19- الجَبَل المُحرَّم.

37 5 0
                                    

مَع تَقدُّم الحضَارة البَشرِية و التِكنولوجِيا لدِينا،أصبَح العَالم إلى حدٍ مَا أصغر و أصغر..ولَقد سَبرنا أغوار كوكبنَا وإستَكشفناه و احتلنَاه لِدرجة أنه يبدُو وكَأنه لا يَحوِي مكانًا لم تمِسه البَشرية، ولكِن بِسبب أعمَاق البِحار، وأراضِي القُطبَين المُتجمِدة، ودهالِيز بَعض الغابَات الغِير مُستَكشفة فإن هُنَاك شعوراً بأن هُنَاك ماهو مَخفِي عنَّا، ما هو غِير مُقنِع لنا، ما يَدفَعُنا إلى مُحَاولة إيضَاح أي شيء يَكتنِفه الغموض فِي تِلك الأماكِن النائِية فِي العَالم، ومَع ذلِك، حتَى فِي هذا الوَقت التِي توغَلت فِيه البَشرية فِي كل مكَان فِي عالمنَا، لا تزَال هُنَاك بعض الأماكِن فِي العَالم والتِي بَقِيت غالِباً دون أن يَمِسها إنسان، دون أن يُهزَم غموضها على مَّر السِنين، ويَكمن أحد تِلك الأماكِن فِي البُعد البارِد لِجبال الهِيمالايا..

فِي ذلِك المَكان حِيث الرِياح القاسِية والمرِيرة التِي لا ترحم، تلوح فِي الأفق قِمم جَبلية غِير مُستَكشفة تقرِيباً، غارِقة فِي بِحَار الأساطِير والسِحر تُعرَف بإسم( جانجخار بونسوم) وهِي منطِقة جبلِية تقَع فِي بوتان بالقُرب مِن الحدود مَع الصِين، وقَد يَبدو مِن الغَرِيب حقاً أنه على الرُغمِ مِن أن البَشرية قَد وَصلت إلى أكثَر عِشرون قِمة إرتِفاعاً فِي العَالم بِحلول عام ١٩٧٥ إلا أن جبَل جانجخار بونسوم لم يمسِه أحَد أو يصِل إلى قِمته حتَى الآن،وهو على إرتِفاع ٧٥٧٠ مِتراً (٢٤,٨٣٦ قدماً).

كَان جانجخار بونسوم وما زَال عِبارة عن لُغزٍ دائِم، قدَّم العدِيد مِن التحدِّيات لِهؤلاء الذِين قَادهم حماسِهم وحُّبهم للمُغَامرة لِكي يَتسلقوه، عِندما تم قِياس إرتِفاع الجبَل فِي أول مرة فِي عام ١٩٢٢، كَانت خرائِط المنطِقة غِير دقِيقة بِشكل صادِم، و لِسنوات ظَهرت خرائِط مُختلِفة للجَبل أدَّت إلى وَضع إرتِفاعات مُتباينَة له بل وضَعته فِي أماكِن مُختلِفة تماماً لِمرات عدِيدة، كَان مِن الصَعب على النَاس تحدِيد موقِع جانجخار بونسوم ناهِيك عن تسلقه، ولم تتَمكن بعض الرِحلات الأولى إلى الجبَل مِن العثور علِيه إطلاقاً، بالإضافَة إلى ذلِك، كَان هُنَاك نِزاعات حتى يومِنا هذا حول البَلد الذِي يقَع فِيه الجَبَل، حِيث تُطالِب بوتان بأكملِه، بِينما تدَّعِي الصِين أن حدودها تخترِق نِصفه الشمالِي.

حتَى عام ١٩٨٣، لم يَكُن مسموحاً التسلُّق فِي بوتان لأن البِلاد سَعت على الحِفاظ على الحالَة البِدائِية والأهمِية الروحِية لِقِممها المُقدَسة، كمَا أن الأساطِير المَحلية أعطَت أيضاً سبَباً إضافِياً لإغلاق الجَبَال،حِيث قِيل بأنها موطِناً للعدِيد مِن أروَاح الأجدَاد التِي ظَهرت فِي الأساطِير والثقافَة المحليَّة.

قَلبٌ مُزرَّق|A.SWhere stories live. Discover now