول:
_«عكس لوحاتك»

ما إن أزُيح الغطاء حتى صرخت الألوان في وجه بيدرو، صفعه الأحمر القاني، سدد له الأسود القاتم لكمة بين حدقتيه، ثم أصبح الأبيض يسطع يقِقًا فيعميه ثم يخبو رماديًا فيصيبه بالدوار.

جواربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن