56|تسلل- قلب الموازين|

1.4K 140 266
                                    

تجلس على طرف سريرها وكفيها متكئتين بجوارها، نظراتها ساهمة وملامحها تعلوها الذبول.

الدموع ترقرقت في عينيها فجأة، وارتجفت شفتها وهي تحاول تمالك نفسها كي لا تنفجر باكية، وصوت طرق على باب غرفتها أعطاها دافعًا إضافيًّا لذلك.

«ادخل»

هتفت بهدوء تكبح غصتها، وظهرت جاريتها تحمل صينية تحوي كوب عصير وجرة فخارية تحوي بعض الثلج قبل أن تتقدم منها وتضع الصينية على طاولة قريبة.

وضعت بعض الثلج في الكوب، حركته ثم مدته للجالسة التي تلقفته بهدوء ثم حضنته بين كفيها تستشعر برودته.

الصمت دفع عينيها لتجميع الدموع مجددًا، مجرد تفكيرها بما رأته الليلة الماضية يجعل نياط قلبها تتمزق.

في كل مرة تُنكر، تتفاجأ بحدث يقلب كيانها رأسًا على عقب.

«من الذي أخبرك بتسلله؟»

سألَت فجأة، تقصد الواقفة على مقربة منها، وابتلعَت الأخرى ريقها وهي تجيب «إنها إحدى الجواري، أمرتُها بمراقبته مقابل إعطائها الذهب»

«من هي؟»

«الأفضل ألَّا تعرفيها يا آنسة أريج، حتى أني جعلتُ الأمر شخصيًّا ولم أذكركِ فيه كي أجنبكِ الشكوك والمشاكل»

ردودها كانت جاهزة، كاذبة لكنها أقنعت الجالسة وكأن على رأسها الطير.

ما زال مشهد تسلل عزام لجناحه بعد عودته يثير القلق والإضطراب بداخلها.

ربما يثير فيها الحزن والأسى كذلك، فمهما كان، ومهما أصبح عزام، فهي لا تنسى أنها كان ملاذها يومًا، ومجرد التفكير بذلك يجعلها تريد تجاهله والتغاضي وعنه واصطناع العمى، لكن.. ماذا عن عائلتها! وأخيها! الذي يعتبر عزام شطرًا منه.

مر عليها اليوم بشكل كئيب أكثر من سابقيه، والأفكار لعبت بها حتى حل الليل، ومع كل خيط شمس ينسل من السماء كانت تشعر بنبضات قلبها تزداد ارتفاعًا وعلوًّا.

تجاهلت رنا التي دعتها لمائدة العشاء وهي تتشح بوشاح أسود حريري يغطي منامتها البيضاء المنسدلة على جسدها، ثم تحركت خطواتها لخارج شرفة غرفة نومها.

وجهتها كانت الطرف الأيسر منها، حيث يحيط بتلك الجهة سور ذو فتحات عمودية تمكنها من رؤية المكان من حولها.

جلست على الأرض تضم ساقيها لجسدها، ونصف وجهها اختفى بين ركبتيها.

وتلاعبت الرياح بشعرها، وشعرت بنظرات جاريتها عليها من خلف زجاج الشرفة.

||خذلان : سقوط نجم||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن