سادية

15.5K 61 3
                                    

لو أردنا ان نستعين برسام محترف ليصور بريشته مشهد حنين فى تلك اللحظة العصيبة لوجدناه لن يلتفت أبدا لجسدها العارى وانما سيركز خالص جهده لمحاولة رسم تلك التعبيرات التى ارتسمت على وجهها وتكفى لرسم الاف اللوحات التى تعبر عن الرعب والذعر والألم ، بينما أضافت خصلات شعرها المتناثرة مزيدا من الشعور بالمعاناة .
فى تلك اللحظة كان جسد حنين يتدلى من السقف رأسا على عقب وقد تم ربط قدماها المضمومتين سويا الى حلقة علوية بينما تدلت رأسها الى أسفل لا يفصلها عن الأرض سوى أقل من متر واحد ويداها مربوطتين سويا يتدليان بلا هدف وبلا امل فى ان يدافعا عن جسدها الذى بدا كلوحة من لوحات الفن التشكيلى الغير مفهومة عادة بالنسبة للعامه ، ففى كل مكان على جسدها سترى علامة من علامات أدوات باسم ، اقدامها وسيقانها وظهرها وبطنها اكتسوا بعلامات عشوائية فى كل الاتجاهات بعد ان نالا ما لم يخطر ببالها من ضربات متتالية بفلوجر جلدى أسود لا يزال باسم ممسكا بيه فى يده حتى الان ، وبالطبع لم تسلم مؤخرتها ولا صدرها من صفعات توالت احالت لونهما الا لون احمر داكن يصعب معه تحديد عددا الضربات التى تلقياها .
ولو رأينا العرق المتصبب على وجه باسم وكأنه أنهى منذ قليل مارثون طويل فى الجرى لأدركنا كم الضربات التى نالها جسد حنين ، صرخاتها ترددت فى جنبات المكان عالية مدوية ، لم تشفع دموعها ولا صرخاتها عند سيدها الذى تملكه الغضب كما لم يحدث من قبل  .

أنهكه التعب فجلس قليلا الى مقعده وهو يتأمل ما صنعته يداه من لوحة تعد تجسيدا لمعنى الألم ، صورة من تلك الصور التى تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعى ويصفها البعض انها مبالغات غير معقول ان تحدث حقيقة .
وفجأة انطلقت ضحكة عالية تردد صداها فى اركان المكان ، ضحكة عالية اطلقتها حنين من اعماقها جعلت باسم يتحول الى تنين يكاد ينفث النيران من وجهه من كثرة ما انطلق بداخله من غضب وفى عقله فقط تساءل " هل أصيبت الفتاة بالجنون ، هل هى تحت تأثير صدمة عصبية شديدة جعلتها تطلق تلك الضحكة ، لا يمكن ان تكون ضحكة ساخرة ، وماذا لو كانت كذلك " توقف عقله عند هذا الحد وأنقذت حنين نفسها وهى تقول " سيدى انا أسفة ، بجد انا فعلا أسفة "
باسم " أسفة على أيه " ، اجابت حنين " أسفة انى استفزيتك بالطريقة دى ، بس دلوقتى انا فعلا باعتذر ومن كل قلبى وبكل اقتناع "
باسم " وبتضحكى على أيه " ، حنين " هاقول لحضرتك ، لما كلمت بسمة فى التليفون عشان اطمنها عليا اخر مرة ، قالتلى انك طيب اوى رغم شدتك اللى بتظهر فى أوقات دى ، كانت مصممة انك مش قاسى ولا عنيف للدرجة اللى تخوف ، وانا كان رأيي لا ، ان الطيبة دى وراها وحش بيظهر وقت اللزوم ، اتراهنا سوا وقولتلها انى هاستفزك وهاطلع الوحش ، هى قالتلى لو كسبتى يا حنين يبقى الله يرحمك عشان لو استفزتيه وطلع الوحش ، اول حاجه هيعملها الوحش ده انه هيقطعك ، وهاجيبلك بكرة معايا وانا جاية شاش وميكروكروم "
وتعالت ضحكتها من جديد وهى تقول " فلو سمحت بقى كلمها وقولها تكتر الشاش والميكروكروم عشان انا الوحش قطعنى بجد " ،،، على الرغم منه ابتسم باسم من تلك الفتاة التى طالما حلم بها ورسم صورا كثيرا لعلاقته بها وهى تضحك فى احلك اللحظات واقساها وتعرف جيدا متى تشعل غضبه ومتى تطفأة بابتسامة بريئة ، لكن الابتسامة على وجهه لم تستمر كثيرا وهو يقول " هاكلمها وهاقولها تجيب شاش وميكروكروم كتير فعلا عشان يكفيكم انتوا الاتنين لما تيجى بكره ، عشان تتعلموا يعنى ايه تفكروا انكم تتراهنوا على استفزازى "
حنين " أسفة يا سيدى ، حقك عليا " ، نظر لها باسم نظرة طويلة وهو يتأمل عيونها التى تراه بشكل مقلوب فى وضعها هذا ، قبل ان يقترب ناحيتها وهو يزيح خصلات شعرها المتناثرة ليكشف عن وجهها الذى اكتسى بلون تدفق الدماء الى رأسها فى هذا الوضع ويعلن عن انه قد حان الوقت لانهاء الامر قبل ان يحدث ما لا يحمد عقباه .
بدأ يحل وثاقها تدريجيا بدأ بيديها قبل ان يبدأ فى فك السلسلة التى تمسك بقدميها لتبدأ فى رحلة الهبوط الى الأرض من جديد وجسدها ينثنى قليلا حتى استقرت وكأنها تجلس على ركبتيه وهو يسند ظهرها بيد وبيده الاخرى يحل وثاق أقدامها
لكن حنين لم تعتدل واقفه ، بل دفنت رأسها فى صدره وهى تشعر بدوار شديد يكتنف رأسها فحملها باسم بين يديه كطفلة صغيرة سقطت نائمة بين يدي والدها الحبيب بعد يوم طويل من اللعب ، لم تكن الساعه قد جاوزت التاسعة مساءا لكن بسمة راحت فى سبات عميق لم تشعر معه بباسم الذى نقلها محمولة بين يديه عارية كطفل يرى النور خارج رحم أمه لأول مرة ، وعلى الأرض فى ركن الغرفة وضعها باسم وهو يتأمل جسدها الذى اكتسى بعلاماته من كل اتجاه ، اعترف لنفسه حينها انه يدرك كم هى جميلة ساحرة ، لكنه اعتراف لن يخرج من بين شفتيه ابدا ،  اتجه الى ستار فى جانب الغرفة الأخر وما لبث ان عاد وهو يحمل مرتبة صغيرة لكنها كافية لتتسع لجسد حنين وضعها الى جوارها وهو ينقلها فوقها واضعا وسادة صغيرة تحت رأسها قبل ان يغطى جسدها بلحاف من الفيبر الحرارى كان كفيلا ليبث فى جسدها الدفئ اللازم ..
عاد لحقيبتها وهو يخرج هاتفها ويطلب رقم بسمة يطمأنها على حنين ، وعبثا حاول ان يخبرها انها فى سبات عميق ، فكل ما خطر ببالها وقتها ان مكروها قد أصابها لكنه أنهى الأمر بقوله ان بإمكانها ان تكون هنا فى الصباح الباكر لترى صديقتها وتطمأن عليها ، وليطمأنها اخبرها انه سيترك الهاتف الى جوارها وبإمكانها ان تحاول الاتصال فى اى وقت تشاء علها تستيقظ وتطمأن قلبها الوجل .
ساعات مضت على حنين وهى مستغرقة فى النوم سمعت خلالها رنين هاتفها يأتى من مكان بعيد وكأنها فى أعماق بئر سحيق حاولت جاهدة أن تغادره لكن بلا جدوى ، حتى تنبه عقلها دفعة واحده وهى تفتح عيناها لتتأمل ما حولها فى قلق ، استغرقت دقائق حتى تستوعب أين هى ففور رؤيتها لأركان الزنزانة الكبيرة على ضوء خافت يأتى من بعيد ادركت انها لا تزال هنا وان ما شاهدته لم يكن حلما بل واقعا كاملا نقلها من عوالمها الافتراضية الى ارض الواقع ، تأملت غطائها ومكان نومها فأبتسمت وقارنت بين هذا المكان وغرفتها الوثيرة فى منزلها الفخم ، وعلى الرغم من الفارق الشاسع الا انها أدركت ان نومها هنا كان عميقا هادئا ولأول مرة لم تتخله الأحلام ، وما الحاجة اليها الأن وقد تبدلت بصور واقعية أزاحت كل ما سبقها من أوهام ، نهضت لتتجه الى الحمام ، ولم يعنيها كونها عارية فقد اعتادت الأمر وهى التى كانت تنام بنفس الطريقة فى غرفتها دوما فى كل فرصة مناسبة مع تكرار أسفار والدتها ، ارتفع رنين هاتفها من جديد فأنهت ما تفعله وابتسمت وهى ترى اسم بسمة يظهر على شاشة الهاتف وهى تجيب " هاللو " ، لترد بسمة بصوت غاضب " هاللو ايه يا رايقة حرااااااام عليكى رعبتينى عليكى ، انا كان باقيلى محاولة كمان وأبلغ البوليس واجيلك وتبقى فضيحة بجلاجل " ، رنت ضحكة حنين وهى تقول " كنت هقولهم أنا مخطوفة بمزاجى يلا هش من هنا انت وهو " ، بسمة " مش بقولك رايقة .. طمنينى انتى كويسة " ، اجابت بسمة " زى الفل ما تنسيش بس وانتى جاية تجيبى الرهان اللى اتفقنا عليه ، انتى خسرتى " ، بسمة " كنت متوقعة صدقينى ، طيب يا مسطولة هانم احنا لسه الفجر ، انا هنام شوية بعد القلق ده ولما اصحى هاجى ، عايزة اى حاجه تانيه ، اجيبلك هدوم معايا او اى حاجه تنامى بيها " ،،، حنين " لا مش محتاجه حاجه ، فى هنا كل اللى انا محتاجاه " ، انتهت المكالمة لتشعر بعدها حنين انها جائعة للغاية ، خرجت من الغرفة على اطراف أصابعها وهى لا تدرى هى سيدها هنا أم غادر ولم تواتيها الشجاعه لتكتشف ذلك ، فتوجهت للمطبخ وفتحت البراد بحثا عن شئ يصلح ليسد جوعها ، التقطت عدة اشياء ووضعتها فى أطباق نظيفة وعادت الى مكانها من جديد ، لكن فضولها انطلق من جديد ليجعلها تتجه من جديد للحمام تتأمل أثار ما نالها أمس من عقاب سيدها ، كان الكثير من تلك العلامات قد اختفى ولم يتبقى سوى القليل ... أمسكت بهاتفها لتلتقط صورة لنفسها وعلى جسدها ما تبقى من تلك اللوحة التى رسمها باسم ...
سمعت فى تلك الأثناء خطوات هادئة تقترب من الغرفة فخرجت على عجل لتعود لمكانها وتبدأ فى تناول وجبتها الصغيرة ، خطا باسم داخل الغرفة فى ملابس النوم وهو يتأملها ، وعندما حاولت النهوض استوقفها بإشارة من يده وهو يقول " كملى اكلك على ما أجى " اومأت برأسها وعادت لتكمل من جديد ، ورغم شعورها السابق بالجوع سرعان ما شعرت بالشبع فنهضت لتعيد الاطباق الى المطبخ فى نفس اللحظة التى عاد فيها باسم وهو يمر الى جوار المطبخ قائلا " انا مستنى الشاى جوا " ، لتجيب " حاضر " ، بدأت فى اعداده وفور ان انهته حملته على صينية صغيرة وهى تعود الى الزنزانه وتقف على مقربة من سيدها مطرقة الرأس فى انتظار ان يتناول قدحه .
تناول باسم الكوب وجلس على كرسيه الكبير وهو يشير لحنين " رايحه فين هو انا هفضل ماسك الفنجان ولا ايه ، عايز ترابيزة " ، تلفتت حولها فلم تجد سوى منضدة كبيرة لا يمكن حملها ، فعادت تنظر اليه متسائلة " فين اجيبها لحضرتك منين " ، فرد قائلا " انتى الترابيزة " واتبع كلمته بأن اشار لتهبط على ركبتيها وتستند على يديها ليصنع من ظهرها طاولة صغيرة تكفى لحمل كوبه ، وضعه مستقرا فى التجويف الناتج من تقوس ظهرها قرب نهايته فندت منها حركة طفيفة مع شعورها بسخونة الكوب لكنها تماسكت قدر الامكان وقد منحها هو بضع ثوانى لتتزن قبل ان يترك الكوب فى موضعه

قصه سادية Where stories live. Discover now