الخاتمة ٣

5.6K 241 31
                                    

الخاتمة (٣)

خيم الليل على البيت الكبير المظلم إلا من غرفتين وحيدتين، غرفة النوم الخاصة بالسيدة إلينا وغرفة الطعام، أما بقية المنزل فكان غارقا في ظلام دامس.

انتظرت روح مع المرأة حتى غفت وذهبت في نومٍ عميق، ثم تسللت إلى حجرتها بهدوء شديد حتى لا توقظها.
وبمجرد أن أغلقت الباب خلفها، تنفست الصعداء وزفرت أنفاسها الحبيسة داخل صدرها.
التقطت هاتفها وأرسلت رسالة نصية إلى فاليريو تخبره ما حدث كما طلب منها، فقد كانت تعليماته أن تواليه بالأخبار كل عدة ساعات،
وبالفعل قامت بذلك وأرسلت عبارات مختصرة عن طعام والدته والأحاديث التي دارت بينهما ونومها، ثم اختتمت رسالتها بعبارة ( ليلة هنيئة وإلى حديث آخر غدا).

وعلى الجانب الأخر كانت عيناه معلقة بالهاتف يقرأ عباراتها المنمقة الصغيرة يتمنى لو يتمكن من الاتصال بها، ولكن لا لن يفعل، كل ما استطاع فعله هو أنه أرسل لها رسالة صغيرة
( أحلاما سعيدة وانتظريني في العاشرة صباحا، سأحضر ومعي فطورا شهيا من المقهى) .

أغلقت الهاتف بعد أن رأت الرسالة، ألقت به على الفراش ثم بحثت في الخزانة عن مناشف للاستحمام، وجدتهم في الأسفل فجذبت واحدة كبيرة زهرية اللون، ثم دلفت إلى الداخل وفتحت الصنبور البارد ووقفت أسفل المياه تزيح الإرهاق عن جسدها المنهك.

دقائق وكانت تحت الغطاء في الفراش، أغمضت عينيها وهي تترجى النوم أن يعقد معاهدة صلح معها اليوم، ولكن هيهات فطيفه لن يغادر خيالها بهذه السهولة.

مالت على جانبها الأيمن ووضعت يدها أسفل وجهها وفتحت عيناها لتراه أمامها، ممدد على الفراش بجوارها ينظر إليها كما كان يفعل، يمرر يده على خصلاتها وخصرها، يداعب وجهها بأنفه، ويطبع قبلاته الصغيرة على شفتيها.
أغمضت عينيها بقوة على تلك الصورة، حاولت أن تكتم دموعها بالداخل، كعصفور حبيس لا يعرف للحرية طريق ولكن دمعاتها كانت تعرف طريقها جيدا وهوت على وجنتيها كطوفان يكتسح كل ما بطريقه.

غصة بقلبها وألم شديد جعلها بلا معنى تحرك ذراعيها على جانب الفراش لتمحي تلك الصورة من أمامها، كما لو كانت مرسومة على الغطاء وليست بعقلها.
ثم احتضنت الوسادة بقوة وأغمضت عينيها ثانية تحاول أن تستسلم لجسدها المتعب، ولكن روحها المهلهلة كان صراخها أعلى.
********************

صباح يوم آخر من حياتها الجديدة التي لم تكتشفها بعد، تحاول أن تتريث ولا تصدر أحكامًا، فهي ليست في موضع يخول لها هذا، فقط لا يتاح لها سوى أن تتقبل كل ما يعرض عليها حتى لو كان أقل مما يجب.

جلست على المائدة وأمامها فاليريو وبجوارها السيدة إلينا ...كانت تتأمل صمتهم بملل شديد، وهي تحرك قطعة الخبز المحشو بالجبن أمامها بطريقة دائرية في الصحن ثم فجأة انطلقت الكلمات من فمها تخترق الصمت المطبق الذي يحيط بالمكان وقالت :
- ما رأيك سيدتي أن نستغل هذا الجو الجميل ونسير معا على البحيرة قليلا .

إيڤا (بقايا روح)Where stories live. Discover now