الفصل السادس عشر

1.7K 204 67
                                    

جلست على الأريكة محاولة استيعاب ما حدث للتو.. هل تجاهلني؟.. عقلي يقول اجل لكن قلبي يأبى التصديق.. إذ كيف يمكن لسيتو تجاهلي في امر كهذا وهو يعلم انه الوحيد الذي يستطيع تهدأتي؟.. هو الوحيد الذي اشعر جواره بالأمان الكافي لألا اتذكر ما حدث ذلك اليوم.. وان الرعد ما هو إلا مجرد صوت.. صوت يصدع في السماء لا غير..

لقد مرت ربع ساعة منذ رحيل سيتو.. ولم ارى برقا او سمعت رعدا.. ربما كان محقا.. ربما انا ابالغ بل ربما تخيلت البرق فعلا.. وبعد قليل سيكون دريك هنا.. وكل شيء سيكون على ما يرام.. هكذا فكرت وانا امسك بيد هاتفي انظر الى الساعة في ترقب واخرى تقبض على سدادت الأذن.. لكن كان من الحماقة ان اظن ان الأمر مجرد خيال.. فبين لحظة واخرى ارعدت السماء وانقلبت الدنيا رأسا على عقب..

لم يكن هناك اي مطر تلك الليلة بل إن البعض لم يرى البرق .. فقد حجبته الغيوم لكن كيف للغيوم ان تصم صوت الرعد.. لم يبدأ الرعد بعيدا.. لم يكن خافتا.. بل كان كأسد يزأر في السماء.. ودون رحمة او تردد دوى الرعد مجلجلا.. بل اني شعرت للحظة بالبيت يهتز.. إرتعد جسدي في صدمة مفلتةً سدادت الأذن وفغرت فاهي فلم يخرج إلا حشرجات مختنقة وقد احتبست الصرخة في حلقي وشعرت بشلل يسري في جسدي.. وحين توقف الدوي.. استطعت بصعوبة تحريك جسدي وبيد مرتجفة التقطت السدادت بعد ان افلتها اكثر من مرة.. وعلى صوت شهقاتي حدقت فيها.. وللحظة ترددت.. ان عدم سماع اي شيء على الإطلاق يُرعبني اكثر.. لكن عند سماعي للرعد مجددا وجدت نفسي اغرز السدادات في اذني علها تحجب الدوي المريع.. وقد كان .. اغمضت عيناي بقوة وانا احتضن قدماي الى صدري وقد اختفى كل شيء.. الصوت.. الرؤية.. وكأن الظلام قد غلف كل شيء.. ظلام ادهم صامت.. وللحظة ظننت اني اهدأ لكن العكس قد حدث.. فعلمي ان الرعد يدوي رغم عدم إمكاني سماعه وهذا الظلام.. لم كل هذا الظلام؟.. شعرت بقلبي يكاد يخرج من صدري من شدة ضرباته.. والخوف يُسيطر علي اكثر فأكثر..

فتحت عيناي فلم ارى سوى الظلام.. كيف؟.. اغلقت عيني وفتحتها مجددا دون فرق.. التفت يمينا ويسارا وصدري يعلوا ويهبط كمن يختنق.. ظلام.. والمزيد منه .. ما الذي يحدث؟.. ما.. احسست بشيء رطب على يدي فرفعتها رغم اني لا استطيع ان ارى شيئا لكن رائحة الحديد الصدئ ملأت انفي فاتسعت عيناي في ارتياع.. دماء؟.. من اين هذه الدماء؟!!.. عندها ادركت انه ليست يدي وحدها بل جسدي كله يقبع في بركة من الدماء.. حتى لم اعد ارى المنطق.. وصرخت كما لم اصرخ من قبل..

*** *** ***

((عندما اوقف دريك سيارته امام المنزل كان بإستطاعته سماع صراخ جوزيفين مما جعله يترجل متعجلا ثم عدا الى الباب فاتحا اياه بعنف ومسرعا نحوها دون حتى ان يغلق الباب.. ليجدها متكورة على نفسها على إحدى الأرائك في غرفة المعيشة.. وعلى اذنيها رأى سدادت الأذن فإتسعت عيناه في دهشة قبل ان يزيل السدادت بهدوء كي لا يفزعها لكنها رغم هذا انتفضت بين يديه ودفعته عنها بحركة حادة وهي تنظر له بعينان زائغتان لا تريان..

ما وراء الأكاذيب: الأرواح المُعذبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن